أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - سكين -الوثيقة- هل هي لقطع تورتة الدولة الفلسطينية أم لذبح الفلسطينيين؟















المزيد.....


سكين -الوثيقة- هل هي لقطع تورتة الدولة الفلسطينية أم لذبح الفلسطينيين؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1589 - 2006 / 6 / 22 - 09:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


-1-
يتفاقم الصراع الفلسطيني بين حركة فتح وحماس كل يوم نتيجة للخلاف حول "وثيقة الوفاق الوطني". وهذا مما لا شك فيه. وكل ما نسمعه هذه الأيام من تصريحات من داخل فلسطين وخارجها بشكلية هذا الخلاف وباحتمال حله بالحوار الوطني ساعة، وبتدخل من دول الجوار العربية ساعة أخرى، وبواسطة اسلامية من ايران وغيرها ساعة ثالثة.. كل هذه الجهود لن تثمر عن مصالحة أو توافق بين الرئاسة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية ما دامت الرئاسة في أيدي فتح وما دامت الحكومة في أيدي حماس. فالخلاف بين هذين الفصيلين ليس خلافاً سطحياً أو شكلياً أو مزاجياً أو شخصياً، ولكنه خلاف عقائدي – سياسي- ديني متأصل منذ سنوات طويلة، ولن تتم التهدئة الفلسطينية المرجوة إلا بأحد هذه الحلول:

الأول، أن يستقيل محمود عباس، ويجري انتخاب رئيس حمساوي كرئيس للسلطة الفلسطينية، في ظل بقاء الحكومة الحمساوية، وبحيث تصبح السلطة الفلسطينية حمساوية بأجمعها رئاسةً وحكومة.

والحل الثاني، أن تستقيل الحكومة الحمساوية، وتجرى انتخابات جديدة، تستطيع فتح من خلالها أن تكون الأغلبية في المجلس التشريعي وتتولى تشكيل الحكومة، وتصبح السلطة فتحاوية كلها.

والحل الثالث، وهو حل مرير بالنسبة لحماس، هو أن تقبل حماس بـ "وثيقة الوفاق الوطني".

وبدون وقوع أحد هذه الحلول ، فسيظل التجاذب والشد السياسي والأمني قائماً بين الفريقين المتنازعين، وذلك على حساب الشعب الفلسطيني، وعلى حساب لقمة عيشه المفتقدة والصعبة المنال هذه الأيام.

فهل حال الفلسطينيين الأمني والاقتصادي والسياسي سيصلح فيما لو استقالت حكومة حماس وتشكلت حكومة جديدة فتحاوية؟

ومن يضمن أن لا تعيث فتح فساداً في البلاد، كما سبق وعاثت فساداً ومحسوبية في ظل حكم الراحل عرفات؟

وهل حال الفلسطينيين الأمني والاقتصادي والسياسي سيصلح فيما لو تنحّت فتح عن السلطة كلية وتوّلت السلطة كاملة حركة حماس، وذلك في ظل الثوابت السياسية والعقائدية لحماس والمرفوضة من قبل الدول العربية والدول الأوروبية المانحة للمال، وكذلك من قبل امريكا واسرائيل مالكي مفتاح الحل السياسي الفلسطيني؟



-2-



لقد أثبتت الأزمة الفلسطينية القائمة الآن بين حماس وفتح من جهة، وبين الفلسطينيين واسرائيل من جهة أخرى، أن الشارع الفلسطيني عندما انتخب حماس لم ينتخبها بالمطلق، على أساس برنامجها السياسي المتشدد، ولكنه انتخبها لكي تؤمن له ايضاً وتسترد لقمة العيش التي سرقتها فتح، والتي فشلت حماس في تأمينها حتى الآن، في حين تبدو حركة فتح هي القادرة على تأمين هذه اللقمة رغم لصوصيتها وسرقتها لنصف الرغيف الفلسطيني. ولكن الشعب الفلسطيني يقول لنا الآن، ليكن ذلك أطعمونا نصف الرغيف، وكلوا نصف الرغيف الآخر على غرار المثل السائر: ( أعطِ الخبز للخبّاز ولو أكل نصفه).

