|
هدنةٌ في حروب العِلم على الدين، الاختصاصات غير المتداخلة
عادل عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 6513 - 2020 / 3 / 13 - 10:15
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الاختصاصات غير المتداخلة، هدنة في حروب العلم على الدين ( إنّ العلم و الدين قد وضعا في معركةٍ فاصلة حتّى الموت، معركةٍ يمكن لواحدٍ منهما فقط أنْ يخرج منتصراً، و لا بدّ من أن يكون المنتصر هذا هو العلم) ــ داوكنز –
( ليس هناك من طريقٍ أسرع، يجلب العالِم خلاله العارَ على نفسه و اختصاصه و يلوّث سمعته، من الإعلان ــ على الأخص عندما لا يكون هناك ما يضطره لذلك ــ بأنّ العلم يعرف أو أنّه سيتمكن قريبا من معرفة جميع الإجابات عن الأسئلة التي تستحق السؤال. إنّ تلك الأسئلة التي لا تسمح بأية أجابة عليها، هي بطريقة ما ليست أسئلة، و ليس سوى الأستاذ الساذج مستعد للإجابة عليها. إنّ وجود حدود للعلم مسألة تمّ وضعها بوضوح، أمّا الأسئلة الأخرى، مثل، كيف يمكن للأشياء كلّها أن توجد ؟ أو ما هي الغاية التي توجد من أجلها ؟ ما غايةُ الحياة ؟ إنّ اسئلة كهذه علينا أنْ نعود بها الى الأدب و الدين من أجل الحصول على إجابة عنها ) Sir Peter Medawar
على نحو عام مباشر، يمكن القول أنّ مصطلح"الإختصاصات غير المتداخلة" أو" NOMA" ــ و هو اختصار للمفردات المؤلّفة للمصطلح Non Overlapping Magestria ــ يعني أنّ لكل من العلم و الدين ميدان بحثهِ الخاص به و موضوعاته و أسئلته و إجاباته المتعلّقة بالميدان ذاته، و من هنا فهما مجالان معرفيان غير متداخلين و لا يلغي أحدهما الآخر. و مما تجدرُ الإشارةُ اليه بهذا الصدد، أنّ عالِم البيولوجيا التطوريّة ــ الملحد ــ ستيفن جاي غولد، هو واضعُ المصطلح هذا و الداعي الى العمل وفق معطياته حلّاً للنزاع المفترض بين المجالين المعرفيين آنفي الذكر. غير أنّ مثل هذا المصطلح لا يناسب و لا يتّفقُ مع العقلانية العلمية المتشددة التي يتبناها من العلماء الماديين، و منهم داوكنز، لأسباب خاصة به وحده، لذا فهو يعمل على مهاجمته كلّما سنحتْ له فرصةٌ بذلك، و هذا ما فعله بالضبط في كتابه "وهم الإله" حيث أفرد فقرة طويلة لهذا الغرض خصّ بها مهاجمة العالم الاميركي "ستيفن جاي غولد" و جميع العلماء و الفلاسفة المعتقدين بصحة معنى هذا المصطلح. يقول الفيلسوف العالم ألستر مكغراث في كتابه المخصص لنقد كتاب داوكنز وهم الإله ( كان العالِم البيولوجي التطوري الأميركي"ستيفن جاي غولد" يعتقد بأنّ الطبيعة يمكن أنْ تُفسّر بطريقتين، إحداهما "مؤمنة" و الأخرى "ملحدة" و كلاهما احتمال فكري حقيقي بالنسبة للعلم . و يبدو أنّ مثل هذه العبارة قد أثارتْ غضب داوكنز، ليردّ عليه بالقول: كيف يمكن أنْ يقول أشياءً كهذه ؟ وهكذا يرفض داوكنز أفكار "ستيفن غولد" دون أن يقيم لها أيّ اعتبار) و هو الموقف نفسه الذي أثار غضب داوكنز حين أعلن عالم الفلك المرموق مارتن ريس (أنّ بعض الأسئلة المصيرية ــ القصوى ــ تكمن إجابتها في ما وراء العلم و أنّ القضية الأساسية التي تواجه العلوم هي، كيف يمكن أنْ نمنح معنى لواقع متعدد الوجوه و الطبقات، شديد التعقيد؟ و قد نوقشت هذه المسألة الأساسية في المعرفة الانسانية من قبل فلاسفة العلم، مثلما تمّ في الغالب تجاهلها من قبل أولئك ــ الذين لديهم أسبابهم الخاصة ــ الذين يرغبون في تصوّر العلم بوصفه الطريق الوحيد الموثوق لاكتساب المعرفة الحقيقية ) أما السبب الرئيس في غضب داوكنز على معنى هذا المصطلح فهو، إنّ القبول به يعني ( سحب البساط من تحت أولئك الذين يرغبون الحديث ببساطة عن "برهان علمي" أو "دحض علمي" لقضايا من مثل : معنى الحياة، أو وجود الله". "إنّ العلوم الطبيعية تعتمد على الاستنتاج الاستقرائي الذي هو قضيّة تتعلق بفحص الأدلة و تعييرها و احتمالية الحكم، و ليس بالبرهان عليها، الأمر الذي يعني انّ الأسئلة الكبرى للحياة ــ و التي بعض منها علمي ــ لا تمكن الإجابة عنها بأية درجة من اليقين .. إنّ الأسئلة الكبرى ستبقى دون إجابةٍ عنها، و إذ لا تكون هناك إجابة علمية عنها، فإنّما يكون ذلك، إمّا بسبب عدم قدرتنا عن الإجابة عنها، أو أنّه يجب الإجابة عنها و لكن من خلال أسسٍ غير علميّة ) و لأنّ مثل هذا التصوّر للمجالين المعرفيين لا يحظى بقبول داوكنز، يستحضر مكغراث قول داوكنز من أجل تفنيده، يقول داوكنز ( إنّ العلم هو الأداة الموثوقة الوحيدة التي نمتلكها لفهم العالَم، قد لا نتمكّن من فهم شيء ما في الوقت الحاضر، و لكننا سنتمكن من ذلك مستقبلاً، إنها مسألة وقت ) فيقول مكغراث معلقا على هذا التصور (إنّ وجهة النظر هذه مبثوثة في متن كتاب داوكنز كلّه و إنّ الموضوع غاية في البساطة بالنسبة لداوكنز حيث ليست هناك فجوة يمكن لله أنْ يختبئ فيها، لأنّ العلم سيتولى تفسير كلّ شيء و الإجابة عنه، بما في ذلك السؤال: لماذا لم يزل بعضُ الناس يؤمنون بفكرة ساذجة كفكرة الله ) يضيف مكغراث ( من الضروري أنْ نوضّح الآن لداوكنز: أنه لا يمكن للنظريات العلمية أنْ تدّعي تفسير العالم، إنّ النظريات العلمية تعنى فقط، بتفسير الظواهر التي يمكن ملاحظتها في العالم، فضلاً عن القول، إنّها تجادل بأنّ النظريات العلمية ليس المقصود منها وصف أو تفسير أيّ شيئ يخصّ العالم، كالغاية منه مثلاً .. هناك الكثير من الأسئلة، ينبغي الاعتراف بحكم طبيعتها، بأنّ الإجابة عنها تكمن خارج نطاق شرعية المنهج العلمي، كما تمّ فهمُ ذلك على نحو جيد، على سبيل المثال: أ ثمة للطبيعة غايةٌ ما؟ غير أنّ داوكنز يعتبر مثل هذا السؤال زائفاً، بل أنّه سؤالٌ غير مشروع بالنسبة للكائنات البشرية، و ليس لهم الحقّ انْ يسألوا عنه أو يأملوا في الحصول على إجابة عنه، و لقد أشار كلّ من"بينيت" و "هاكر" الى أنّ العلوم الطبيعية ليست في موقف يؤهّلها للتعليق على هذا السؤال، إذا ما تمّ لها تطبيق مناهجها بصورة مشروعة، كما ورد عنهما ذلك في كتاب، الأسس الفلسفية لعلم الأعصاب ص 372.) في اقتباس آخر يحملُ التصور نفسه ينقله مكغراث عن العالم الكبير بيتر ميدوار، يقول مكغراث ( بيتر ميداور، أستاذ "علم المناعة" في جامعة أكسفورد، و الفائز بجائزة نوبل للطب، لاكتشافه في بحثه "التسامح المناعي المكتسب" يقول في بحثٍ منشور له يحمل عنوان حدود العلم : حيث كان يميز بين ما يسمّيه "الأسئلة المتعالية" و التي رأى أنّ من الأفضل أنْ تُترك للدين أو الميتافيزيقا للإجابة عنها، و بين الأسئلة المتعلّقة "بتنظيم و بنية العالم المادي" و قدر تعلق الأمر بنوع الأسئلة العلمية، يقول ميدوار: ما من حدود هناك لإمكاناتِ الإنجاز العلمي ــ وهو بهذا يتفق مع داوكنز ــ غير انّ منجزات العلم تلك، يتمّ لها التحقق فقط، بتعريفنا و تحديدنا للميدان الذي يكون فيه للعلوم مثل هذه الأهلية ) ماذا إذن بشأن الأسئلة الأخرى، يتساءل مكغراث، ماذا عن السؤال المتعلّق بالله؟ أو السؤال المتعلق، فيما إذا كانت هناك غاية يحملها العالم بداخله؟ يجيب "ميدوار" بطريقة كأنها تستبق صراخ داوكنز و تعامله المبسّط مع العلوم: إنّ على العلماء توخّي الحذر فيما يعلنونه، قدر تعلق الأمر بقضايا مثل هذه، خشية أن لا يخسروا ثقة الجمهور بهم من خلال تصريحات واثقة عقائدية مبالغ فيها . يضيف مكغراث: ثمة أسئلة لا يستطيع العلم الإجابة عنها، منها: كيف بدأت الأشياء كلّها؟ لمَ نحنُ هنا؟ و ماهي الغاية من حياتنا ؟ إنّ النزعة الوضعية اللعوب رفضتْ جميع أمثال هذه الأسئلة متذرّعةً في ذلك بقولها، إنها لا ــ أسئلة، أو أنّ أسئلة زائفة كهذه لا يطرحها إلاّ السّذجُ من الناس حسب، و إن إعلان المشعوذين وحده من يقدر على الإجابة عنها . إنّ مناقشتنا الموجزة حول حدود العلم، تقترح أنّ لكلٍ من العلوم الطبيعية، الفلسفة، الدين و الأدب، مكانه الصحيح في البحث الإنساني عن الحقيقة و المعنى، و هذه وجهة نظرٍ متّفق عليها على نحو واسع، سواء في الثقافة الغربية أو حتّى في قطاعات المجتمع العلمي نفسه . و لكن على الرغم من ذلك لم يتمّ تبنيها على نحو كلّي في المجتمع العلمي، من حيث أنّ المصطلح البشع ــ بطريقة ما ــ أعني Scientism" العُلمائيّة، أيْ النزعة العلمية المادية المتشددة لدى بعض العلماء" ينزع فقط، الى الدلالة على أولئك العلماء الطبيعيين الذين يرفضون منح ايّ حدودٍ للعلم، مثل داوكنز .) و هذا الموضوع أُثير في مواضع عدّة من كتاب وهم الإله ــ يقول مكغراث ــ و على نحو خاص خلال نقده لفكرة ستيفن جاي غولد عن الاختصاصات غير المتداخلة بين العلم و الدين، حيث بحسب وجهة نظر غولد، إنّ حدود العلم أو صلاحياته، تتمثل في التعامل مع الميدان التجريبي، في حين أن اختصاص الدين و ميدان صلاحياته، إنما تتمثل في التعامل مع أسئلة ذات معانٍ قصوى أو مصيرية، جدير بالذكر انّ مصطلح"Magisterum " قد تمّ فهمه على نحوٍ مؤكدٍ بوصفه، نطاق النفوذ، أو ميدان الأهليّة، و قد أعتقد "غولد" بأن منطقتي النفوذ هاتين لا تتداخلان. يقول بيتر وليامز في السياق نفسه: يبدو أنّ داوكنز يميل الى استخدام العلم كمصطلح يتودّد به من أجل أنْ يمتدّ لأيّ بحث نقدي متعلق بالعالم الواقعي. إنّ داوكنز يرفض نظرية ستيفن جاي غولد حول الاختصاصات غير المتداخلة، تلك التي يقول غولد فيها: إنّ شبكة أو ميدان نفوذ العلم يغطّي العالم التجريبي، أمّا اختصاص الدين أو ميدان نفوذه فيمتدّ الى المعاني القصوى و الى القيم الأخلاقية. إنّ هذين المجالين المعرفيين لا يتداخلان... و يمكن ان نصف ذلك عبر المقولة القديمة المتكررة، إنّ العلم يتناول بالبحث زمن الصخور، أمّا الدين فيتناول صخر الأزمنة، إن العلم يدرس كيف تسير السموات، اما الدين فيعنى بالسؤال، كيف تذهب الى الجنة. كما يرد ذلك في كتابه"صخور الزمن" بعد هذا التفصيل كلّه، أحسب أنّ السياق قد أصبح مناسباً لمعرفة وجهة نظر داوكنز المتعلقة بمقتهِ لهذا المصطلح من خلال التصور الذي قدّمه في كتابه وهم الإله، و كالتالي: بنيّةٍ مبيتة تنفثُ سمّاً وحقداً، على زميله أستاذ تاريخ اللاهوت وحامل شهادة الدكتوراه في البيولوجية الجزيئية العالم الفيلسوف ألستر مكغراث، يستحضر داوكنز قولاً لهذا الأخير، من أحدى مؤلفاته التي خصصها للنيل من داوكنز علمياً وفلسفياً، أقول يستحضر داوكنز قولاً لألستر مكغراث، لكن مسبوقاً بقوله "عالم الدين ألستر مكغراث" نعم "عالم الدين" هذا هو نعت داوكنز للعالم الفيلسوف أستاذ تاريخ اللاهوت في جامعة أكسفورد، ألستر مكغراث، لا لشيء، إلاّ لأنّ وجهة نظر مكغراث تخالف ما يقوله داوكنز عن إمكانية توصل العلم الى أيّ فرضية يمكنها نفي وجود الله أو إثباته، يقول داوكنز ناقلا عن مكغراث: ضقت ذرعاً بالمؤمنين والملحدين معاً وهم يقيمون الحجج العقائدية القائمة على أدلة تجريبية ناقصة، هاكسلي اعترف بأنه لا يمكن الإجابة عن السؤال المتعلق بالله، باستعمال الطرق العلمية" في الحقيقة، أنّ داوكنز لم يضقْ ذرعاً بمكغراث لهذا السبب وحده، بل لمجموعة من الأسباب تضافرت كلّها لتجعل من نقد مكغراث لداوكنز كارثة معرفية كبرى، بل فضيحة صارخة ليس من السهل التستّر عليها، كما سنبين ذلك بالتفصيل. في قول آخر لمكغراث، يدّعي داوكنز انّه مُقتبس من"ستيفين جاي غولد" يقول مكغراث ــ بحسب نص داوكنز ــ "أقولها لكل الزملاء وللمرة المليون، العلم ببساطة لا يستطيع باستعمال الطرق الشرعية، الحكم في قضية، إذا ما كان الله قائماً على الطبيعة، ولا نؤكده ولا ننفيه، بل وببساطة نقول بأنه ليس لدينا كعلماء القدرة للتعليق على هذا الموضوع" ولأنّ مثل هذا القول لابدّ له من أنْ يستفز أطروحة داوكنز النقيضة له، يقول "هل هناك أيّ سببٍ لتصديق هذا؟ لماذا لا يحق لنا التعليق كعلماء على الله؟" ولأنّ السؤالين هذين كبيران وجادان حقاً، ولأنّنا نتوق لمعرفة الأسباب هذهِ مترقبين أنْ يجيبنا عالم كداوكنز عنهما، نجد على حين غرة أنّ إجابة داوكنز عن السؤالين هي "ولماذا لا يكون إبريقُ الشاي ووحش السباكيتي الطائر، منيعين من الشكّ بنفس الدرجة؟" هكذا بروح الدعابة السطحية الفجّة يقضي داوكنز على أيّ إمكانية للإجابة عن السؤال من قِبله. و كعادته في مغادرة الموضوعات الجدّية و تركها معلقةّ، ينتقل داوكنز الى موضوع آخر يحدثنا من خلاله عن "ريس"ــ الفلكي المميز من كامبردج ناقلاً قولاً عنه من كتابه "بيئتا الكونية" حيث يطرح "ريس" سؤالين هما:"السؤال البارز والغامض عن سبب الوجود بشكل عام. وعمّا ينفخ الحياة في المعادلة الكونية ويجعلها حقيقة؟" يقول داوكنز معلقاً: "سؤال كهذا، لا يقع في نطاق العلم، بل هو في مجال الفلاسفة وعلماء الدين" ولأنّ مثل هذا الاعتراف الذي أستحضره داوكنز بنفسه، يخالف منطق فرضيته كلياً، يجيب داوكنز بطريقته الفجة:"ولكن أنا أفضل القول بأنه لو كان خارج نطاق العلم فهو بالتأكيد خارج نطاق الدين ــ و أشك بأنّ الفلاسفة سيشكرون ريس على وضعهم صفاً لصف مع رجال الدين" ولأنّ مثل هذا التعليق لداوكنز أراد به التعبير عن تعالي الفلاسفة و ضِعةِ رجال الدين أمامهم، سأقول له بأن هيجل، أعظم الفلاسفة الميتافيزيقيين بلا منازع، لا يكتفي بالتفريق على الإطلاق بين الدين والفلسفة، بل أنه ليضع "فلسفة الدين" بوصفها أعلى مراتب العقل البشري النظري ــ كما يرد ذلك في كتابه "محاضرات في فلسفة الدين"، ولأنّ داوكنز لا إجابه لديه كعادته، يستحضر واقعة حياتية عن أستاذ وطالب في جامعة أكسفورد، متسائلاً لماذا نتوجه بأسئلة كهذه "لرجل الدين وليس الى الجنائني أو الطباخ" لكن دعونا نسأل الآن، لماذا يتجنب داوكنز الخوض في أي حوارٍ جدي ذي طبيعة علمية أو فلسفية ؟ يقول داوكنز في فقرة مهمة مجيباً عن السؤال هذا "ربما أنّ هناك أسئلة عميقة وذات معنى تقع خارج نطاق العلم الى الأبد، ربّما أنّ نظرية الكم تدقّ على بوابة اللا إدراك، ولكن ما الذي يجعل أيّ منّا يفكر بأنّه لو عجز العلم عن إعطاء إجابة لسؤال ما، فإن الدين سيجيب عليه؟ أشك بأن فلكيّا كامبردج وأكسفورد يعتقدان بأنّ رجال الدين لديهم الخبرة التي تؤهلهم للإجابة عن أسئلة علمية عميقة. وأعتقد أنّ كليهما، مرة أخرى، يتكلّفان ليكونا مهذبين: رجال الدين ليس أيّ شيء ذو قيمة في أيّة مواضيع أخرى، لذلك دعنا نشغلهم ببعض الأسئلة التي لم وربما لن يستطيع أحدٌ الإجابة عنها. وعلى عكس أصدقائي الفلكيين أعتقد أنّه ليس علينا إشغالهم بأيّ شكلٍ من الأشكال. في الحقيقة لا أرى حتى الآن سبباً جيداً لإعتبار علوم الدين علوماً على الإطلاق" لوهلة أولى قد يبدو مضمونُ هذهِ الفقرة صحيحاً متّسقاً ومنصفاً أيضاً لدى كثيرٍ من الناس ــ الملحدين على وجه الخصوص ــ غير أنّ قراءة دقيقة لهذا المضمون نفسه ستثبت ودونما مشقه كبيرة بأنها لا تتضمن سوى مغالطات ولعبٍ على العبارات أُريدَ به إيقاع الآخرين والتصديق بمضمونها، كيف؟ 1- لا ينبغي بأي حالٍ من الأحوال أنْ نضع كلمة "ربما" مقدمة للجملة التي تقول "ربّما أنّ هناك أسئلة عميقة وذات معنى تقع خارج نطاق العلم والى الأبد" إذْ أنّ السياق الصحيح للعبارة إنطلاقاً من حقائق العلم والفلسفة معاً هي أنْ نستبدل كلمة "ربما" بعبارة "من المؤكد أنّ هناك أسئلة عميقة..." من حيث أنّ هذهِ الـ"ربّما"قد وُضعتْ من أجل طموح داوكنز نفسه وتعبيراً عن رأيه المخالف للعلماء الآخرين حسب، من أجل أملٍ ما، لا أساس علميا له، في إمكان توصّل العلم لإجابة ما عن هذا النوع من الأسئلة العميقة. وهو الوضع المعرفي نفسه الذي يسري على نظرية الكم من حيث أنّها غير مشمولة بـ "ربما" لأنّه من المؤكد لدى علماء الكم جميعاً إبتداء من هيزنبيرغ ونيلز بور وصولاً الى كواسمي، أنّ ما تتعامل معه نظرية الكم، هو، ليس اللا أدراك بحسب تعبير داوكنز، بل هو جنون العالَم تحت الذري بحسب تعبير نيلز بور في عبارته الشهيرة التي تستبعد من يقينها أي "ربما" ممكنة، يقول نيلز بور"من لم يصب بالجنون من سلوك الجسيمات في ميكانيكا الكم، لم يفهمها بعد" 2- في العبارة الثانية من الفقرة نفسها، يقول داوكنز"ولكن ما الذي يجعل أيّ منا يفكر بأنّه لو عجز العلم عن إعطاء إجابة لسؤال ما فإنّ الدين سيجيب عليها". هنا يحق لنا أنْ نسأل داوكنز ومن خلال عبارتَيْ الفلكيين اللذين أثارا حفيظته، هل قال احدٌ منهما مثل هذا المعنى في عبارته؟ بل هل قال أحدٌ سواهما على الإطلاق معنى شبيها بهذا؟ أعني، بصياغة أخرى للتساؤل تحمل المعنى نفسه مع تغيير في المفردات:"وما يعجز العلم عن إعطاء إجابة عنه من الأسئلة، سيتمكن الدين من تقديم هذه الإجابة عنها"من حيث أنّ داوكنز يتحدث هنا، عن وضع معرفي كلي يقارن بين حقلين معرفيين يفترض تناقضهما، وهذا الوضع المعرفي قد تمّ وضعة في معادلة جائرة بالغة الوضوح مفادها"إنّ الأسئلة التي يعجز العلم عن الإجابة عنها يتمكن الدين من ذلك"لكن أية أسئلة هذه التي، إذْ لا يتمكن العلمُ من الإجابة عنها يتمكن الدين من فعل ذلك؟ بمَ تتعلق هذهِ الأسئلة وما هو الموضوع الذي تتساءل عنه؟ هذا هو اللعب على المعاني الذي يتوخّى داوكنز من خلاله استخفاف عقول القراء، من حيث أنّ الموضوع برمته كان يدور ويتعلق بسؤال محدد واحد فقط هو: هل يستطيع العلم أن يجيب عن الأسئلة المتعلقة بوجود الله أو نفيه، أم لا؟ وعلى الرغم من إجابة الفلكيَين عن هذا السؤال نفسه بوضوح كامل، الأمر الذي يعني أنهما يتعاملان مع هذا السؤال وحده لا سواه من الأسئلة على الإطلاق، نرى داوكنز يحوّل السؤال من صيغته الخاصة الضيقة بأمتياز نادر الى صيغته العامة التي هي بحسب قوله"ما الذي يجعل أيّ منّا يفكر بأنّه لو عجز العلم عن إعطاء إجابة لسؤالٍ ما، فإن الدين سيجيب عليها" 3- ما تمت لنا مناقشته مع داوكنز خلال النقطتين أعلاه، فكرتين كانتا جديرتين بالمناقشة كما أفترضنا ذلك، غير أنّ النتيجة التي ترتبت على كونهما نقطتين جديرتين بالمناقشة هي، تلقّيْ داوكنز لصفعة معرفية موجعة أثبتت له على نحو مؤكد خطل مضمون فكرتيه وبهتان مضمونهما فما الذي يمكن أنْ يعني لنا وله وللقراء ذلك؟ 4- يبدو لي ــ وعلى نحو مؤكد قطعي ــ بأن داوكنز قد خبِر جيداً تلك النتائج التي يمكن أنْ يحصل عليها في حال طرحه أية قضية علمية تسمح طبيعتها بإثارة حوارٍ للآخر معه بشأنها، بحثاً أكانت أم مشكلة فلسفية، أعني تلقّيه سيلاً من الطعون العلمية والفلسفية المفنّدة لكل ما قاله، ومن قِبل جمع من العلماء والفلاسفة الأفذاذ الذين لا ترقى لمكانتهم العلمية أو الفلسفية ريبة أبداً، مع التأكيد أنّ كل الطعون العلمية والفلسفية كانت مثارة بصدد أفكاره"الفلسفية والدينية"التي استنتجها من خلال بحثه العلمي المقدم في كتابيه"الجين الاناني"و"صانع الساعات الأعمى". فماذا يمكن أنْ يعني ذلك مرة أخرى؟ أحسب أن داوكنز قد أصبح على بيّنة مؤكدة من خطورة لعبته، أعني من وضوح معادلة مفادها : كلّما كان داوكنز جاداً علمياً أو فلسفياً في طرح أفكاره، كلما عاد عليه مثل هذا الإختيار بمزيد من النقد والتجريح والتفنيد وإثبات مغالطاته في المضمون الجاد الذي تم له طرحه بطريقة تنتمي حقاً الى العلم أو الفلسفة. نعم هذهِ هي المعادلة التي أدرك داوكنز وضوحها بشكل لا لبس فيه، ولذا قرر أنْ يضع كتابه الحالي "وهم الإله" بمنهجٍ جديد مختلف، منهجٍ لا ينتمي لا الى العلم ولا الى الفلسفة، بل هو منهج يجمع الطرافة الى الكوميديا الى الوقائع، الى... الى، الى الى أيّ شيء لا يمتّ بصلة حميمة لكلٍ من العلم أو الفلسفة . أهذا هو مضمون"العِلم"الذي أرادت الحكومةُ الإنكليزية جرّاء تعيين داوكنز استاذا لتبسيط نظرياته، إشاعه بين الناس و نشره؟ فهل كان أمرا مبيّتا أنْ يتبنى هذا العالِمُ مهام نشره أم أنّها مجرد صدفة ؟ يبدو لي ان الإجابة الصحيحة مع سبق الإصرار، هي، نعم، إنّ داوكنز هو الرجل العالِم الوحيد المناسب لهذهِ المهمة!! اما لمن لا يعتقد بكل هذا الذي أحاول اثباته عن ستراتيجية داوكنز في الكتابه، من خلال كتابيه آنفي الذكر، فلا بأس أنْ أضع نقطه ثالثة أختتم بها مناقشتي مع نقطتي داوكنز، لكن مع التذكير أنّ هذهِ النقطة الثالثة هي جزء يتلو مباشرة النقطتين اللتين تمّ اثبات بطلانهما. يقول داوكنز " أشكّ بأن فلكيّا كامبردج يعتقدان بأنّ رجال الدين " الى قوله "لا أرى سبباً جيداً حتى الآن لإعتبار علوم الدين علوماً على الإطلاق" اولاً: إنّ عالمَيْ الفلك لم يقولا "أنّ رجال الدين لديهم الخبرة التي تؤهلهم للإجابة عن أسئلة عميقة"وهذا معناه أنّ داوكنز يقوّلهما ما لم يقلاه، وأحسب أنّ مثل هذا السلوك الكتابي خيانة للأمانة العلمية في نقل المعلومة فضلاً عن كونه سلوكاً أخلاقياً مشينا. ثانياً: طعنُ داوكنز بأخلاقية الفلكيين من حيث كونهما "يتكلفان أنْ يكونا مهذبين"مع أنّ الأمر الذي قدماه كان رأياً فلسفياً لا أثر للسلوك الأخلاقي فيه. ثالثاً: تهجمه على رجال الدين دونما مناسبه أو مبرر لذلك، سوى رغبته في ختام فقرته هذهِ بالسباب، أسوةً بالكثير من أفكاره التي تؤدي الى هذهِ النهاية ذاتها، يقول داوكنز: "رجال الدين ليس أيّ شيء ذي قيمه في أية مواضيع أخرى... لا أرى حتى الآن سبباً جيداً لإعتبار علوم الدين علوماً على الإطلاق" من قال أنّ علوم الدين علوماً بالمعنى الذي يفهمه داوكنز لكلمة "علم"أعني علوم الطبيعة أو أي علم تجريبي آخر؟ إنّ "علم الدين" تفكّر وتأمل في ماهية الله وما رافقها من مفاهيم، إنّه تحايث فلسفي ــ ديني للمعرفة من أجل اكتساب "قناعات قوية " ما، بكل ما هو مفارق للطبيعة، فضلاً عن كونها ــ علوم الدين ــ معنية بالإشتراك مع كثير من موضوعات العلوم الأخرى كالقانون والمجتمع والعدالة فضلاً عن تداخلها الحميم مع علم الأخلاق، ولعلنا نجد في كتاب "نقد العقل العملي"أفضل مقال يمكن لعلم الدين أن يشترك فيه مع الاخلاق والفلسفة على حد سواء. بل أنّ علوم الدين، إمعانا في تحديدها، معطيات فلسفية و فكرية واسعة تتأسس في كثير من أحيانها على ميادين العلم التجريبي نفسه بمقياسه الذري و الكوني على حدّ سواء، ولعلنا نجد أمثلة ممتازة لهذه الفكرة الأخيرة في تأملات نيوتن و كيبلر و غاليليو و آينشتاين و الستر و مايكل بيهي . يقول جون لينوكس مؤكّدا هذا المعنى الذي اذهبُ اليه ( لقد اعتقد كيبلر أنّ الغاية القصوى من بحوثنا كلها في العالم الخارجي، يجب أنْ تكون اكتشاف النظام العقلي الذي تمّ فرضُهُ فيها من قِبل الله. إنّ العلم هو تفكير بالأفكار الإلهية من بعده . و من هنا فإن التنازع بين العلم و الدين خرافة . و لقد كان غاليلو يقول: إنّ قوانين الطبيعة قد تمّت كتابتها بيد الله و عبر لغةٍ الرياضيات . ما من نزاعٍ بين العلم و ألدين إنّمّا النزاع على وجه ألحقيقة بين النزعة الطبيعية و الإيمانية . و يقول"هنري شافير"و هو كيميائي معنيٌ بفيزياء الكم، يجب أنْ يكون الخالق موجودا، إنّ موجات الإنفجار العظيم و البحوث العلمية ألمتتالية تؤشّر على نحو واضحٍ الى اتفاقها مع الآيات الأولى لسفر