أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - صوت المرأة في مجموعة -ذاك الرجل وتلك الشجرة- مها أبو هلال















المزيد.....

صوت المرأة في مجموعة -ذاك الرجل وتلك الشجرة- مها أبو هلال


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6609 - 2020 / 7 / 4 - 21:28
المحور: الادب والفن
    


صوت المرأة في مجموعة
"ذاك الرجل وتلك الشجرة"
مها أبو هلال
مجموعة قصة تضم أربع وعشرون قصة، غالبيتها تتحدث عن المرأة وهمومها، والسرد يغلب عليه ضمير الغائب/القاصة، رغم التباين في حجم القصص إلا أن اللغة والإيحاء والفكرة وحد المجموعة وعطاها سمة تجمعها.
بما أن القاصة تعيش في مجتمع شرقي قامع للمرأة ولأي محاولة تمرد يمكن أن تحدث، فإنها اعتمدت على الإيحاء لطرح فكرة التمرد، وهذا الشكل ميزة فنية وجمالية، حيث يجعل القارئ يبحر في عالم من التخليل، ويأخذ بالقصة إلى عوالمه هو، إلى ما يعانيه من حرمان وجوع.
في قصة "الشطرنج" تتحدث عن المرأة التي تعمل بجهد وتفان لتربية ولدها وتأمين تعليمه، بعد أن حرمت نفسها من متع الحياة المادية والجسدية في سبيل تربيته، لكن بعد أن كبر وأخذ أصحابه يأتي للسمر والدراسة عنده، تستيقظ حاجتها الجسدية والعاطفية، فتميل إلى أحد أصدقاء ولدها الخجولين، فكانت هذه العلاقة جسدية بينهما والتي قدمت بشكل إيحائي: "...لذا تخلى الملك عن هيبته وبدأ يصرخ والوزير صار خجلا والخيل تصهل والقلاع تتكسر، والجند تهرول هاربة من جنون المكان، حتى أنياب الفيلة أخذت تلين، تذوب، تتحول شموعا تضيء عتمة سنوات الليل.
وعلى الرغم مما حدث يلتفت الشاب إليها، وقبل خروجه محمر الوجنتين والعينين، لكن دون خجل، همس: "لقد غلبتني يا سيدتي" ص19، بهذا الشكل الأدبي الناعم تم تناول فكرة الإقدام على فعل (محرم)، وهنا يمكن ابداع القاصة، فهي تؤكد على ضرورة أن يأخذ الجسد حاجته من الآخر/الرجل، كما يأخذ حاجته من الطعام، وإلا سيكون هناك فعل غير سوي، كحال الأم التي أخذت حاجتها ممن هو في عمر ابنها، وممن هو غير مسوح لها تقيم معه علاقة جسدية.
ومن جمالية القصة أنها تأخذنا إلى الفكرة الاجتماعية الي (تمنع/تحرم) على الأرملة أو المطلقة التي أنجبت، من أن تزوج بعد ترملها أو طلاقها، فعلى المرأة الأرملة/المطلقة أن تبقى لتربة أولادها، لكن الرجل من حقه أن يتزوج!!، فالقصة تعتبر عن صرخة المرأة المحرومة والممنوعة اجتماعيا من أن تعيش حياتها كمرأة.
تأكيدا على (هروب) القاصة من التصريح عن واقع ومكان الأحداث، نجدها في قصة "فطام" تتحدث عن الصعيدي، الذي يقدم على اغتصاب فتاة، "رجل صعيدي مقصي عن زوجته وأولاده... فجأة ظهر الحارس بعينيه الذئبتين... أنقض على شفتيها بجوع الذئب وأسال دم شفتيها السفلى" ص47، فهنا تعمدت القاصة أن لا تحدد المكان، وشارة إليه في مكان غير فلسطين، من خلال الحارس الصعيدي، وأيضا أشارت إلى أن جوع الجسد ـ بالنسبة للرجل أو بالنسبة للمرأة ـ لا يمكن أن (يحبس/ينام)، وهذه صرخة أخرى من القاصة على ضرورة أن يأخذ الجسد حاجته وكفايته من الآخر.
