أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قاصّ من بلادي// قراءة في نصّ قصّصيّ للكاتبة زينب الأسدي ((قشور))















المزيد.....

قاصّ من بلادي// قراءة في نصّ قصّصيّ للكاتبة زينب الأسدي ((قشور))


عماد نوير

الحوار المتمدن-العدد: 6604 - 2020 / 6 / 28 - 19:20
المحور: الادب والفن
    


قاصّ من بلادي// قراءة في نصّ قصّصيّ للقاصّة زينب الأسدي ((قشور))
——————————————-

عندما يكون المرء شفّافا جدا، عندما يرى أنه لا يصلح أن يعيش في بيئته تلك، عندما يبحث عن ذاته في الآخرين فلا يجدها، عندما يجد قرينه و قريبه و مستودع سرّه في الدنيا آلة نفاق لا أكثر، سيعيش و لا شك شيئا من الإحباط، عندما يبدأ شيئا فيشئا التّأثر مرغما و مجبرا على عادات قومه، سيتقيّء يوما جِراءا تشبه الآخرين، لا تحفل بروح الوداعة التي تكنّها أعماقه.
قشور
المدخل الضّيّق الواسع، هكذا أرى العنوان دوما، باب ضيّق السّعة لبيت كبير، مفردة أو مفردتين لنصّ بجسد مهلهل واسع، لكنه في الوقت ذاته واسع المعنى، قوي الارتباط، متين التّشبّث بجسده، له قدرة روحية دلالية لاحتواء الكبير على ضآلته البادية للعين السطحية.
القشر غلاف، ليس بالضّرورة أن يكون ما تحته شبيهه، إنه قشر موار لخيبة ربما، قشر برّاق لعفن عديم اللون و المظهر!
قشور، كثرة أرادها الكاتب، ربما مجتمع أو مجتمعات، أناس كُثر تحيط بنقاء قليل، محبط من كُثر إعلانه عن الجمال الحقيقي، أقنعة جميلة ذات نطف قميئة، و هذا ما نوّه له الكاتب من خلال قراءته التي تُدخل في رحم فكره حيواناتهم الهمجية الأقرب للمسخ منه للإنسان.

الحمل المشؤوم
يخلق الكاتب جوا نفسيا مريحا مشبّعا بالإيمان منذ الاستهلال و الدّخول الأول، فهو يحاول أن يبني قصته على مبنى قرآني و حدث عجيب فريد لم يسبقه سابق، و لم يأت بعده لاحق، فالبطلة قد حملت دون نتيجة طبيعية، مثلها مثل العذراء عليها السّلام، لكن الكاتب يتلاعب بالفكرة فهو وحده من له الأحقيّة في عرض فكرته بالطّريقة التي يراها تناسب عقله و تفرّده و خروجه عن المألوف، رغم أن القصص خرج عن دائرة المنطق كثيرا إلّا أنه يخشى كثيرا التّقاطع مع التناص القرآني، أو المساس بروح القصّة المتناص معاها.
و هنا الكاتب يتّكئ على تناص قصّة مريم، لكنه يلتفت إلى واقع يعيشه، لا يشبه واقع مريم، أو أنه يدفع قارئه نحو هدف يختلف عن الهدف في القصّة القرآنية.
فالولد الذي أذهل الممرضة ليس شبيها بذاك الذي أذهل الرهبان حين تكلم عند ولادته، و الفرق كبير بين نبي حسن الشكل و بين مسخ بقفا حيوان و أمام إنساني، كأن الكاتب يشير إلّا التّهجين بين الفكر الحيواني و الإنساني، فالمسخ فيه جذور النّقاء من الأم و فيه قذارة من منّيّ المحيط المنحل.
و هذا ما جعل الأم تنبئنا بأنها لا تشعر بفكرة الخلاص منه، بل تشعر تجاهه برابط وثيق سمّته بالشّعور الغريب المستحدث، نعم المستحدث، إذ أن الناس لا تقدر أن تعيش في خليط من القبح و الجمال مثلما استطاعت هي ذلك، بل الكل إمّا يعيشون في فكر عبثي بدائي، أو فكر نقي جذّاب سرعان ما يودي بهم إلى المهالك من خلال نبذ الأكثرية لهم.
ثم تمضي البطلة متأبطة شجاعتها، محترمة فكرتها، تجمع قوة تأثيرها لتنشئ مشروعا يشخّص الصّح من الخطأ، دون العبء لمن سوف تؤل عليه النّتيحة المؤلمة..!
تفني البطلة جلّ حياتها و جهدها لاكتشاف الجانب الإنساني المشرق، فتحتضنه و تزكّيه علّها تبنّي يوما مجتمعا صالحا يفيض إنسانية و حبّا..!

