أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - العِلم سبيل السلام و الحرية














المزيد.....

العِلم سبيل السلام و الحرية


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 6188 - 2019 / 4 / 1 - 02:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مجتمعٌ بلا عِلم مجتمعٌ بلا سلام و بلا حرية. فقبول العِلم و المشاركة في انتاجه هو الضمانة الوحيدة لبناء السلام و تحقيق الحرية.

العِلم خالٍ من اليقينيات التي لا تقبل الشك و المراجعة و الاستبدال. فتاريخ العلوم يرينا أنَّ النظريات العلمية تُستبدَل بأخرى بشكل دائم كاستبدال نظرية النسبية لأينشتاين بنظرية نيوتن العلمية ما يدلّ على أنه لا توجد يقينيات في العلم. تعتبر نظرية النسبية لأينشتاين أنَّ الجاذبية ليست قوة على نقيض من نظرية نيوتن العلمية. بل , بالنسبة إلى النظرية النسبية , الجاذبية مجرّد انحناء الزمكان (جمع الزمان و المكان).

كما تؤكِّد نظرية النسبية على أنَّ الزمن نسبي فيتسارع أو يتباطأ بتباطؤ أو تسارع الأجسام على نقيض مما تقول نظرية نيوتن التي تصرّ على أنَّ الزمن مطلق و ليس نسبياً. لكن أظهر الاختبار العلمي أنَّ نظرية النسبية هي الأقرب إلى الحقيقة من نظرية نيوتن فتمّ استبدال نظرية النسبية بنظرية نيوتن العلمية. هكذا بعد أن كان العلماء مقتنعين بأنَّ الجاذبية قوة و الزمن ليس نسبياً أصبحوا مقتنعين بنقيض ذلك. من هنا لا يقينيات في العلم.

إن كان العِلم خالٍ من يقينيات فهو بذلك يُحرِّرنا من التعصب ما يحتِّم وجود السلام. فحين تكون معتقداتنا يقينيات بالنسبة إلينا فحينئذٍ معتقداتنا كيقينيات لا تقبل الشك و المراجعة و الاستبدال ما يؤدي إلى تعصبنا لها فرفض معتقدات الآخرين المعارضة لمعتقداتنا أو المختلفة عن معتقداتنا ما يتضمن بدوره رفض الآخرين. و بهذا ينشأ التعصب ضدّ الآخرين و يسود رفضهم ما يؤسِّس للصراعات و الحروب. على هذا الأساس , إن تحوّلت معتقداتنا إلى مجرّد معتقدات ممكنة الصدق أو محتملة الصدق و تخلينا عن يقينياتنا فعندئذٍ يزول التعصب و رفض الآخرين ما يُسبِّب نشوء السلام و سيادته.

من هذا المنطلق , التحرّر من يقينياتنا هو السبيل الوحيد لإحلال السلام لأنه ينقذنا من التعصب لِما نعتقد. لكن العلم خالٍ من اليقينيات بل العلم يقاتل اليقينيات و يحررنا منها (و إلا لم يتطوّر العلم و لم يتمكن من صياغة نظريات علمية جديدة من جراء سجنه بيقينيات لا تقبل المراجعة و الاستبدال). الآن , بما أنَّ العلم يحرّرنا من اليقينيات بينما التحرّر من اليقينيات هو السبيل الحق لإحلال السلام , إذن قبول العلم و المشاركة في انتاجه هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام. هكذا العلم سبيل السلام.

الشعوب التي ترفض العِلم و لا تشارك في انتاجه تعاني من الفتن و الصراعات و الحروب لأنها تتعصب لمعتقداتها فترفض الآخرين. من هنا , فقط الشعوب التي تقبل العلم و تؤمن بالتفكير العلمي و تتبناه و تشارك في بناء العلوم تتحرّر من يقينياتها فمن تعصبها فتتمكّن من العيش في سلام. أما استغلال العلم و نتائجه كالتكنولوجيا فلا يُعَد قبولاً للعلم بل هو مجرّد استغلال له من أجل شنّ الحروب و اعلاء رايات الفِتَن.

الشعوب المتخلّفة تستغل العلم لمحاربة الآخرين بينما الشعوب المتطوّرة تستخدم العلم لبناء ذاتها و الآخرين معاً من خلال إحلال سيادة السلام أولاً و استخدام العلم و نتائجه كالتكنولوجيا ثانياً لتطوير ذواتها و الآخرين في آن. أما نحن اليوم فنعاني من الفِتَن و الصراعات و الحروب المتكرّرة لأننا نرفض العلم و لا نتبنى التفكير العلمي و لا نشارك في صياغة العلوم ما حَتَّمَ أن تغدو معتقداتنا يقينيات بالنسبة إلينا فأنتج تعصبنا لِما نعتقد فرفضنا للآخرين و إن كانوا منا. هكذا الطريق الوحيد من أجل تحقيق السلام في شرقنا كامن في قبول العلم و التفكير العلمي و المشاركة في انتاج العلوم.

بما أنَّ العِلم يحرّرنا من يقينياتنا , إذن العِلم هو السبيل لتحقيق الحرية الحقة. فعندما تكون معتقداتنا يقينيات بالنسبة لنا فلا تقبل الشك و المراجعة و الاستبدال فحينئذٍ نُسجَن فيما نعتقد. و بذلك لا بدّ من الخلاص من يقينياتنا لكي نحقق حريتنا بالفعل. و لا نتحرّر من يقينياتنا سوى بالعلم لكونه خالٍ من اليقينيات. من هنا العلم يضمن نجاحنا في التخلّص من يقينياتنا فيضمن حقاً تحقيق حريتنا. لا حرية بلا علم تماماً كما لا علم بلا حرية.

على ضوء هذه الاعتبارات , الثورة الحقيقية هي ثورات علمية أولاً و أخيراً و ليست ثورات مسلّحة. الثورات العلمية بقتالها لليقينيات و تحريرنا من معتقداتنا و سلوكياتنا المُحدَّدة سلفاً تُغيِّر بنيات المجتمع فبنية الدولة ما يؤدي إلى المساواة و الحريات بمعانيها المتعدّدة بفضل اتصاف العلم بالحرية و المساواة معاً. فالعلماء متساوون في الإدلاء بأصواتهم مع أو ضدّ أية نظرية علمية و هُم أحرار أيضاً في صياغة نماذجهم العلمية و الدفاع عنها منطقياً و علمياً. هكذا لا مجتمع حرّ و لا دولة عادلة بلا عِلم يؤسِّس بطبيعته للسلام.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة كسلام
- المعارف السوبر مستقبلية
- المعرفة قرار إنسانوي
- المعرفة قرار عقلاني
- العلوم السوبر مستقبلية
- الحقيقة فن استنتاج المعاني
- الحياة فن إضفاء المعاني
- المعاني السوبر حداثوية
- العلوم السوبر حداثوية
- جدل الثورات الفلسفية
- المجاز فن المعاني الصادقة
- الإعجاز المخادع و البلاغة الكاذبة
- المعنى فن إنتاج اللغة
- الشِعر فن استدعاء التأويل
- الكون فن إيصال المعاني
- الجمال فن انتظام المعاني
- الفن تحويل اللامعنى إلى معان ٍ
- العقل فن إنتاج الواقع
- المعرفة فن إنتاج المعاني
- العِلم فن توحيد المعاني


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - العِلم سبيل السلام و الحرية