أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - ذكرى مرور عامين على سجني.. فهل انتصر الإسلام















المزيد.....

ذكرى مرور عامين على سجني.. فهل انتصر الإسلام


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 6597 - 2020 / 6 / 19 - 23:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذكرى مرور عامين على سجني .. فهل انتصر الإسلام؟
تمر بعد أيام الذكرى الثانية لصدور حكم إدانتي ودخولي السجن في الكويت، بعد أن صدر حكم قضائي نافذ بحبسي لمدة شهرين تحت مسمى ازدراء أديان على خلفية مقابلة شخصية لي على قناة الجزيزة تحدثت فيها عن التطبيقات الإسلامية للحدود الدينية، وكذلك بسبب مجموعة من التغريدات النقدية للإسلام على منصة تويتر. تلك المنصة التي وجدت من أجل حرية الرأي والتعبير والفكر وتبادل المعرفة والتواصل مع الآخرين، ثم ما لبثت أن أصبحت في الكويت، وفي غالبية مجتمعاتنا العربية، وسيلة للسجن والمراقبة وتدمير حرية وكرامة الإنسان.
عامين قد مضيا، مع كل احداثهما المحلية والاقليمية والعربية والدولية، فهل انتصر الإسلام في الكويت بعد أن تم سجني؟. وهل اختفى الفساد والظلم والتخلف والقهر والعنصرية والنفاق والجهل؟.. وهل السجن والحبس هو الوسيلة المثلى لمعاقبة الرأي والفكر؟..وهل فعلا الإسلام سوف ينتصر بعد أن يسجن تابعيه ومعتنقيه بعد نقدهم له؟..وهل رب الإسلام بحاجة الي السجون والمعتقلات وترويع الإنسان وإهانة كرامته واستلاب حريته حتى يخبرنا بعدم نقد الإسلام؟.. لا شك أنها أسئلة عميقة لن نجد لها جوابا شافيا في مجتمعات وشعوب لا تزال تتعاطى الأديان بطريقة بدائية قائمة على الوصاية والكهنوت ومحاسبة النوايا والضمائر وملاحقة الناس على شكلهم وافكارهم وميولهم وهمساتهم.
فمن هي حرية الرأي والتعبير التي تحاربها السلطات السياسية العربية والمؤسسات الدينية ورجال الدين والفقهاء، ويتمسك بها كل كاتب ومثقف ومغرد في عصر اليوم؟.. في الحقيقة يمكن اعتبار حرية الرأي والتعبير من أهم الحقوق الإنسانية، لما تخلقه من ابداع وتفكير ومحاججات فكرية لا متناهية، وليس هذا فقط، بل يمكن اعتبار هذا الحق في الرأي، أحد الوسائل المهمة للدولة نفسها في تعظيم مساحة الحريات لديها، ودعم الشفافية والمراقبة وتمكين الديمقراطية وممارسة العملية السياسية بكل تجاذباتها لمصلحة العامة والمجتمع. ونظرا لأهمية هذا الحق للإنسان في كل زمان ومكان، قامت ونشأت التشريعات القانونية والدولية لحماية هذا الحق بتفاوت وتباين يختلف بحسب النظام الحاكم ووعي الشعب وثقافة المجتمع. ويعود أول اعتراف ضمني بحرية الرأي والتعبير الي اعلان حقوق الانسان الفرنسي الذي صدر بعد الثورة الفرنسية عام 1789، حيث نصت المادة 11 منه على " التداول الحر للأفكار والآراء هو أحد حقوق الانسان الهامة، فيجوز لكل مواطن أن يتكلم ويطبع بصورة حرة مع مسؤوليته عن سوء استعمال هذه الحرية". وعلى صعيد المجتمع الدولي، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948، الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تضمن حق كل شخص بالتمتع بحرية الرأي والتعبير. وتبنت الجمعية في عام 1966، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يعكس ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وتتمتع أحكامه بصفة الإلزام القانوني للدول التي تصادق عليه، حيث أكد في المادة 19 منه على حق كل انسان في اعتناق الآراء دون مضايقة والتعبير عنها ونقلها الي الآخرين دونما اعتبار للحدود بالوسيلة التي يختارها.
لهذا تم اعتبار ضمان ممارسة حرية الرأي والتعبير بمثابة الركن الأساسي لبناء المجتمع الديمقراطي الحر، والدعامة الأساسية لحماية الأفراد من التعسف والظلم، وعلامة مميزة للمجتمع المدني في تثوير طاقات الأفراد وإشراكهم في إدارة شؤون الحياة العامة في الدولة. وتسبب غياب هذا الحق الإنساني، على مدار التاريخ، في الكثير والعديد من المظالم والترهيب والتجاوزات القانونية والأخلاقية ضد الأفراد وضد كرامتهم وكيانهم واعتبارهم البشري.
