أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حمدي حمودي - الى زملائي في القسم...














المزيد.....

الى زملائي في القسم...


حمدي حمودي

الحوار المتمدن-العدد: 6519 - 2020 / 3 / 21 - 02:38
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


سيتغذى هذا النص، بملعقة من حديد وقدح من نفس الخامة مليء حتى الطفح، بمرق العدس أواللوبيا وقطع الخبز الكبيرة في المطاعم المدرسية الشبه العسكرية، ثمانينات القرن السابق، وسيجلس على المناضد والمقاعد المشتركة الطويلة.
سيتغذى على وقفة معلم التاريخ بلباسه العسكري، وغطاء رأسه المطوي بعناية على الكتف الايسر، قطعة القماش المثبتة بزر، المكان المخصص لوضع النياشين والرتب. تلك التي ظلت فارغة، كجيوب القميص وجيوب السراويل، الا من قلم يحل ضيفا ثم يرحل.
تلك الملابس التي كانت تخاط في ورشة الخياطة، ونحن صغار خصيبي الخيال كثيري التساؤل كنا نتساءل عن جدوى خياطتها المعقدة.
معا في القسم كنا نقف احتراما لمعلمنا بنفس الثوب اللون يختلف ولكن بنفس التساؤلات.
كنا والى اليوم نقدر ذلك المعلم و اذا دخل الآن سنقف له أكثر احتراما واعمق تقديرا، وفي تلك السنين التي كان الآباء فيها شهداء أو معتقلين أو مقاتلين.
وشرف اتباع خطواتهم نحو تحرير الوطن، القدم على اثر القدم، هو ما يؤمن الطريق وتتضح وتبيّض وتصير سالكة.
أحلامنا ككل الأحلام ظلت أكبر من الاجساد ومن العقول، كنا نحن المستقبل الواعد، وكانت للأساتذة الفرصة أن يزرعوا أنفسهم من خلالنا من جديد ويتعهدون غرساتهم بالسقاية والرواء الطيب.
حلمهم أكبر من احلامنا، وأكثر شجاعة كانوا، لأنهم يرون المطبات والعوائق ويستمرون دون توقف.
المدارس التي بدأت بحفر وخيم هنا وهناك وسبورات متنقلة وطباشير والواح لمحو الامية.
تحولت الى مدرسة مثالية، وصفتها احدى الصحفيات السويديات آنذاك قائلة "لقد زرت أكبر ساحة مدرسة في العالم".
نحن كتبنا على قوس الدخول "مدرسة 12 أكتوبر التدريب واجب وطني".
الرياح التي لا تهدأ الا قليلا في تلك السنوات، تنقل الكثبان الى خارج الباحة الرباعية لساحة المدرسة، السور الابيض القصير يحيط بالعلم الذي يتموقع في منتصفه تماما محددا ساحة اخرى هي ساحة العلم، حيث يتجمع كل صباح كل من بالمدرسة على شكل كراديس جيدة التنظيم لتقديم تحية العلم.

ومن فتحات الساحة يتجه كل صف بخطوات موزونة الى قسمه لتلقي الدراسة، أو حصص التدريب العسكري أو الرياضة،،،

ستكون المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء الاسهل لدينا حينما توجهنا لاحقا لمواصلة الدراسة الثانوية في دول أخرى

المستوى عال جدا والاساتذة ممتازون وجادون، أما النحو والقراءة والاملاء فغرفنا من مدرسة "9 يونيو" الابتدائية وملأنا القرب.

الادوات والكتب توزع مجانا المنهج صحراوي كله، التاريخ والجغرافيا لا تسأل عن الخرائط والدول والسكان والمباريات المستمرة بيننا حول اسماء العواصم والدول المجهرية.

في الليل يبقى قليل من الوقت المستقطع، في محاورات الشعر والابيات التي حفظها الجميع، بعد المراجعة الليلية المقيتة التي كنا نكرهها أيما كره.

في عمر الشباب عمر البراكين المتفجرة التي لم تشكل جزرها ولا نهاية لاشكال يابستها، في ذلك الجو المشحون بالمعنويات العالية، والانفعالات والصداقات ورسم خط السير الموجه لها، حين يبدا الانسان يشكل رزمة الرفاق في لعبة التجربة بالخطا والصواب، التي سيلعب القدر لعبته الكبرى في نهاياتها.

ربط حبال العلاقات الاولى بين الرفاق ليست بالشيء السهل، انها حقل الغام له ادواته ومعداته، الميول والمصالح والاشياء الصغيرة الاعمار المتقاربة والعادات والقدرات والمهارات اليدوية واللفظية وحتى الميولات الذاتية، والاهتمامات وتدرج الاولويات, وعوامل اخرى دقيقة، كالذكاء الدراسي والاجتماعي، وامور كثيرة صغيرة ودقيقة ومعقدة الوصف والتتبع، لكنها في وجدان الانسان وروحه لها دور كبير في تكوين شخصيته وبناء نفسه، خاصة في غياب الاب والام واحيانا الاخوة، حيث تتشكل صور من العلاقات يكون للانسان الكثير من الحرية ومساحة من المسؤولية الذاتية ، ربما تكون إيجابية وربما تكون سلبية، انها اشياء لا نفكر بها بهذا الشكل آنذاك، لكننا نمارسها بشكل تلقائي كرفاق وزملاء ليس لنا الخيار الا ان نبقى مع بعضنا ونتعايش.

مثل الرياح تماما تتشكل تلك العلاقات المتقلبة ومثل جو الحمادة تسخن الى اعلى درجات وتبرد ولكنها علاقات متغيرة في كل مرة كالكثبان الرملية بنسيج واحد وبأشكال مختلفة يفهما الرفاق وتحركها قدرة الخالق جل وعلا.

يتبع

..........................................................................................................................................................

احداث هذه السيرة الجماعية حدثت في مخيمات اللاجئين الصحراويين



#حمدي_حمودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدبلوماسية الجزائرية أعادها وعي الشعب الجزائري والمغرب تعيد ...
- تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي على القضية الصحراوية
- المغرب ينتج مناديل ورق القمامة في العيون.
- ثقب الكركرات...-العَوْدُ أَحْمَدُ-
- رد الفعل الايراني: التنين سينفخ النار او تأكله نيرانه...
- من ذاكرة مقاتل...
- الرياح الصحراوية...
- على العهد باق...
- طريق الشهداء ….مؤتمر:الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و ...
- مضى وقت الوعيد...
- الاتجاه والاتجاه الصحيح:اين تتجه الجزائر وأين يتجه المغرب؟
- ماذا تعني استقالة -المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة ...
- التحولات الديمقراطية كائن حي
- الدعم السعودي للمغرب أين المقابل؟... هل تصبح قطر هي كبش الفد ...
- العلاقات السعودية المغربية تنتظر الجليد
- نفوذ واشنطن في افريقيا صار واقعا...ما هي ردود باريس؟
- الى أين يتجه المغرب 2019 ؟
- الاحداث في باريس -صناعة الآخر-
- عناد في جنيف وتودد في نواكشوط...
- وجهة نظر. - تسريع حل القضية الصحراوية ربما لم يعد خيارا بل س ...


المزيد.....




- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حمدي حمودي - الى زملائي في القسم...