ولذا، فالسباق الآن بين فتح وحماس ليس سباقاً سياسياً بين من هو الأقدر على حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وبناء الدولة الفلسطينية، ولكنه سباق اقتصادي ومالي بين من هو الأقدر على اطعام الشعب الفلسطيني، ومن هو الأقدر على جمع أكبر مبلغ ممكن من المال لسد الأفواه الفلسطينية الجائعة التي تتكاثر تكاثر الأرانب في كل يوم. ومن هنا، أصبحت الحكومة الفلسطينية برئاسة حماس، تحاول جهدها لجمع أكبر مبلغ ممكن، حتى أصبح أعضاء الحكومة الحمساوية - ومنهم وزير الخارجية محمود الزهار - جُباة ومحصلين للمال، وكذلك يحاول محمود عباس.

ولقد لاحظت ماريانا بلينكايا المعلقة السياسية بوكالة نوفوستي الروسية للأنباء في مقالها (من يفوز بالمال حماس أم فتح؟) المنشور في (المركز الدولي لدراسات امريكا والغرب) أن من الواضح ان حركة فتح وحركة حماس تتنافسان لتأمين الاموال، ووصلت ازمة ثنائية السلطة في الأراضي الفلسطينية الى ذروتها، وبدا ان الذي يحصل على الأموال سيكون الاوفر حظاً في الظهور في الاراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية. لكن ما فائدة الانتخابات البرلمانية، لو أن المال وليس الشعب، هو من يقرر سياسة السلطة الفلسطينية وكيفيتها؟

وهذا دليل كبير على أن الشعب الفلسطيني في يناير 2006 ، قد انتخب حماس بمعدته الجائعة وبجيبه الفارغة المفلسة، وليس بعقله السياسي الواقعي المستنير.

لقد نجح الفلسطينيون في انتخابات يناير 2006 التشريعية في تغيير الرُعاة، ولكنهم لم ينجحوا في تغيير الجُباة. فاستبدلوا جُباة فتح اللصوص الذين كانوا يأكلون نصف الرغيف الفلسطيني أو أكثر من ذلك، بجُباة أمناء ولكن لا خبرة سياسية وماليه لديهم في كيفية جمع المال للفلسطينيين وبالشعارات التي تجلب المال للفلسطينيين. فوقعوا في هذا الفخ المؤلم الآن.. فخ الفقر والجوع والمزيد من التنكيل الإسرائيلي، وابتعاد حلم قيام الدولة الفلسطينية.



-3-



لقد تحول الفلسطينيون نتيجة لهذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها الآن، إلى ما يُطلق عليه "الاقتصاد السري" أو " اقتصاد الأنفاق". ونقصد بـ "اقتصاد الأنفاق" الاقتصاد القائم على عمليات التهريب اليومية من وإلى قطاع غزة من خلال أنفاق التهريب. فلم تشهد المناطق الفلسطينية حركة تهريب كبيرة كما تشهد هذه الأيام. وشبكات التهريب التي تنشط هذه الأيام في غزة وفي الضفة الغربية، تشترك فيها عناصر من كافة الفصائل الفلسطينية من اليمين ومن اليسار والوسط، لكي تؤمن لعناصرها لقمة العيش، وتُبقي هذه العناصر على ولائها لقياداتها.

فعلى سبيل المثال، تحوّلت غزة من صندوق للقمامة ومستنقع للبعوض والأمراض قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة إلى منجم للذهب بعد هذه الانتخابات ووصول حماس إلى السلطة، وذلك بفضل عمليات التهريب الواسعة التي تتم فيها يومياً من كافة عناصر الفصائل الفلسطينية المسلحة، ومن خلال المعابر والأنفاق المنتشرة على طول الحدود الفلسطينية - الإسرائيلية والفلسطينية - المصرية. وتقول التقارير الصحافية إن حفر أنفاق التهريب بين الحدود أصبح هو "البزنس" الناجح والسريع. ويقول ميكيلي جورجو في مقاله ( المهربون والإفلاس السائد في غزة) إن حفر نفق التهريب يتكلف حوالي 20 ألف دولار فقط، ويتم خلال ثلاثة إلى ستة أشهر بواسطة 15- 20 عاملاً، ويدرّ على صاحبه أكثر من مائة ألف دولار في كل عملية تهريب. ومن خلال هذه الأنفاق يتم تهريب السلاح والذخيرة إلى غزة. ومن غزة يتم تهريب كميات من الذهب المتجمِّع من شراء الحلي والمجوهرات التي تبيعها النساء الفلسطينيات لشراء الخبز. فالذهب يباع ولا يؤكل في الأيام السوداء. وقد تم تهريب ما يزيد على طنين من الذهب من غزة خلال الأربعة أشهر الأخيرة ، والتي قامت آلاف العائلات ببيعها، بعد ان وصل بها الحال الى حافة المجاعة.

