أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - بناء الإنسان العربي الحر















المزيد.....

بناء الإنسان العربي الحر


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 4798 - 2015 / 5 / 6 - 12:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اوشاج

بناء الإنسان العربي الحر

حينما كنت طالبا في مرحلة الماجستير في استراليا، كان ينتشر في الغرب الاسترالي وكذلك فى جميع أنحاء المقاطعات الاسترالية ما يسمى بالمحافل الماسونية العالمية والتى تعمل على نشر السلام والمحبة بين جميع الشعوب الإنسانية كما يدعون، بالإضافة الى التواصل مع الشعوب الاخرى ضمن نطاق الاخوية الماسونية. وهو ما جعلني أتعمق بدراسة الموضوع وأطلع عليه من مصادره المتعددة في الغرب الإسترالي نظرا لأنه محرما في مناطقنا العربية بل ويعتبر كافرا مرتدا كل من يسعي الي الانضمام للماسونية. ان المتتبع لتاريخ الماسونية يرى انها واجهت شتى صنوف الغموض والتلبس بعدة أغطية قد تكون سياسية او دينية. وتتفق معظم الروايات على غموض الماسونية ومنتسبيها. فتاريخ أنشاء المحافل الماسونية وجمعيات النور يمتد الى أكثر من سبعة آلاف سنة وقد سميت بعدة مسميات، من جمعيات أخوية الى مراكز النور والحكمة.
أسم الماسونية والمشتق من اللغة الانجليزية او الفرنسية والتى معناها باللغة العربية فهو البنائية الحره والبناء الحر هو الانسان الذي يبنى ولا يهدم ويتفق هذا القول مع رسالة الخالق الى الانبياء والرسل لبناء الارض وتعميرها لصالح الانسان. وتعمل الماسونية على بناء الجنس البشري لجعلهم بنائين أحرار، وأما فكرة أرتباط صفة الحرية للبنائين فحقيقة هذا القول لأن الانسان كما هو بحاجه الى الهواء والماء هو أيضا بحاجه الى الحرية بشرط ان تكون مسؤوله وواعيه علما بأنه لا حرية للانسان الذي لا يمكنه السيطرة على غضبه وفرحه وكبح جماح غريزته وشهواته المختلفة.
وتعود جذور الماسونية كما تخبرنا كتب التاريخ الي حضارة عريقة في القدم ترجع إلى أكثر من سبعة آلاف سنة، يوم كان السومريون و بعدهم الأكاديون ثم البابليون و الفينيقيون يعمّرون البلدان والمدن، و يزرعون الحضارة الإنسانية أينما انتقلوا، وكانوا يعرفون الحساب والجبر والهندسة والطبّ وعلم الفلك والعلوم الخفية، وأبتكر السومريون الكتابة المسمارية، والمصريون الهيروغليفية، والفينيقيون ابتكروا الحرف، وكانوا يعرفون الله. في هذه البيئة المتقدّمة في حضارتها وجد البناؤون الموهوبون الذين بنوا المدن بما فيها من هياكل و قصور و صروح و أبراج و جسور وأقنية ومجاري للمياه، وكان هؤلاء البناؤون جماعات مميزة محوطة بكثير من الاحترام والتقدير، ومتمتعة بكثير من الحقوق الخاصة والامتيازات. هنا، من البديهي أن الرجل الذي بلغ هذه الدرجة من المعرفة، وهذه المكانة من الاحترام والتقدير، أن يتميز بالصفات الحميدة، والأخلاق العالية، لكي يكون جديرا بالمرتبة الرفيعة التي يحتلها. هذه الجماعات الموجودة في كل مدينة كانت حريصة إذا على المعرفة التي لم تقتصر على البناء فقط ، بل على الفنون و العلوم الأخرى المتعلقة به أو بغيره ، فجعلت مغلقة ممنوعة إلا على مستحقيها. وكانت حريصة على رفع المستوى الخلقّي في أصحاب المعرفة، لأن البنائين كانوا كبار القوم وعلماءهم وحكماءهم، فكان لا يدخل معهم في جمعيتهم إلا النخبة. من هنا قامت البنائية العملية والبنائية الرمزية، تسيران جنبا إلى جنب، الماسونية التي تبني الحجر، والماسونية التي تبني الإنسان. ويدلنا على وجود هذه الجماعات الأنظمة الخاصة التي وضعت لها في كل مكان وفي كل زمان، فنجد مصداق ذلك في شريعة حمورابي التي يرجع تاريخها إلى نحو