|
الانتظار في زمن الكورونا
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 23:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في البداية أُقدم التهنئة الخالصة لكل من يصله كلامي هذا ، بمناسبة شهر الله رمضان المبارك ، وأدعوا الله مخلصاً ان يساعد في تخليص الأمة والناس من هذا الوباء الشنيع ، مع التأكيد من قبلنا على ان هذه السنة ليست ككل السنيَّن ، وليست أيامها كتلك الأيام ولا لياليها كتلك الليالي .
من هنا يأتي الانتظار في صف الموحدين كجزء من عقيدتهم وايمانهم وتطلعهم لغد افضل ، وحسبنا ما نقرئه في كتب التاريخ عن الفواجع والأوبئة والامراض والحروب ، وكلها مثبطات عزم وإرادة لكن الصبر و الثقة بالله وبدين الحق تجعل من كثير من المصائب تهون .
في احدى دروسه قال البرت أنشتاين وهو يعلمنا معنى الانتظار كجزء من نظرية النسبية ، مادام لها شقين موجب وسالب ، وفي الشقين هناك وجهات نظر تختلف بحسب نوع الانتظار ، ومن هنا نفهم ذلك القول التراثي بان الانتظار جزء من الاعتقاد ، وأختلف الناس في تفسير ذلك لكن السؤال الملازم للجميع هو بطبيعة الجواب نفسه عن لماذا الانتظار في الأصل ؟ ، فما يتعلق بطبيعة الانتظار من الخير والسعادة يجعل من الانتظار ممكنا ومقبولا مهما طال او بعدت علينا فيه الشُقة ، فرجاء المُنتظر ان تُحمل عنه الهموم والضيم والفقر والفاقة وقلة الحيلة والظلم ، أي إنه انتظار من اجل العدل والكرامة والحرية والعيش الرغيد والسعادة ، لهذا يصبر الناس وعيونهم تنظر إلى الغائب كي يحقق لهم ما عجزت عنه قدراتهم وعنف السنيين وسطوة الحكام ، ولهذا كان الغائب معصوما والأمل فيه ان يملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلئت ظلماً وجورا ، هكذا تقول التراثيات من الاخبار ، والنقاش هنا في أصل الانتظار وليس في طبيعته وماهيته وكيفيته ، نحن إذن نتحدث عن فكرة الانتظار لا تعاريجها الكلامية والروائية التي لا تهمنا هنا في شيء .
ولم نرد الخوض في اصل اللفظ عند أهل اللغة وأهل الاصطلاح فذاك لا محل له عندنا هنا ، لعدم الحاجة ولأن موضوعنا يتناول فكرة - نسبية الانتظار - من حيث هي ، وفي هذا المقام يهمنا التعريج على موضوعة - انتظار الناس لدواء أو لقاح لفيروس كرونا - ، فلولا هذا الانتظار لتبدلت أحوال الحياة تماماً ولقامة قيامة الناس اجمعين ، لكن انتظارهم للفرج يهون عليهم حجز الأيام والليالي وتباعد الاخوة والأصدقاء ، فكل الناس مهما تعامى البعض عيونهم وأعناقهم مشرئبة نحو التلفاز والاخبار ومماحكات الاعلام الافتراضي ،
لعل وعسى ان يأتي خبرا يهدأ تلك النفوس الجانحة .
والحق أقول لكم انا من هذه الجمهرة من الناس الذين يرتقبون كل خبر ، ويسألون الناس إلحافا لعل هناك ما يسر ، ولولا دواء الانتظار والامل بالفرج والثقة بصدق العلم وقدرة العلماء لكان الحال غير الحال ، ويعلمنا الكتاب المجيد ان نصبر مع عظم هزات الزمان ( فانا الجليس في بيتي ) ، يؤلمني حقاً ان أرى بيت الله العظيم مغلقة أبوابه ، وان مسجد النبي الأعظم دار الأمان قد سدت نوافذه ، وابكي حسرة على مقام الامام سيد الاوصياء وبنوه وقد غلقت ساحتهم وفضاءات دعاء المؤمنين بين جنباتهم ، لكننا أبداً لن نجزع طالما كان ذلك في مصلحة الناس والعباد ، وكم حزنت حين لم تقرع هذه السنة أجراس الرحمة في كنيسة المهد ، ولم تصدح الابواق عند كل كنيس في عيد الفصح ، فيا أيها الجبار المتعال نلوذ بك ، ويا واسع الرحمة نستعين بك ، ويا كبير الاحسان ، ويا حسن التجاوز نسألك بحق هذا الشهر الكريم من علينا بصبر واستقامة ، فأن في أسمك دواء وفي ذكرك شفاء ، غير حالنا إلى أحسن الحال يارحمن يارحيم ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سجن الحوت في الناصرية
-
تحذير هام
-
في صراع الهوية
-
الثورة العراقية الكبرى
-
ماذا تعني ثورة العراقيين ؟
-
إنتفض
-
أدعياء الوطنية الزائفة
-
الحراك العراق اللبناني
-
الحروب السخيفة
-
عندما يثور الشرفاء
-
عاش العراق
-
قتل المتظاهرين العُزل
-
سفر روحاني إلى نيويورك
-
الحكومة السائبة
-
الحوار الإيراني الأمريكي
-
ثمن الحرية
-
قانون التقاعد العام
-
هل يجوز النيابة عن الميت للحج ؟
-
سقط القناع
-
ماذا تعني الضجة المفتعلة حول الإحتفال بكربلاء ؟
المزيد.....
-
مستشار الرئيس الفلسطيني: جماعة الإخوان تتاجر بالقضية الفلسطي
...
-
إيطاليا.. المسلمون في مونفالكوني محرومون من مسجد
-
دعم غزة وإنهاء الحرب يسيطران على مخرجات القمة الإسلامية بغام
...
-
زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي بألمانيا يحذر من الإسلام السيا
...
-
لعنة الجغرافيا تلاحقهم.. مسيحيو شريط لبنان الحدودي يدفعون ثم
...
-
سفارة الإمارات بإسرائيل تعبر عن حزنها في ذكرى -المحرقة- اليه
...
-
رابط نتائج مسابقة شيخ الأزهر بالرقم القومي azhar.eg والجوائز
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تقصف منشآت عسكرية إسرائيلية بال
...
-
فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
-
-بوليتيكو-: منظمات وشخصيات يهودية نافذة تدعم الاحتجاجات المؤ
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|