أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - كلمات على حائط المبكى الفلسطيني















المزيد.....

كلمات على حائط المبكى الفلسطيني


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1568 - 2006 / 6 / 1 - 11:22
المحور: القضية الفلسطينية
    


-1-
تعقدت كثيراً خيوط القضية الفلسطينية مع زيارة أولمرت رئيس الحكومة الإسرائيلية لواشنطن، وصدور مشروع قرار مجلس النواب الأمريكي في 24/5/2005 والذي صوتت عليه الأغلبية (361 صوتاً) ولم يعارضه غير 37 صوتاً، والخاص بمنع المساعدات المالية عن الحكومة الفلسطينية، ومنع دخول أي رسمي من الحكومة الفلسطينية الحمساوية الى أمريكا، واغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والطلب من ممثله عفيف صافية مغادرة أمريكا، واعلان أولمرت بأن لا شريك فلسطينياً لإسرائيل الآن في أية مباحثات سلام قادمة. فمحمود عباس هو الديناصور السياسي الباقي من عهد الديناصورات الفلسطينية المنقرضة، والمؤمنة بالحل السياسي السلمي للقضية الفلسطينية، لم يعد ممثلاً للشعب الفلسطيني حسب كلام أولمرت، حيث أنه لا يمثل غير الأقلية الفلسطينية (30 %) من الشعب الفلسطيني حسب الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة، كما أنه لا يمثل أكثر من أربعة ملايين فلسطيني في الشتات، كما يقول أحمد جبريل من طرطوس السورية. وبذا، لا تستطيع اسرائيل أن تتفاوض مع من يمثل هذه الأقلية فقط، كحال الفلسطينيين الذين لا يستطيعون التفاوض مع حزب العمل الإسرائيلي الآن باعتباره هو الآخر يشكل نسبة ما يمثله محمود عباس وحركة فتح من الشعب الفلسطيني. وحجة أولمرت هذه مقبولة بالمنطق السياسي الحرفي الضيق والكيدي، ولكنها ليست مقبولة بالمنطق الفلسطيني بما فيه حركة حماس التي فوّضت عباس، بأن يتفاوض بالنيابة عنها، وبأن يكون هو (ممسحة الزَفَر) الإسرائيلية، بحيث تبقى حماس وراء حاجز زجاجي سياسي، ترى وتسمع، ولا تشترك بالمفاوضات؛ أي الحب من وراء حجاب الخيمة العربية المعتادة، ومن وراء النقاب العربي الذي لا يعرف في تاريخه (ما عدا صلح الحديبية) غير النصر أو الهزيمة ولم يعرف في قاموسه السياسي معنى التوافق. ولتكن المفاوضات مع اسرائيل مفاوضات المُنقّبات السياسية، وليست مفاوضات الفرسان حيث الوجه للوجه .
إذن، ماذا أضافت حماس للقضية الفلسطينية منذ عام 1987 حتى الآن ، غير المزيد من العذاب والألم والجوع، وتأكيد مبدأ الهزيمة أو النصر، والقطيعة الأمريكية والدولية للحق الفلسطيني؟ فانقلب الحق الى باطل بفضل هذه الرعونة السياسية. فبفضل حماس ونشاطاتها المسلحة السابقة المسيئة للحق الفلسطيني العادل، أصبحت القضية الفلسطينة بهذا الحجم الصغير وبهذا التشرذم. وكان نشاط حماس والفصائل الفلسطينية الدينية المسلحة الأخرى دون شك وراء الإسراع الجاد لبناء الجدار العنصري الفاصل، وكانت أخيراً وراء هذه القطيعة الأمريكية للقضية الفلسطينية من خلال مشروع القرار الأخير السابق الذكر، الذي لم نشهد له مثيلاً في تاريخ القضية الفلسطينية.