التكوين ) . هذا هو المعنى المقصود "لعلم الدين" المعنى الذي أراد داوكنز التنكّر لوجوده بالتعبير عن معنى العلوم حصرا بوصفها "علوم الطبيعة". دعونا نكمل حكاية داوكنز العدائية للدين: في الصفحة "57"يعِدُنا داوكنز بمناقشة فكرة مهمة، نصّها "وكما سأناقش الآن، فإن كوناً مع خالق مشرف عليه سيكون حتماً نوعاً مغايراً للكون بدون خالق. لماذا الحكم بأن هذا ليس سؤالاً علمياً ؟" غير أنه بدلاً من أنْ يمضي على نحو مباشر لتفسير كل ذلك استناداً الى كلمة "الآن"الموجودة في نصّه، يعمدُ الى شنّ هجوم جديد على فكرة أخرى من كتاب ستيفن غولد "صخور الأزمنة"لكن دون أنْ يتخلّى أو يغفل عن إهانة العالم المذكور، متمثلاً ذلك بقوله"في كتابه الأقل شعبية صخور الأزمنة". ولأننا ما زلنا نترقب إجابة داوكنز الخاصة عن فكرته المثيرة، فقد أكرهنا داوكنز على المرور بفقرات أُخر، هنّ على التوالي نقد "مارتن ريس"الفلكي الكبير، ونقد آخر موجّهٌ الى "غولد"، يكرر الفكرة ذاتها في فقرة أخرى، لكن مع أضافه مهمة هي "إنّ وجود أو غياب الخالق الخارق، هو سؤال علمي بشكل صريح، على الرغم من عدم قدرتنا حتى الآن الإجابة عليه" أمّا الفرق بين صيغة السؤال الأول والثاني، فهو: إنّ الصيغة الأولى إذْ تتساءل "لماذا الحكم بأنّ هذا ليس سؤالاً علمياً؟" الأمر الذي يعني ضرورة تقديم داوكنز لحجج تثبت أنّه سؤال علمي. فإن الثانية، تقرر هذه المرة، أنّه سؤالٌ علمي، على الرغم من عدم قدرتنا على الإجابة عنه ــ حتى الآن، ومعنى هذا أنّ العلم سيتمكن في يوم ما من الإجابة عن هذا السؤال إجابة علمية . وهكذا يقطع داوكنز رجاءنا بالإجابة عن تساؤل تلك الفقرة المثيرة. المهم، دعونا نتوجه لداوكنز بمجموعة من الأسئلة عن مضمون فقرته المثيرة: 1- هل يتوجه داوكنز بسؤاله في الفقرة "لماذا الحكم بأن هذا ليس سؤالاً علمياً"الى العلماء المؤمنين أم الى العلماء الملحدين الذين يمثل داوكنز نموذجهم ؟ فإن كان السؤال موجهاً لنموذج وفئة العلماء المؤمنين، فإن الطبيعة التي تتعامل معها هذه الفئة من العلماء هي طبيعة مخلوقة لله وهو يستطيع التدخل في قوانينها متى شاء ذلك، فضلاً عن ارتباط جميع التفسيرات الفلسفية المقامة على الظاهرة العلمية بخالق الطبيعة. أمّا إذا كان السؤال موجهاً لفئة العلماء الملحدين، أعني داوكنز تحديداً، فإن المسألة ستكون بحاجة الى تفسير منه يعللّ لنا سبب هذهِ المفارقة: ثمة طبيعة إحتمالية لتعامل العلم مع الكون، مرة مع خالق له، ومرة من دون خالق، ومثل هذا الطبيعة الاحتمالية تخص وتنتمي ــ كما أعتقد ــ الى ذهنية علمية مؤمنة بوجود الخالق حصراً. بعبارة أخرى، إنّ الذهنية الملحدة المتماسكة لعالمٍ ملحد كداوكنز لا تسمح له ولا تمنحه الحق في طرح سؤال احتمالي على نفسه مفاده : كيف يمكن للعالم ان يتعامل مع كونٍ بخالق له مرة وبدون خالق أخرى. الأمر الذي يعني أنّ داوكنز يغادر بسؤاله هذا منطقة إلحاده المتشدد المتماسك الذي يقرّر له بأنّ العلم يتعامل مع طبيعةٍ لا خالقَ لها، ليضع هذه القناعة في لحظة شكّ مفادها، السؤال، كيف يمكن للعلم أنْ يتعامل مع إحتمالية طبيعةٍ مخلوقه تشير الى وجود خالق لها. 2- احسب أنّ التعامل مع الطبيعة، في حال وجودٍ خالق لها أو بدون خالق سؤال له بعد أخلاقي ــ ديني ــ فلسفي أكثر منه بعداً "علمياً"محضاً، اللهم الّا وفقَ مفهوم واحد، يخص العلم في صميم بنيته وفهمه وطريقة تعامله مع الظواهر"فوق الطبيعية"أعني مفهوم المعجزات، وهو الموضوع الذي تناولته على نحو مفصل في كتابي "صانع المعجزات"
مكغراث، من NOMA الى POMA
في الفقرات السابقة، تعرّفنا على نحوٍ مفصّل لمعنى مصطلح الـ NOMA مثلما تعرّفنا على وجهتي نظرٍ كلّ من طائفتي العلماء المتبنين لصحّته و المناهضين له ممثلة بداوكنز، أعني وجهة النظر الخاصة بعلاقة العلم و الدين كما يراها مكغراث من خلال مضمون كتاب داوكنز و هي ( إنّ العلم و الدين قد وضعا في معركة فاصلة حتّى الموت، معركة يمكن لواحدٍ منهما فقط أنْ يخرج منها منتصراً، و لا بدّ من أن يكون المنتصر هذا هو العلم .) غير أنّ لمكغراث ــ كما يبدو ــ وجهة نظرٍ مغايرة عن طبيعة المصطلح هذا، من حيث أنها لا ترى لمجالي العلم و الدين مثل هذا الإنفصال و عدم تداخل أحدهما في الحقل المعرفي للآخر، يقول مكغراث: شخصيّاً، أعتقد أنّ غولد مخطئ، تماماً مثلما أعتقد أنّ داوكنز مخطئ أيضا، على الرغم من أن أعتقاد الأخير قد تمّ لأسباب مختلفة . من حيث أنّ داوكنز يعتقد، أنْ ليستْ هناك منطقة نفوذ "Magisterum" إلاّ للواقع التجريبي، و هذه هي المنطقة الوحيدة الموجودة، و من هنا فإن فكرة السماح للّاهوتيين بالحديث عن أيّ شيئ، لهيَ فكرة مُشينة، يقول داوكنز"لمَ يعرضُ العلماءُ كلّ هذا الإحترام الجبان أمام طموحات اللاهوتيين من خلال أسئلة يعرف الثيولوجيون على نحو مؤكد أنهم غير مؤهلين للإجابة عنها أكثر من العلماء أنفسهم"؟ إنها قطعة خطابية مثيرة للاهتمام، غير انها لا تبدأ حتّى بمعالجة القضية التي أثارها غولد على نحو صحيح و التي أجيب عنها بالخطأ هنا .) هنا يقدّم مكغراث فكرة حلٍّ آخر مفادها : إنّ ثمة خيارا ثالثا هو ما يسمّيه"POMA"إذا جاز التعبير، و هو مختصر لمجموعة كلمات هي :Partially Overlapping Magisteria أي، الإختصاصات المتداخلة على نحو جزئي، وهي التي تعكس فكرة، أنّ العلم و الدين يعرضان احتمالات لتداخلٍ أو تلاقح، على خلفية تداخل موضوعاتهما و مناهجهما، و أحدُ الأدلة الواضحة على وجهة النظر هذه، هو أنّ"فرنسيس كولن"البيولوجي التطوري الذي يرأس مشروع الجينوم البشري الشهير، قال : ثمة انسجام مقنع الى حدّ كبير بين وجهتي النظر العلمية و الروحية .
