أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كلكامش نبيل - اطلالة على قصور اسطنبول - قصر بيلارباي















المزيد.....

اطلالة على قصور اسطنبول - قصر بيلارباي


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 5733 - 2017 / 12 / 20 - 23:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لطالما أجلت زيارة قصر بيلاربي الواقع على الجانب الآسيوي من البوسفور. أخيراً قررت زيارته وبعد قضاء وقت رائع في ثنايا حدائقه وجنبات القصر، اشتريت هذا الكتاب عن القصر باللغة الإنجليزية من محل بيع الهدايا في المتحف. يحمل الكتاب اسم Beylerbeyi Palace وهو يعتمد على أطروحة دكتوراه قدمها جنكيز غونجو لجامعة اسطنبول عام 2006. يقع القصر ذو الطراز الباروكي الكلاسيكي في منطقة بيلاربي – وهو اسم لمنصب حكومي عثماني – وكان اسم المنطقة في السابق ستافروس – بمعنى صليب باليونانية – نسبة لكنيسة كبيرة بناها قسطنطين هناك زين قبتها بصليب كبير من الذهب ليمنح المنطقة اسمها بعد ذلك وحتى مطلع القرن التاسع عشر.

يتحدث الكتاب عن القصور الجديدة التي بناها العثمانيون في القرن التاسع عشر وعصر الاصلاحات "تنظيمات بالتركية". فقد حاول العثمانيون تعويض ضعف الدولة ببناء معالم تتسم بالفخامة والأبهة وتحاكي جمال القصور الأوروبية وتتبع أساليبها المعمارية – متمثلة في عصر النهضة والباروك والكلاسيكية الجديدة. بنى السلطان عبد العزيز هذا القصر بتكليف لمهندس من أسرة باليان الأرمنية، وهي ذات الأسرة التي صمم معماريون من أفرادها قصور دولمة بهتشة وتشيريغان ويلدز. يذكر الكتاب أن هذه القصور كانت بمثابة انعطافة في تغير سياسات الدولة واتباعها لبروتوكولات البلاط الأوروبي ومراسيم التشريفات فيه.

يتحدث الكتاب بالتفصيل عن حدائق القصر – والأجزاء التي لم تعد موجودة منه بسبب بناء جسر البوسفور واستخدام بعض المباني لاغراض مختلفة وزوال منشآت أخرى. لم تعد مدرسة الموسيقى موجودة وكذلك حال أقفاص الأسود، لكن تماثيل البرونز التي تجسد ثيراناً وأيائل من عمل النحات بيير لوي رويارد لا تزال موجودة وتزين حدائق القصر، فضلاً عن تماثيل لأسود من الرخام عند مدخل القصر المخصص لاستخدام والدة السلطان. هناك برك جميلة في الحدائق التي تضم انواعاً نادرة من الأشجار – بما فيها بعض من أشجار أرز لبنان. لم تكن كل الحدائق مفتوحة ولم أتمكن من زيارة الاسطبل ايضا ولا النفق الذي يفصل القصر عن المباني الأولى للقصر قبل احتراقه. في هذا الكتاب نقرأ تفاصيل عن الواجهة والأعمدة والبوابات واستخدامات كل منها، فضلاً عن تفاصيل للنقوش السقفية وتفسيرها بالتركية المعاصرة والإنجليزية.

تضم سقوف القصر باهرة الجمال أشعار ونصوص دينية بخط عبد الفتاح أفندي، بعضها يمدح السلطان ويركز على أهمية العدل في تأسيس أي دولة. تفاجئت بفهم جملة "ما شاء الله" بشكل جديد تماماً من خلال الترجمة الإنجليزية التي كتبت بالشكل التالي What Allah wants is what will happen". شعرت بأن اللغة العربية غامضة وتساءلت عن سبب ذكر البعض لهذه الجملة عندما يبدون اعجابهم بشيء ما. اما اللوحات السقفية فقد كانت في الغالب نسخ من لوحات بحرية – تعبر عن اهتمام السلطان عبد العزيز بذلك – من عمل الفنان الفرنسي ماسون والذي تقاضى مبالغ كبيرة لانجازها في أغلب غرف القصر التي يستخدمها السلطان. كانت هناك غرف معينة استخدم فيها جبس غالي الثمن للرسم عليه، فيما استخدم "الجبس البغدادي" في بقية أجزاء القصر. في القصر، تتضح لنا تغير نظرة المسلمين للفن من خلال وجود تماثيل في الحدائق تجسد كائنات حية وتماثيل لملائكة على ساعات فرنسية، فضلاً عن تمثال رائع من البرونز للسلطان عبد العزيز على صهوة حصان من اعمال الفنان شارل فولر عام 1871. يذكر الكتاب ان السلطان نفسه كان رساماً وقد ترك بعض اللوحات في احدى غرف القصر. هناك بيانو في أكثر من غرفة، فضلاً عن وجود مكان لتدريس الحريم للموسيقى والغناء، وغرف شهدت عروض للأوبرا والموسيقى التركية الكلاسيكية ورقصات البولكا والمازوركا الأوروبية.

للشرق الأوسط حضور في القصر، حيث نقرأ بأن قماش الكنبات في غرفة كبير مسؤولي التشريفات – وهي غرفة مهمة في الطابق الأسفل – قد صنع من الحرير وخيوط الفضة في بغداد. في غرفة أخرى في الأعلى هناك طاولة مرصعة بالصدف من أعمال أخوين من دمشق عام 1905، فضلاً عن وجود طاولات جانبية من دمشق في غرف مهمة في الطابق الأعلى. كل الثريات في القصر جاءت من فرنسا من مجموعة بكارا Baccarat فيما غطيت الأرضيات بسجاد Herke فاخر. كانت هناك نماذج قليلة من سجاد سمرقند أيضاً. غطيت الارضيات بالحصر وفوقها السجاد الفاخر فيما عدا غرفة واحدة غطيت بالخشب – الباركيه – استقبل فيها السلطان السفير البريطاني الذي أصبح رئيسا لوزراء بريطانيا فيما بعد. الأثاث في الغالب غربي الطراز وفرنسي في معظمه وهو مغطى بأوراق الذهب.

في هذا القصر قضى السلطان عبد الحميد الثاني آخر أيامه منفياً – بعد اعادته من سالونيكي – وذكر طبيبه بعض من يومياته هناك. عند القراءة نشعر بأنه لم يحظً بالاحترام المناسب فلم يسمح له بالدخول من بوابة التشريفات – بل من بوابة الحريم – وخصصت له غرف في جناح والدة السلطان وغرف كانت تستخدم من قبل الخدم. جميع الغرف فاخرة ولكن هناك درجات في ذلك بالطبع. لم يُسمح للسلطان برؤية افراد اسرته الا في عيد الأضحى على ما يبدو.

يذكر الكتاب قائمة بالشخصيات البارزة التي زارت القصر من روسيا وبروسيا – ألمانيا – والنمسا والمجر وإيطاليا وبريطانيا وفارس وفرنسا. لكن أجمل قصة تتعلق بزيارة أوجيني امبراطورة فرنسا واقامتها هناك وزيارتها لاسطنبول بعد أكثر من أربعين سنة ورغبتها في الاقامة في ذات المكان ورؤية أشخاص كانوا اطفالاً عن زيارتها أول مرة. كان النص الخاص بهذه الزيارة عاطفياً ومؤثراً.

راقت لي الصالة الكبيرة في الطابق الأعلى والمعروفة باسم "القاعة الزرقاء" بسبب وجود أعمدة من الرخام الأزرق ونافورة عظيمة في منتصفها. كما أعجبتني غرفة ذات جدران غلفت بالخشب – كانت تستخدم لاستقبال كبار الضيوف – ويُذكر أن الأسطة الذي أنجز تلك الغرف المغلفة بالخشب – فورتيك كمهيجيان – قد تقاضى مبلغ قدره 500 ألف قرش وهو مبلغ يعادل خمسة أضعاف راتب الصدر الأعظم في تلك الفترة.

من المعلومات الطريفة في الكتاب، معلومة عن مراسم تناول الطعام للسلاطين وكونهم قد اتبعوا تقليدا يقضي بتناول الطعام لوحدهم وان ذلك استمر حتى عهد عبد العزيز – الذي اتبع البروتوكولات الأوروبية – فبدأ بتناول الطعام مع كبار الضيوف في المآدب بدلاً من حضور من ينوب عنه. كانت غرف تناول الطعام فاخرة وذكر الكتاب الاهتمام البالغ في تلك الضيافة لان أي تقصير أو اختصار فيها قد يساء فهمه ويتسبب في حصول مشاكل بين الدول.

يضم القصر ايضا حمامات جديدة على الطراز الغربي وكانت الامكان الوحيدة التي تضم نظام تدفئة في القصر. يذكر الكتاب ان الحمامات التركية القديمة لم تعد مناسبة وليس من السهل استخدامها وتدفئتها فتم التخلي عنها. كان لاحد الحمامات في الطابق الأعلى اطلالة مذهلة على البوسفور.

ختاماً، انه كتاب جميل مليء بالصور الفوتوغرافية الملونة عن تفاصيل جميع الغرف والأثاث واللوحات والكتابات السقفية، فضلاً عن بعض الصور التاريخية القديمة. أتمنى لكم قراءة ممتعة للكتاب وزيارة جميلة لهذا القصر الصيفي الأنيق.



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مآثر السريان في المشرق - قراءة في كتاب عصر السريان الذهبي لف ...
- رؤية محايدة لمشاهدتي الأولى لفيلم الرسالة
- الاسلام في عيون مبشر أميركي - قراءة في كتاب -الاسلام أو دين ...
- ابحار في فهم الذاكرة والنوستالجيا – قراءة في رواية -الجهل- ل ...
- إطلالة على الأدب الأرمني - قراءة في المجموعة القصصية -عندما ...
- تفكيك المبادئ والمواقف – قراءة في رواية إدوارد والله للكاتب ...
- بعث بدائي ورغبات مكبوتة - قراءة في كتاب علم نفس الجماهير لسي ...
- فيلم لعبة المحاكاة: دروس في تقبل الاختلاف
- آسيا الصغرى وإيران - جسور بين الحضارات
- الفردوس المفقود - العراق في عيون الرسام الإنجليزي دونالد ماك ...
- بغداد في عيون مبشر إنجليزي في ثلاثينيات القرن التاسع عشر
- الأيديوجيات الشمولية – خطر محدق وخوف مبرر
- انتهاء عصر المراة الدمية - قراءة في مسرحية بيت الدمية لهنريك ...
- حوار الأمس واليوم - قراءة في كتاب -محاورات برتراند راسل-
- قصص لا تستحق النشر – تجربة لدعم شباب الكتاب العراقيين
- متى نموت؟ - قصيدة
- تمجيد الابداع والوفاء للأرض - قراءة في الكتاب الأول من -هكذا ...
- الأحلام وعلم النفس - قراءة في كتاب -تفسير الأحلام- لسيغموند ...
- بلاد النهرين ومصر القديمة: سمات الإستقرار والإبداع في حضارتي ...
- لمحات عن العراق في القرن السابع عشر – قراءة في رحلة تافرنييه ...


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كلكامش نبيل - اطلالة على قصور اسطنبول - قصر بيلارباي