|
في صراع الهوية
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6422 - 2019 / 11 / 28 - 22:21
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
يواصل الشعب العراقي صراعه من أجل الحرية والكرامة والإستقلال ، مدفوعاً برغبة عارمة على تصحيح كافة المسارات التي خلقت هذه الضائقة للشعب وللدولة منذ 2003 ، ويعلم العالم كم كان شعب العراق سخياً ومطواعاً في كل الساحات التي كان يُنادى فيها إليه ، بدءا من عمليات الإنتخابات المتكررة الشكلية والتافهه ، ومرورا بحربه ضد زمر الإرهاب والتمرد التي صنعها المحتل وأعوانه ، ولم يبخل هذا الشعب في هذا الطريق وقدم كل غال وعزيز من تضحيات ودماء كثيرة . وكان في ذلك كله يظن ظناً قوياً بأن هذه الحكومات التي خدمها سيكون لديها من الشرف والمسؤولية في تقدير وإحترام تضحياته ومواقفه ، ولم يكن يعلم إن هذه الزُمر المتأمرة هي أسوء خلق الله وأكثرهم دناءة وقباحة ووقاحة وشر ، هؤلاء الموتورين تعاقدوا و تنافسوا جميعا على سرقة مال الشعب ونهب ثرواته و كلا من موقعه ، ولهذا لم يسلم من خيانتهم للأمانة كل مرفق من مرافق العراق صغيرا كان أو كبيرا ، ومع هذا لم يكن الشعب يرغب في المواجهة بل أتبع كل سبل السلام ، ليساعد من يريد الإصلاح والتغيير بحق ومن يرغب من غير تزييف وخداع ، لكن جهود الشعب الطيبة هذه لم تستطع الوقوف أو إيقاف هذا الهدر والفساد والسرقات والخيانة للأمانة والوطن ، وقد عجز البعض من المخلصين في أداء دور الناصح الأمين وضاعت جهودهم هباءا في ظل هذا الإصرار والمماطلة والخداع المكشوف ، وهكذا عجزت بل خسرت رهانات الإصلاح من داخل مؤوسسات الحكم أو من القريبين منه . وهنا كان لا بد من وثبة شعبية عارمة تعمل على تغير هذه الأحوال وإن أدى ذلك إلى صراع و تعطيل في حركة الحياة ، وكان الشعب هذه المرة في الموعد ، فكانت ثورة تشرين الجبارة التي كشفت عن المعدن الحقيقي للإنسان العراقي المحب لوطنه ولشعبه ، مجسدة كل معاني البطولة والشجاعة والثقة بالنفس والإعتماد على القدرات الذاتية ، وكانت محافظات الجنوب أساس الثورة وعمادها على كل هذه الأحزاب والتجمعات التي أحدثت تلك الشروخ في عقل وجسد الوطن الواحد ، هي ثورة ضد الطائفية وضد العنصرية وضد التبعية هي ثورة الوحدة ، ولأنها كذلك فقد عجزت كل الأبواق المعادية في الحد منها ومن تقدمها ، وهي ليست ثورة الشيعة على بعضها كما يتوهم متوهم ، بل هي ثورة الحرية والعدالة والسلام وفي هذا الصدد ، يلزمنا توجيه اللوم لأبناء محافظات الغربية والشمال ، وموقفهم المتفرج واللامبالي إذ لا يصح أبدا الوقوف في قضية الوطن على الحياد ، وإنتظار ما تؤول إليه الثورة من نتائج ثم الركوب على الموجات . وأنتم ونحن جميعاً قد تبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود في هذه الثورة التي تختلف في الشكل والمضمون عن كل ما سبقها من إعتصامات وتظاهرات ، فالذي مضى كان شيئا وهذا شيء أخر ، الذي مضى كان مجرد ردات فعل ليس أكثر ، وكان في الغالب العام مدفوعاً بالتنافس السلبي الطائفي البغيض ، أما اليوم فلا مجال للحديث عن هذا كله ، الكلام اليوم عن الوطن الجامع الموحد الذي يجب أن تُسترد له كرامته وعزته ، الوطن الذي كان والذي يجب أن يكون ، والذي فيه تتجلى الهوية الوطنية بكل معانيها ، من غير أحقيات أو تسويف أو تقسيم قادم من وراء الحدود . إن الفتح المبين قادم لا محالة ، طالما تجاوز الظالمون المدى وتعدوا على الشعب قتلاً وتدميراً ، وأما الرجوع إلى الوراء أو القبول بأنصاف الحلول فهذا من المستحيل لأنه قد أنتهى أوانه ، والشعب لا يقبل إلاَّ بحقه كاملاً غير منقوص ، وهذا أصبح معلوماً وقد أثبت الشعب ذلك وفي قدرته على أخذ حقه ، وإن تهشمت الكثير من الجماجم وتحطمت الكثير من عناوين هذه الدنيا الزائفة ، فقدر العراق وشعبه الصبر والصمود والإنتصار ( وبشر الصابرين ) ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة العراقية الكبرى
-
ماذا تعني ثورة العراقيين ؟
-
إنتفض
-
أدعياء الوطنية الزائفة
-
الحراك العراق اللبناني
-
الحروب السخيفة
-
عندما يثور الشرفاء
-
عاش العراق
-
قتل المتظاهرين العُزل
-
سفر روحاني إلى نيويورك
-
الحكومة السائبة
-
الحوار الإيراني الأمريكي
-
ثمن الحرية
-
قانون التقاعد العام
-
هل يجوز النيابة عن الميت للحج ؟
-
سقط القناع
-
ماذا تعني الضجة المفتعلة حول الإحتفال بكربلاء ؟
-
الفساد في البلاد العربية
-
عيد العمال العالمي
-
الإرهاب في عيد القيامة
المزيد.....
-
طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز
...
-
اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك
...
-
كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع
...
-
ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر
...
-
في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة
...
-
تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
-
-الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
-
تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص
...
-
جامعة كولومبيا تعلق المحاضرات والشرطة تعتقل متظاهرين في ييل
...
-
كيف اتفق صقور اليسار واليمين الأميركي على رفض دعم إسرائيل؟
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|