إذن ماذا تبقى من فلسطين، أو الأشلاء المتبقية من هذه القضية ؟
لقد دخلت القضية الفلسطينية الآن والآن فقط، نفقاً معتماً ومظلماً خطيراً لعل أهم عناصره ما يلي:
1- أن الرأي العام الإسرائيلي لم يكن مُهيئاً طيلة النصف قرن الماضي للسلام كما هو مهيىء الآن، وذلك بفضل عوامل ثلاثة هي : أولاً، حرب اكتوبر 1973 ، واعلان السادات بأن هذه الحرب هي آخر الحروب، وتوقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل في 1979. وثانياً ، غزو اسرائيل للبنان عام 1982 ، واقتناع الإسرائيليين أن لا جدوى من احتلال المزيد من الأرض. وأن هذا الاحتلال يكلّف اسرائيل الكثير من المال والضحايا التي لا طائل من ورائها. ومن هنا، كان اتخاذ القرار السياسي الحكيم بالانسحاب من جنوب لبنان، كما سبق وأعلن يهودا باراك في حملته الانتخابية عام 2001 وكما تم الانسحاب في عام 2000 وثالثاً ، قيام انتفاضة الحجارة الأولى عام 1987 والتعاطف الدولي الكبير الذي نالته هذه الانتفاضة في ذلك الوقت، مما أحرج السياسة الإسرائيلية حرجاً كبيراً ، وصوّرها في مرآة الرأي العام العالمي كدولة ارهابية، محتلة، ومعتدية، وآثمة. هذه العوامل الثلاثة، كانت هي السبب الرئيسي الذي حوّل الرأي العام الإسرائيلي من رأي عام، كان لا يؤمن بالسلام، ولا يريده، ويقول بأن لم يعد بحاج ة الى سلام العرب الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع، ويؤمن بالسلاح والقوة العسكرية، من خلال انتصاراته العسكرية في حرب 1948 وحرب 1956 وحرب 1967 ، إلى رأي عام أصبح يؤمن بأن السلام لا يمكن له أن يُفرض بالقوة في الشرق الأوسط، وأن القوة وحدها لم تصنع غير سلام مزعوم وهش وبارد بين مصر والأردن من جهة، وبين اسرائيل. واضاعة الفلسطينيين لفرصة توق الرأي العام الإسرائيلي للسلام الآن، معناه الانتظار الطويل لكي يتحول الرأي العام الإسرائيلي الى السلام مرة أخرى.
2- لم تشهد الساحة السياسية الفلسطينية انشقاقاً سياسياً بين الفصائل السياسية كما تشهد الآن. إن الزائر لمدينة غزة هذه الأيام على وجه الخصوص، يشهد بأن هناك حرباً أهلية غير مُعلنة بين الفصائل الفلسطينية، ليست بالسلاح ولكن بالمشاعر وتضارب المواقف وخاصة بعد اعلان (وثيقة السجناء الفلسطينيين) في بداية شهر مايو 2006 ، وليس بين فتح وحماس فقط، ولكن بين حماس والفصائل الدينية المسلحة، وبين حماس الداخل وحماس الخارج، وبين فتح الداخل وفتح الخارج ، وهكذا دواليك. بمعنى أن قول أولمرت بأن لا شريك فلسطينياً الآن لاسرائيل في أية محادثات سلام قادمة هو قول فيه الشيء الكثير من الواقعية السياسية الخبيثة للتهرب من أية استحقاقات قادمة. وهذه السياسة تعرف من أين تأكل لحم الفلسطينيين الحي، ومن أي باب ضيق تهرب من الاستحقاقات، وبأي لغة، وبأي حجة سياسية تخاطب الشريك الأمريكي، الذي ينظر حوله فلا يرى زعيماً سياسياً فلسطينياً يملأ اليد و (يمون) على أهله وشعبه، فيما لو قرر القرار السياسي العاقل، واتخذ طريق السلام لحل هذه القضية المعقدة. وهذا ما كان عليه وضع الراحل عر فات في مفاوضاته مع باراك وكلينتون عـــام 1999 وعام 2000 فيما كان يمكن أن ُيقدَّر له أن يكون معاهدة كامب ديفيد الثانية.
إذن، لا شريك فلسطينياً حقيقياً قد عُقدت له الزعامة الكا ملة، لكي يقود مفاوضات بهذا العُسر وبهذه الصعوبة.
