أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - هل الإلحاد موقف معرفي أم أخلاقي ؟















المزيد.....

هل الإلحاد موقف معرفي أم أخلاقي ؟


عادل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 5530 - 2017 / 5 / 24 - 10:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل الإلحادُ موقف معرفي أم أخلاقي ؟
1 -
غالباً ما يتحدثُ الملحدون عن أدلةٍ و براهين عقلية أو حجج علمية تجريبية يبررون من خلالها أسباب تبنيهم للإلحاد موقفاً و خيارا معرفيا و أخلاقيا من الله و الكون و الحياة . غير أنّ مثل هذه الأدلة العقلية الفلسفية و الحجج التجريبية العلمية التي يتخذونها مسوّغاً لإلحادهم لا قيمة استدلالية لها على الإطلاق، أو فلأقل بعبارة منصفة لهم، إن تلك الحجج و الاستدلالات التي يتخذونها مقدمات لا تسمح باستخراج الإلحاد منها بوصفه نتيجة لها .
فقدر تعلّق الأمر بالأدلة الفلسفية ثمة فريقان منقسمان – مؤمن و ملحد – لكل منهما طرائقه الخاصة في إثبات صحة أدلته و بطلان أدلة الآخر، و لأن أحدهما لم يستطع بما لديه أن يُقنع الآخر الخصيم، بقي الأمر عالقا بين نزعتي النفي و الإثبات، و هي الحال المعرفية التي دعتْ مدرسة فلسفية – علمية هي (الوضعية المنطقية) الى القول برفض قضايا الميتافيزيقا كلّها بسبب من كونها – بحسب زعمهم – قضايا زائفة أو أشباه قضايا لا يمكن لأحد نفيها و لا إثباتها .
أمّا قدر تعلّق الأمر بالحجج العلمية التجريبية التي يعلنها العلماءُ ابتداء من داروين حتى داوكنز، فيبدو لي أنّ العلماء المؤمنين أقرب الى الصواب في طريقة تعاملهم مع المسألة ذاتها لسبب غاية في الوضوح و الأهمية مفاده : أنّ الطبيعة التي هي ميدان البحث العلمي الوحيد ليس بوسعها أنْ تقدّم دليلا تجريبيا لا على وجود الله و لا على نفيه، بسبب من أنّ هذا المفهوم – أي الله – مفهوم مفارق للطبيعة و غير متضمن فيها على الإطلاق، الأمر الذي يعني ان قول العلماء الملحدين بنفي وجود الله استناد الى اكتشاف علمي تجريبي هو ضرب من الهراء و الحمق .
و مثل هذه الحقيقة الجلية – الخاصة بمفارقة مفهوم الله للطبيعة – التي وضعها العلماء المؤمنون في أذهانهم، قادتهم الى القول بخلاصتين مهمتين، أولاهما : أن مسألة إثبات وجود الله أو نفيه مسألة عقلية فلسفية دينية، لا علاقة للعلم بها و لا قدرة بحثية اختصاصية لدية لإنجازها، أمّ الخلاصة الأخرى فهي : إن بحوثهم في الكون و في علوم الطبيعة لا تقدّم لهم أدلة تجريبية قاطعة على وجود الله، إنّما (ترجّحُ) مثل هذا الوجود بكل تأكيد، في الوقت الذي تنفي فيه احتمال أنْ يكون الكون و الحياة قد تمّ خلقهما عن طريق الصدفة و التطور، و هذا ما أعلنه كل من العلماء فرنسيس كولينز – مدير مشروع الجينوم البشري- و مايكل بيهي و بول ديفيز و جون لينوكس و عشرات سواهم .
مع ذلك دعونا نلج الى المسألة من مدخل آخر .
2-
قدر تعلّق الأمر بالبحث (المعرفي) سواءٌ أ كان لجهة إثبات وجود الله أو نفيه، فإنّ هذا النوع من البحث – أعني المعرفي – لا يمكن أنْ يشكّل (عبئاً) على الذات أو همّاً و قلقاً نفسياً ينعكس على سلوك الفرد و حياته الشخصية مع الآخرين . بعبارة موجزة: إنّ البحث (المعرفي) في هذه المسألة لا يمكن أن تترب عليه نتائجُ أخلاقية حاضرة طالما بقي مصنّفاً على أنه بحث (معرفي – نظري – عقلي ) بل يمكن القول أن هذا النوع من البحث المجرد يورثُ الذاتَ لذةً عقلية و ترقّباً مطمئناً ريثما يسفرُ البحث عن إحدى النتيجتين المتناقضتين بصورة حاسمة، أعني اطمئنان الذات الباحثة الى نتيجة بحثها المعرفي بأنّ الله لا وجود له تارة، أو استقرارها المعرفي على أن الله هو خالق الكون و الحياة و أنه موجود بهذه الطريقة أو تلك تارة أخرى، لكن مع التأكيد أنّ بلوغ الفرد لإحدى النتيجتين إنما يتمّ عبر قناعة فرديةٍ غالبا ما تكون عرضة للنقد و الحوار و التفنيد .
من هنا، و وفقاً للرأي السائد، بعد أن يبلغ الانسان إحدى النتيجتين، تبدأ المسألة (الأخلاقية) بالظهور باسطة نفوذها على سلوك الفرد و علاقته مع الآخرين، بغضّ النظر (هنا) عن كونها أخلاقية ملحدة أم مؤمنة، لكن مع فارق جوهري مؤكّد هو : ان الأخلاقية المؤمنة تُلزم الفرد المؤمن بمجموعة من التعاليم الأخلاقية العملية المبنيّة على النص و التراث الديني سواءٌ أ كانت اقتصادية أم اجتماعية – ثقافية أم سياسية حتى، أمّا الأخلاقية الملحدة فتحاول النأي بنفسها عن كلّ تلك الالتزامات المنبثقة من تعاليم الدين و النصوص المفسّرة له.
هل يمكن القول بعد هذه المقدمة كلّها: إنّ مسألة الإيمان أو الإلحاد أخلاقية في جوهرها؟ أم يمكن القول: أنّ خيار الإيمان (الحقيقي) إذ يورثُ الذاتَ نوعاً من الأخلاق الملتزمة بتعاليم الدين – بالمعنى الواسع للمفهوم – لكن من دون أن يجد الإنسان المؤمن أن التزامه الأخلاقي هذا يشكّل (عبئاً) على بنيته النفسية و سلوكه مع الآخرين، يورثُ خيارُ الإلحاد نوعاً من الأخلاقية التي تحاول الهروب و التخلص من (عبأ) تعاليم الدين و التزاماته الأخلاقية الفردية و الاجتماعية ؟
لكن – و هذا هو السؤال المهم - هل يسبق البحثُ المعرفي في المسألة النتائج الأخلاقية التي تترتب عليه حقاً، أعني هل يصح النظر الى الجانب الأخلاقي بوصفة النتيجة المترتبة التي تنبثق من خلال مقدمة عنوانها البحث المعرفي في المسألة أم أن العكس هو الصحيح .
دعونا نطرح المسألة عبر هذه الطريقة الموجزة:
لمّا كان العقل البشري - بحسب النقد الكانطي- غير قادر على حسم معرفة وجود الله نفياً أو إثباتاً إلاّ وفقاً لقناعة فردية عرضة للنقد و التفنيد، من جهة، ثم كانت المعرفة هذه لا تشكّل عبئا نفسياً على الفرد الذي تبنّى إحدى خياريها، من جهة ثانية،
أصبح القول ممكناً بأن خياري الإلحاد و الإيمان هما خياران أخلاقيان إذ يقبل المؤمن فيه الالتزام بتعاليم الدين و اخلاقياته بيسر وسعادة يرفضُ الملحدُ قبول مثل هذه الالتزامات الأخلاقية محاولا النأي بنفسه عنها لكونها تشكّل عبئاً على نفسه و سلوكه مع الآخرين، هذه هي الخلاصة الأولى، أما الثانية فهي وفقاً لما تقدم و من خلال وجهة نظر شخصية: إن البنية النفسية الأخلاقية للفرد تسبق البحث المعرفي في إمكان وجود الله أم لا، أعني أنّ البحث المعرفي في هذه القضية إنما يتم بالنسبة للملحد من أجل إضفاء طابع معرفي و قناعة عقلية تعزز وجهة نظره الأخلاقية و تسوّغ له قرار التخلص من عبأ الدين و التزاماته الأخلاقية، أمّا المؤمن فقد يفعل الشيء نفسه لإضفاء بعد معرفي على قناعاته الاخلاقية، لكن مع فارق مهم هو التمسك بالسعادة التي تسبغها تعاليم الدين على ذاته .
لكل ذلك أحسبُ أنّ الإيمان و الإلحاد هما موقفان اخلاقيان قبل ان يكونا معرفيين .ِ



