أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - كأس العالم ومظاهرات أمريكا















المزيد.....

كأس العالم ومظاهرات أمريكا


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 6581 - 2020 / 6 / 2 - 12:35
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


كما لا يمكن أن نفهم مباريات كأس العالم، إلا بعد أن نعرف أوائل وأهم اللاعبين، ومهنية المدربين، وجودة الملاعب، ومنافسات الأندية، وتفرغ الفنيين، وحتى فهم الجمهور الداعم والمشجع. كذلك لا يمكن اليوم أن نفهم ما يحدث في الولايات المتحدة الامريكية من مظاهرات عارمة، على خلفية مقتل الرجل الأسمر جورج فلويد، في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، مختنقا وهو قيد الاعتقال بعد أن جثا شرطي على رقبته عدة دقائق، الا بعد أن نفهم مواقف الجمهوريين والديمقراطيين من العنصرية، وتأثير جائحة كورونا نفسيا واقتصاديا واجتماعيا على الشعب الامريكي، وتدني الاقتصاد العالمي بسبب النفط، وأخيرا أن نفهم المسار التاريخي للعبودية كما نشأت في امريكا، حين تم إحضار أول مجموعة من العبيد الأفريقيين إلى المستوطنة الأمريكية الشمالية (جيمستاون) في ولاية (فيرجينيا) عام 1619، للمساعدة في إنتاج المحاصيل المربحة كالتبغ، وأيضا لخدمة السيد الأبيض. وكما انتهت أيضا في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، بإعلان تحرير العبيد الذي اصدره الرئيس الامريكي ابراهام لنكولن في 1 يناير 1863.
وكانت المظاهرات التي اندلعت في عدة ولايات ومدن أمريكية، منذ حوالي اسبوع، قد انتهج بعضها العنف والتدمير وتخريب الممتلكات وسرقة بعض المتاجر. مما حدا بالرئيس الامريكي ترامب الي اطلاق عدة تغريدات اتهم فيها المتشددين اليساريين، ومنافسه في الانتخابات الرئاسية القادمة جو بايدن، بتكثيف الفوضي وبث الذعر وتشويه خطاباته الي الشعب الامريكي لمواجهة تداعيات حادثة مقتل فلويد، وضرورة السيطرة على المظاهرات التخريبية.
في الحقيقة، لم تكن حادثة مقتل فلويد الاولى، ولكن نتمنى أن تكون الأخيرة. فمثل هذه الحوادث العرقية، يجب النظر اليها من زاوية مختلفة عن كونها حالة دائمة ضد السود، فهناك العديد من الحوادث التي راح ضحيتها ذوي البشرة البيضاء على يد السود، كما حدث في مدينة دالاس بولاية تكساس حين تم قتل خمس عناصر شرطة من ذوي البشرة البيضاء برصاص قناصة من ذوي البشرة السمراء على خلفية مشاكل عرقية. فهذه الحوادث، رغم تباينها وتفاوتها في الحدية والبشاعة، الا انها نتاج عالق من مخلفات العبودية، ونتاج الإفراط القومي والعرقي الذي تحمله بعض التيارات والتوجهات اليمينية المتطرفة التي لا تشكل أي ثقل سياسي وشعبي كبيرين. فمن يفهم المجتمع الامريكي وحروبه الداخلية، ومشوار العنصرية والتفرقة الطبقية التي لازمت نشوء الولايات المتحدة الامريكية، لا يمكن أن يغفل عن الجهود العظيمة والتاريخية والحضارية والاخلاقية التي وصل اليها الشعب الامريكي اليوم، بعد صراعات ونضالات مدنية وحقوقية للتخلص من العنصرية والطبقية منذ ستينيات القرن العشرين، تلك المرحلة التي حققت أعظم المكاسب السياسية والإجتماعية للسود، وكان مارتن لوثر كينغ الإبن من أبرز الناشطين السياسيين المطالبين بإلغاء التمييز العنصري. وقد تلقى العبيد السابقون حقوقهم الجنسية والحماية المتساوية في الدستور الامريكي في التعديل الرابع عشر عام 1868، وحق التصويت في التعديل الخامس عشر عام 1870.
