أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حارث رسمي الهيتي - ماذا يعني أن تعيش في بغداد 2020














المزيد.....

ماذا يعني أن تعيش في بغداد 2020


حارث رسمي الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 6513 - 2020 / 3 / 13 - 22:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكتب الآن في الثالث عشر من آذار 2020، أي بعد خمسة أشهر من انطلاق تظاهرات تشرين الأول 2019، الحدث المفصلي الذي سيكتب عنه الكثير، الآن حيث لم ينشغل أحد في تسمية ما جرى ويجري، رائحة الدم ولونه، المنشورات التي تعلن عن اختطاف فلان أو اغتيال آخر، اللافتات السوداء التي تنعي شبابنا، الأفق الذي يبدو مسدوداً، لا مبالاة الجميع أمام هول ما يحصل لنا، كل هذه وامورٌ أخرى تدفع بالكثير من المختصين بأن يؤجلوا الجدل حول ماهية ما يحدث، حراك أم انتفاضة، هبةٌ شعبية أم ثورة.
خمسة أشهر من حلمٍ انتظرناه طويلاً ورسمناه في مخيلتنا، حلم أن تخرج الناس تحت يافطة مصالحها بعيداً عن هوياتها الفرعية، منذ خمسة أشهر يتشارك أغلبنا في العمل على إنجاح هذا الحلم، حلم أن يكون لنا وطنٌ يشبهنا نحن المحبين للحياة.
أكتب الآن وأنا أرى الساحة، أرى نصب التحرير، أكتب بعد أن غبنا بفعل عوامل كثيرة، بعد أن نجحوا من هددتهم جموعنا في الساحة من بث الصراعات بيننا، أكتب بعد ان أصبحت الاعداد في الساحة لا تكفي لأن تزرع الرعب الذي دب في صدور الطغاة الجبابرة قبل شهور، وفي اللحظة ذاتها أسترجع كيف كنا نشق طريقنا بالتدافع والاستئذان كي نصل الى قلب الساحة، حيث النصب والهتاف والدخانيات، كيف كنا نخاطر بحياتنا لنقف تحت رائعة جواد سليم لنسمع نداء "الكولجية" وهم يصيحون بقوة: راسك فوك وشوفها وين توكع!!!
أكتب الآن وانا اقرأ لبعض الأصدقاء ممن يكتبون مطالبين بتوفير الطعام لمن يبيت في مخيمات الاعتصام، وأتذكر يومها كيف كان المتظاهرون يطلبون من العوائل أن تقلل من كمية الأكل الذي تجلبه الى هناك.
أتصفح صوراً للساحة وأتذكر مشهداً كنت شاهداً عليه، يوم سيطر المتظاهرون على جسر السنك والكراج القريب منه، يومها ذهبت الى هناك بصحبة مرتضى أخي، أتذكر جيداً منظر العوائل القادمة من اتجاه مرقد الخلاني واتجاه أمانة بغداد وهي تحمل الطعام والبطانيات، وليس بعيداً عنهم كانت مجاميع من الشباب وعلى الأكثر من الموظفين كما يبدو على ملابسهم النظيفة عكس المتظاهرين الذي يشاركون عمليات الكر والفر مع مكافحة الشغب، اتذكرهم وهم ينصبون الخيم استعداداً للاعتصام هناك، بالقرب منهم كانت مجموعة من الفتيات الجميلات يتهيأن لإقامة أولى مفارز الإسعاف.
أكتب عن خوفنا وخشيتنا من الذهاب، في الوقت الذي أتذكر كيف جازفنا مراراً من الوصول الى أشد النقاط خطراً وتعرضاً للموت، أكتب عن الأيام التي كان جميع من في الساحة لا يفرق بين ملتحٍ وحالق للذقن، فالجميع هناك يلتحف علماً لأول مرة أشاهده وكأننا نعيش تحته لا نموت!!
أكتب من بغداد، بعد قرابة الشهرين على واحدة من أكبر حماقات أمريكا اللعينة، حماقة ارتكبها هذا الأغبر ترامب يوم قرر أن يقتل سليماني على أرضنا، ترامب الذي كثيراً ما أوصفه بأنه الوجه الحقيقي لأمريكا "الديمقراطية" راعية "الحرية" كما زعموا، يومها استيقظنا على وقع هذا الخبر، وبانت أولى علامات القلق حيث أستغلها قتلتنا وتوحدوا امامها، أعادوا ترتيب اوراقهم، وحزموا أمرهم وأشروا صراحة على إن من يتحرك اليوم في ساحات المدن المحتجة هم أبناء السفارات، وهذا يحمل ما يحمله من مخاطر، بعدها نجحوا من إعادة أنفسهم الى الواجهة، والحجج كثيرة ابرزها التي أعطاها إياهم ترامب، "يجب توحيد الجهود أمام الهجمة التي يتعرض لها العراق"!!
أكتب بعد شهر واحد تقريباً على ذعرنا من كورونا، أو هكذا أراد لنا البعض، أن نخاف أكثر مما ينبغي، الشوارع في الأيام الأخيرة حزينة، هذا النظام الحقير، المرعب حوّل بغداد الى مولات ومطاعم، فالتنزه هنا أو قضاء وقت مع العائلة يعني أن تذهب مطعم معين، او تتسوق من أحدى المولات، اما برفقة أصدقائك فالمقاهي كثيرة، أن تسير في الكرادة وحدها شيء ممتع، الآن حيث أغلق كل شيء تقريباً، أصبحنا حبيسي البيوت، وما يرعب الناس أكثر هو عدم تصديقها لإمكانية هذا النظام من الصمود أمام فايروس لعين، فالجميع هنا يدرك ويتندر ليقول: الحكومة التي تقتل شعبها وتسمح باختطافه على يد جهات تكاد تكون معلومة لهم هل تعمل جهدها لعدم موته بالكورونا؟!!
اليوم وقبل أن أكتب هذه السطور بساعات كنت اشاهد صورةً مرعبة، مجموعة أطفال تتحلق حول جثة لشاب جنوبي قتلته جهة ما كونه ناشط مدني العجيب إنهم اختاروا له وقتاً يناسبهم، قتلوه حين خرج من صلاة الجمعة!!
أكتب الآن في الوقت الذي يتصارع في داخلي الأمل والتشاؤم، هل سننجح في تحقيق الحلم الذي أردناه؟ الحلم الذي أخذ من شبابنا أكثر من 700 شهيد و 25 الفاً من المصابين؟!! هل سننجح في أن نجعل من هذا البلد مكاناً يستحقنا ونستحقه؟ هل سننجح في إقامة نظام يحترمنا؟ ويعمل يومه من أجل الحفاظ على سلامتنا؟ نظام لا تزعجه أحلامنا ومطالبنا؟ أم سنهزم؟ سنهزم امام القتلة الذين يتسابقون من أجل انهائنا؟ سننهزم أمام كورونا في مستشفياتنا التي يشاركنا فيها كل شيء، القذارة والكلاب والقطط؟ سنهزم وفي قلبنا لوعة على وطنٍ لا ندري من فرط بالآخر نحن أم هو؟!!