للكاتب رؤيته المحترمة و للمطّلع قراءته المستنبطة، و التي استطاع معها العيش السّعيد مع النّصّ الذي جذبه.
دام الإبداع للقاصّة زينب الأسدي.
عماد نوير.....
——————————————
نصّ القصّة القصيرة للكاتبة زينب الأسدي

قشور
--------
اِستيقظتُ منذ أيامٍ فقط، وبطني متكورة، منتفخة إلى الحدّ الذي لا يسمح لأي محاولة أن تسترها.
كأنني حُقنتُ بهرمونات محفزة للنمو، ومع جهلي الكامل بالطب لكن ليس إلى الحد الذي يُخفى عليَّ إمكانية إنجاب طفل بليلة وضحاها!
في الوقت الذي هالني منظري؛ لم أكن مهيأة للتفكير إذا ما كان ممكنا لعلم الأجنة؛ اِختصار معاناة تسعة أشهر من الحمل ببضع ساعات، وعلى الأكثر شهرًا واحدًا!
لكن ها أنا أخبركم؛ بما كان يجب أن يرد بخاطري آنذاك، وفقط.

لستُ متزوجة ولا أتذكر أن أحدهم وعدني بالزواج أيضًا، حتى رغباتي ضمرتْ منذ زمن ليس بالقصير، ولم أعد أجرؤ على اشتهاء أحدهم .. مهما أعجبني. شكلي الدميم لا يصلح سوى للتهكم والسخرية -كما يقولون دائما- .

صديقي المقرَّب؛ لم يكن طبيبًا لأهرع له كما هي عادتي، كلما واجهتني مشكلة، نعم كان حصيفًا بتهويل مشاكلي مهما بدتْ تافهة؛ فقط ليبدو بطلا عندما يخرجني منها.
ولكن هذه كيف .. ها كيف؟!
أنا حامل.. ليستْ مزحة! أتلمس بطني لأتاكد أنني لا أحلم، أصرخ: لا، أنا حامل!
- أخبرتكِ كثيرًا بخطورة ما تقرئين.
الأفكار نطفُ الكتّاب، يقذفونها في أجواف قارئاتِهم!
وها أنت حبلى بفكرة .. فكرة فقط .. دونكِ المرآة، اِنظري. لا شيء سوى كرشكِ المتدلي!

أرمي بهاتفي، أهرع إلى المرآة متيقنة؛ بأنني سأعود، وأشتمه، لأنني سأرى فضيحتي، سأرى أبي وهو يشنقني .. وأخي وهو يجأر:
لطالما أخبرتكَ أنها ساقطة.
مرآتي تبعد أقداما عن سريري لكن الطريق إليها صار طويلا، طويلا جدًا كالجري في مسار دائري، قُذفتُ إليه من الأعلى، لا نقطة تؤكد الوصول مطلقًا.
مغمضة كي لا أرى ما كنتُ متأكدة منه! أحس بلهاثي واضحًا في المرآة، وأنفاسي تكاد تهشمها.
-جبانة!
حقًا لم أرَ سوى كرشي المتهدّل!

مر الوقت بطريقة لا أعرفها من قبل، لا أعلم كيف جرى كل ما جرى... هو حصل وفقط!
وها هو ذا طفلي تشاركني أنفاسه الكتابة إليكم.