فمن يراهن اليوم على سقوط الولايات المتحدة الامريكية، أو اشتعالها وخرابها، هو لا يفقه شيئا عن الشعوب الحية. الشعوب التي تخرج بالآلاف بل والملايين في الشوارع والمدن، لتعترض وتتظاهر بشكل سلمي تعبيرا عن حالة غير اخلاقية ومرفوضة بكل المقاييس، ثم ترجع الي أعمالها وهدوءها. من يراهن اليوم على استمرار العنصرية وفشل ترامب، هو لا يفقه في الاقتصاد الأول في العالم، ولا في الدولة التي تخلق سياسات الحرب والسلام، ولا في الدولة التي تحرك اساطيلها لحماية مواطنيها والدفاع عن حلفاؤها. من يراهن اليوم على تراجع الليبرالية والديمقراطية والعلمانية الامريكية، هو لا يعلم ابدا عن الحقائق التاريخية للمجتمع الامريكي، لا يعلم عن تراكم الجهود في مجال الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان ودعم المجتمع المدني، لا يعلم شيئا عن الفردية والاستقلالية الامريكية التي صنعت الابداع والمستحيل وغزو الفضاء. لا يعلم بأن حادثة مقتل فلويد تمثل في أحد جوانبها عمق التحرك المجتمعي الرافض لكل تمييز وتفرقة، والمحارب بشراسة لكل تعدي على الإنسان مهما كان مختلفا. لا يعلم بأن بلد الحريات الأول، وبلد الديمقراطية الأولى، يخرج فيها الانسان للتعبير عن رأيه وهو بحماية الدستور مهما كان معارضا لسياسات حكومته ورئيس بلده.
كما أن هناك أيضا جانب مهم في وصول المظاهرات الي ما هي عليه من عنف وتخريب وسرقات، وهو أولا، التحريض الذي تمارسه الجهات والمنظمات اليمينية المتطرفة لإفشال ترشيح ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية لفترة اربع سنوات قادمة. وثانيا، حالة الشلل السياسي والاجتماعي للشعب الأمريكي بعدما أصابته جائحة كورونا وما أفرزته من تداعيات نفسية واحترازية لا مثيل لها. ونظرا لكون الولايات المتحدة الامريكية، من أكثر المجتمعات التي تأثرت بفايروس كورونا على المستوى الصحي والاقتصادي، خصوصا مع فقدان الامريكيين لمئات الآلاف من الوظائف، وإغلاق الكثير من المصانع والشركات. بالاضافة الي تأثر المجتمع الامريكي بأزمة النفط العالمية، وانكشاف الصراع السياسي والاقتصادي والإعلامي مع الصين. كل هذا زاد من تعقيد الحالة الامريكية التي افرزت تلك المظاهرات العبثية.
إن آلية المجتمع الامريكي تختلف تماما عن بقية المجتمعات الغربية والعربية والاسلامية، نظرا لما تتكون منه من اثنيات وعرقيات وأديان ومهاجرين، اصبح لديهم دولة ودستور ومواطنة كاملة تحميهم وتدافع عن وجودهم وحرياتهم، من خلال وجود مؤسسي وإعلام موجه ولوبيات ضغط ونفوذ لها علاقات مختلفة، تمارس كلها استثمار الاحداث الداخلية والخارجية للضغط على الحكومة الامريكية للإستفادة من البرامج والمشاريع والقوانين لصالحهم، وهو ما يجعل من أكبر حزبين في أمريكا، الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، مناطق سياسية واجتماعية واقتصادية لفرض القوة والتأثير وتحريك الرأي العام بحسب الأحداث.
ولعل الدرس الوحيد الذي يمكن أن نستخلصه من حادثة مقتل فلويد، والذي نتمنى أن تستفيد منه مجتمعاتنا العربية والاسلامية، الغارقة في العنصرية السوداء والكراهية العرقية والصراعات المذهبية، هو أن الشعب الامريكي استطاع خلال تاريخه، تجاوز عثراته والالتفات الي المستقبل واعادة بناء الوحدة المدنية بعد كل أزمة. فلا يستمر أي حراك، سواء سلمي أو عنفي، إلا بعد أن يوصل الرسالة المطلوبة، وبعد أن يعاقب المخطئ، وبعد أن يطالب بالتحسينات السياسية والاقتصادية، وبعد أن يحافظ ويحمي التنوع والتعددية وحقوق الانسان من أي ظلم قادم.



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرد الكورونا أفضل من طرد الوافدين في الكويت
- الإخوان المسلمين والماسونية .. مقارنة باطلة
- صفقة القرن .. النداء الأخير للسلام
- اسقاط الولاية عن النساء مطلب حضاري وانساني
- في رثاء وهجاء شيمون بيريز
- البوركيني والكاوبوي الاسلامي
- مكانة الدين في مجتمعاتنا العربية بعد تطبيق العلمانية
- لماذا يحن العرب الي صدام حسين اليوم؟!!
- لماذا تتجه المجتمعات الخليجية نحو التطرف الإسلامي؟
- العقل العربي وحصار الدين والحاكم العربي
- الأخ رشيد وإخفاق الإسلام والمسلمين
- دونالد ترامب والكراهية الإسلامية
- احداث باريس وشهية المسلمين
- العلمانية مصدر الحياة
- الخوف من نقد المقدسات الدينية
- المواطن الكويتي والإرهاب الإسلامي
- أزمة لا يمثلون الإسلام بالعقل العربي
- دعوة الي التنوير
- بناء الإنسان العربي الحر
- العلمانية .. دليل الثورات العربية التي لم تكتمل


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - كأس العالم ومظاهرات أمريكا