تأملات انسان في زمن الكورونا

وسام جوهر

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 29 - 17:00
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    

السويد 2020-03-27

قبل ايام نشرت مقال بخصوص الحرب العالمية الثالثة, وقلت انها دائرة ولم اقل قادمة ... قلت انها اقتصادية مالية ولم اقل عسكرية تدار بالطائرات والدبابات والاسلحة النووية.
ومع اشتداد هجمة الكورونة تشتد معارك هذه الحرب ... انها معارك لا تدار بعيدا في جبهات قتال بعيدة، بين جيوش دول متحالفة ضد دول اخرى ... لا بل انها دخلت ومن اليوم الاول كل بيت، و صار كل فرد منا جندي في هذه المعارك في الصين في ايطاليا في الولايات المتحدة الامريكية في ايران والعراق واسبانيا في اسيا واروبا وافريقيا، في كل مكان.
كورونا قرّبت ووضّحت مفاهيم فكرية وسياسية واقتصادية نظرية معقدة من ذهن كل فرد، لانها اصبحت مادية ملموسة تلاحقنا فردا فردا ... الموظف فقد الوظيفة وصارت العائلة دون معاش... العامل بالاجر اليومي فقد لقمة العيش بلمحة البصر وصارت العالة تبحث عن قطعة خبز وان دون اي شيء اخر ... صاحب شركة او ورشة او معمل صغير فقد السوق على غفلة ودون سابق انذار ... شبكة الرعاية الاجتماعية من خدمات طبية وتعليمية وكل انواع الخدمات اصابها الشلل الفوري وانهارت ..
عدد المصابين فاق اضعافا مضاعفة من الطاقة الاستيعابية من اطباء واجهزة طبية وكل التخصصات الطبية الاخرى .. دول عملاقة كالصين والولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبية صارت كالقشة في مهب العاصفة ... كم كنا اغبياء بان اخذنا غرورنا الى كبرياء لم يصمد امام اصغر كائن نصف حي (الفيروس في الحقيقة لا هو كائن حي ولا جامد بل بين بين) بضعة ايام. اننا بحق نعيش ما كان اسلافنا يصفونها من حالة كارثية بعبارات مثل (دايي ولد هاڤيت )!
لا يسعفنا شيء سوى مراجعة الذات افرادا وجماعات وبلدانا وحكومات، فمصيرنا مشترك اكثر بكثير مما نريد ان نتصوره ... تبايناتنا في القومية والدين والمذهب واللون والجنس كلها اوهام ... الاف القوميات والاجناس والاديان والمذاهب عبر الاف السنين لا تسعفنا بقرشين ... ليس لنا غيرنا ... نحن البشر .. ليس لنا سوى ان نعي بان مصيرنا مشترك ليس امام كورونا واخواتها فحسب بل ايضا في لقمة عيشنا وفي كل صغير وكبيرة ... فلقاح يصنع هنا وجهاز تنفس اصطناعي يصنع هناك .. عقار يصنع في بلد وطعام ينتج في بلد اخر .. تقنية تبتكر هنا واخرى تخترع هناك ...
لتكن حربنا العالمية الدائرة حرب وصراع بقائنا كبشر ... ليس في مصلحة احد منا ان تهاجم الولايات وبمؤازرة اسرائيل ايران اي كان راينا في من يديرها ... ليس في مصلحتنا ان تنهار الولايات المتحدة وتتربع الصين على عرش العالم لتصبح امريكا جديدة ... وليس من مصلحتنا كبشر ان تحطم امريكا الصين او الهند او برازيل او دول الخليج .. ليس من مصلحة امننا واماننا ان يكون سعر برميل النفط 17 دولارا ... وليس وليس وليس ...
ليس لنا سوى انفسنا ونعمة العقل ان نستغلها خير استغلال لنتفاهم، فلا باس ان يكون الناتج القومي الاجمالي للصين اكبر من مثيله الامريكي ولا باس ان يكون الدولار هو العملة العالمية لكي لا ينهار النظام المالي ... لا يضر البشرية ان تنهض روسيا الاتحادية بقوة وتساهم في الحضارة البشرية بكل قوة بعد تجربة سبعة عقود من فشل التجربة ... لنعمل سويا لنقلل الفجوة بين الاثرياء والاغنياء الفاحشين والفقراء المعدومين ... تحقيق العادلة الاجتماعية لا يجب ان يعني بالضرورة الغاء اليات الاقتصاد الحر الضرورية جدا ولا الغاء الثراء والثروة بل فقط جعل عالمنا اكثر امنا وامانا يعيش فيه كل فرد بعز وكرامة لا يحتار في لقمة عيشه والا فان حضارتنا لا تساوي قرشين وستنهار لا محال.... انها تاملات انسان في زمن الكورونا...

#وسام_جوهر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل