أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كلكامش نبيل - رحلة حول العالم: الأرجنتين - الإبادة الاجتماعية والإفلاس الاقتصادي















المزيد.....

رحلة حول العالم: الأرجنتين - الإبادة الاجتماعية والإفلاس الاقتصادي


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 6566 - 2020 / 5 / 17 - 20:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بعد مشاهدة وثائقي سياحي عن الأرجنتين – مدته ساعة كاملة – والإطلاع على الطراز المعماري الكولونيالي للبلاد وثقافتها التي صاغها السكان الأصليون والمهاجرون الإسبان والإيطاليون والألمان وشهرتها بالتانغو والغاوتشي والكنائس الأوروبية الرائعة والبيوت على طراز جبال الألب في جنوب البلاد البارد، وثراء متاحفها وتباين طبيعتها (من الثلوج في الجنوب والحياة البحرية على المحيط الأطلسي والشلالات والمحميات الطبيعية وحيوانات اللاما في جبال الإنديز والمستنقعات والأهوار في شمال البلاد – والتي تعرف بميسوبوتاميا أميركا الجنوبية – والجبال الملونة والصحاري التي تشبه سطح القمر وتزخر بالمتحجرات) مهرجانات البيرة والنبيذ، قررتُ مشاهدة وثائقي آخر عن تاريخ البلاد المعاصر. وقع اختياري على فيلم وثائقي، مدته 120 دقيقة، بعنوان "الإبادة الاجتماعية" من إخراج الأرجنتيني فيرناندو سولاناس في عام 2004. الفيلم بالإسبانية ومترجم إلى اللغة الإنجليزية.

يتناول الفيلم أحداث ثورة كانون الأول/ ديسمبر عام 2001 واحتجاجات الناس على ضياع مدخراتهم بسبب إفلاس البنوك والبطالة. يعود الفيلم إلى الوراء لفهم أسباب الانهيار الاقتصادي في الأرجنتين والسياسات التي ضاعفت الدين العام وأنهكت البلاد وحولتها من بلد مصدّر للغذاء إلى بلد يعاني من الفقر وسوء التغذية. للفيلم نزعة يسارية مناهضة للخصخصة والعولمة، ولكنه يبدو مقنعًا من خلال إبراز سوء الإدارة وفساد السياسيين والنواب وكثرة الرشى والمحسوبية في الفترة الديمقراطية التي أعقبت الدكتاتورية العسكرية التي انتهت عام 1983.

يبدأ الفيلم باحتجاجات شعبية، العاطلين عن العمل والمتقاعدين والطلاب – وهم يقرعون بالملاعق على أدوات الطهي. تتحدث امرأة أنها لن تلجأ إلى العنف ولكنها تريد حقها في مدخراتها – لمدة 25 عام - التي سرقتها البنوك ويضيف رجل آخر بأن مدخراته – التي جمعها من بيع الصحف على مدى 60 عام – قد سُرقت أيضًا. يظهر الفيلم كيف تضاعفت الديون شيئًا فشيئًا من 45 مليار دولار إلى 140 مليار في النهاية وأن أغلب تلك الديون تعود لشركات خاصة وليست للحكومة الأرجنتينية والشعب ولكن الدولة أقرّت بتحمّل تلك الديون واتبعت سياسات تقشّف. يسلط الفيلم الضوء على وعود كارلوس منعم في أنه سيعمل على خدمة الوطن والتضحية من أجل الفقراء وأنه لن يخونهم أبدًا، لكنه قام بإجراءات جعلت الأوضاع تسوء شيئًا فشيئًا. في فترة مراهقتي، كنتُ أقرأ عن كارلوس منعم وأصوله السورية ولكنني لم أعرف شيئًا عن سياساته وحزبه في البلاد في وقتها. يتحدث أحد ضيوف الفيلم عن كتيب فرنسي صغير في مدح الخيانة وأنها مهمة في السياسة وأنك "وبهدف النجاح، لا بد أن تكذب". يوضح الفيلم خصخصة قطاع النفط والغاز في البلاد وبيعه بسعر غير منصف وكانت هناك رشى قدرها 8 ملايين دولار للنواب من أجل تمرير القرار في البرلمان. يلوم الفيلم الإعلام أيضًا على تضليل الشعب لقبول ذلك القرار، وهذا يذكرني بوضع العراق وقرارات منح النفط مجددا للشركات الأجنبية وكل الجدل القائم حول ذلك الآن. هناك أغنية أوبرالية الطابع في الفيلم عن النواب تصفهم برافعي الأيادي الذين يخونون ويصوتون من دون دراية لأن حزبهم ينصحهم بذلك.