وهكذا نشأ الآن في العالم العربي نوعان من الاقتصاد العربي "المبارك":

الأول، هو ما يُطلق العالم الاقتصادي الانجليزي جون كينز بـ "اقتصاد الكازينو"، الذي انتشر في الخليج العربي ومصر والأردن في السبعينات بعد حرب 1973 وحظر البترول وارتفاع اسعاره، وعاد الآن ثانية منذ سنتين أو أكثر، وهو اقتصاد المضاربات العقارية والمالية في أسواق الأسهم والمال، وكانت نتيجته خسائر مالية كبرى ( سوق المناخ الكويتية في الماضي، وخسارة السعودية في الحاضر، والتي تقدر وحدها باربعين مليار دولار نتيجة لانهيار سوق الأسهم الأخير).

والنوع الثاني، "اقتصاد التهريب" أو "اقتصاد الأنفاق"، وهو ما كان سائداً في أنحاء كثيرة في العالم العربي، وظهر الآن بشكل واضح وجلي في المناطق الفلسطينية.

وبين هذين الاقتصادين الهشين: "اقتصاد الكازينو"، و"اقتصاد الأنفاق"، تضيع وتضيق طرق الإصلاح السياسي العربي. ففي "اقتصاد الكازينو" نرى الناس لاهين، مشغولين، مخدرين، مضاربين، مغامرين، خاسرين ورابحين. وفي "اقتصاد الأنفاق" نرى الناس جائعين يبحثون عن ملء البطون قبل إعمال العقول. تشغلهم أوجاع اللقمة عن قرارات القمة. بل ويصبح الوطن هو المعدة التي يجب أن تشبع والجيب التي يجب أن تعمَّر بالمال، قبل أن يُعمَّر بالوطن بالاستقلال!



-4-



سوف يستمر الوضع القائم الآن في غزة وفي الضفة الغربية، ما دامت حماس على موقفها، وما دامت فتح على تحديها لحماس من خلال "وثيقة الوفاق الوطني" .

فمما لا شك فيه، أن وثيقة الأسرى الفلسطينيين في السجون اسرائيلية، فيما عُرف بـ " وثيقة الوفاق الوطني" التي جاءت بثمانية عشر بنداً واقعياً ومنطقياً، ووقع عليها قياديون من فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، قد رفضتها اسرائيل خبثاً ودهاءً وكيداً. فالحق أن اسرائيل كما يقول موشيه ألعاد الباحث في معهد شموئيل نئمان، في صحيفة يديعوت أحرونوت، لن تجني خيراً من مرونة حماس. فـ "وثيقة الأسرى" قد يراها العالم تحولاً حقيقياً. وهذا يُحرج اسرائيل، ويحشرها في زاوية الطرف الرافض. والدول العربية المعتدلة، والدول الغربية، تنتظر معجزة تدعو حماس الى الموافقة على الوثيقة. ومذ ذاك، فالضغط كله يوجه على اسرائيل لكي تزيد من الشقاق والاختلاف بين الفصائل الفلسطينية، وخاصة بين حماس وفتح، وتوغر صدور قادة هذين الفصيلين، وتدفع بالحرب الأهلية الفلسطينية إلى الأمام، لكي يتم الانتهاء من بناء سور العزل العنصري الذي يموّن بالاسمنت المصري المُهرّب والاسمنت الفلسطيني الذي يملك أكبر مصانعه أحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، وبالعمال الفلسطينيين كما سبق وقلنا في مقالات سابقة. ولكي يتم رسم حدود اسرائيل النهائية من طرف واحد، كما يقول أولمرت رئيس وزراء اسرائيل، ويتم القضاء على حلم اقامة الدولة الفلسطينية، التي لن تقوم بمثل هؤلاء القــادة الفلسطينيين المتهالكين المتهافتين الفاسديــن المتحجّرين، الذيـن لا يبصرون ولا يعتبرون.

فمن اين لفلسطين شخصية كهرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، وقد تخبأ الحاج أمين الحسيني في عباءة هتلر النازية؟

ومن أين لفلسطين ثري كروشيلد يدعمها مالياً وسياسياً، وصبيح المصري ومنيب المصري المليارديران الفلسطينيان، منصرفان عنها؟

ومن أين لفلسطين شخصية كبن جوريون مؤسس وباني الدولة الإسرائيلية الحديثة، فقد رحل عرفات وهو يقبض على الريح السياسي، ودفاتر الشيكات؟

ومن أين لفلسطين زعماء نظيفي الفرج واليد كالزعماء الإسرائيليين الذين بنوا دولتهم بالشحاذة؟

ومن أين للفلسطينيين دولة عظمى داعمة لبناء دولتهم كأمريكا؟



-5-



فما الذي أوصل الفريقين المتنازعين (فتح وحماس) إلى هذه النقطة من الخلاف الشديد الآن، الذي أصبح لا حل له غير تخلي أحد الطرفين عن مكانه للآخر، او الاعتراف الحمساوي بوثيقة الوفاق الوطني والموافقة عليها؟

ولماذا ترفض حماس "وثيقة الوفاق الوطني" الذي وقع عليها أحد زعماء حماس في سجن هاداريم الإسرائيلي، وهو عبد الخالق النتشة عضو الهيئة القيادية العليا لحركة حماس، والتي يشاع هذه الأيام بأن هناك تسوية فتحاوية – حمساوية لقبولها، وتجنب الاستفتاء الشعبي عليها، وهو أبغض الحلال الديمقراطي، في الإيديولوجيا الحمساوية؟!



1- لاشك بأن فتح تسعى لاسقاط حكومة حماس بأي شكل من الأشكال، وبأية طريقة من الطرق، لكي لا تعطي الفرصة لحماس مستقبلاً، لتشكيل لجان بحث واستقصاء وتحقيق في الفساد المالي السابق لفتح، وفضح سرقة ونهب مئات الملايين من أموال الشعب الفلسطيني من قبل المسؤولين الفلسطينيين الفتحاويين السابقين، التي سبق وذكرنا بعض تفاصيلها المؤلمة، في مقالنا السابق (مهالك الفلسطينيين، "الراية"، 13/6/2006). واسقاط حماس يعني حماية قانونية وسياسية لكل من سرق ونهب في الماضي، وهي عصابات مالية فلسطينية عرفاتية ما زالت موجودة الآن داخل فلسطين، ومنها من يقيم في مصر والأردن. وقد تحولت هذه العصابات داخل فلسطين إلى مقاولي ومالكي حفر انفاق التهريب في غزة وعلى الحدود المصرية - الفلسطينية التي تحدثنا عنها قبل قليل. فحماس شرعت بالفعل في التصدي للمهمة الصعبة الخاصة بالفساد المالي. ففي ورشة تم تنظيمها مؤخراً لتدريب أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني على ممارسة السلطة، درس هؤلاء الأعضاء كيفية طرح طلبات الإحاطة على الوزراء والمسؤولين الحكوميين بغرض ممارسة الرقابة على الإنفاق.

2- تتمسك فتح بـ "وثيقة الوفاق الوطني" التي كتبها ووقع عليها مجموعة من القادة الأسرى في السجون الإسرئيلية. وفتح تعتبر هذه الوثيقة بمثابة "خانة اليّك" التي يمكن أن تحشر فيها فتح حماساً، وتضطرها إما لقبولها واحراجها أمام الشارع الفلسطيني الذي قطعت أمامه عهداً موثوقاً أن لا تعترف باسرائيل، وتحرر كل ذرة تراب فلسطيني من النهر إلى البحر، والذي انتخب حماس على غير ما جاءت به بنود هذه الوثيقة، أو الاستقالة واعلان الفشل في ادارة شؤون الدولة. إلا أن لين بروشر مراسلة "كريستيان ساينس مونيتور" في غزة، تقول في مقالها (هل تتحدث حماس بصوت واحد؟) من الواضح الآن أن حماساً قد أصبحت تتحدث بأكثر من صوت، على عكس ما كان سائداً في الماضي، حيث لم يكن هناك سوى صوت الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي للحركة، بالإضافة إلى اثنين من المتحدثين الرسميين. أما الآن فإنه غدا من الصعب على أحد أن يحدد سياسة حماس بالضبط. فبالإضافة إلى الأصوات التي تقول، إنه ليس هناك مكان لإسرائيل في الشرق الأوسط، نجد أن هناك أصواتاً أخرى معتدلة تتنافس مع هذه الأصوات منها صوت "أحمد يوسف" كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء الفلسطيني، والذي عاش لمدة 20 عاماً في الولايات المتحدة، ويحتفظ بعلاقات وثيقة مع الكثيرين هناك.

