أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - لماذا يحن العرب الي صدام حسين اليوم؟!!















المزيد.....

لماذا يحن العرب الي صدام حسين اليوم؟!!


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 5223 - 2016 / 7 / 14 - 12:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا يحن العرب الي صدام حسين اليوم...؟!!

صدام حسين رئيس العراق الأسبق هو رابع رئيس لجمهورية العراق في الفترة ما بين عام 1979 وحتى 9 ابريل عام 2003، وخامس حاكم جمهوري للجمهورية العراقية.
نهاية صدام حسين كانت نتاج غزوه للكويت لمدة سبعة أشهر بدءا من الثاني من اغسطس 1990 حتى السادس والعشرون من فبراير 1991. فبعد دحر قواته الي حدوده السابقة، بتحالف عسكري ضخم بتفويض من الأمم المتحدة، استمر بعدها العراق محاصرا امميا حتى دخلت القوات الامريكية الأراضي العراقية تحت حجج امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، وتم القبض عليه في 13 ديسمبر عام 2003 م في عملية سميت بالفجر الأحمر، وتم بعدها محاكمته بسبب الجرائم التي اتهم بها وتم تنفيذ حكم الإعدام عليه في 30 ديسمبر عام 2006م.
اليوم، لم يعد يعتبر صدام حسين في مخيلة الكثير من الشعوب العربية رئيسا ديكتاتوريا للعراق او مسؤولا عن كوارث متعددة او جرائم بشعة او قيامه بالحروب العبثية مع ايران او غزوه للجارة الكويت، بل اصبح اليوم، في مفارقة تاريخية، قد تكون ملهاة او كوميديا سوداء، الزعيم الشهيد الذي تتمنى كثير من الشعوب العربية عودته الي الحكم والسلطة، او في احسن الأحوال عودة نهجه الديكتاتوري الشمولي في الحكم والهيمنة وزعامة الشعب العراقي اولا ومن ثم زعامة الوطن العربي وخصوصا بعد ان أطلق عليه لقب حامي البوابة الشرقية في اشارة الي دفاعه عن العرب امام المشروع الايراني الطامع بعودة امجاد الامبراطورية الفارسية.
فكيف حدثت هذه التحولات الاجتماعية في بنية العقل والتفكير العربي؟!!، ولماذا يريد قطاع كبير من الشعوب العربية أن يعود صدام حسين من الموت لكي يحكمنا من جديد؟.. وهل فعلا تتمنى الشعوب العربية او غالبيتها ان يعود عصر صدام حسين والقذافي وحسني مبارك وبن علي وبقية من سقط بعد ثورات الربيع العربي؟؟!! فماذا حدث؟ وهل لهذا التراجع والنكوص في مفهوم الحريات والديمقراطية والكرامة الانسانية ما يبرر حجم فداحة هذا المطلب القاسي؟؟!!.
في الحقيقة، أن مطالب الشعوب العربية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا لم تتعرض للتغيير منذ قرون طويلة وتحديدا منذ انبثاق الدول العربية بعد استقلالها عن المحتل بشكل صوري، فقد تم تدجين سلوكها وثقافتها ومستقبلها على نحو بدائي أبوي يتمثل في توفير احتياجات السكن والطعام والوظيفة ورضا الحاكم. وغاب عن هذه المطالبات أي سعي نحو الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات والعدالة الاجتماعية، مما جعل من المطالبات البسيطة، والتي تعتبر حق انساني لا منة من الحاكم او الدولة، مطالبات لا تصنع تصورا استراتيجيا تنمويا للأوطان ولا استغراقا في بناء المواطنة والنظام الديمقراطي العادل، وإنما تصنع حالة من الولاء والبراء والسكون على الوضع القائم الذي يمثله الحاكم الأوحد والزعيم الخالد والخليفة العادل..هذه النظرة الاقتصادية وعلاقات الإنتاج البدائية ظلت مهيمنة في الوعي العربي والعقل الباطن، حتى أصبحت كل حياة الانسان العربي مجرد نسخ كربونية متكررة على طول وعرض الوطن العربي، وجعل من الواقع المعاش ارتباطا عقليا ومعنويا مع الحاكم الذي تقع على عاتقه كل النجاحات وكل الإخفاقات بما يشكل علاقة شبهها علماء الاجتماع بسيطرة (الأب) في العائلة. حيث يكون الأب على رأس العلاقة الهرمية وله إرادة مطلقة يفترض أن يتم التسليم بها والخضوع والطاعة لها.. فالنظام الأبوي (البطريركي) هو مفهوم يستخدم للتعريف بطريقة معينة في التفكير والعمل. هذه الطريقة تنبني على علاقة يكون فيها خضوع وإجماع قسري على الطاعة لمن هو أعلي في التسلسل الهرمي.. هكذا، تتجه كل السهام إلى أعلى.. وكل النوايا والمقاصد والجهود. ويفسد بذلك التنظيم الاجتماعي والبشري. فهذا النظام وهذه الطريقة في التفكير صاغت العقل العربي وجعلته خاضعا لمستويات عدة من النظام البطريركي، سواء دينيا او سياسيا او اجتماعيا. وما يعنينا هنا هو التأثير السياسي وما صنعه من إخفاقات مجتمعية أدت بالإنسان العربي ان يفقد استقلاليته امام هيمنة وسلطة وبطش القائد والي درجة من الانسحاق جعلته يشعر بفقدان العبودية مع ذهاب الحاكم الديكتاتور كما حدث مع موت صدام حسين ورغبة العديد من الناس في