|
لإحتفال الدولي بنهاية الحرب العالمية الأولى
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6051 - 2018 / 11 / 11 - 16:53
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لإحتفال الدولي بنهاية الحرب العالمية الأولى في باريس يجتمع اليوم عدد من رؤساء الدول والحكومات للتذكير بالمعنى السلبي للحرب العالمية الأولى ، والتذكير بالكيفية التي يجب العمل على أساسها من أجل تفادي الوقوع في مثل هذه الحروب المدمرة ، ومعلوم إن في أوربا هناك صوت إنساني يعلو فوق صوت الدمويين والشعبويين الذين تحركهم مشاعر الخوف والغضب من الأخر ، تلك الأصوات النشاز التي بدأت تعلو في القرن الواحد والعشرين متأثرة ومنفعلة بردات إهتزازية مصدرها العالم الإسلامي الذي تبنى طروحات وأفكار متطرفة تجاه الأخر والحياة . وأنا لست من الذين يقولون بأن التطرف والإرهاب نشأ وترعرع بفعل و دعم المخابرات والدول الغربية ، حتى لو سمعنا من بعضهم قول ذلك ، ذلك لأن التطرف ليست نزعة تصنع هكذا من غير إيمان بها يحركها ، وهذا الشيء موجود في ذهن وضمير المسلم نجده في أدبياته وخطاباته القديمة والجديدة ، ولهذا فنحن ميالين بدرجة ما للقول بإن مفهوم العنف وعدم التعايش مع الغير ناتج عن عقدة تاريخية تنطلق من إيمان بعدم المساواة وتضخيم لمفهوم الأحقية ، وهذه أشياء تكمن في فكر وثقافة وعقل العربي المسلم ، ويذهب البعض في تحليل هذه الظاهرة على أنها نتيجة لفعل سياسات تاريخية لخلفاء وسلاطين مسلمين فاشلة ، هذه السياسات ولدت في النفس المسلمة عقدة الكراهية للأخر ، والتي تنامت وكبرت مع الأيام حتى صارت بالنحو الذي شاهدناه اليوم في ممارسات وأعمال القاعدة وداعش وأخواتهما . هذه النزعة العدوانية تنم عن فقدان توازن وسوء تفكير ، يجعل من حامليها أدوات من حيث لا يشعرون بيد الشعبويين وأعداء الحرية والنظام والقانون ، إنه النتيجة المنطقية للفعل وضده ، ولهذا تأتي هذه المناسبة للتأكيد على نبذ الحرب والتسلح بقيم الحياة والحرية والكرامة الإنسانية ، وهذه هي الأشياء التي يجب أن تسود وتنتصر ، وأما الإنعزالية والفئوية والقومية والفاشية فيجب ان تزول وتندثر ، من عالم أصبح فيه كل شيء مفتوح على الأخر ، ونظرياً نحن العرب والمسلمين لازلنا نعيش عقدة القرون الوسطى تجاه الأخر ، ولم تستوف بعد عندنا قوانين المواطنة والتعايش السلمي ، ولازلنا نحلم بسيادة إيديولوجيا التمرد والأنا الذاتي ، والتفرد والحقانية وشعارات من هذا القبيل يخضعها الجاهل لحكمه حتى ما عاد التعايش ممكننا في البلد الواحد ، وتجربة العراق وسوريا وليبيا شواهد على ذلك ، حيث أننا لم نجر بعد عملية نقد ومراجعة ، ولازلنا نجتر فكرة الأحقية المزعومة بأسم الدين ، ولهذا نتصارع من خلالها وحولها على هوامش سياسية ونفوذ ومال سحت ، حتى صارت بلداننا من أكثر البلدان فساداً في كل المجالات والنواحي . وليس هناك ثمة أمل في التغيير ، أوربا ومن حولها العالم الحر تطمح لتدعيم حياتها ومجتمعها وقوانينها بما يجعلها أكثر أمناً ونظاماً وموائمة للعيش مع الجميع تحت ظل فكرة التسامح وعدم الكيدية ، ولهذا تستوعب المسلمين والعرب مع عدم حاجتها إليهم ، وتهب لهم الحياة الحرة والعطايا والعيش الرغيد ، لم تنظر إليهم من خلال لغتهم ودينهم وقوميتهم بل فتحت المجال للعيش في ظل الإنسانية التي يتساوى فيها الجميع ، ثمة حقوق أعطيت وثمة حماية توزعت ، ولهذا غدت قبلة الجميع ومعشوقة الجماهير يأتوها ظانين بها كل الخير ، والحماية والقانون الذي يفتقد عند أهل الشعارات والأيديولوجيا الخداعة ، إنها مناسبة يمكننا النظر إليها بعين الرعاية والإهتمام في كيفية معالجة قضايانا ؟ ، وكيف يمكننا التعايش مع الأخر من غير أحقية أو دعاوى دينية ومذهبية وقومية زائفة ؟ ، فأوطاننا يمكنها أن تتسع للجميع حين تغلب فيها قيم الحياة والحرية والعدالة والسلام ، وليس تلك قضايا مستحيلة إنما تكون حين يكون الإنسان العربي والمسلم أمن بالشرف والقانون والنظام ، والإيمان يستحضره المسلم حين يؤمن حقا بالقانون ويبتعد عن الشطط وعن الشعارات وعن التزييف وعن الدين السياسي والمرابات ، وحين يؤمن بأن الوطن للجميع وأن الدين لله ، وحينها تزدري في عينه أشياء زائفة ويخمد عنده الوهم والخداع والتضليل و التطبيل والتزمير ، وهذا الكم من الشعارات و الهوى الغلاب ، إنها مناسبة تحاول فيها أوربا ومعها العالم الحر لتجعل من عالمها خال من التوتر والعنف والكراهية ، وفي ذلك المنحى النبيل تكون لنا قدوة وأسوة حيث ننشد جميعاً العيش بكرامة ونظام وقانون ، من غير مفسدين وجهلة وظلاميين وبائعي هوى ومصدري فتنة ورغبات وكبت وتعنيف ، ذكرى المئوية نستحضرها عندنا حيث مررنا بحروب وفتن وتطاحن على أشلاء وبقايا من عفونات الزمن الماضي ، فهل نستجيب لنداء العقل وننتمي لدائرة أهل العلم والمعرفة والعيش من غير مزيفين ومرابين وإنتهازيين ؟! راغب الركابي
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاقة بين الفكر والسلطة
-
القوي الأمين
-
القانون المخروم
-
زمن التوافه
-
مقابر المسلمين
-
الحكومة العتيدة
-
رسالة مفتوحة منا للأخ السيد مقتدى الصدر
-
أوهام الإنتخابات
-
دفاعاً عن الدكتور خالد منتصر
-
الإستفتاء في كردستان
-
جدل في تونس حول حقوق المرأة
-
ما بعد الموصل
-
بمناسبة عيد الفطر
-
داعش في طهر ان
-
مشروعية الإغتيال السياسي
-
لسنة 2017
-
حثالات تُثير الفتن
-
قانون الحشد الشعبي
-
بدعة صيام عاشوراء
-
تصحيح الإعتقاد في معنى ثورة الإمام الحسين
المزيد.....
-
انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
-
بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن
...
-
فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب
...
-
ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال
...
-
الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط
...
-
وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير
...
-
“الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم
...
-
مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من
...
-
م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
-
م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|