في نفس الوقت قام "غازي حمد" المتحدث باسم حكومة "حماس" بإلقاء ظلال من الشك على الرسالة بالقول إن العديد من المساجين لم يكن لديهم علم بها، وإن أحداً لم يتحدث عن حل الدولتين ولكنها (الرسالة) تتحدث عن القبول بحدود 1967 "أي إقامة دولة فلسطينية تضم قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ونحن ندعم ذلك".

بل إن اسماعيل هنية نفسه، قال في حديث لمحطة الـتلفزيون الأمريكية (سي. بي. إس، 15/3/2006 ) نأمل بتوقيع سلام مع اسرائيل.

ولدى سؤاله بشأن دعوته يوماً الى البيت الابيض لتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل، قال هنية : "نأمل ذلك".

وقال هنية، كلاماً خطيراً يعتبر تحولاً كبيراً في الخطاب السياسي الحمساوي. و قال رداً على سؤال:

- هل تسمح لأولادك بالقيام بعمليات ارهابية؟

فقال:

- "نحن لسنا شعبا ًمتعطشا ًللدماء .نريد وقف الاقتتال . وإذا جاء احد ابنائي ليقول لي انه يريد أن يصبح شهيدا، فلا يمكنني أن أباركه".

وينظر البعض إلى (وثيقة الوفاق الوطني) باعتبارها علامة بارزة على الاعتدال من جانب هؤلاء الذين كان ينظر إليهم على أنهم يتبنون مبادئ متشددة، والذين يحظون باحترام كبير من قبل الشعب الفلسطيني على أساس أنهم كانوا في طليعة النضال الوطني. والسبب الذي دعا البعض إلى النظر إلى تلك الرسالة باهتمام، هو أنها تعتبر قبولاً فعلياً بحل الدولتين من قبل أعضاء منتمين إلى الحركتين الرئيسيتين (فتح وحماس) على الساحة الفلسطينية.

ويقول صلاح البردويل، وهو حمساوي من أعضاء المجلس التشريعي: إن برنامج حماس ليس متأخراً كثيراً عما هو وارد في "وثيقة الوفاق الوطني" ، وأن حماس تقوم في الوقت الراهن بطرح الموضوعات للمناقشة بغرض تحويل نفسها من جماعة مسلحة إلى حزب يتحكم في 74 مقعداً من مجموع المقاعد البرلمانية البالغة 132 مقعداً. وفي هذا السياق يقول البردويل أيضاً: "نحن نؤيد أية خطوات ترمي إلى إنشاء دولة فلسطينية داخل حدود 1967 إذا ما تخلت إسرائيل عن حلمها بإنشاء دولة من النيل إلى الفرات.. أعطونا أراضي 1967 ودعونا نحلم للمئة عام القادمة". وقد تخلت اسرائيل عن هذا الحلم قولاً وفعلاً ، وبدليل أن اولمرت يريد ترسيم حدود اسرائيل بنهاية عام 2010.

وبصرف النظر عن الرأي الذي أبداه قادة حماس مراراً وتكراراً من أنهم لن يعترفوا بإسرائيل، إلا أن استطلاع آراء الفلسطينيين العاديين، يدلنا على أنهم يحملون آراء أكثر مرونة. ففي استطلاع للرأي قام به أحد المراكز البحثية الفلسطينية في رام الله، وأُعلنت نتائجه منذ أسبوعين، أعرب عدد يقل قليلاً عن ثلاثة أرباع من شاركوا في الاستطلاع، عن أنهم يفضلون أن يقوموا بحل مشاكلهم مع الإسرائيليين على مائدة المفاوضات، بدلاً من إخراج أنفسهم من حلبة المفاوضات، وترك الأمر لإسرائيل كي تقوم برسم حدودها من جانب واحد، دون مشاركة مع الفلسطينيين.