أربعة آلاف سنة، فقد نصت على حقوق البنائين وواجباتهم، وخصّتهم بكثير من الامتيازات. وفي المدن الكنعانية، في سواحل البحر الأبيض المتوسط ، كانت جمعيات البنائين منتشرة، ولها أنظمتها الخاصة وامتيازاتها الواضحة، وقد بلغت من الرفعة أن الملك نفسه كان يرأس المحفل الأكبر، فملك صور كان الأستاذ الأعظم، وكان ملوك المدن الأخرى، كلّ منهم رئيسا في مدينته، وفي اجتماعاتهم كانوا يتداولون شتى شؤون العمران في ممالكهم . ولما انتقلت البنائية إلى أوروبا، بعد سقوط القسطنطينية، انتقلت معها الحرية والكرامة والرفعة التي كان لها في موطنها، ووضعت لها القوانين الخاصّة، ومنحت الامتيازات المعروفة لها، فنذكر من ذلك لائحة رومية التي وضعت سنة 715 ق.م. لمدرسة البنائين التي أسسها بومبيليوس، ثم أدرجت في اللوح الثامن من الشرائع الرومانية التي وضعت سنة 451ق.م. ونذكر منشور روتاريس سنة 643م الذي منح أساتذة كوم عددا من الامتيازات، وهكذا كانت الحال بعدئذ في أوروبا. فليس صحيحا أن اليهود أوجدوها في أوائل القرن الثامن ونسبوا إليها القدم.
وتسمح الماسونية بالانتساب للجميع إلى صفوفها وتضع لذلك عدة شروط وأحكام منها بأنه يجب أن يكون مؤمنا بالله تعالي ومكرما الانبياء والرسل ومحترما للمؤمنين وللبشرية كجنس أكرمه الله تعالى بالبقاء وخلافة الارض.
فقد ورد في البند الأول من دستور اندرسن التنبيه التالي: «في شأن الله والدين: على الماسوني، بحكم لقبه، أن يخضع للناموس الخلقي، فإذا أدرك حقيقة معنى الفن فلا يمكنه أن يكون ملحداً غبياً أو مارقاً سفيهاً. ومع إن الماسونيين في العهود القديمة كانوا ملزمين، في كل بلد، بالانتماء إلى ديانة ذاك البلد أو تلك الأمة أيا كانت، فقد بات من المناسب اليوم ألا يُلزموا إلا بالدين الذي يُجمع عليه الناس قاطبة، على أن يحتفظ كل واحد بمعتقده الخاص، ومفاد ذلك أن يكونوا من أصحاب المروءة والإخلاص، ومن ذوي الشهامة والاستقامة، أيا كان المذهب الديني الذي يتميزون به». ونجم عن ذلك ان الماسونية تصبح، و الحالة هذه، مركز وحدة ووسيلة لإقامة صداقة خالصة بين أشخاص كانوا – لولاها - لبثوا في ما بينهم على تباعد دائم.
وقد انتشرت عدة آراء تعلن وتدعي بأن الماسونية ملحده وذات أفكار خارجه عن القانون والدين وتدعو الى الكفر والاباحية فى جميع صفوفها وضمن معتنقي أفكارها وهذه الدعوى والاقاويل تتناقض مع شروط الانتساب اليها حيث أن من ضمن الشروط ان يكون الشخص الراغب بالانضمام غير ملحد بل ويفضل ان يكون له دين سماوى يتبع تعاليمه ويمارس طقوسه الدينية من صلاة وأحكام شرعية وهذا بالطبع لا يتعارض مع أهداف وفكر الماسونية كما يذكر فى تعاليمهم.
وكذلك أنطلقت بعض الاراء والافكار التى تلصق فكرة أنتساب الماسونية الى الصهيونية العالمية وأنها فرع منها وربيبتها بل وتدعو الى فكرة تمجيد اليهود وأقامة أسرائيل الكبرى ففى أحدى المنشورات والتى توزع فى جميع أنحاء الجامعات والمراكز الثقافية فى استراليا أوضحت أن الماسونية لا علاقة بينها وبين اسرائيل لان الماسونية تحارب العنصرية والتطرف أينما وجدوا لذا فلا يمكن ان تلتقى البنائية الحره مع الصهيونية او اى حركة عنصرية اخرى ضد الانسانية لان المشروع الذى تسعى اليه الماسونية هو بناء عالم جديد مليئ بالخير والمحبة وأزالة كل الحدود الجغرافية والعنصرية والدينية والعرقية بين الانسان وأخيه الانسان كما وتسعى هذه الجمعيات الفكرية الى تقليص الهوامش والفوارق الاجتماعية بين مكونات المجتمعات والمجموعات البشرية كافة.