-3 لم تعد أمريكا الآن وحدها - من وجهة نظر العرب - هي التي تقف الى جانب اسرائيل في سياستها نحو الفلسطينيين ومستقبلهم السياسي، بل انضمَّ الاتحاد الأوروبي الى هذه السياسة، وانضمت أيضاً بعض الدول الأخرى التي تدور في الفلك الأمريكي السياسي والاقتصادي. في حين التزمت الدول العربية الصمت، واتخذت أكبرها وهي مصر دور الوسيط الذي لا يتوسط، والخاطبة التي تريد وضع رأسين متنافرين أصلاً بالحلال أو بالحرام على وسادة واحدة. وهو دور تطييبي أكثر منه سياسي محترف. فمصر غير قادرة على حل مشاكلها الداخلية، فما بالك بحل مشاكل الآخرين الخارجية.
4-انهيار الاقتصاد الفلسطيني والمؤسسات الصحية والاجتماعية والتعليمية الفلسطينية انهياراً تاماً نتيجة لعهد الفساد المالي الطويل الذي مارسته فتح وعصابات عرفات، ونهبت فيه عصابات عرفات - بما فيها زوجته - والمستشارين من حوله، ملايين الدولارات بلا حسيب ولا رقيب، وافراغ الخزينة الفلسطينية تماماً من المال وتوريث عرفات ديناً لمن جاء بعده، لا يقل عن مليار ونصف المليار من الدولارات. ونتج عن ذلك أن الشعب الفلسطيني أصبح يتمنى السلام بأي ثمن وتحت أية شروط من أجل أن يعيش ويستقل بدولته الموعودة. وأن ما نسمعه في الفضائيات من خطب وشعارات ما هو غير حشو أفواه الفلسطينيين بالقش. وما هو غير طبيخ حصى، لا مرق فيه ولا آدام.
-5 لقد توصل الشعب الفلسطيني الى قناعة تامة، بعد مضي خمسة أشهر على انتخاب حماس وتوليها السلطة الفلسطينية، بأن حماس لا تملك مصباح علاء الدين السحري الديني لكي تحلَّ له مشاكله. ولا هي مهيأة سياسياً لذلك. وأنها مجموعة من الدراويش ذوي اللحى البيضاء، الذين يحلمون بعالم طوبائي مثالي ليس قائماً، وبآمال لا تُطال. وبأنهم يركبون خيولاً غير مهجّنة، ويمتطون أمواجاً غير مدجّنة. وبأنهم في تسلّمهم للحكم قد خسروا خسارة كبيرة. فلم يعودوا مصدر تلك الشعارات البراقة المخدِّرة اللذيذة، ولا أصحاب الهالة الدينية السياسية المقدسة التي كانت قبل الانتخابات. وأنهم تمرغوا بحمأة طين الواقع السياسي المرير والقاسي. فعركهم هذا الواقع عركاً، وفركهم هذا الطين فركاً، فظهرت عملتهم النقدية السياسية الصدِئة التي لا تُصرف بأي بنك من بنوك السياسة العالمية، وانكشف حالهم. وهذا ما نتوقعه من الاخوان المسلمين، فيما لو تسلّموا الحكم في مصر، أو في غيرها من البلدان العربية. وكما قال هيجل، فلا يمكن لنا نتجاوز مرحلة إلا بعد أن نتجازها. فالاجتياز شرط أساسي للتجاوز. وما كان لح ماس أن تظهر على حقيقتها السياسية الواقعية إلا من خلال انغماسها وسباحتها في الطين السياسي الفلسطيني، أما البقاء على شطوط غزة البحرية، وممارستها للألعاب الاستشهادية الفضائية التي تأخذ بالأبصار والأفئدة ولا تأخذ بالعقول، فهذا مما أمكنها من صناديق الاقتراع لشعب عاطفي جائع ومشرد ومحروم فقط. وهذا ما حصل في الانتخايات التشريعية الأخيرة.