#حارث_رسمي_الهيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسة عشر يوماً من تشرين
- كي لا يقتلنا النفط
- سلام عادل .. الاستثناء في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي
- الوطن هو أنتم، الوطن هو أنا
- ملاحظات من عطلة العيد
- القفز من مركب الرئيس !!!
- من حفل التنصيب !!
- فندق حامد المالكي الذي شغلنا !!
- قادةُ مروا بعد فهد ، لهم وعليهم
- كيف خيبت سائرون حلماً كان قريباً ؟
- الذاتي والموضوعي في تشكيل فهد
- وثبة كانون ... فتاةٌ على الجسر وكسر للنهج الطائفي مبكراً
- اليشوف الموت ما يرضى بمجلس مكافحة الفساد
- وزير الثقافة و ورث بابا خرابة
- الموقف من الشيوعيين !!
- قراءة بصوت عال لمقال الرفيق جاسم الحلفي
- الهرمنيوطيقا .. ومحاولة فهم النص الديني
- ثلاث رسائل لمئوية ثورة أكتوبر
- لماذا لا يؤسس النظام الأمريكي دولةً للرفاه ؟!!
- ( المجتمع المدني ... قراءة في المفهوم )


المزيد.....




- -صليت وسط الأنقاض-.. علي شمخاني مستشار مرشد إيران يكشف ما حد ...
- كيف أحبطت قطر هجوم إيران على -العديد- أكبر قاعدة أمريكية في ...
- سي إن إن: هكذا أحبطت قطر الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
- مراسل فرانس24 في طهران في قلب مراسم تشييع قتلى الحرب بين إسر ...
- ترامب: محاكمة نتنياهو تعيق قدرته على التفاوض مع إيران وحماس ...
- موجة حر شديدة تضرب جنوب أوروبا، فهل تغيّر طقس القارة العجوز؟ ...
- Day at the Races 789club – Cu?c ?ua t?c ?? m? màn chu?i th?n ...
- عاجل | وزير الخارجية الفرنسي: نعتزم مع شركائنا الأوروبيين ال ...
- العقوبات تتجدد.. هل تنجح أوروبا في كسر شوكة بوتين؟
- فيديو.. عامل معلق رأسا على عقب في الهواء بعد صدمة مفاجئة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حارث رسمي الهيتي - ماذا يعني أن تعيش في بغداد 2020