أثناء وضعي له؛ لم أكن قادرة على ترجمة تعابير الممرضة التي أخرجته، لكنها كانت أقرب إلى الاشمئزاز.
أردت أن أعرف لماذا، أرفع رأسي لأنظر من أعلى ساقيَّ المنثنيتين على السرير.
لم أسمع صرختة، كما حال حديثي الولادة، ربما ميّتا ترمي به لأخرى، تخرج فزعة من الصالة، وأنا أشاهد كل ذلك بشكل ضبابي.
وليدي كان صامتًا، شقيًّا، يتلاعب بهم، كان ينتظر أن تضربه إحداهن ليصرخ.
سمعتُ صوتًا .. لم يكن صراخًا .. ولا بكاءً، وليس أي شيء أعرفه، نغمة جديدة تتغلغل في أذني لأول مرة!
كان بلا قفا؛ هي فقط شدّت ذيله ليصدر ذلك الصوت اللا مألوف!
تهمس بأذني، وهي تضعه بجانبي:
أكنتِ هادئة بهذا الشكل المريب؛ لأنك متيقنة بأنك ستلدين مسخًا؟! حتى من تنجب نملة ستولول!

لم أفكر بالتخلص منه مطلقًا، على العكس أشعر بشيء غريب تجاهه؛ تماما بغرابة ولادته.
لست حزينة ولا سعيدة أيضا، أنا أعيش حالة مستحدثة لا أظن أحدكم مر بها من قبل، حالة ولدت بولادته.
ليس أقبح مني، على الأكثر يشبهني، فقط ظهره محرشف كجلد التماسيح وينتهي بذيل مدبب.
وأنا الآن مدركة ما سيعانيه من تهكماتكم.
ولكن لا أستبعد أيضا أن هناك من سيتعاطف معه؛ لذا أنا ماضية بمشروع هندسي سأقترحه على أمانة العاصمة.
سأنهي حديثي الآن وستعرفون كل شيء بأنفسكم لاحقا.

بعد أن استحصلت الموافقات الروتينية؛ باشرت بخطة مشروع ظاهرهُ تزيين المدينة بمرايا ملفتة، وجميلة، تستقطب المارة، تبدو ككل المرايا، وباطنها ستكون مصممة بمواصفات ترضي غاية في نفسي.

تمضي الأيام وطفلي يكبر في اليوم الواحد عاما كاملا، جالسا بقربي نلتقط الإشارات في غرفة التحكم، كانت الومضة تعني مرور إنسان برأس حيوان قرب المرآة، حمار، كلب، فأرة، بعوضة، ذبابة، أفعى.. يرون وجوههم ويهربون، يوقنون أنهم رأوها هكذا...
صار كل واحد منهم يتمنى أن يعرف كيف رأى ذاك وجهه هو الآخر.
كانت الإشارات متفاوتة، تومض مسجلة أعلى حد للعقول، والوجوه الحيوانية المستحمرة والمستذئبة...
أفتش بين الصور المكتظة بشغف؛ علني ألمح وهجًا لوجوهٍ إنسانية.



#عماد_نوير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤمن و العيد و النّكبات
- قاصٌّ من بلادي/ قراءة نقدية في نص خط سالب
- عيدٌ مميّز
- الثّامن من آذار
- حلم سرمدي
- قصّة قصيرة بعنوان ((غفوة))
- التّمادي الأمريكي و الهيبة المصادرة
- قصة قصيرة// الحكمة القبيحة
- الغدير
- قصة قصيرة// تقمّص
- قصة قصيرة بعنوان/ ملائكة و (هاكرز)
- قصة قصيرة// تهنئة
- عراك
- قصة قصيرة جدا// علاقة
- قصة قصيرة جدا// متابعة
- قاص من بلادي... قراءة في نص قصّصيّ (ملاذ)
- قرار// قصة قصيرة جدا
- القصُّ و الأسلوب الجماعي/ قراءة في نصّ قصّصيّ
- قصة قصيرة جدا// قدر
- قصة قصيرة جدا// كشفٌ


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قاصّ من بلادي// قراءة في نصّ قصّصيّ للكاتبة زينب الأسدي ((قشور))