أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الفلسفة المعادلاتية و تحليل الكون














المزيد.....

الفلسفة المعادلاتية و تحليل الكون


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 6583 - 2020 / 6 / 4 - 02:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفلسفة المعادلاتية هي الفلسفة التي تُحلِّل المفاهيم والظواهر من خلال معادلات رياضية. تؤكِّد الفلسفة المعادلاتية على أنَّ الظواهر والحقائق معادلات رياضية ما يسمح بتحليلها رياضياً. فكل ظاهرة أو حقيقة هي معادلة رياضية. من هنا ، تهدف الفلسفة المعادلاتية إلى اكتشاف المعادلات الرياضية الصادقة و الناجحة في التعبير عن أية ظاهرة أو حقيقة. للفلسفة المعادلاتية فضائل معرفية عديدة منها فضيلتها الكامنة في حلّ الإشكاليات والخلافات الفلسفية كحلّ الخلاف حيال إن كان الكون مادياً أم مثالياً.

مثلٌ على تطبيق الفلسفة المعادلاتية هو تحليل الكون على أنه معادلة رياضية بين المادي والمثالي. بالنسبة إلى الفلسفة المعادلاتية ، الكون = المادي x المثالي (أي أنَّ الكون يساوي المادي مضروباً رياضياً بالمثالي). وبذلك تُعرِّف الفلسفة المعادلاتية الكون من خلال المادي و المثالي معاً فتعتبره علاقة رياضية بين ما هو مادي و مثالي. الآن ، بما أنَّ الفلسفة المعادلاتية تقول إنَّ الكون = المادي x المثالي ، إذن الكون مادي ومثالي معاً. وبذلك تُوحِّد الفلسفة المعادلاتية بين المادية والمثالية فتحلّ الخلاف الفلسفي حيال إن كان الكون مادياً أم مثالياً. و في هذا فضيلة كبرى للفلسفة المعادلاتية ما يدعم صدقها.

ثمة تحليل فلسفي و علمي مفاده أنَّ الكون مادي كأن يكون متكوِّناً من ذرات مادية كما وَرَدَ ذلك في نظرية الفيزياء الكلاسيكية. و يوجد تحليل فلسفي و علمي آخر يناقض التحليل السابق لكونه يعتبر أنَّ الكون مثالي كأن يكون متكوِّناً من معلومات مجرّدة و تبادل للمعلومات كما يقول الفيزيائي جون ويلر أو كأن يكون الكون متكوِّناً من بناءات رياضية مجرّدة كما يؤكِّد الفيزيائي ماكس تغمارك. هكذا تختلف النماذج الفلسفية و العلمية وتتصارع حيال تحليل الكون و صفاته فتنقسم إلى نماذج مادية و أخرى مثالية.

لكن التحليل المعادلاتي للكون يحلّ هذا الإشكال والخلاف بقوله إنَّ الكون = المادي x المثالي. فبما أنَّ الكون = المادي x المثالي ، إذن من المتوقع أن يتكوّن الكون من المادة كأن يكون متكوِّناً من ذرات مادية كما من المتوقع أن يكون الكون متكوِّناً مما هو مجرّد فمثالي كأن يكون متكوِّناً من معلومات مجرّدة أم بناءات رياضية مجرّدة. وبذلك معادلة الكون ألا و هي أنَّ الكون = المادي x المثالي تتضمن النماذج الفلسفية و العلمية السابقة جمعاء رغم اختلافها و تنافسها وبذلك توحِّد فيما بينها فتحلّ الخلاف القائم فيما بينها. من هنا يكتسب التحليل المعادلاتي للكون فضيلة أساسية ألا و هي توحيده بين التماذج الفلسفية والعلمية المختلفة والمتصارعة فحلّ الخلاف الأساسي حيال تحليل الكون.