6- وأخيراً، فإن العرب والمسلمين والفلسطينيين بفضل عدة عوامل دينية وثقافية واجتماعية، يعتقدون بأن الزمن لصالحهم وليس لصالح أعدائهم. وهم يركنون الى الزمن وحده لحل مشاكلهم لصالحهم، بما أنهم أصحاب حق من وجهة نظرهم. وهذا ما كان سائداً منذ عامن 1948 الى الآن (رؤية وفتوى الشيخ أحمد ياسين عام 1987 بزوال اسرائيل عام 2027 مثالاً). ولقد أثبت التاريخ، بأن الاعتماد على حل الزمن وحده، أو الركون الى الزمن وحده، قد أضاع فلسطين كلها تقريباً منذ عام 1948وإلى الآن. فلم يبقَ من فلسطين غير مستنقع وصندوق للزبالة، يُطلق عليه اليوم غزة. ولم يبقَ من فلسطين في الضفة الغربية غير مجموعة من (الحواكير) المتفرقة هنا وهناك، لا يربطها رابط غير رابط وحدة الألم والأمل المفقود. في حين استولت اسرائيل على المائدة الفلسطينية وما عليها من خيرات وأطعمة، ولم تترك للفلسطينيين غير العظم والفتات والزبالة. وضاعت هوية الناس والأرض. ومن ينظر اليوم الى خارطة المستعمرات الإسرائيلية المزروعة والمتناثرة في الضفة الغربية، يدرك بأن قيام دولة فلسطينية حقيقية، يكاد أن يكون معجزة من مع جزات القرن الحادي والعشرين والقرون الآتية.
-2-
وضع الرئاسة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية وضع سياسي نادر، لا شبيه له في العالم، ولا مثال له في تاريخ السياسة العالمية، وفي قواميس الحكومات القديمة والحديثة. وهكذا نحن العرب نأتي العالم في كل يوم بما هو غريب ومستهجن ومضحك ومُبدد للآمال والأوطان.
فكيف يمكن لاسرائيل أو أية دولة في العالم، أن تتفاوض مع سلطة سياسية ما، يقول رئيسها نعم، ويقول رئيس حكومتها لا؟
وكيف يمكن لاسرائيل أو أية دولة في العالم، أن ترتبط بعهود وعقود مع سلطة يقبل رئيسها بتلك العهود والعقود، ويرفض رئيس حكومتها هذه الوعود وهذه العقود؟
وكيف يمكن لاسرائيل أو أية دولة أخرى في العالم، أن تتحاور مع سلطة سياسية تتكلم بلسانين، وتكتب بقلمين، وتتحدث للعالم بمنطقين، وتتلون بلونين، وتخاطب العالم بوجهين؟
إذن ما هو الحل؟
في يوم 25/5/2006 بدأ الحوار الوطني الفلسطيني في رام الله، لكي يحلَّ الفلسطينيون هذه المشكلة العويصة. مشكلة ازدواج اللسان، وازدواج الخطاب السياسي الفلسطيني. وسوف يتحاورون حوار الطرشان العرب المعهود في مؤتمرات القمة، وفي مؤتمرات الحوار الوطني والمؤتمرات القومية الأخرى. ولن ينتهوا الى نتيجة لصالح الوطن، وهي النتيجة التي يجب أن تتجسد في تشكيل فوري لحكومة وحدة وطنية جديدة توافق على ما جاء في (وثيقة السجناء الفلسطينيين). أما الركون الى ما يقوم به الإعلام العربي من تخدير للعقول العربية، وتكرار وعلك لخطابات سياسية موجهة لعقول الأطفال من العرب، والاستعانة بصبيان "التحليل السياسي" العربي المتعاطفين مع حماس في واشنطن ولندن وعمّان والقاهرة وغيرها، وإلقاء اللوم كل اللوم على اسرائيل وأمريكا فقط، دون أن تتحمل القيادات الفلسطينية جزءاً من مسؤولية ما وصلت اليه القضية الفلسطينية ، فهذا يعني بكل بساطة العودة وبسرعة، الى منطق العرب في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. والعودة الى المربع الأول للقضية الفلسطينية. فما أشد تمسكنا نحن العرب ب المربعات الأوَّل. وهكذا نحن العرب والفلسطينيين لا نعقد مؤتمراً أو حواراً إلا ونعود بقضايانا الى الوراء، ولا نتقدم به الى الأمام. وللنظر من حولنا الى مؤتمرات القمة والحوارات الوطنية التي تجري هنا وهناك، في كل مكان من العالم العربي، ما هو مصيرها وما هي قراراتها.