احياء بطشه بعد ان فشلت الحرية المعطاة للشعوب العربية بعد ثورات الربيع العربي من ان تصنع التغيير الديمقراطي، فنرى ان تردد اسم صدام حسين لم يعد يعني شيئا سوى ان العصر الذي كان يمثله انما كان عصرا يقوم على العدالة، وهي في الحقيقة العدالة الظالمة، حيث انه مارس بطشه على كل المكونات الاجتماعية، ولكن وبنفس الوقت كان الخيال العربي غارقا في أوهام مواجهة الفرس وإسرائيل والغرب بصورة مضحكة لا تخلو من بروبغندا إعلامية سقطت في اول تجربة حينما أراد ان يعقد الصفقات السياسية مع الغرب بعد احتلاله للكويت. ولم يكتفي الانسان العربي في سحق كرامته والخضوع لمن يهين انسانيته، بل تعداها الي ان تكون مطالبه اليوم فقط ان يعيش مثلما كان يعيش في ظل الديكتاتوريات العربية بأن يتوفر له الطعام والشراب والكهرباء حتى صدق فينا قول ابن خلدون حين قال "أن النفوس التي تعتاد القهر وأخلاق الطاعة والإخضاع.. هي نفوس تفسد ويسطو بها القهر والضيق وتعتاد الكسل والخبث والمراوغة"..فهل الأمان المعيشي الذي يشبه معيشة الحيوانات في الحظائر هو الغاية من وجودنا في الوطن العربي، وهل كوننا نأكل وننام ونتكاثر هي الغاية الكبرى من تواجدنا الحضاري امام التطورات الكونية الإنسانية وتفوق العقل الآخر في شتى الميادين..ام اننا مازلنا لا نعرف كيف نعيش وماذا نصنع وما هو المستقبل؟!!.
صحيح جدا ان مجتمعاتنا العربية تعاني من إخفاقات سياسية واجتماعية كبرى، وصحيح أيضا اننا نعاني من تراجع حضاري وانساني واخلاقي وعلمي، وبالتأكيد صحيح أيضا اننا مسؤولون عن تنامي ظاهرة التطرف الديني والعنف الكراهية واقصاء الآخر.. ولكن ليس من الصحيح ابدا ان تكون غاية حلولنا أن نعيد انتاج نفس الديكتاتوريات وأن نستنسخ نفس الطغاة والمجرمين وأن نترحم ونشفق على من قتلوا الشعوب ودمروا الأوطان وجعلوا من الغرب السياسي والدول الكبرى تتدخل من جديد في الوطن العربي لترسم خارطته بعد ان فشلنا نحن في مواجهة أنفسنا وثقافتنا لكي نبني اوطانا ديمقراطية شامخة يعيش فيها المواطن العربي عزيزا كريما يحمل جنسية وطنية لها هيبة وتقدير واحترام.
هذه الإخفاقات في الفهم والتفكير والتحليل، لن تستطيع ان تنجح في التغيير في مجتمعات تنحو لأن تخلق أزمات كلما تم استخدامها وتوظيفها بنفس آليات التفكير السابقة. ان الانسان الذي يحتاجه المجتمع والوطن الحديث اليوم هو الفرد الذي يتمتع بحرية الاختيار دون ضغط، انسان يستطيع ان يفكر وينتقد دون خوف، انسان حر الإرادة والقرار. فقد حرص الكثير من صانعي المجتمعات الحديثة من المفكرين والفلاسفة على أن يتم التعامل مع الفرد في المجتمع كغاية في حد ذاته، لا أن ينظر له من خلال علاقة هرمية كعلاقة راعي ورعية. ان الحنين الي عهد الطغاة لا يمثل الا انتكاسة تاريخية جديدة، ومؤشر على بقاؤنا كعرب ضمن علاقات تسلطية بيروقراطية، تقوم على القمع والطاعة والخضوع وتحول الافراد الى مجرد آلات بحيث تمسخ شخصياتهم وتغتصب حقوقهم وتسحق انسانيتهم. وبهذا المعنى فأن هذا النوع من الحنين الجارف الي كل ديكتاتور تم اسقاطه لا يعني الرغبة بالأمان والاستقرار كما هو متصور، وانما يعني اللارشد، الذي يقيد الانسان بسلاسل من الجهل والخوف والخنوع، بحيث يفقد المرء الثقة والاحترام المتبادل مع الاخر وكذلك مع المجتمع والثقافة. وهكذا يكشف صدام حسين وبعد مرور سنوات على وفاته، ان الاستبداد كبيئة وثقافة وتاريخ لم تكن سوى منظومة قابعة في العمق العربي، تفكيرا وسلوكا وايمانا، تنتظر منا الكثير حتى نغيرها.

عبدالعزيز القناعي
[email protected]
كاتب صحفي



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تتجه المجتمعات الخليجية نحو التطرف الإسلامي؟
- العقل العربي وحصار الدين والحاكم العربي
- الأخ رشيد وإخفاق الإسلام والمسلمين
- دونالد ترامب والكراهية الإسلامية
- احداث باريس وشهية المسلمين
- العلمانية مصدر الحياة
- الخوف من نقد المقدسات الدينية
- المواطن الكويتي والإرهاب الإسلامي
- أزمة لا يمثلون الإسلام بالعقل العربي
- دعوة الي التنوير
- بناء الإنسان العربي الحر
- العلمانية .. دليل الثورات العربية التي لم تكتمل
- معلمة كافرة وسيد يغتصب الأطفال
- التعليم المختطف من الدين والقبلية
- الإسلام لن يكون الحل أبدا
- اسلام البحيري والأزهر وأكذوبة الإصلاح الديني
- العلمانية والدين الاسلامي
- اليمن ومأزق التاريخ والدين
- ربع الشريعة وأصدقاء إعدام المسيىء للرموز الدينية
- التيار المدني العلماني الديمقراطي في الكويت


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - لماذا يحن العرب الي صدام حسين اليوم؟!!