أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن عجمي - الثورة الحقيقية هي الثورة العلمية














المزيد.....

الثورة الحقيقية هي الثورة العلمية


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 6457 - 2020 / 1 / 6 - 23:41
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الثورة العلمية أساس التحوّل من الديكتاتورية إلى الديمقراطية لأنَّ العِلم يخلو من اليقينيات بينما الديكتاتورية قائمة على اليقينيات المُقدَّسة التي لا تقبل الشك والمراجعة. هكذا الثورة الحقيقية كامنة في الثورة العلمية. من هنا الثورة العلمية هي السبيل الوحيد الذي يكفل نجاح ثوراتنا.

يرينا تاريخ العلوم أنَّ النظريات العلمية تُستبدَل بشكلٍ دائم بنظريات علمية أخرى كاستبدال نظرية النسبية لأينشتاين بنظرية نيوتن العلمية. وبذلك العِلم خالٍ من اليقينيات ما يجعل مالك العِلم والمشارك في صياغته لا يتعصب لمعتقدات ضدّ أخرى فيقبل الآخر و إن اختلف عنه فكرياً وسلوكياً. لذلك العِلم يُؤسِّس لسيادة الحرية الفكرية والسلوكية التي بها تنمو الديمقراطية وتوجد و بِقبوله للآخر يؤدي أيضاً إلى السلام الأهلي الحقيقي ما يجعل ثورة العِلم ثورة السلام بامتياز. على ضوء هذه الاعتبارات, الثورة الحقيقية هي الثورة العلمية التي تُحتِّم نشوء الديمقراطية والتعدّدية والسلام والحريات.

أما النظام الديكتاتوري فيحكم بِنشر الجهل والتجهيل و بِثنائية المُقدَّس والمُدنَّس كتبرير حُكم الطغاة بأنه حُكم بأمر الله أو بأمر ضروريات مواجهة التهديد الخارجي أو الداخلي. لكن العِلم نقيض الجهل والتجهيل كما هو نقيض ثنائية المُقدَّس والمُدنَّس المرتبطة بالتفكير الديني غير العلمي فالعِلم خالٍ من اليقينيات بينما الدين قائم على اليقينيات وقدسيتها. بذلك العِلم نقيض الأنظمة الديكتاتورية فأصل الثورة الحقيقية و مصدر انتصارها. لذا المجتمعات التي تَسُود فيها العلوم مجتمعات ديمقراطية بينما المجتمعات الخالية من العِلم وانتاجه مجتمعات محكومة بأنظمة ديكتاتورية.

كما أنَّ المجتمعات الخالية من التفكير العلمي و بناء العلوم غير قادرة على الإنتاج في الصناعات المختلفة المعتمدة بطبيعتها على العلوم وبذلك غير قادرة على التطوّر. لذلك التطوّر يُقاس بإنتاج العِلم. لكن أية ثورة حقة هدفها تحقيق التطوّر. من هنا لا ثورة حقة وحقيقية بلا ثورة علمية تُنتِج الجديد في العلوم كما تُنتِج علوماً جديدة. بالعِلم نقبل الآخر فنتطوّر لخلو العِلم من اليقينيات فمن التعصب لمعتقدات ضدّ أخرى. و بالعِلم تسقط الأنظمة الديكتاتورية فنتطوّر بما أنَّ العِلم خالٍ من اليقينيات بينما الأنظمة الديكتاتورية معتمدة في وجودها و تشكّلها على اليقينيات التي لا تقبل المراجعة والاستبدال تماماً كحُكم الطغاة. و بالعِلم تنشأ وسائل تواصل و إنتاج جديدة فتولد فلسفات وآداب وفنون جديدة و تنمو بذلك المجتمعات وتتطوّر. فلا تطوّر بلا عِلم و لا حياة بلا تطوّر.

بلا ثورة العِلم نبقى سجناء يقينياتنا و تعصبنا و رفضنا للآخر لأنَّ العِلم يُحرِّرنا من يقينياتنا المُحدَّدة مُسبَقاً فيُحرِّرنا من تعصبنا ليقينياتنا و رفضنا للآخرين ما يضمن الحرية للجميع والمساواة فيما بينهم. فلا حرية و لا مساواة بلا ثورة علمية ومشاركة في إنتاج العلوم. مَن يرفض العِلم والتفكير العلمي يبقى سجيناً للعقائد والمعتقدات والسلوكيات الماضوية لأنَّ العِلم عملية تصحيح مستمرة لِما نعتقد فيخلو بذلك من أية يقينيات لا تقبل الشك والمراجعة والاستبدال ما يُحرِّرنا من يقينياتنا الكاذبة و من معتقدات وسلوكيات الماضي. هكذا العِلم عملية تحرّر مستمرة. فالعِلم هو الآلية الأساسية لبناء الحرية وسيادتها.