-3-
نادينا من قبل، وفي مقالات عدة سابقة، وعلى إثر نجاح حماس الساحق في الانتخابات التشريعية بضرورة استقالة محمود عباس من منصب الرئاسة الفلسطينية، وتسليم الحكم بالكامل لحماس. فالفلوكة الورقية الفلسطينية، من الصعب أن يقودها مراكبيان: واحد يوجهها نحو الشمال، وواحد يواجهها نحو الجنوب. فهي بهذا الوضع لن تتحرك من مكانها. وستأتي في يوم ما، رياح عاتية، فتقلبها وتغرقها. وهي ها الرياح العاتية، قد جاءت الآن من واشنطن مسرعة، بمشروع قرار مجلس النواب الأمريكي الذي تمت الموافقة عليه بالأغلبية، لكي يرفع الى مجلس الشيوخ، ثم الى الرئيس بوش للتوقيع عليه، لكي يمحو من القاموس السياسي الدولي شيئاً يُسمّى القضية الفلسطينية، حيث نامت النواطير الفلسطينية عن كرومها وعنبها، واشتغلت بخلافتها فجاءت الذئاب والثعالب، وأكلت الكروم والعنب، ومن فيها. وطويت صفحة كبيرة ومهمة - وربما تكون أخيرة وخاتمة - من صفحات القضية الفلسطينية، وما زال الفلسطينيون يختصمون ويختلفون على من يحكم، لا على من يرسم . ولكننا نرى اليوم أن محمود عباس آخر ديناصورات السلام الفلسطيني أصب ح ضرورة قصوى، خاصة بعد صدور (وثيقة السجناء)، حيث لا زعيم فلسطينياً قادر على أن يضع هذه الوثيقة موضع التنفيذ، ويبدأ منها كفاتحة وخاتمة للسلام في المنطقة.
-4-

فعلى من تقع المسؤولية في كل ما جرى منذ خمسة أشهر وحتى الآن ، منذ أن بدأت الاستعدادات للانتخابات التشريعية التي جرت في يناير من هذا العام؟
إن المسؤولية يجب أن يتحملها هؤلاء الفرقاء:
1- تنظيم فتح الذي لم يبث الوعي في الجماهير الفلسطينية بأن انتخاب حماس وفوزها في الانتخابات التشريعية، معناه أن تتسلم السلطة، وتشكّل الحكومة، وتقف في وجه العالم ، وتنكر الاتفاقيات الدولية، ولا تعترف بالشريك الإسرئيلي في بناء الدولة الفلسطينية، ولا تؤمن بأن عصر النساء اللائي يلدن بدون مضاجعة الرجال قد انقضى مع انقطاع صوت السماء عن الأرض.
2- تنظيم حماس الذي خدع الشعب الفلسطيني، وأحال له مياه البحر الأبيض المتوسط المالحة على شواطيء غزة الى عسل ولبن، ومزابل غزة الى (مقاثي) (جمع مقثاة وهي مزرعة الخيار والفقوس في التراث الفلسطيني)، فيما لو تم انتخابه. ولم يحذر الشعب الفلسطيني والناخب الفلسطيني بأنه سيجوع ويعرى، ويتألم كثيراً، ويتعذب طويلاً، نتيجة لوقوف حماس في وجه العالم، واتجاه مراكبها السياسية عكس الرياح الدولية.
3-الإعلام العربي والفضائيات العربية على وجه الخصوص المأخوذة بالعمليات الدموية "الاستشهادية"، والتي كانت تدفع بالشارع الفلسطيني نحو ضرورة انتخاب حماس بشكل مباشر أو غير مباشر، ببث البرامج المباشرة والمباشرة، التي تبشر بصحة سياسة حماس، وصعود المقاومة وقدسيتها، وضرورة دعمها، متمثلة بحماس. ولم تضع الشعب الفلسطيني والناخب الفلسطيني على حقيقة مخاطر انتخاب حماس، ونجاح حماس مستقبلاً.
