( في افكار علي الوردي )

كمال انمار احمد
كاتب على سبيل النجاة
(Kamal Anmar Ahmed)

الحوار المتمدن-العدد: 6519 - 2020 / 3 / 21 - 04:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

لا نستطيع الحديث عن وجود تشابهات واقعية محضة في كتابات علي الوردي المختلفة،فمن كتابه الفرد في المجتمع العراقي مرورا بوعاظ السلاطين و مهزلة العقل البشري،فان ما يستنتج من كتاباته هي انها و بشكل ما بعيدة كل البعد عن ان تكون فكرة واحدة بأشكال متعددة،لكن حوت كتبه هذه،افكارا متعددة و متنوعة الأشكال،و لكن نجح علي الوردي كعالم اجتماع دقيق،وضع نقاط أتصال بينها،و حاول بالأمثلة التجريبية العملية،ان يبرهن على صحة نتائجه و نجح في الكثير منها فعلا.و من هذه الأفكار المختلفة التي وجدت في كتب الوردي السالفة هي:الخصوصية الفردية العربية و العراقية منها خاصة في مشكلة الصراع بين الحضارة و البداوة،و تاريخية الطائفية بين السنة و الشيعة،حيث ينقلنا علي الوردي الى قصص عن النبي و ابو بكر،و عمر،و هو يعقد فصولا عدة في كتابه وعاظ السلاطين يتحدث فيها عن عثمان بن عفان،و طبيعة حكم علي بن ابي طالب،و عن عمار بن ياسر،و كذلك ابو ذر الغفاري،و يوضح توضيحا يوكد عليه كثيرا،عن المنطق الذي يتخذه الوعاظ في كل زمن،و عن منطقهم الحججي العتيق البعيد عن الواقعية،المرتكز على المثالية الأفلاطونية،و يرى الوردي ان ما يقوله هولاء الوعاظ سبب تناشزات اجتماعية كثيرة في المجتمعات العربية عدد بعضا منها في كتابه "لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث"،و فصل القول في العراقية منها على وجه الخصوص.

و يوضح طبيعة الصراع الذي حدث بعد تنازل الحسن عن الخلاقة،حيث الحسين في طرف و يزيد في طرف اخرى،كما و يشرح الطبيعة الشخصية لمعاوية الداهية العربي و رجل السياسة الحربي،و طبيعة الخليفة "علي بن ابي طالب"الدينية الميالة الى الورع السكينة و عدم الانجرار وراء السياسات الحربية.

و يحلل الوردي المشاهد الدموية للحروب التي حدثت اثناء فتنة عثمان،و يفترض الوردي كعادته افتراضات تاريخية جديدة مبنية وفقا لأدلة معينة فمثلا الوردي استنتخ ان من قتل عثمان هو محمد بن ابي بكر،و من قتل طلحة صديقه في المجموعة،مروان بن الحكم!و كذلك الأحداث التي حصلت ببن جيشي علي و معاوية في صفين و بين الخليفة علي و عائشة في الجمل،و معركة الطف،و النهروان،و غيرها من المعارك الشرسة.

في كل هذه التحليلات نجح علي الوردي نجاحا لا يستهان به كمؤرخ بارع،حيث ان افتراضاته و ان لم تكن كلها بمحلها،لكن كانت اغلبها مبنية على اساس معتمد على الدليل،و افاد من كل فرضياته،متخصصي عَلم الاجتماع الذي جاؤوا بعده افادة غير قليلة في اعطائهم الحافز الاجتماعي الاول للبدأ و البحث في طبيعة المجتمع العراقي،و كأَول عالم اجتماع العراقي،و كمؤسس لهذا العلم في العراق،فقد وضع الوردي الأسس الطبيعية لعلم اجتماعية و هيا الأرضية اللازمة لتمكين المتخصصين بعده من الوقوف على أسس و مفاهيم و قيم رئيسية و ان كان بعضها أولي.و في كتابه هذا اي وعاظ السلاطين نبه أإلى مسالة مهمة جدا في المجتمع العراقي،و هي الطائفية القادمة بين عمر و علي،و هو يوضح انه لا فايدة من معرفة أيهما الافضل،فهمًا في النهاية قد ذهبا الى دار حقهما منذ اربع عشر قرنا،ما يهم هو االمستقبل و ما سنفعله خلاله.

في كتابه المعنون "دراسة في المجتمع العراقي"الوردي في كتابه هذا يضع نظريته المتكاملة عن المجتمع العراقي،اي نظرية الصراع بين الحضارة و المجتمع،و يبدا الوردي بعرض مئات الظواهر و الأمثلة التي توكد الصراع بين نظامين مختلفين من القيم،منها الحضارية و منها البدوية،خصوصا و ان الشعب العراقي،بمعظمه من البدو و الريفين في القرون القليلة السالفة،حيث كان الحضريين يمثلون الأقلية امام هولاء.و هو يوضح طبيعة النزاع و الصراع المتأصل داخلة النفس الانسانية،فباختلاف تقاليد الواقع،مع اللاوعي تصبح المشكلة عالية حد الخطر،و هو يطلعنا و بشي من التفصيل عن التأثير البدوي في الريفين و المتحضرين،و يتحدث عن أشكال مختلفة من الشجارات القائمة بين المحلات في مختلف محافظات العراق،و كذلك هجومات اهل الريف على المحلة و العكس،و تعاون اهل المحلات بينهم ضد محال اخرى،رافعين قيم المنعة و الشهامة كمقياس للرجولة الحقيقية.

#كمال_انمار_احمد (هاشتاغ)       Kamal_Anmar_Ahmed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات