أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال المظفر - اضراس.. واشياء اخرى














المزيد.....

اضراس.. واشياء اخرى


جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 1591 - 2006 / 6 / 24 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


تراجعت امامي صور الذكريات وانا اجلس على الكرسي المتحرك لطبيب الاسنان الذي يشبه نقالة الموتى ، يخترق حدقات عيوني ضوء المصباح الثلجي الذي تسمر في مداره فوق رأسي مباشرة .. احسست بنكهة شفتيها الورديتين الطريتين وهي تقرب وجهها مني ،كدت اطبق شفتي على شفتيها ، اما زالت تتذكر تلك القبلات التي كنت اخذها عنوة منها فأحس بلذة غامرة ونشوة صبيانية ، بينما كانت تحاول ابعادي بلطمة من يدها الطرية على وجهي .
- افتح فمك جيدا ، فالضرس الثاني اصابه التسوس حتى الجذر وعلى قلعه لأن بقاءه سيسسبب لك متاعب كثيرة قد تمتد الى الجهاز الهضمي .
استسلمت ليديها الناعمتين التي تذكرني بطفولتها البريئة امام مشاكساتي يوم كنت معها في نفس المصطبة منذ الصف الاول الابتدائي وحتى الصف السادس ، اردت ان اكلمها لكنها وضعت يدها على فمي وطلبت مني التزام الصمت لانها اعرف بعلتي ، ثم افرغت الهواء من (السرنجة) التي تحوي المخدر وزرقت ابرتها في لثتي التي كانت تؤلمني بسبب الالتهاب الذي اصابها من وجع الضرس ، وبعد ان انتهت من زرقها احضرت شاشا طبيا وربطت يدي على مساند الكرسي الطبي الذي كنت متمددا عليه .
سألتها : لماذا تربطين يدي ؟
فردت على بابتسامة ماكرة : كي لاتعيد مشاغباتك الطفولية وساديتك ايها الـ .... وابتسمت .
لم اعر الامر اهمية لانها صديقة طفولتي ، وهاهي الطفلة الخجولة قد تحولت الى قطة شرسة تتعامل مع بني ادم بلغة المشارط واشياء اخرى اقرب الى السادية .
جلست على كرسيها الدوار تنظر الى ، لااعرف ان كانت نظراتها تدل على اعجابها بي او ربما ايقظت غرائزها تجاهي لانها استرجعت مغامراتي العاطفية ومحاصرتي لها على المصطبة وهي تلصق جسدها الى الجدار خوفا مني ، ام انها تحاول الثأر من تلك المشاكسات البريئة والتي يعتبرها الاطفال نزوات عابرة يقلدون بها الكبار من ابناء جلدتهم .
نهضت من الكرسي وامسكت ادواتها وفتحت فمي بشدة حتى لكأن فكي ينفران من بعضهما وحفرت جوانب الضرس ثم قلعته وارتني اياه قائلة : انظر الى ضرسك ، انه مثل افعالك يوم كنت ...... وصمتت ، نظرت لى بطرف عينيها ، ثم عبأت مكان الضرس بكمية من القطن الطبي .
اردت النهوض لكنها اصرت على ان ابقى في مكاني ، حاولت ان اتكلم لكنها اعادت الكرة ووضعت يدها على فمي وقالت : لاتنطق بأي كلمة ، عليك التزام الصمت فلربما ينزف الجرح لأن مكانه لم يلتئم بعد ، ووضعت بين فكي اداة فتحت فمي بالكامل بحيث لااستطيع ان اطبقه ، وراحت تفتش فيه ، لااعرف ماذا تريد بالضبط ، تفوهت بكلمات لكنها لم تنظر لي :الضرس الآخر سيلحق بأخيه لأنه منخور وعلي قلعه .
ليس لي من مجال للكلام اما ان اتنفس أو اتكلم وتنقطع انفاسي .
ثم رددت : انظر انه يستحق القلع ، لم اصدق انه ضرسي الثاني ، ثم الثالث والرابع ..
رفست برجلي على الكرسي ، حاولت الاستغاثة بأي احد لكنها اقدمت هذه المرة على ربط قدمي وقالت : لاتكن مشاكسا ولعوبا مثلما كنت في المرحلة الابتدائية ، عليك ان تكون متزنا .. ايها التلميذ الشقي .. السادي .. المتوحش .. الماكر ..
لم يبق من اسناني شئ سوى فكين ربما يكونان اشبه بفكي ضفدعة ..