يوضح الوثائقي القرارات التالية والنتائج الكارثية التي دمرت المصانع في البلاد وكيف بيعت بأسعار تقل كثيرًا عن أسعار مثل هذه المؤسسات في السوق العالمية وكيف أسفر ذلك عن مضاعفة أعداد العاطلين عن العمل وكيف تم اعتماد الدولار في التعامل اليومي إلى جانب العملة المحلية "البيزو". بعد أن كانت البلاد من بين الأفضل في الوضع الاجتماعي، أصبح الآلاف يتوافدون على الكنائس والقديس شفيع العمال من أجل المساعدة. لكن الاعلام كان يظهر واقع مغاير وتتلقى البلاد مديحًا غربيا بأنها تسير كنموذج للعالم بأسره. يظهر الفيلم أوضاع صعبة للمدارس المكتظة بالمتشردين ومدرسين يتحدثون عن اغماء الطلاب بسبب الجوع – مثل الحصار على العراق أبان التسعينيات. لكن الدولة قامت بمزيد من اجراءات الخصخصة لقطاعات كثيرة منها الاتصالات والتلفزيون والراديو والطيران والسكك الحديد لتترك 800 ألف شخص من دون مياه صالحة للشرب وتزداد الأوضاع سوءًا حيث يعيش البعض مهمشين في بيوت من صفيح على هامش الحياة. تظهر سيدة تعيش في حي مهمّش وهي تبكي لعدم قدرتها على اطعام ابنتها وأنها تعيش في مكان رطب على الدوام. الغريب أن أغلب هؤلاء الفقراء في الفيديو من السكان الأصليين. تظهر المستشفيات أيضًا أطفال يعانون من سوء التغذية بشكل مرعب ووفاة الكثير منهم وحديث الأطباء عن أن هذه الفئات تتعرض للقتل وكأن المجتمع قرر التخلص منها. لكن الواقع يظهر أن لهؤلاء دور في بؤسهم حيث يظهر الفيلم فتيات بعمر 14 عام وهنّ أمهات يحملن أطفالهن. يساهم الزواج المبكر وانعدام التعليم والخدمات الصحية في تفاقم وضعهم سوءًا ويذكر أحد الضيوف أن فساد الحكومة انعكاس للشعب.

يتحدث ضيوف الفيلم عن تاريخ شركة النفط في البلاد وكيف أنها نشأت بجهود محلية منذ العام 1923 وأنه لا توجد دولة مثل الأرجنتين تهب ثرواتها الاستراتيجية للشركات بسعر بخس من دون أن تضطرّ لذلك بسبب حرب أو غيرها. يوضح الفيلم بيع المزيد من الشركات بأسعار منخفضة وعلاقة السياسيين بالكثير من الشركات النافذة وتحقيق أرباح شخصية فضلاً عن تورطهم في تهريب المخدرات وتشكيلهم ما يشبه الحكم المافيوي، ولاسيما في عهد كارلوس منعم. يغطي الفيلم بالدرجة الأساس فترة الرؤساء راؤول ألفونسين وكارلوس منعم وفيرناندو دي لا روا. في النهاية تحدث ثورة سخط على هذه السياسية تجبر الرئيس دي لا روا على الاستقالة.

الفيلم حزين بصراحة ولكنه موجّه بعض الشيء ويدين العولمة والخصخصة والسياسات النيو ليبرالية من دون النظر فيما إذا كانت تلك السياسات اجبارية نتيجة لظروف معينة أو أنها فساد محظ لخدمة السياسيين. الفيلم يذكرنا بواقع العراق ولبنان هذه الأيام ولاسيما الأزمات الاقتصادية الخانقة وبيع المصانع الحكومية وأزمة المصارف في لبنان. أنصح بمشاهدة الفيلم بهدف فهم أكثر لما يحصل من حولنا.

رابط الفيلم التعريفي بالبلاد: shorturl.at/bhos0
رابط فيلم الإبادة الاجتماعية: shorturl.at/fgX18



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة حول العالم: نهضة ألبانيا المتعثرة
- رحلة حول العالم: أفغانستان - حروب ثلاث إمبراطوريات
- الحرب العالمية الأولى: حرب إعادة تشكيل العالم - الجزء الثاني
- الحرب العالمية الأولى: حرب إعادة تشكيل العالم - الجزء الأول
- الكساد العظيم: كيف يقود الانهيار الاقتصادي إلى الحروب
- أجيال ما بين بنغلاديش وبريطانيا - قراءة في رواية -بريك لين- ...
- العدالة والانتقام – مطاردة النازيين الهاربين في فيلم -العملي ...
- إيجه، كنعان وسوريا – اطلالة على حضارات شرق المتوسط
- توق الى الحياة والنور – قراءة في رواية -تلك العتمة الباهرة- ...
- قصة كمال – أسرار أغنية يونانية عن العراق والمشرق
- عبث الانتظار - قراءة في رواية -في انتظار جودو- لصمويل بيكيت
- سُريالية رومانسية حالمة - قراءة في كتاب -كأنني أسابق صخرة- ل ...
- عالم عجائب عراقي - قراءة في رواية أنيس في بلاد العجائب للروا ...
- جولة روحية وفكرية - قراءة في كتاب -تجوال- للكاتب الألماني هي ...
- أفول الأصنام - اعلان نيتشه الحرب على الدين والأخلاق والفلاسف ...
- رسالة الى المؤرخ والصديق عمر محمد - أدمن عين الموصل
- رومانسية سوداوية - قراءة في -أزهار الشر- للشاعر الفرنسي شارل ...
- المنفى والوجود واللغة - قراءة في المجموعة الشعرية -مديح الطا ...
- تأملات في الإنسان والوجود والإلوهية - قراءة في كتاب -تصوف- ل ...
- اطلالة على قصور اسطنبول - قصر بيلارباي


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كلكامش نبيل - رحلة حول العالم: الأرجنتين - الإبادة الاجتماعية والإفلاس الاقتصادي