John Lennox : حرب وجهات النظر
ثمة فرقٌ كبير بين أنْ نقول: هناك حربٌ بين العلم و الدين، و أنْ نقول ــ من جانب آخر: ثمة حربٌ بين الإيمان و الإلحاد. لماذا؟ أولاّ: أنّ القول الأول ــ و هو زعمٌ خاص بالعلماء الملحدين فقط ــ مخادعٌ لعوب على حقيقة الموقف بين الطرفين حين يفترض التنازع بينهما، محاولاً بذلك مصادرة العلم لصالحه عبر الإشارة الى أنّه ميدان خاص بالعلماء دون المتدينين، حتّى و إنْ كانوا علماء مثلهم. أيّ إنّ القول هذا ــ بعبارة أخرى ــ محاولة من العلماء الملحدين لجعل الميدان العلمي خاصاً بهم وحدهم دون العلماء المتدينين. و هذا مسألة غاية في الأهمية و الخطورة. ثانياً: حينَ يجادلُ العلماء المتديّنون أقرانهم الملحدين، فإنهم لا يفعلون ذلك بوصفهم رجالَ دينٍ أو فلاسفةً مثاليين، إنّما يفعلون ذلك بوصفهم علماء ــ حصراً ــ وجدوا أنّ بحوثهم العلمية المحض، تتفق على نحو مطلق مع فرضيات الدين التي تقول بضرورة وجود خالقٍ للحياة و الكون. و هو أمر يقلقُ و يحرج ــ بطبيعة الحال ــ أولئك العلماء الملحدين، لذا فقد عمدوا الى اللجوء الى مثل هذه الحيلة المكشوفة، حيلة أنّ العلم ميدان خاص بهم أولاً، و أنّ الحِجاج العلمي من العلماء لصالح الدين، مندرج هو الآخر تحت مقولة الدين لا العلم . يقول جون لينوكس ــ و هو واحدٌ من أهم العلماء المؤمنين ( ما من سببٍ يدعونا الى الإفتراض بإنّ العلم لا يمكنه التعامل مع المظاهر المختلفة للوجود، حيث أنّ العلم لم يصادف أيّ حاجزٍ له على الإطلاق، و أنّ الأسس التي تدعونا الى افتراض فشل "الاختزالية" هذه، هي التشاؤم في جزء من العلم، و الخوف من عقل المتدينين .) يضيف لينوكس: ثمة انطباع شائع مفاده، أنّ أيّ تقدّم علمي معناه دقّ مسمار آخر في نعش السماء، يقول"إتكنز" ــ و هو أحدُ العلماء الملحدين ــ على الإنسانية أنْ تتقبل بأنّ العلم قد تخلّص من تبريرات الاعتقاد في غرض كوني، حتى انّ العلم لم يعد يتعامل أبداً مع السؤال المتعلق بالغرض) غير أنّ واقع الحال العلمي لا يدعم مثل هذا القول الأخير لإتكنز، يقول لينوكس: في مسح جرى في العام 1996 من قبل "لارسن" و"وثام" وجد أنّ 40% من علماء اميركا قالوا بأنهم يعتقدون جميعا بوجود خالقٍ يجيب المصلّي على دعائه، و انهم يعتقدون بخلود الروح، مقارنة مع 42% في العام 1916. أمّا الأصل لمثل هذا التوجّه العلمي المتشدد الذي يتبناه داوكنز، فهو الفيلسوف الإنكليزي برتراند راسل، الذي ينقل لينوكس عنه القول: يقول راسل، إنّ ما لا يستطيع العلم أن يكتشفه، فإن الجنس البشري غير قادر على معرفته. و لأنّ وجهة النظر هذه غير صحيحة البتة، يقول لينوكس مفنّدا منطوقها: لكن، كيف تمّ لراسل معرفة ذلك؟ إنّ الجملة التي تقول ذلك ليست علمية،! أخيراً، ينقل لينوكس عن السير"بيتر ميدوار"الحائز على جائزة نوبل، في كتابه له يحمل العنوان"نصائح للعلماء الشباب"النص الآتي ( ليس هناك من طريقٍ أسرع ، يجلب العالم خلاله العار على نفسه و اختصاصه و يلوّث سمعته، أكثر من الإعلان ــ على الأخص عندما لا يكون هناك ما يضطره لذك ــ بأنّ العلم يعرف أو أنّه سيتمكن قريبا من معرفة جميع الإجابات عن الأسئلة التي تستحق السؤال. إنّ تلك الأسئلة التي لا تسمح بأية أجابة عليها، هي بطريقة ما ليست أسئلة، إنّها مجرد تساؤل ساذج، و ليس سوى الأستاذ الساذج مستعد للإجابة عليها، إنّ وجود حدود للعلم قد تمّ وضعها بوضوح، أمّا الأسئلة الأخرى، مثل، كيف يمكن للأشياء كلّها أن توجد ؟ أو ما هي الغاية التي توجد من أجلها ؟ ما غايةُ الحياة ؟ إنّ اسئلة كهذه علينا أنْ نعود بها الى الأدب و الدين من أجل الحصول على إجابة عنها) .
Rich Deem: أكاذيب داوكنز الدنيئة
فكرة، الإختصاصات غير المتداخلة ــ بطريقةِ فهمِ داوكنز لها ــ كانتْ محلّ نقد أيضاً من قِبل العالِم المفكّر Rich Deem حيث يقول: الإختصاصات غير المتداخلة هي الفكرة التي تقول : إن العلم لا يمكنه التعليق على القضية المتعلقة بوجود الله . طبقاً لما قاله العالم ــ الملحد ــ ستيفن جاي غولد، و هو صاحب الفكرة هذه: إنّ اختصاص العلم يغطّي ميدان المعرفة التجريبة، مثلَ ممَّ يتكوّن العالَم بوصفه واقعاً، و لماذا يعمل بهذه الطريقة، بوصف ذلك نظريةً، أمّا اختصاص الدين فهو يتخطّى هذا الميدان ليتوسّع الى الأسئلة المتعلقة بالمعنى النهائي للعالم و بالقيم الأخلاقية، و لذا فإن هذين الاختصاصين لا يتقاطعان . أّما عالِم الكونيات ( مارتن رويس ) فيقول، إنّ الغموض الأساسي هو : لماذا توجد الأشياء كلّها أصلاً ؟ معنى هذا أنّ كلا العالمين غولد و رويس يعلّقان هذا النوع من الأسئلة على إجابة الفلاسفة و اللاهوتيين، مع ذلك، يقول داوكنز: إنّ تلك الأسئلة إنْ كانت في حقيقتها تكمن فيما وراء العلم، فهي بالضرورة تكمن فيما وراء ميدان المعرفة اللاهوتية . و من أجل اكمال إهانته للاهوتيين يقول داوكنز: مع ذلك أنا لم أفهم أيّ سبب وجيه لأن يكون اللاهوت نفسه، موضوعا على الاطلاق . يدّعي داوكنز أيضاً، أنّ الكون من دون خالق ذكي مفارق للطبيعة، يختلف تماما عن نوع كون بدون خالق، غير أنّه يمتنع عن التفكير في طبيعة ذلك الاختلاف بين الكونين . ثم يختتم البرفسور ديم حواره مع داوكنز عن هذا المصطلح بقوله: إن داوكنز يحمّل اللاهوتيين مسؤولية القول بمفهوم (NOMA ) على الرغم من فشله تعيين ايّ منهم، ممن يزعم أنّ الدين و العلم لا يتقاطعان، و إن مثالَيهِ الوحيدين كانا مستمدين من عالمين ملحدين هما، (غولد) و (رويس) . ثم يختتم (ديم) نقده لفصل داوكنز هذا بالقول : أنا لستُ متأكدا كيف يمكن لداوكنز أنْ يعتقد بأنه سيفلتَ من أكاذيب دنيئة كهذه .