ان الهدف الاسمى لهذه المجموعات هو أصلاح السرائر الانسانية لكل أبناء البشر ليكونو جميعا أخوه ضمن عائلة واحده تسعى للعيش بمحبة وخير وسلام مهتدين بأديان الحق ورسالة الانبياء والرسل فى حفظ الارض من الشر وأقامة العدل والمساواة وأيضا تلتزم الماسونية بأطاعة شرائع البلاد وحكامها الشرعيين واحترام كل القوانين والدفاع عن الاوطان والولاء اليها.
ان الماسونية كفكرة ومبدأ قائم بحد ذاته لاقى رواجا منقطع النظير فى مختلف الدول الاوروبية والغربية، بل وتوجد محافل تؤمن بأفكار الماسونية بعدة دول عربية وإسلامية تعمل تحت ظل النظام الحكومي ولم تخالف أو تفرض آراء ضد حكومات هذه الدول مما ساعد على أنتساب كثير من الاشخاص اليها.
وتساعد الماسونية منتسبيها بعدة طرق منها المساعدات المادية لذوى الاحتياجات والمساعدات المعنوية بوقوف الاعضاء الى جانب بعضهم في السراء والضراء وأعتبار المنتسبين أخوه فى الفكر والهدف. وللماسونية محافل تقام فيها الطقوس والاحتفالات بدخول الاعضاء اليها وتختلف الروايات فى غموض هذه الطقوس والهدف منها. والقارئ لتاريخ الماسونية يرى جليا بعض القصص والروايات التى تحكى تفاصيل عن مثل هذه الاحتفالات واحتواءها على أرشادات نظامية تمكن العضو المنتسب اليها من الانضباط واحترام جميع الاديان ويخلو منها ما أشيع عنها من غموض يصل الى حد القتل والتشريد لمن يفكر فى ترك الماسونية حيث توافق الاخيرة على اى شخص يرغب فى أنهاء عضويته وانتسابه اليها.
إن الماسونية ليست ملحدة، وليست بعيدة عن طريق الله سبحانه وتعالى، ولا عن الأخذ بتواصيه، والابتعاد عن نواهيه، وهي تفرض على كل أخ أن يحسن دينه وإيمانه، بل هي خير وسيلة لكي تمكّن الإنسان من دينه، وتسهّل له طريق تكونّه الخلقي الاجتماعي والروحي المتسامي.
فهل تكون الماسونية هي المنقذ فى العصر الحالى؟!!. فى حين عجزت جميع الافكار والمذاهب والمعتقدات عن تقديم الحلول الصافية بغير اختلاف عن إنقاذ الانسان ومشاكله النفسية والاجتماعية والصحية؟!!. وهل الماسونية تصلح كنظام تربوي وتعليمى فى الدول العربية لما تقدمه من برامج تعليمية وثقافية تحض على كسب العلم والتفوق؟!!. وهل نملك القدرة والشجاعه ونكون أكثر دقة وتحديدا لو طالبنا بدراسة ومعرفة الماسونية ونظامها وذلك بشكل علمي ودقيق وبعيدا عن التعصبات والتشنجات الدينية في الدول العربية والخليجية؟ وهل سوف تلاقى من يتبعها او يريد الانضمام اليها؟ مع انتشار فكرة حرمة حتى مجرد التفكير بأسم الماسونية؟.
ان الانسان العربي بحاجه الى عصف ذهنى جديد يقوم على البحث عن الحقيقة والخلاص من جميع مشاكله وآلامه والتزود بحقائق جديده ومذهله تدعوه الى التفكير في عظمة الكون، والى ميلاد نفسي جديد لتعم الفضائل والقيم الانسانية على وجه الكرة الارضية.

د. عبدالعزيز عبدالله القناعي
[email protected]



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية .. دليل الثورات العربية التي لم تكتمل
- معلمة كافرة وسيد يغتصب الأطفال
- التعليم المختطف من الدين والقبلية
- الإسلام لن يكون الحل أبدا
- اسلام البحيري والأزهر وأكذوبة الإصلاح الديني
- العلمانية والدين الاسلامي
- اليمن ومأزق التاريخ والدين
- ربع الشريعة وأصدقاء إعدام المسيىء للرموز الدينية
- التيار المدني العلماني الديمقراطي في الكويت
- الجاهلية الإسلامية
- الجبان والعميل والمندس في الكويت
- صناعة الوعي العلماني قبل إسقاط الأنظمة العربية
- 100 ألف نفر
- الأيديولوجية الاسلامية وصناعة الإرهاب
- الأمن والجنسية الكويتية وحقوق المثليين
- الهوية الوطنية في العيد الوطني
- المرأة العربية وعقبات الدين والمجتمع
- في المعارضة الكويتية وإخفاق الحكومة
- رسالة كويتية الي الرئيس الفرنسي


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - بناء الإنسان العربي الحر