أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - البقاءُ للعراق، ولا عزاءَ للإرهابيين















المزيد.....

البقاءُ للعراق، ولا عزاءَ للإرهابيين


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1577 - 2006 / 6 / 10 - 11:11
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-
منذ اللحظة الأولى لسقوط هُبل العراق الأكبر( صدام حسين) فجر التاسع من نيسان 2003، قلنا بأن البقاء بعد الله هو للشعب العراقي. والمنتصر الأخير، هو الشعب العراقي، مهما طال الليل، واشتد الإرهاب، وسالت الدماء البريئة غزيرة. وكاد البعض – وما أكثرهم - أن يشكك بهذه النتيجة، ويبشر بانتصار الإرهاب ومجرميه، واندحار طلاب الحرية والديمقراطية، ولكن ايماننا العميق بصمود شعب العراق، وشجاعة شعب العراق، واصرار شعب العراق على النصر، كان هو الذي قتل الزرقاوي اليوم وعُصبة من الأشرار الإرهابيين الآخرين.



-2-



لم تكن أمريكا هي التي قتلت الزرقاوي ومجموعة من عصابته. ولم تكن طائرات (إف 16 ) هي التي دكت مواقعه، ولم تكن قوات التحالف هي التي خططت لهذه العملية المُحكمة بالتعاون مع المخابرات الأردنية كما يقال.

الشعب العراقي بصموده وشجاعته وصبره وتضحياته، هو الذي قتل الزرقاوي ومجموعة من عصابته. ولو لم يُبدِ الشعب العراقي صموداً وشجاعةً وفداءً وتعاوناً وتحملاً، لظل الزرقاوي مجرماً طليقاً حتى الآن، كما هو ابن لادن والظواهري وغيرهما، الذين يحتمون ويختبئون وسط قبائل الأفغان والباكستان، التي تنتمي إلى القرون الوسطى، أو إلى ما قبلها.



-3-



لم يكن الزرقاوي عدواً لأمريكا وبريطانيا بقدر ما كان عدواً شرساً ومجرماً للشعب العراقي وحريته.

ولم يكن الزرقاوي عدواً لأمريكا بقدر ما كان عدواً للديمقراطية والحرية العراقية.

فهو الذي كان يعتبر الديمقراطية العراقية عنواناً للشرك. وهو الذي كان ضد الانتخابات العراقية. وهو الذي هدد بقتل كل من يشترك في هذه الانتخابات. وهو الذي كان ضد الشيعة وإلى جانب السُنَّة. وكان يعتقد بأن السُنة هم الذين يجب أن يحكموا وحدهم العراق، كما كان الحال في عهد صدام حسين. وقد قتل الزرقاوي من الشيعة اضعاف ما قتله من السنة. وقتل من المعلمين والطلبة والمهندسين والأطباء ورجال الشرطة العراقية أضعاف أضعاف ما قتله من جنود التحالف في العراق.

والشعب العراقي الذي حاول الزرقاوي قتله وافناءه، باقامة مذابح يومية في شوارع العراق، هو الذي قتل اليوم الزرقاوي، ومجموعة من عصابته.

ولولا هذا الشعب العراقي العظيم، لما تمَّ قتل الزرقاوى ومجموعة من عصابته التي كانت تخطط لنقل المعركة إلى بلاد الشام، بما فيها غزة والضفة الغربية. ولو وُجد في افغانستان وفي الباكستان شعب متقدم غير متخلف، مؤمن بعدالة قضيته وبحرصه على نيل حريته وتحقيق ديمقراطيته كحرص واصرار الشعب العراق، لتمَّ قتل ابن لادن والظواهري وعصابة القاعدة التي تحتمي في الكهوف الآن، منذ زمن طويل. وبدون ايمان الشعب الأفغاني وتعاونه والكشف عن مخابيء الإرهابيين، لن يتم قتل ابن لادن، حتى ولو تمَّ دك جبال افغانستان والحدود الباكستانية دكاً من قبل مئات الطائرات من طراز (إف 16).



-4-



لا أحد يجرؤ على أن يحسب هذا النصر لنفسه غير الشعب العراقي.

فلا جورج بوش قادر على الادعاء بأن هذا النصر نصر أمريكي، وهو الذي ظل طوال ثلاث سنوات يطارد الزرقاوي في كل مخبأ في العراق دون فائدة.