الفكر العلمي سبيل التحرّر من الثنائيات المخادعة التي تُقسِّم المجتمع و تؤدي إلى التعصب والعنصرية فالصراعات والحروب. فالثنائيات كثنائية المُقدَّس والمُدنَّس وثنائية الحلال والحرام وثنائية المؤمن والكافر ليست علمية لأنها ليست ضمن قوانين الطبيعة التي تدرسها العلوم الطبيعية. بذلك بالعِلم نتحرّر من تلك الثنائيات التي لا تُنتِج سوى التفرقة والتمييز والتعصب والفِتَن والحروب. هكذا العِلم هو السبيل الوحيد لإحلال السلام الحقيقي. لا عِلم بلا سلام و لا سلام بلا عِلم. فالعِلم والسلام يُشكّلان حقلاً وجودياً واحداً لا يتجزأ ألا وهو حقل القِيَم الإنسانية.

أما ثراء الأمم فكامن في رأسمالها العلمي الذي يُقاس بمدى قبول العِلم والمشاركة في صياغة العلوم. لذلك ما زال العالَم العربي فقيراً رغم امتلاكه للموارد الطبيعية الغنية و ذلك لغياب الرأسمال العلمي. فعدم قبولنا للعِلم والمشاركة في إنتاجه أدى إلى فقر أمتنا. فالرأسمال العلمي أساس بناء أية حضارة لأنه مصدر المعارف والسلوكيات المتعدّدة والمتنوّعة (بِتنوّع واختلاف النظريات العلمية ومناهجها) المؤدية لا محالة إلى قبول الآخرين فالمؤسِّسة للحريات و أنواع المساواة المختلفة من جراء تعدّدية العِلم وتنوّعه و خلوه من اليقينيات والتعصب. فالعلوم والحرية والمساواة تُشكّل حقلاً وجودياً واحداً هو حقل الوجود الحضاري.

السؤال الأساسي هو التالي: لماذا تفشل الثورات العربية في التحرّر من الأنظمة الديكتاتورية والتحوّل إلى الديمقراطية بمعناها الكامن في حُكم الحقوق الإنسانية واحترامها كحق كل فرد في التمتع بالحرية والمساواة؟ إذا نظرنا إلى العالَم العربي فسنجد أنَّ غياب إنتاج العلوم أو المشاركة في إنتاجها هو القاسم المشترك بين المجتمعات العربية ما يدلّ على أنَّ هذا الغياب العلمي مرتبط سببياً بغياب الديمقراطية والحرية والمساواة. بذلك فشل الثورات العربية سببه غياب الثورة العلمية. فالمجتمعات الغربية نجحت في التحوّل إلى الديمقراطيات وسيادة الحقوق الإنسانية حين حققت انجازاتها العلمية. مع الثورة العلمية في الغرب نجد تاريخياً نشوء الديمقراطيات الغربية ما يؤكِّد على أنَّ الثورة العلمية هي أساس بناء الديمقراطية و مصدر احترام مبادىء المساواة والحرية. من هنا كلما تطوّر المجتمع في صياغة العلوم إزدادت سيادة الحرية والمساواة فيه. بِالعِلم نحيا أحراراً و نَسُود وبِالجهل الكامن في التعصب لليقينيات تموت الأمم وتزول.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة السوبر حداثة في مواجهة ديكتاتورية السوبر تخلّف
- كل عام وأنتم بألف ثورة
- هل الكون مادي أم مثالي؟
- هل الله سوبر حداثوي؟
- ولاية المواطن سيادة الثورة
- بنية العقل وفشل الثورات وسُبُل نجاحها
- الثورة على الله
- الثورة على اليقينيات
- كلما ازداد اليقين قَلَّت المعرفة
- العِلم سبيل السلام و الحرية
- العدالة كسلام
- المعارف السوبر مستقبلية
- المعرفة قرار إنسانوي
- المعرفة قرار عقلاني
- العلوم السوبر مستقبلية
- الحقيقة فن استنتاج المعاني
- الحياة فن إضفاء المعاني
- المعاني السوبر حداثوية
- العلوم السوبر حداثوية
- جدل الثورات الفلسفية


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن عجمي - الثورة الحقيقية هي الثورة العلمية