#عادل_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضائح العقل الملحد - دراسة في تهافت الحجج العلمية و الفلسسفي ...
- مرثية الشعر لنفسه
- أسوة بالرياضيين عندما تنضب مواهبهم، لماذا لا يعلن المبدعون ا ...
- الشعر و التصوّف ، تكامل أم ممانعة ؟
- الصوفية و السريالية، مساواة أدونيس الجائرة
- إنتحار واقعي في عالمٍ افتراضي
- صراخ على جبل ( إتنا)
- في النصوص الميتا - شعرية، نهج البلاغة نموذجا
- المثقفون و المجتمع في دكتاتوريات العالم الثالث
- الذين يقرأون و هم يركضون - بحث في تشويه الدرس العربي لشخصية ...
- فضائح الفكر العربي المعاصر- قراءة جديدة لكتاب الاسلام و أصول ...
- إعتراف
- الموت والوجود - تأملات في مفهوم الكائن الحي و النقيض له
- منطق الواقع يطيح بمنطق أرسطو
- قصائد صوفية
- نيتشه : مولد المأساة من روح الموسيقى
- وقائع موت الشعر في فلسفة هيجل 2
- موت الشعر في فلسفة هيجل
- الموهبة الشعرية - بحث في أصولها و معناها
- الكتابة بوصفها خلاصا من الكتابة - مقاربة شعرية لفهم (اختلاف) ...


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - هل الإلحاد موقف معرفي أم أخلاقي ؟