ولا رامسفيلد يجرؤ على احتساب هذا النصر لصالح القوات الأمريكية، وهي التي بعد أن عجزت عن قتل الزرقاوي، رصدت جائزة مقدارها 25 مليون دولار لمن يقتله، أو يدلَّ عليه.

ولا المخابرات الأردنية تستطيع أن تحسب هذا النصر لنفسها، لتتبعها – كما يقال – لمكان اقامة الزرقاوي.

فهذه المرة ليست المرة الأولى التي قُتل فيها الزرقاوي.

الشعب العراقي قتل الزرقاوي عدة مرات، وأحيته من جديد الفضائيات العربية، والصحافة العربية، والأقلام العربية.

الشعب العراقي قتل الزرقاوي، يوم أن اقترع بـ "نعم" للدستور العراقي الدائم.

والشعب العراقي قتل الزرقاوي مرة ثانية، يوم أن انتخب أعضاء مجلس النواب.

والشعب العراقي قتل الزرقاوي للمرة الثالثة، يوم أن أفسد عليه خطته الجهنمية في اشعال حرب أهلية بين الشيعة والسُنّة.

والشعب العراقي قتل الزرقاوي للمرة الرابعة، يوم أن تمَّ تشكيل الحكومة العراقية الدائمة.

والشعب العراقي قتل الزرقاوي اليوم قتلاً جسدياً وأبدياً اليوم، حين أصرَّ على الحرية والديمقراطية، والمستقبل الحداثي التنويري.

ومقتل الزرقاوي اليوم ليس نصراً لقوات التحالف في العراق، أو للإدارتين الأمريكية والبريطانية، بقدر ما هو نصر للحداثة والتنوير والليبرالية في العراق، وفي العالم العربي عامة.



-4-



الزرقاوي لم يكن مقاوماً بقدر ما كان مجرماً ارهابياً.

فما هي علاقة قتل الشيعة في العراق بهذه الأعداد الهائلة اليومية بمقاومة الاحتلال؟

وما هي علاقة قتل رجال الشرطة العراقية بهذه البشاعة بمقاومة الاحتلال؟

وما هي علاقة قتل الطلبة والمدرسين والأكاديميين العراقيين بمقاومة الاحتلال؟

وما هي علاقة قتل النساء والأطفال العراقيين بمقاومة الاحتلال؟

وما هي علاقة خطف المقاولين والصحافيين والديبلوماسيين وقتل بعضهم بمقاومة الاحتلال؟

وما هي علاقة نسف الأماكن المقدسة ومساجد الشيعة بمقاومة الاحتلال؟

وما هي علاقة نسف الكنائس بمقاومة الاحتلال؟

وما هي علاقة تحويل أعراس العطر إلى أعراس دم، ونسف الفنادق في الأردن بمقاومة الاحتلال؟

ومقتل الزرقاوي اليوم، يعني مقتل مجرم كبير وخطير وشرير، أراد أن يقيم حكماً لطالبان في العراق أكثر شراسة، وأكثر رجعية وتخلفاً من حكم طالبان أفغانستان. ولعل ما كان يجري في الفلوجة قبل اقتحامها وتطهيرها من حكم طالبان العراقية، كان الدليل الكبير على أهداف الزرقاوي الحقيقية.



-5-



مقتل الزرقاوي اليوم ليس نهاية اندحار الإرهاب الفكري والاجتماعي والديني الذي كان يُمثله الزرقاوي وعصابته، ولكنه بداية هذا الاندحار. وهو ليس النصر النهائي للأفكار الليبرالية الحداثية، ولكنه بداية هذا النصر.

فبعد هذا الظلام الذي خيّم على العراق قرابة ألف يوم وليلة، يفرح الشعب العراقي اليوم لأول مرة، منذ ألف يوم وليلة بهذا النصر، بمقتل هذا الشقي، قاطع الطريق، السالب الناهب، والقاتل الفاشل.

قتل الزرقاوي لن ينهي الإرهاب في العراق وفي أماكن أخرى من العالم العربي، كما تدعي بعض الأوساط الأمريكية،. فالإرهاب لن ينتهي ولن يُقطع دابره إلا إذا تغيّر وجه العالم العربي الثقافي والاجتماعي والسياسي. والعراق يتغير الآن، وسيكون العراق أول بلد يتخلص من الإرهاب بعد أن كان المزرعة الجديدة للارهاب في العالم العربي، كما أراد له بعض دول جيران العراق وبعض الفضائيات العربية، التي اقامت سرداقات العزاء المعلن وغير المعلن، وبكت بمرارة في العلن والخفاء على مقتل مجرمها وشريرها وحامل سيوفها الخشبية المنخورة، وبنادقها العثمانية الصدئة.