Deepak Chopra، فضيحة ( وهم الإله )
على نحو بالغ الوضوح و الدقّة يعيّن البرفسور"ديباك شوبرا "المركز المعرفي الذي تنتج عنه مغالطات داوكنز و التباسات فهمه لعلاقة العلم بالدين كلّها، يقول البرفسور ديباك: تتأسس عقلانية داوكنز على زعم خاصٍ به مفاده : أنّ العلم هو الوسيلة الوحيدة لإكتساب المعرفة . ليستْ هناك أيّةُ حاجة لله في تفسير العالم، و في النهاية سيتمكن العلِمُ من الكشف عن جميع أشكال الغموض . إنّ الأشياء التي لا يمكن تفسيرها غير موجودة ) يضيف شوبرا: هذا هو حجر الأساس لحجة داوكنز، كما هو الحال لدى معظم المشككين و الملحدين العلميين ؟ في كتابه الجديد، يعبّر داوكنز عن موقفه باحتقارٍ عميق لأولئك الذين لا يوافقونه الرأي، و مثلُ هذه النبرة المسمومة تُضعفُ حجته . مع ذلك، ليس ثمة شكّ في أنه مع تقدّمنا الحالي في علم الوراثة و بحوث الدماغ، أمتلك العلماء الآن ثقة أكبر من أيّ وقتٍ مضى، بأنّ ثمة أسرارا غامضة لم تُكشف بعد . في السياق نفسه، يقول البروفسور شوبرا : إن موضوعاً أساسياً ما، كالإيمان بالله، يبدو ــ للعلماء ــ موضوعاً مضللا لا سبيل الى بحثه من خلال العلم. في أحسن الأحوال انه موضوع شخصي، و في أسوئها هو خرافة تعوق التقدّم . لقد جعل داوكنز هذه القضية في مواجهتنا : إمّا أن تكون مع العلم"الذي هو العقل، التقدّم، الحداثة، التفاؤل بالمستقبل"أو تكون مع الدين"الذي هو اللاتعّقل، الإعاقة المقاومة للتقدم، الميل للأشياء الغامضة تلك التي يتمكن الله وحده من حلّها . بل يذهب داوكنز أبعد من ذلك، كما لو أنه يرمي بالقير أيّ شخص يؤمن بالله . و للأسف غالبا ما تتّبع وسائل الإعلام أثره لمحو الحقيقة، لكن دعونا ندع التصريحات الجائرة لداوكنز جانبا، من أجل أنْ نسأل : هل العلم هو السبيل الوحيد لاكتساب المعرفة حقاً ؟ إنّ الإجابة هي ــ و القول لشوبرا ــ و بكل وضوحٍ : كلّا . أنا أعرف أنّ أمّي تحبني طوال حياتها، كما أحبّ أنا أولادي، أشعرُ بعبقرية الأعمال الفنّية العظيمة، لقد رأيتُ علاجات طبّية لم يستطع العلم أنّ يجد تفسيرا لها، وهذا الشيء نفسه قد حدث للملايين من الناس غيري، أنا أعرف أنني واعٍ و أمتلك نفْساً، على الرغم من أنّ داوكنز ــ جنباً الى جنب مع الماديين الخلّص ــ لا يعتقدون بأنّ الوعي هو حقيقة أو أنّ النفس ليست في حقيقتها سوى وهم كيميائي تمّ إنشاؤه في الدماغ . إنّ بوسع المادي تحليل وظائف الدماغ لـ "موزارت"أو"بتهوفن"وصولاً الى الجذوة الأخيرة للعصب، غير أن مثل هذا الإجراء لا يكاد يخبرنا بأيّ شيء متعلق بوجود الموسيقى، و لماذا هي جميلة، و من أيّ مكانٍ تنبثق السمفونيات الرائعة، لمَ يُبهرُ الإلهامُ المستمعَ، أو في الحقيقة إنّ المادي لا يخبرنا بأي شيء متعلق بمعنى الموسيقى . إنّ العالَم على نحو ما له معنى، معنى عميق في بعض الأحيان، و هذه حقيقة لا يمكن لأحد نبذها بوصفها وهماً أو نتاجاً صناعياً للتفاعلات الكيميائية . و هذا القياس نفسه يمكن أخذه بالنسبة للعقل، كلّما يسمع الإنسان بأن بحوث الدماغ ستفسّر في نهاية المطاف كلّ أفكار الإنسان و سلوكياته . لآلاف السنين كانت الكائنات البشرية مهووسة بالجمال و الحقيقة و الحب و الشرف و الإيثار و الشجاعة و العلاقات الاجتماعية و بالفن و بالإله، إنّ هذه الموضوعات كلّها تشير جنبا الى جنبٍ، الى كونها تجارب ذاتية . أمّا العلم فيُعنى بمعرفة الواقع الموضوعي، قناع المادة الذي تكشفه حواسنا الخمس، غير أنّ الدماغ يذهب الى مسافة ما وراء الحواس الخمس، و هذا كله ليس سوى خطوط عامة لحجةٍ نضعها في مواجهة إدعاء داوكنز بأنّ العلم هو الطريق الوحيد للمعرفة. قدر تعلّق الأمر بفرضية وجود الله، يقول البرفسور شوبرا: في سياق حوار العلم و الدين، يضعُ داوكنز زعماً شاملاً آخرَ، هو: إنّ فرضية وجود الله لا لزوم لها، إذْ بوسع العلم أنْ يفسّر الطبيعة من دون أية مساعدة يستمدها من قوى مفارقة للطبيعة كالإله، ليست هناك حاجة لخالق . قد تبدو هذه الحجة مقنعةً لكثير من الناس لكونهم يثقون بالعلم، و يجدون في الإله موضوعا عصيّاً على الفهم . غير أنّ داوكنز قد استعان بنفس الحيلة التي يلجأ لها مرة بعد أخرى، و هي"نحنُ في مواجهة أولئك"أيْ، إمّا أنْ تعتقد أنّ هناك إلهاً شخصيا، إنسانا خارقاً صنع العالم وفقأ لما يقوله سفرُ التكوين، أو إنك عاقل مصدّق يالمنهج العلمي . إنّ افتراضاً كهذا غير صحيح وفقاً للعديد من الأسباب، أكثرها أهمية، هو أنّ الله ليس شخصاً، لا في المسيحية و لا في الإسلام و لا في البوذية او اليهودية أو الكونفشيوسية . و لقد أشار آينشتاين الى انه لا يؤمن بالاله الشخصي، و لكنه كان مفتونا بالكيفية المنظمة للكون و قوانينه الفيزيائية المتعلقة به . و مثلما لا يمكن لله أنْ يكون شخصيا، كذلك لا يمكن أنْ يكون من العدل أنْ نقدّم الله بوصفه يقف في مكان ما خارج الكون . إنّ داوكنز يسخر من هذه الفكرة بقوله"إنّ مثل هذا الإله لم يخلق الكون من خلال نظرية الإنفجار العظيم مستخدما ملايين السنين للتطور، كان بوسعه ان يخلق ذلك كله و على نحو كامل منذ البداية . .. إنّ الله إنْ كان موجودا فهو موجود بهذا الفهم الديني له، كلّي موجود في الأزمان و الأماكن كلّها، متخلل الخلائق سواء في نطاقي الزمان