تأكيد على أن للجسد حاجات ورغبات لا يمكن أن تحبس أو تمنع، جاء في قصة "جرة قلم" والتي أخذت شكل قصص الومضة:
"كلهم ذهبوا... عادوا للغابة
لم يبقى سوى هيكل فزاعة
الروح نقرها الغربان
والجسد لم يعد يغري الطيور
بالحط في المكان" ص54، الجميل في الومضة أنها تجعل القارئ يهيم في عوالمها، فالقاصة تضع اشارات/كلمات، لكنها تعطي معنى أبعد وأوسع بكثير مما تبدو، واعتقد أن هذه الومضات الست في "جرة قلم" أرادت بها الاشارة إلى قدرتها الفنية على الكتابة بهذا الشكل الأدبي، وأيضا على إيصال فكرتها بأقل عدد ممكن من الكلمات.
وتتحدث في قصة "ندى" إلى المجتمع الذكور الذي لا يرحم المرأة المتمردة، فيمكن أن الفرد/المجتمع أن يقبلها ويعجب بتمردها قبل أن تكون له، قبل الزوج: "أحب الجموح المتواري خلف أهداب الخجل، وهذا التمرد الأصيل، فتحت له براعمها المغلقة ليرى حزنها الجميل، فوعد أن يعيد إليها بهجة الربيع، وهي تصورت أنه بحاجة إلى الألق فقده في مكان ما" ص51، لكن بعد الزواج أرادها كمرأة شرقية، يمارس عليها سطوة الرجل الشرقي: "قيدها، حبسها، حاول أن ينتزع أهدابها لتخرج كل أرواح المتمردة والجموح فيها" ص51 ورغم الفارق الطبقي الذي كان لصالح "ندى": "مدت له يدها، رفعته إلى صهوتها، ولكي يشكر تلك اليد، وضع فيها خاتم الزواج" ص51، إلا أنه بقى (محافظا) على شرقيته الذكورية، وكانت النهاية حزينة وبائسة لندى، التي قتلت بحادث دهس: "لم تر تلك السيارة المسرعة المرفوفة بأجنحة الراحة الأبدية حملتها، حلقت في الهواء أمتارا ثم هوت على الأرض" ص52.
وفي قصة "احتمالات" تكشف هشاشة الذكر الشرقي، فالقصة تتحدث عن شقيق وشقيقة، فالشقيق: "يخرج ككل نهار يجرجر نفسه عند صديقته الاجنبية التي تزرعه كالكلب تمرنه على حاجتها تروض فيه بعضا من شرقيته" ص59، ورغم هذا الضعف والوهن أمام المرأة الأجنبية، إلا أنه كان سادي مع شقيقته: "يريد امرأة غير اخته ليضربها ويصرخ في وجهها كما فعل هذا الصباح" ص59، وهذه السادية لم تقتصر على المعاملة السيئة، بل تعدها إلى أن يظهر أمام شقيقته بوضع غير لبق وغير محتشم: "هي تكره أن تراه عاري الصدر يتمخطر أمامها ويستفز داخلها كل الحرمان الذي فرضه عليها باحتجازه لها رهينة خدمته ورفضه تزويجها" ص60، وهنا تصل القصة إلى (الحضيض)، القاصة تقدم لنا إيحاء بالإقدام على جريمة متعددة الأوجه: " ...لأول مرة في حياتها تراه يبكي، ولأول مرة يرى في عينيها إصرار ولوما وحزنا، كما لم تتوقع فعل ضمها إليه بقوة، اختلطت الدموع واختلطت المشاعر.
ويبدو أنهما نسيا في تلك اللحظة أنهما إخوة" ص60، وإذا أردنا التوقف عند هذه القصة يمكن الاستنتاج بأن المجتمع/الرجل الشرقي، يعاني نفسيا عندما لا يمارس ساديته، كما أنه متناقض، مع الأجنبية طيع وخاضع، ومع شقيقته قاس وعنيف، كما أن أفكاره وقناعته تنهار بسرعة، وليس هذا فحسب، بل أنها تنهار وبقوة، وأمام ممن يجب أن تكون بحضورهم قوية ومتماسكة، واجزم أن مثل هذه القصص لا تعري المجتمع الذكوري فحسب، بل أيضا تعري الأفراد وسلوكهم وطريقة تعاملهم، وهي تؤكد على أن الحرمان والجوع لا يمكن ان يدوم ويستمر، من هنا على المجتمع أن يتقدم إلى الأمام، متخليا عما يحمله من أفكار جاهزة ومقولات متداولة، ليكون الفرد والمجتمع سوي التفكير والسلوك.