4- الحكومة الإسرائيلية والإعلام الإسرائيلي الرسمي والمدني الذي كان يدفع الشارع الفلسطيني الى انتخاب حماس حتى يتم القضاء على حلم اقامة الدولة الفلسطينية قضاء مبرماً. وذلك من خلال التصعيد العسكري والإعلامي، ضد الشعب الفلسطيني. وقد تم له ذلك من خلال الزيارة الأخيرة لرئيس وزراء اسرائيل أولمرت لواشنطن ، ومن خلال مشروع قرار مجلس النواب الأمريكي الذي أشرنا إليه في المقدمة.
5- الإعلام الغربي والإعلام الأمريكي على وجه الخصوص، الذي أغمض عينيه، وأغلق أذنيه عن المخاطر والنتائج المترتبة على نجاح حماس في الانتخابات وانتقال خطابها السياسي من الشارع الفلسطيني الى صالونات العالم السياسية الرسمية.
6- المثقفون العرب الذين صمتوا عن النتائج المتوقعة من نجاح حماس في الانتخابات، إما جهلاً بهذه النتائج، نتيجة لقصر نظرهم السياسي، وإما لؤماً لكي يطعموا الشعب الفلسطيني خازوقاً مؤلماً، كما هو الحال الآن. فكانت خيانة المثقفين العرب للفلسطينيين بهذا خيانة عظمى لا تغتفر أبداً.
وهكذا أصبح الشعب الفلسطيني المسكين والشقي والجاهل الجائع والضائع والمهروس بين فك الفساد الفتحاوي وفك الخطاب الديني السياسي الحمساوي الجاهل بالمعادلات السياسية الدولية، ضحية كل هؤلاء. ضحية النخب السياسية الفلسطينية والعربية، وضحية الإعلام العربي والإسرائيلي والغربي والأمريكي على وجه الخصوص. وكل هؤلاء قد أوقعوا الشعب الفلسطيني في هذا الفخ العصيب وفي تلك المصيدة الخبيثة المُحكَمة التي هو فيها.
فكيف الخروج من كل
هذا؟
وهل يكفي الفلسطنيين مؤتمراً وطنياً للحوار لكي يخرجهم من هذا المطب العسير؟
أم أن الفلسطينيين بحاجة الى محاورة العالم قبل أن يحاوروا أنفسهم ؟



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس الفنادق وحماس البنادق
- وأخيراً نَفَثَ الطوطم الأعظم سُمَّه!
- هل سترث الإمبراطورية الفارسية الجديدة العالم العربي؟
- القنبلة النووية الشيعية: هل هي المهدي المنتظر؟
- العرب بين إسلام القرآن وإسلام الفقهاء
- WANTED
- خسئتم فنحن نتحداكم ولن نستسلم
- سقط هُبْل وبقي هُبْلان
- عَوْدٌ أحمد يا سيّدنا القمني!
- لماذا يعادي رجال الدين العَلمانية؟
- هل العلمانية الإسلامية هي الحل؟
- لم تسقط بغداد بل سقطت معابد الاستبداد
- الأمة الهابطة والفن الهابط
- الذاكرة العربية المثقوبة
- هل سيتزوج الزرقاوي نانسي عجرم؟
- الصِحَاحْ في نقدِ المِلاَحْ
- جذور الكراهية وأصول العداء بين الإسلام والغرب
- الوصل والفصل بين الإسلام والغرب
- لهفي على هذا العراق!
- دور الدولة العربية في صدام الإسلام والغرب


المزيد.....




- كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية
- باستخدام العصي..الشرطة الهولندية تفض اعتصام جامعة أمستردام ...
- حريق في منطقة سكنية بخاركيف إثر غارة روسية على أوكرانيا
- ألمانيا تعد بالتغلب على ظاهرة التشرد بحلول 2030.. هل هذا ممك ...
- في ألمانيا الغنية.. نحو نصف مليون مُشّرد بعضهم يفترش الشارع! ...
- -الدوما- الروسي يقبل إعادة تنصيب ميخائيل ميشوستين رئيسا للوز ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 جنود إضافيين في صفوفه
- مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي يقرر توسيع هجوم الجيش على رفح
- امنحوا الحرب فرصة في السودان
- فورين أفيرز: الرهان على تشظي المجتمع الروسي غير مُجدٍ


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - كلمات على حائط المبكى الفلسطيني