|
ثمن الحرية
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6331 - 2019 / 8 / 25 - 00:18
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
ليس من السهل ان تقود دولة أو تتحرك فيها بحرية ، بل وتنتزع فيها حقوقك من دون ثمن ومكابدة ، ولا يقوم بهذا ولا يتصدى له إلاَّ من كان يحمل رؤية ومشروعاً وثقة بالنفس وإيمانا مطلقاً ، وإذا كان زمن الثورة والثوار قد ولى فإن المعول عليه هو تلك القدرة في التغيير بوسائل حديثة يتقدمها الفهم والإدراك والعلم والوعي العام . وفي منطقتنا العربية ثمة سلالات تؤمن بالتغيير النابع من الشعب ومن القادة السياسين ، وهي تؤمن بان ذلك يحتاج لموقف من نوع فريد ، وطبعاً حين نستثني ما سمي ( بالربيع العربي) من خارطة وعينا ، بإعتباره وصمة أساءت للعرب ومزقت أحلامهم وأمانيهم وجعلتهم كعصف مذموم تذروه الرياح الصفراء فجعلت منهم الإرهاب والتخلف . نعم ما نعول عليه هو تلك القيادات الشابة التي فرضت نفسها عبر هذا الصراع الطبقي وقدمت نموذجاً نحترمه ونجله ، هذه القيادات ذهبت إلى حيث الداء فصارعته ، لأنه الشيء الذي يحد من حركة العربي ويساهم في تكسير عظامه وعقله ، هذه القيادات ساهمت بالشيء الكثير الذي نعلمه والذي لا نعلمه في عملية جبارة لقلع جذوز التخلف وما يعيق الحركة إلى الأمام ، وهذه واحدة تحسب لإرادة الشجعان في زمن النفاق . وطبعاً يلزمنا المصارحة هنا حيث إننا في مواجهة مباشرة مع نفاق كهنة الدين ، ومن يتلحفون بأوزآر خطايات الأحزاب المتأسلمة ، والتي سببت مع مثيلاتها من التجمعات الرجعية الكثير من الضيم والضعة لشعوب المنطقة وفي أعين العالم . وأُعيد القول ثانيةً لولا إيمان هذه القيادات بان المستقبل لن يرحم من يتغنى بأوثان التراث وما فيه من عفن ، لن يكون ممكناً التقدم أو حتى مُجارات القوم فيما هم ذاهبون إليه ، وإليك أن تنظر إلى خارطة العالم كيف تغيرت علمياً وذهنياً ، وحسبك هذا التفاوت بيننا وبينهم . إذن كان لا بد من رجال يتحملون المسؤولية مع كثرة الضاجين والمثبطين ، رجال نعي انهم يريدون خيرا بالعباد والبلاد ، ولم تكن جدلية العدالة والحرية هي الشغل الأولي ولا بتعميم أيديولوجيا الرهان على أحقيات الزمن الجميل ، بل كانت المثابرة ان تنتصر الحرية وفي ظلها يسود الوئام والتساوي والمشاركة وتعميم ثقافة الإختيار ، التي هي جزء من كل ، شعرت بهذا حينما أعطي للمرأة هامش لا بأس به من الحرية في العمل والإختيار والمشاركة في القرار والتنمية ، وأحسست به حين تنادى القوم بالحلول الديمقراطية لمشكلاتنا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية ، وهذه لا يشعر بها إلاَّ من أنكوى بنار الظلم والقهر والحرمان والسجون . إن تجربتي مع العقل العربي حافلة بموجات من الشد والجذب والمد والجزر ، لكن إيماني بأن العربي والشباب العربي طموح ويستحق أفضل ، لذلك كان هاجسي أن التغيير سيقوده شباب قادة من وسط هذا الحكم العربي ، وليس من خارجه وهكذا بدى لي واضحاً في بعض الدول التي نحت جانباً الإيديولوجيا ، وسمحت للعقل أن يعيش الحياة ويتمتع بالقدر اللازم من الحرية ، فسقطت أوراق التوت من الأراخنة ومتصيدي الناس في دهاليز الفكر العتيق ، وستنجح التجربة ولكن علينا الدعم والمساندة ، من غير النظر بالمخزون التاريخي وما يعتمل في الصدور ، ومبدئنا دائماً تلك الحكمة القائلة - أذهبوا فأنتم الطلقاء - ، والعفو عند المقدرة من شيم الناس الصالحين الذين ينظرون للمستقبل ، ولا يتكدسون في البحث التاريخي عن الأحقيات والمزاعم ، فكل ذلك من الماضي التعيس الذي خلف لنا أرثاً تعيساً مثله نعيش تداعياته يوماً بعد يوم ، إنني أُحيي هذه الطفرات التي حولت الساحات إلى ما ينفع الناس وينال رضاهم وسعادتهم ، أُحيي تلك الإنتفاضة التي تميز حقاً بين ما هو صواب وماهو خطأ في الواقع وليس في التخيل والوهم ، وأظن إن الأيام ستكشف عن المزيد حين نجد دولاً قد تحولت ثم أصبحت المثل والقدوة ، وكذا هي الأيام بيننا فلننظر وتنتظرون .
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون التقاعد العام
-
هل يجوز النيابة عن الميت للحج ؟
-
سقط القناع
-
ماذا تعني الضجة المفتعلة حول الإحتفال بكربلاء ؟
-
الفساد في البلاد العربية
-
عيد العمال العالمي
-
الإرهاب في عيد القيامة
-
هزيمة المسلمين
-
وهم العقل الإسلامي
-
عيد النوروز
-
صحيح البخاري
-
بمناسبة الحكم الصادر على قتلة الشهيد حسن شحاته
-
الزواج المدني
-
رسالة مفتوحة إلى الأخ الرئيس برهم صالح رئيس الجمهورية
-
داعش تعود من جديد
-
أمُنيات 2019
-
الدولة الفاسدة
-
تظاهرات في فرنسا
-
لإحتفال الدولي بنهاية الحرب العالمية الأولى
-
العلاقة بين الفكر والسلطة
المزيد.....
-
كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي
...
-
“اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت
...
-
هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
-
الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة
...
-
مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
-
بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو
...
-
الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة
...
-
الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك
...
-
شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|