بالإضافة إلى ذلك ، ينجح التحليل المعادلاتي للكون في تفسير لماذا تنجح النظريات العلمية المتنافسة رغم اختلافها. فبما أنَّ الكون = المادي x المثالي ، إذن من الطبيعي أن تنجح النظريات العلمية التي تصف الكون و تفسِّره على أنه مادي (كأن يكون متكوِّناً من ذرات مادية) و من الطبيعي أيضاً أن تنجح النظريات العلمية التي تصف الكون و تفسِّره على أنه مثالي (كأن يكون معلومات مجرّدة و تبادلها). من هنا ، معادلة الكون ضمن الفلسفة المعادلاتية ناجحة في تفسير لماذا تنجح النظريات العلمية رغم الاختلاف فيما بينها. وبذلك تكتسب معادلة الكون هذه الفضيلة المعرفية ما يدلّ على صدقها. فإن لم يكن الكون = المادي x المثالي لاستحال حينئذٍ أن تنجح النظريات العلمية المادية و المثالية في آن رغم تعارضها.

لكن كيف من الممكن أن يكون الكون مادياً و مثالياً معاً رغم التعارض بين المادي و المثالي؟ يكمن الجواب في أن كل حقيقة أو ظاهرة تتكوّن من مستويات متعدّدة و مختلفة. فعلى المستوى المنظور كل حقيقة في الكون مادية و إلا ما نجحت النظرية العلمية المادية. أما على مستوى آخر ألا و هو المستوى غير المنظور فكل حقيقة مجرّدة فمثالية و إلا ما نجحت النظريات العلمية المثالية في وصف الكون و تفسيره على أنه معلومات أو بناءات رياضية مجرّدة بدلاً من وصفه و تفسيره على أنه مادي. من هنا ، على مستوى معيّن الكون مادي بينما على مستوى آخر فالكون مثالي. هكذا يجتمع المادي و المثالي في الكون نفسه.

كما أنَّ معادلة الكون تتضمن نتيجة منطقية أساسية ما يعزِّز صدق هذه المعادلة و مقبوليتها. فبما أنَّ الكون = المادي x المثالي ، إذن نستنتج رياضياً بأنَّ المادي يساوي الكون مقسوماً رياضياً على المثالي تماماً كما نستنتج رياضياً بأنَّ المثالي يساوي الكون مقسوماً رياضياً على المادي. وبذلك كلما تناقصت مثالية الكون ازدادت ماديته و العكس صحيح و كلما ازدادت مثالية الكون تناقصت ماديته و العكس صحيح أيضاً. و هذه نتيجة منطقية لأنَّ المادي نقيض المثالي. و بما أنَّ معادلة الكون تتضمن هذه النتيجة المنطقية ، إذن هي معادلة ناجحة.

الفلسفة المعادلاتية فلسفة إنسانوية أيضاً. فبما أنَّ الكون = المادي x المثالي ، إذن تصدق المادية و المثالية معاً. لكن النماذج الفلسفية و العلمية منقسمة إلى مذاهب مادية و أخرى مثالية. من هنا ، تصدق كل النماذج الفلسفية و العلمية المادية و المثالية في آن ما يجعلها متساوية في قيمتها و مقبوليتها. وبذلك كل البشر متساوون في قيمتهم بتساوي صدق معتقداتهم المادية و المثالية ما يؤسِّس للسلام القائم على قبول كل البشر (و إن اختلفوا فيما يعتقدون) على ضوء أنهم متساوون في قيمتهم. هكذا الفلسفة المعادلاتية فلسفة إنسانوية بامتياز.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مواجهة العقل الكوروني
- الدين قرار إنسانوي مستقبلي
- الله مفهوم إنسانوي
- كلّ عقيدة إرهاب
- الإنسان فن الثورة على المعاني
- الثورة الحقيقية هي الثورة العلمية
- ثورة السوبر حداثة في مواجهة ديكتاتورية السوبر تخلّف
- كل عام وأنتم بألف ثورة
- هل الكون مادي أم مثالي؟
- هل الله سوبر حداثوي؟
- ولاية المواطن سيادة الثورة
- بنية العقل وفشل الثورات وسُبُل نجاحها
- الثورة على الله
- الثورة على اليقينيات
- كلما ازداد اليقين قَلَّت المعرفة
- العِلم سبيل السلام و الحرية
- العدالة كسلام
- المعارف السوبر مستقبلية
- المعرفة قرار إنسانوي
- المعرفة قرار عقلاني


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الفلسفة المعادلاتية و تحليل الكون