العقل الباطن
إذا كانت هناك أفكار قاسية قدمت في المجموعة، فإننا نجد هذه القسوة أيضا من خلال (هروب) القاصة من الواقع وتركيزها على "الحلم" فهناك أكثر من قصة تم الحديث فيها الحلم، فقسوة الواقع تدفع بالقاصة إلى الهروب وإيجاد عالم خاص بقصصها، وهذا ما كان، في قصة "اغتيال" والتي جاء السرد فيها على لسان رجل، الذي يحدثنا عن حبه ل"غادة": "وفراري هو اغتيال خيالي، هذا الخيال الجامح المجنح المحلق، الذي غالبا ما يخذلني" ص 26، ورغم قناعته أن الخيال أفضل من الواقع، إلا أنه يسعى وراء (المعرفة) ليكتشف أن حقيقة "غادة" تتناقض مع الصورة التي رسمها لها: "كلا، لا يمكن أن تكون غادة، غادتي عيونها جميلة، ولكن أنت... عينيك اليمنى الزجاجية!.. لما؟، يا إلهي، متى أصحو لأركض، من هذا الكابوس" ص29.
وفي قصص الومضة "جرة قلم" تقول:
"لسنين راودتك عن نفسي في الحلم
أنجبت اثناءها كوابيس
وفي لحظة واقع
وحين راودتني عن نفسك
أنجبت ولدا
لكني أجهضت الحلم" ص53.
وفي قصة العنوان: ذاك الرجل.. تلك الشجرة" تقول: " ...ولا يزال نفس الحلم يطاردني منذ أعوام" ص55.
وهناك قصص اقرن عنوانها وأحداثها بالحلم "حلم ماطر" ص38، "حلم دافئ" ص39، ـ ايضا بالحلم" ص41، وهذا يعكس حالة امتعاض القاصة من الواقع، فلجأت إلى الحلم/الخيال لتستطيع أن تقدم/تكتب عن الواقع.
المجموعة طبعت في مطابع أبو غوش، البيرة، فلسطين، الطبعة الأولى 2005.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصة الكلاسيكية في مجموعة -خبز الآخرين- محمود شقير
- بنية القصيدة في -فوضى وضياع-/ -خرابيش- وجيه مسعود
- ما زن دويكات وحجم السواد
- كميل ابو حنيش -البرزخ-
- أثر المكان في ديوان -لحن في حنجرة الريح- للشاعر سميح محسن *
- الثقافة والكتابة وجيه مسعود -خرابيش, عن توفيق زياد, شعر-
- التقديم الناعم في - دار شهله- وجيه مسعود
- منهل مالك الكتابة والأنثى
- الاتحاد والتماهي في نصّ -كل ذاك السِّوى- ل -فراس حج محمد-
- السلاسة في -جلد على وهن- وجيه مسعود
- المعرفة والروح في قصيدة -دلني يا حلم- كميل أبو حنيش
- محمد مشية وعالم الومضة
- وجيه مسعود الصعود والهبوط في -كم وددت-
- الفلسطيني في رواية كلام على مصطبة ميت خالد أبو عجمي
- التغييرات الفلسطينية في رواية -اغتراب- أسامة المغربي
- اخناتون ونيفرتيتي الكنعانية صبحي فحماوي
- خرابيش وجيه مسعود
- الاغتراب في مجموعة الحاجة إلى البحر أمين دراوشة
- المرأة المضطربة في رواية -الغربان والمسوح البيض- منى جبور
- عظمة التاريخ في كتاب -فخر الدين إن حكى- عزيز الأحدب


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - صوت المرأة في مجموعة -ذاك الرجل وتلك الشجرة- مها أبو هلال