قالت : سوف لن تشعر بعد الآن بألام الاسنان ، ستنام نوما هانئا ، وستعرف كم ان الضحك يبكي صاحبه في اخر المطاف ..
- اه .. كم كنت شرسا للغاية ، تأخذ مني قطع الشيكولاته التي كنت احملها في حقيبتي وتجعلني ابكي ، وكنت تتلذذ بدموعي .. وكم كنت تدس اصابعك القذرة تحت الـ ..... وقرصاتك التي مازالت اماكنها داكنة لحد هذه اللحظة تشوه جسدي ... آه ، نسيت كلماتك الرومانسية الحادة التي كنت تنفثها بوجهي ، انها اقذر من اسنانك التي ذهبت الى غير رجعة ، ربما علي شئ يجب ان افعله من اجلك ، ومن اجل ان اكفر عن خطاياك وافعالك القبيحة تلك ، لم تكن انت الذي تطلق تلك الافعال ، لسانك هو الذي اوقعك في تلك المطبات .
حاولت الصراخ لكن الكلمات تختنق في حنجرتي ففكي مفتوحين على مصراعيهما ، فتحت عيني بكل المساحة التي يمكن ان افتحهما ، لكنها اطبقت بيديها على حنجرتي حتى كدت اختنق ، فأخرجت لساني لااراديا .
امسكته بملقط ضخم كانت تحمله بيديها وسحبته بشدة ، لم اشعر غير انه يتأرجح امامي ..
- ياالهي ، لقد قلعت لساني ، وماذا بعد ، هل ستزيل عنصر ذكورتي ، ام ستأخذ شيئا آخر ، لااعتقد بأن هناك امرأة بتلك السادية والوحشية وبتلك الدرجة من الثأر .
- اخذت انكث برجلي ، اصبح جسدي يرتعش وكأني تحت ضغط صدمة كهربائية ، أأحاول الصراخ ،أم التزم الصمت ، النار تسري في جسدي ، والخوف من الفضيحة يجعلني التزم الصمت ..
دارت حول جسمي دورتين ووقفت فوق رأسي وانا متمدد على الكرسي مربوط الوثاقين وقالت لي : هل تخشى ان تفقد شيئا اخر ، ربما اهم من لسانك ، رمز فحولتك الذي كنت تتباهى به امامي ، لكني لن اصل الى المستوى الذي وصلت اليه يداك القذرتان ، واصابعك المشاغبة المنغمسة بالرذيلة ، ولكني اقدر على ان اطلب من المضمد( فرمان ) الذي تعرفه ويمكن ان يؤدي الواجب الذي لااقدر انا على تنفيذه ولتحتفل عائلتك ، بل المحلة كلها بمناسبة ختانك .
- هاه ... نسيت ان اقول لك بأن رائحة فمك مازالت نفسها التي افرغت معدتي ، بل احشائي كلها قبل اربعين سنة ، لابد انك تعاني من اضطرابات معوية ، او ربما فساد المعدة او التهاب القولون، او فساد النفس التي تحملها في جلدتك الجربة . هل تذكر عندما كنت تطبق شفتيك على شفتي وانا اقاوم ، بل اتوسل بأن لاتمارس افعالك القذرة تلك .
اعادت ترتيب عدتها من ادوات حفر ومقالع للاضراس وابر تخدير ونزعت قفازيها المطاطيين ، اخرجت اصبع احمر الشفاه ، دهنت به شفتيها ثم حدقت بي ، وحملت حقيبتها ووضعت لساني في كيس من النايلون وراحت اصوات كعبها العالي ترن في اذني وتضرب على اخر وتر في دماغي الذي تراجعت فيه اشرطة الذكريات ، مضغت كلماتي واغمضت عيني لارى تلك الاشرطة بعيدا عن اضوية الغرفة وانا استعيد تلك المشاهد الرومانسية الطفولية التي تثيرني حتى الضحك..



#جمال_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لك ..للحب .. للحياة
- الحب على طاولة الاعتراف
- شد الاحزمة
- وصايا الامهات
- مناضلون مع مرتبة الشرف
- انثى من الشهد
- ست الحبايب
- لذة الجنون
- عراق الكبرياء.. بلا كهرباءا
- طمطمة الحقائق
- الكتابة في الحب فراسة
- حرائق النساء
- لغة الارض
- ابواب الجحيم
- مدني مزدحمة بالنساء
- لااساوم على حبيباتي
- شهد الافاعي
- تنكروا .. وتلمسوا الحقائق
- انوثة خارج المألوف
- عيناك سر حرائقي


المزيد.....




- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال المظفر - اضراس.. واشياء اخرى