و المكان او خارجهما . ردّا على فهم الإله بهذ الطريقة الشخصية التي يزعم داوكنز أنّ المؤمنين يعتقدونها، يقول ديباك : إنّ استخدامنا لكلمة مثل"هو" ــ عن الله ــ ليس لها صلاحية، و في الحقيقة نحن مكرهون على استخدامها لضرورات يقتضيها عمل اللغة، إنّ المصطلح الأفضل يجب أن يكون"الكلّ أو"الذي يعني بالسنسكريتية"براهمان"و"الله"في الإسلام . في زعم آخر لداوكنز، يقول : ليس الكون ذكيا و لا واعيا، إن العلم لا يحتاج لتلك الأجزاء المقومة لتفسير الطبيعة و طريقة عملها، بدءاً من الذرات و الجزيئات التي تحكمها قوانين الفيزياء الصارمة، سنتمكن في نهاية المطاف من تفسير كل شيء . لقد تمّ لداوكنز صياغة هذه الحجة بصوت عالٍ جدا، مصحوبا بقناعة تامة من أجل أنْ تبدو معقولة و سائغة . إنه يعتقد بأن البشر واعون نتيجة لتفاعلات كيميائية عشوائية تحدث في الدماغ من أجل إنتاجِ أوهامٍ نسمّيها ــ بسبب جهلنا ــ العقل . هذه هي وجهة النظر المألوفة أو المطابقة للطراز الحديث، و هي في الواقع النتيجة المنطقية للمادية المتشددة . من أين يمكن للعقل أنْ يأتي إنْ لم يكن من الجزئيات مفترضا أنّ الجزيئات هي الاساس المؤلف للدماغ، و لذا فهو يؤلف الحقيقة نفسها . إنّ الفطرة السليمة تجد أنّ من الصعب عليها أخذ هذه الحجة على نحو جدّي لأنها تقود الى التفاهة . في الحقيقة، إنّ الدماغ يحتوي على كميات هائلة من الماء و الملح، أ نحن بصدد افتراض أنّ الماء ذكي أو أنّ الملح واعٍ ؟ أ ينبغي علينا أنْ نفترض أنّ القاء الماء و الملح معاً، جنبا الى جنب مع ستّ وحدات بنائية اساسية تقريبا، خاصة بالكيمياء الحياتية، ستصنع لنا على نحو مفاجئ شيئا ذكياً ؟ إنّ الحقيقة المكشوفة الواضحة هي، أنّ داوكنز يدافع عن شيء مضحك، بسبب من عدم قدرته على صنع القفزة التي تفضي به الى مجموعة مختلفة من الافتراضات .
الهوامش و المصادر ــ The Dawkins Delusion: Atheist Fundamentalism And The Denial Of The Divine, Alster McGrath And Joanna Collicutt McGrath . ivp books ــ 2007 .p 34. ــ Ibid. ــ Ibid.P 34 ــ 35 ــ Ibid. p36. ــ Ibid,p38. ــ Ibid, p38 ــ 39. ــ Ibid. ــ Ibid, P 40 ــ Ibid, P 42. ــ Peter S. Williams : Who s Afraid of the Big Bad Wolf ? http://www.arn.org/docs/williams/pw_goddelusionreview2.htm –
ــ داوكنز: وهو الإله، ص 57 . ــ داوكنز: وهم الإله، ص 57 . ــ داوكنز: وهم الإله، ص 58 .1 ــ داوكنز: وهم الإله، ص 58 . ــ داوكنز: وهم الإله، ص 58 . ــ المصدر نفسه، ص 59 . ــ ينظر : http://www.alisonmorgan.co.uk/Lennox%2007.pdf
ــ المصدر نفسه، ص 61 . ــ Ibid. ــ Ibid. ــ Ibid, P 40. ــ http://www.alisonmorgan.co.uk/Lennox%2007.pdf ــ Ibid. ــ Ibid. ــ Ibid. ــ Ibid. ــ Ibid. ــ http://svetlost.org/podaci/the_dawkins_delusion.pdf.
ــ Ibid. ــ Deepak Chopra: Debunking ( The God Delusion ) http://www.beliefnet.com/~/media/F7E4164AF46A4B1791FCC60CE99763EC.ashx
ــ Ibid. ــ Ibid ــ Ibid. ــ Ibid.
#عادل_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أدورنو و صناعة الثقافة - بحثٌ في الأساليب الرأسمالية للتسلّط
...
-
قُطّاع طريق الفلسفة
-
هل كان آينشتاين ملحداً؟
-
الدينُ و العِلم - الإيمانُ و الإيمانُ المقابل
-
لماذا لا تحدث المعجزات الآن؟ بحثٌ في عبارة لآينشتاين
-
أدونيس، معالجات الناقد الأدبي لموضوعات المفكّر - القسم الثان
...
-
أدونيس، معالجات الناقد الأدبي لموضوعات المفكّر
-
دولُ الورق، بين الفكر و السياسة
-
(العودُ الأبدي - إرادةُ القوّة ) قراءة في البُعد الأخلاقي لف
...
-
الجابري - طرابيشي بحثٌ في حوار المروّض و الأسد
-
فضائح العقل الملحد - خيمةُ الزواج و خيمة داوكنز
-
بائع الإلحاد المتجوّل - سبعة مداخل نقدية لكتاب - وهم الإله -
...
-
بائع الإلحاد المتجوّل - سبعة مداخل نقدية لكتاب - وهم الإله -
-
هل الإلحاد موقف معرفي أم أخلاقي ؟
-
فضائح العقل الملحد - دراسة في تهافت الحجج العلمية و الفلسسفي
...
-
مرثية الشعر لنفسه
-
أسوة بالرياضيين عندما تنضب مواهبهم، لماذا لا يعلن المبدعون ا
...
-
الشعر و التصوّف ، تكامل أم ممانعة ؟
-
الصوفية و السريالية، مساواة أدونيس الجائرة
-
إنتحار واقعي في عالمٍ افتراضي
المزيد.....
-
ترامب يحدد موعد إدلائه بصوته في انتخابات الرئاسة الأمريكية
-
فيديو مزعوم للجيش الإسرائيلي يُظهر القبض على -أحد كبار عناصر
...
-
بمشاركة جنود صينيين وأمريكيين.. سياسي ألماني يقترح خطة لوقف
...
-
لبنان..مستشفى تبنين في قضاء بنت جبيل يتعرض لأضرار جراء الغار
...
-
تدمير مدفع هاوتزر أوكراني بقذيفة -كراسنوبول- ذات الدقة العال
...
-
ملك إسبانيا فيليب السادس يتعرض لسخط السكان وللرشق بالطين
-
سيناتور روسي يرد على تصريحات مكتب زيلينسكي حول التسوية السلم
...
-
خبير بريطاني: روسيا ستلحق قريبا هزيمة نهائية بالجيش الأوكران
...
-
CNN: الأمور لصالح روسيا في أوكرانيا وترامب سيكتشف أنه لم يست
...
-
-حزب الله- ينشر مشاهد لاستهداف قواعد عسكرية تابعة للجيش الإس
...
المزيد.....
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
المزيد.....
|