3- إن فرض العقوبات المالية، وقطع المساعدات المالية عن الشعب الفلسطيني، أدى إلى أن تصبح أنوف الشعب الفلسطيني أقدر من السابق على شم واستنشاق رائحة الفساد المالي الفتحاوي. والسبب في ذلك بالطبع هو وصول حماس الى السلطة وكشفها لكثير من الذي كان مستوراً ومخفياً. فقطع المساعدات المالية عن الشعب الفلسطيني لم يتأثر به القادة والزعماء من كلا الطرفين (حماس وفتح)، ولكن الذي "أكل الضرب" وجاع، وشقي، هو الشعب الفلسطيني، الذي بدأ أنفه الآن أكثر حساسية لشم رائحة الفساد المالي من ذي قبل. ويقول باتريك بوكانان في مقاله (هناك أساليب أخرى للحوار مع الفلسطينيين) رافضاً حلّ العقوبات المالية وقطع المساعدات، أنه في مارس الماضي، تنبأ البنك الدولي بأن قطع المساعدات سيؤدي إلى انخفاض بمعدل 30 بالمائة في دخل الفرد من الفلسطينيين. ويرى البنك الآن أن هذا التنبؤ متفائل للغاية. ويتوقع أن يكون هذا العام هو الأسوأ في التاريخ الاقتصادي لغزة والضفة الغربية.

وفي هذا يقول الرئيس الأميركي وودرو ولسون عن مثل هذه العقوبات المالية بأنها "العلاج الصامت المؤدي للهلاك". فضحاياها دائماً هم المرضى والكهول والنساء والأطفال؛ أي عامة الشعب، وليسوا الزعماء والقياديين. ففي الوقت الذي يزداد فيه الشعب الفلسطيني فقراً وهزالاً وضعفاً، فإن الزعماء الفلسطينيين الفتحاويين والحمساويين على السواء يزدادون غنىً وشحماً، حيث يقال - مثالاً لا حصراً- أن وزن اسماعيل هنيّة، قد زاد خمسة كيلوغرامات، منذ أن تولى رئاسة الوزراء حتى الآن! وما زال أحمد قريع رئيس الوزراء الفتحاوي السابق، يزود اسرائيل بمئات الأطنان من الأسمنت الذي تنتجه مصانعه في الضفة الغربية، لاستكمال بناء جدار الفصل العنصري!




#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهالك الفلسطينيين: تنكيل وفساد وغباء وصمت
- سيّد القمني في رحاب الحرية
- البقاءُ للعراق، ولا عزاءَ للإرهابيين
- هل سيبني الفلسطينيون دولتهم من وراء القضبان؟
- كلمات على حائط المبكى الفلسطيني
- حماس الفنادق وحماس البنادق
- وأخيراً نَفَثَ الطوطم الأعظم سُمَّه!
- هل سترث الإمبراطورية الفارسية الجديدة العالم العربي؟
- القنبلة النووية الشيعية: هل هي المهدي المنتظر؟
- العرب بين إسلام القرآن وإسلام الفقهاء
- WANTED
- خسئتم فنحن نتحداكم ولن نستسلم
- سقط هُبْل وبقي هُبْلان
- عَوْدٌ أحمد يا سيّدنا القمني!
- لماذا يعادي رجال الدين العَلمانية؟
- هل العلمانية الإسلامية هي الحل؟
- لم تسقط بغداد بل سقطت معابد الاستبداد
- الأمة الهابطة والفن الهابط
- الذاكرة العربية المثقوبة
- هل سيتزوج الزرقاوي نانسي عجرم؟


المزيد.....




- -يعلم ما يقوله-.. إيلون ماسك يعلق على -تصريح قوي- لوزير خارج ...
- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - سكين -الوثيقة- هل هي لقطع تورتة الدولة الفلسطينية أم لذبح الفلسطينيين؟