وينطلق معارضوا فكرة حرية الرأي والتعبير من كونها قد تسمح بالإنفلات والتسيب واهانة المعتقدات والأعراض والرموز الدينية والتاريخية. ولهؤلاء نقول، بأن الهدف الاساسي لحرية الرأي والتعبير هو تنوير الرأي العام، ومده بالمعلومات والأفكار والمقارنات والتجارب والوقائع، وليس التعرض الي سمعة الآخرين وأعراضهم، فهذه التجاوزات يمنعها القانون والأخلاق، وهي أمر وشأن طبيعي يحدث في كل المجتمعات، ولا يمكن التعويل عليها والاستناد عليها لتجريم ومنع حرية الرأي والتعبير بشكلها الايجابي. بينما من يدعي بأن حرية الرأي والتعبير تم استغلالها للتعرض للمعتقدات الدينية وتحقير الاديان والرموز الدينية، نقول أيضا لهؤلاء، بأن ما يعتقدونه وما يؤمنون به ليس ملزما للآخرين تصديقه وتبجيله، ولا يمكن اعتباره حجة عليهم، لانتفاء القصد الجنائي في عملية طرح الرأي وتداوله في نقد الاديان والمعتقدات طالما لا يدعو الي العنف والقتل والكراهية. أما من يقول بأن نقد الاديان هو اساءة للمشاعر الإنسانية، فنرد على هذا القول، بأن مفهوم الإساءة الي المشاعر الدينية هو مفهوم غامض وغير عقلاني ومبهم. فالإساءة الي المشاعر ليست جريمة ملموسة مادية تحدث ضررا، بقدر ما تكون المشاعر احساس ذاتي غير قابل للإثبات، وأيضا يختلف من شخص لآخر، ولا يمكن قياس الإساءة الي المشاعر بشكل علمي يمكننا من خلاله تحديد درجات الإساءة ومفعولها. ولهذا قيل في أجمل توصيف للحرية، وخصوصا حرية الرأي والتعبير "أنت حر طالما لم تضر".
الآن، وبعد مرور عامين على خروجي من السجن، لم أرى الإسلام قويا أو منتصرا أو قد حقق اهدافه. ولم أرى المسلمين في أفضل حال وأعز شأن وأعلى مكانة. ولم أسمع بأن المنجزات الإسلامية قد غزت الأسواق أو وصلت الي الفضاء أو خلقت وصنعت الابداعات والتجارب واللقاحات. بعد مرور عامين على سجني، رأيت الدين الإسلامي محاصر بالمؤسسات الدينية والمذاهب الطائفية والصراعات المذهبية. رأيت الإسلام دينا فقد الكثير من التعاطف الإنساني، والدخول اليه عن قناعة واقتناع ومحبة. بل رأيته دينا محاطا بالأسلحة والقيود والممنوعات. دينا قد تحول من بث مكارم الأخلاق الي سلاحا بيد الجهلة من الفقهاء ورجال الدين والحكام.
لهذا هل يمكننا اليوم اعتبار قوانين ازدراء الأديان، قوانين ذات قيمة أو فائدة للإسلام؟.. وهل حقيقة الأمر أن الدين الاسلامي يجد قوته ومكانته واعتباره في كونه قابلا للنقد والتحليل والتفكيك كي يبين للناس وللتاريخ بأنه قوي الحجة وعظيم البنيان ومتين الأدلة؟.. أم سوف تستمر المؤسسات الدينية الناطقة باسمه في تحدي القوانين الدولية وتجريم حرية الرأي والتعبير من منطلقات ضعيفة ومضحكة ولم تعد تمارس أو تطبق الا في العصور الوسطى. لقد تمت محاكمة العديد من العلماء والمفكرين والكتاب وغيرهم في مجتمعاتنا العربية والاسلامية، منذ نشأة الإسلام وحتى عصرنا الحالي، ممن مارسوا حقهم في الرأي والتعبير بخصوص الدين الإسلامي، لكن انتهى بهم الأمر، إما مقتولين أو محروقين أو منفيين أو في السجون. وقد تعرضت عوائلهم وأطفالهم الي فقدان المعيل أو الداعم لهم. فهل يقبل الإسلام مثل هذه التصرفات التي تمارس باسمه وهو من جاء رحمة للعالمين؟.. وهل انتزعت الرحمة والرأفة والعدالة من قلوب القضاة والمستشارين عندما يصدرون مثل هذه الأحكام، وهم من باعتبارهم يمثلون الحق والعدالة والانتصار لحقوق الإنسان؟.
إن حرية الرأي والتعبير، علامة على التطور والتقدم. فلم يحدث أي ابداع، ولم تتجاوز الأمم عثراتها، الا بالنقد الصادق، وجرأة الكلمة، وصدق النصيحة. بينما في مجتمعاتنا، لم يتعلم المواطن العربي شيئا عن حرية الرأي والتعبير والفكر، لانها جريمة في القانون والدين والمجتمع. لهذا بقى الثالوث المرعب (الدين، الجنس، السياسة) خارج النقد، بعكس ما قاله ديكارت "ما من شيء خارج النقد. وقد تأدلجت الشعوب العربية على ذلك، لأن فكرة الحرية، لم تتعامل معها بشكل حضاري وقانوني وأخلاقي، لانها بكل بساطة غير موجودة في تربيتنا وفي تعليمنا وفي عقولنا.



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق مجتمع الميم
- التنوير .. في فهم أدوات العلمانية
- كأس العالم ومظاهرات أمريكا
- طرد الكورونا أفضل من طرد الوافدين في الكويت
- الإخوان المسلمين والماسونية .. مقارنة باطلة
- صفقة القرن .. النداء الأخير للسلام
- اسقاط الولاية عن النساء مطلب حضاري وانساني
- في رثاء وهجاء شيمون بيريز
- البوركيني والكاوبوي الاسلامي
- مكانة الدين في مجتمعاتنا العربية بعد تطبيق العلمانية
- لماذا يحن العرب الي صدام حسين اليوم؟!!
- لماذا تتجه المجتمعات الخليجية نحو التطرف الإسلامي؟
- العقل العربي وحصار الدين والحاكم العربي
- الأخ رشيد وإخفاق الإسلام والمسلمين
- دونالد ترامب والكراهية الإسلامية
- احداث باريس وشهية المسلمين
- العلمانية مصدر الحياة
- الخوف من نقد المقدسات الدينية
- المواطن الكويتي والإرهاب الإسلامي
- أزمة لا يمثلون الإسلام بالعقل العربي


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - ذكرى مرور عامين على سجني.. فهل انتصر الإسلام