قتل الزرقاوي هو البداية وليس النهاية.

ومقتل الزرقاوي أو ابن لادن أو الظواهري لن يُنهي الإرهاب في العالم العربي. فالإرهاب فايروس خطير، يتكاثر بكثرة كل يوم تكاثر البعوض. فغداً ربما يظهر لنا مئات الزرقاويين، ما لم يتم اجتثاث الإرهاب من جذوره بالتعليم، ونشر التفكير العلمي الواقعي، والتربية الحديثة، وثقافة الانفتاح والحداثة، ونقد الذات.



-6-



نعم، قُتل الزرقاوي اليوم، ولكن الزرقاوي سيبقى حياً، ما دام هناك طالب يدرس نصوص التكفير، وما دام هناك شيخ فقيه يشجع على الإرهاب في خُطب الجمعة وفي البرامج الدينية، ويعد الإرهابيين بعد قتلهم بالحور العين وسلال التين، وما دامت هناك أقلام مسمومة وصحافة صفراء في العالم العربي وفي لندن، تطلق على المجرمين القتلة شيوخاً، وعلى قطاع الطرق مجاهدين، وعلى أعداء المستقبل مناضلين.

نعم، قُتل الزرقاوي اليوم، ولكن الزرقاوي سيبقى حياً، ما دامت هناك فضائيات ترعى الإرهاب، وتدافع عنه، وتلبسه لباس الشرعية، وتحتضن الفتاوى المزيفة التي تدعمه.

نعم، قُتل الزرقاوي اليوم، ولكن الزرقاوي سيبقى حياً، ما دامت هناك أنظمة حكم ديكتاتورية في العالم العربي لا تريد للتجربة العراقية الرائدة أن تتكرر في بلادها، حتى لا يصبح العراق نموذجاً جيداً ومثالاً حياً للتغير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.



-7-

البقاء للعراق.

البقاء لشعب العراق.

البقاء لكل الشعوب الحرة.

البقاء للحرية.

ولا عزاء للإرهابيين.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيبني الفلسطينيون دولتهم من وراء القضبان؟
- كلمات على حائط المبكى الفلسطيني
- حماس الفنادق وحماس البنادق
- وأخيراً نَفَثَ الطوطم الأعظم سُمَّه!
- هل سترث الإمبراطورية الفارسية الجديدة العالم العربي؟
- القنبلة النووية الشيعية: هل هي المهدي المنتظر؟
- العرب بين إسلام القرآن وإسلام الفقهاء
- WANTED
- خسئتم فنحن نتحداكم ولن نستسلم
- سقط هُبْل وبقي هُبْلان
- عَوْدٌ أحمد يا سيّدنا القمني!
- لماذا يعادي رجال الدين العَلمانية؟
- هل العلمانية الإسلامية هي الحل؟
- لم تسقط بغداد بل سقطت معابد الاستبداد
- الأمة الهابطة والفن الهابط
- الذاكرة العربية المثقوبة
- هل سيتزوج الزرقاوي نانسي عجرم؟
- الصِحَاحْ في نقدِ المِلاَحْ
- جذور الكراهية وأصول العداء بين الإسلام والغرب
- الوصل والفصل بين الإسلام والغرب


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل فلسطينيين اثنين في جنين بعد مهاجم ...
- رئيسي يندد بالعقوبات الغربية المفروضة
- إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق ...
- توسع الاتحاد الأوروبي - هل يستطيع التكتل استيعاب دول الكتلة ...
- الحوثيون يعرضون مشاهد من إسقاط طائرة أمريكية من نوع -MQ9-.. ...
- -الغارديان-: أوكرانيا تواجه صعوبات متزايدة في تعبئة جيشها
- هجوم صاروخي من لبنان يستهدف مناطق في الجليل الأعلى شمال إسرا ...
- السيسي يوجه رسالة للعرب حول فلسطين
- الأمن المصري يضبط مغارة -علي بابا- بحوزة مواطن
- نائب نصر الله لوزير الدفاع الإسرائيلي: بالحرب لن تعيدوا سكان ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - البقاءُ للعراق، ولا عزاءَ للإرهابيين