أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مهند صلاحات - النظافةُ منَ الإيمانِ السياسيِ














المزيد.....

النظافةُ منَ الإيمانِ السياسيِ


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1587 - 2006 / 6 / 20 - 12:20
المحور: كتابات ساخرة
    


قبل أيام قليلة ماضية، كنت أتصفح كعادتي الدوريات والصحف سواء الثقافية أو الإخبارية، واستفزني فعلاً مشاهد متكررة لشعراء الغزل، والباحثين عن موضوع للكتابة فيه، فوجدوا بالطفلة هدى التي فقدت أهلها، ضالتهم، فشرعوا يدبجون قصائدهم، ويستعرضون ببلاغة اللغة من طِباقٍ وجناسٍ وغيره في تدبيج بكائية للطفلة المنكوبة، وكأن نكبتها أصبحت عيداً وطنياً أو قومياً، أو عيداً من الأعياد الدينية، حينها كتبت مقالة بعنوان " الدم الفلسطيني مانشيت جيد لكتابة قصيدة أو مقال" وعلقت فيها على من ينتظرون الدم ليكتبوا عنه، سواء كانوا في لندن أو باريس أو أحد الدول العربية الهانئة، والتي لم تفكر للحظة بأن تطبق مقاطعة حقيقية للمنتجات الإسرائيلية التي وصلت باب مكة والحرم، ويقال أيضاً بأنها وصلت جزر القمر.

ويقال أنه حتى الذين كانوا يصطفون طوابير أمام السفارة الأمريكية في طلب فيزا لسفر لأمريكا "الحلم العربي" ضجوا للخبر وأزعجهم جداً، وكذلك الذين يكتبون مقالات يومية يمجدون فيها تطبيع دولهم وحكوماتهم علاقاتها مع إسرائيل كتبوا في رثاء أهل هدى، ووجهوا العديد من برقيات المواساة عبر الصحف لهدى الجريحة، وطلبوا منها أن لا تعتبر ذلك سياسية عامة لإسرائيل، فإسرائيل دولة ديمقراطية جداً ولها أصدقاء كُثر من العرب تحترمهم جداً، وأن ما حدث ليس سوى خطأ في إستراتيجية المعركة، وأنهم في حال زيارة أولمرت لحكومتهم سيقولون له : "عيب".

والحكومات التي لديها الاستعداد لتطبيع علاقاتها حتى مع الديدان، ولا تفكر للحظة بأن تطبّع علاقاتها مع شعوبها، هي الأخرى سارعت في التأثر من الموقف دون أن تظهر تأثرها، فالمشهد أكثر مأساوية من مشهد غرق سفينة التايتانيك " حسب وجهة نظرها".

البعض كذلك أراد أن يجعل المشهد أكثر مأساوية، فبدأ يخطط لإنتاج فيلم سينمائي عن حياة الطفلة، وأزعجه فعلاً أن حالة الطفلة النفسية لا تسمح بالتصوير، فكما يقول المثل العامي : "دُق الحديد وهو حامي"، فإن لم يتم إنتاج الفلم اليوم، ومشاعر الجماهير متأججة تجاه مشهد الطفلة التي بقيت لساعات تصرخ لوحدها، بينما يلتف حول المصور الصحفي الذي صورها أكثر من ثلاثة أشخاص بدت ظلالهم على الرمل إلى جانب دم والديها وهم يشاهدون هذا المشهد الدرامي، ليفسحوا المجال أمام المصور المحترف ليلتقط صوراً للطفلة دون أن يتقدم أحد منهم ليأخذ بيدها حتى ينتهي المخرج والمصور من أخذ اللقطة المناسبة، فلن يجدوا من يشتري الفلم، وستكون المشاعر تجاه الطفلة قد بردت ولن يعود من المجدي " مادياً" تسويق الفلم، فقد تكون إسرائيل ارتكبت مجزرة أكثر بشاعة من تلك، وسيكون من الأولى إنتاج أغنية أو فيلم عنها.

وصلتني رسائل عديدة تندد بما كتبت، فالبعض علق قائلاً: هل تريدنا أن نكتب عن عجرم أو وهبي أو غيرها ؟
والآخرون قالوا: عن ماذا نكتب:
والبعض قال : أنك تضع ملحاً في الجرح العربي.

جميل إذاً، هل حقيقة يعتبر هذا الكلام كمن يضع الملح في الجرح كما وصفه البعض ؟؟
وإن يكن الملح في الجراح، أليس من حقنا أن نضع الملح في الجرح كي يفيق صاحب الجرح؟

الجميع يقول هذا الجرح العربي كاملاً وليس جرحاً عراقياً أو فلسطينيا فقط، جميل أيضاً.
دعونا نضع الملح في الجرح كي تصرخ هذه الأمة؟، لكي نسمع صوتاً فقدناه لها من أكثر من سبعة وخمسين عاماً خلالها شهدنا مئات النكبات.

كنا قديما نغني مع فيروز : كانت لنا من زمان، بيارة جميلة، وضيعة ظليلة، ينام في أفيائها نيسان،
ضيعتنا كان أسمها بيسان


اليوم نضيف للقائمة
كان أسمها الجولان
كان أٍسمها سيناء
كان أسمها العراق

وربما غدا كان اسمها عمّان
أو كان اسمها صنعاء


لنداويها بالتي كانت هي الداء.

ولتسقط كل المنابر التي تقف اليوم لتعلمنا فضل قص الأظافر يوم الجمعة في الوقت الذي يعلم الأعداء جنده فضل قتلنا في كل الأيام.

هذه صدقاً ليست نكتة، فبعد الجمعة الأولى لسقوط بغداد، أحد المساجد في العاصمة عمّان حيث كانت الناس تنتظر كالعادة خطبة عصماء حول الحملة الصليبية على العالم الإسلامي، وشعارات المؤامرة التي أُشبعت بها الجماهير العربية حول مؤامرة الغرب على العالم الإسلامي، وغيرها، خيب خطيب المسجد آمال الجماهير التي جاءت تفرغ غضبها لديه بركعتي صلاة على أرواح الشهداء، حيث خطب فيهم عن فضل قص الأظافر يوم الجمعة.
فالنظافة من الإيمان.



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدم الفلسطيني ... مانشيت جيد لعنوان قصيدة أو مقال
- الجميع في معركة التجويع مع مشروع أولمرت
- السلطات السورية وأدت قانون دخول الفلسطينيين لأراضيها
- وأد المشروع الثقافي الفلسطيني بزجه في المعترك السياسي
- وما زلتِ تسألين !؟
- وكأنما كانت هنا ليلى
- كانتون سياسي أسمه لبنان
- الأخوان المسلمون ضد حماس، حماس في الأسر
- مجلة -حيفا لنا- تعيد ذاكرة الزمان والمكان
- مسرحية -سيمفونية وحشية- لمحمد بني هاني: جدلية الحياة التي تب ...
- الفحولة حين تتحول لأحد مقاييس الأدب العربي
- مسرحية -سمفونية وحشية- لمحمد بني هاني : مقارنة ما بين الواقع ...
- حماس، ومحاولة تصدير الثورة الإيرانية لفلسطين
- -the God Is Big Swindler -
- أنا رجل يخشى النساء... وأنت مرآته الكبرى
- محمد الماغوط ... الاتجاه الخامس
- ثلاثة رسائل كتبتها راشيل كوري
- حماس تراود اليسار الفلسطيني عن نفسه وتغلق الأبواب
- اليسار الفلسطيني ... عندما يقتات على الفتات
- فوق القانون ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مهند صلاحات - النظافةُ منَ الإيمانِ السياسيِ