أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل عبدالله - إنتحار واقعي في عالمٍ افتراضي














المزيد.....

إنتحار واقعي في عالمٍ افتراضي


عادل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4985 - 2015 / 11 / 14 - 10:29
المحور: الادب والفن
    


انتحارٌ واقعي في عالم الافتراضي

بقصاصة صغيرة حرصَ على تثبيتها بعناية فائقة على جدار صفحته الشخصية، ودّعَ (ف . ج . ص) أصدقاءه جميعا، قائلا لهم بأدب جم : (وداعاً أيها الاصدقاء، لا أريدُ أن أسيئ لأحد منكم، أفشوا السلام و الحبّ بينكم ) .
هكذا غادرَ (ف . ص) عالمنا الافتراضي دون أن يذكر المزيد عن أسباب انتحاره المفاجئ هذا .
و لأنني كنتُ أعرفه عن كثب، رجلاً طيبا عارفا موغلا في الجمال و المعرفة، لم يكن بطبيعة الحال أن أفسّر انتحاره على نحو مغاير لما اراده، كأن أقول لكم مثلا : أن ما حمله على تنفيذ جريمته بنفسه هو حرصه على ان لا ينفّذ تلك الجريمة بأحد منكم على الرغم من استحاق بعضكم لها، كما يعمد العشّاق احيانا الى قتل انفسهم نكاية بمن يعشقون !
أو أقول وفقَ فرضية أخرى تبرر انتحاره : لقد قرر (ف.ص) الرجوع الى عالمه الواقعي، لأن العالم الافتراضي كان أكثر قذارة منه، لا لشيئ إلاّ لأن مبدأ العالم الافتراضي الذي يفترض غياب الجسد، كان أن طغى عليكم فغيّب ارواحكم و عقولكم و مشاعركم ايضا .
إذ لم تكن صفحات بعض أصدقائه المخلصين سوى صفقات (نجّاشين) يتواطأون على بيع سلعتهم قبل عرضها في المزاد .
و ألاّ فما معنى أن ياتيكم بقبس من نوره فيجدكم مشغولين عن بضاعته النفسية بمديح نصّ لعاهرة، أو مندرجين في حوارٍ قديم ظنّ ان عالمكم الافتراضي الجديد قادر على محوه من اذهانكم ؟
إذن فقد بدتْ للعيان ايها السادة دماء ضحايا عالمكم الافتراضي هذا حتى غدت أكثر بشاعة و وحشية من دماء معارك التاريخ في العالم الواقعي كلّه.
لقد كانت قصاصته الصغيرة و هي تعلن رحيله الاخير عن عالمكم، اشبه ما تكون بزجاجة السمّ الفارغة تلك التي خلّفها (سقراط) بين اصحابه قبيل رحيله الى العالم الآخر،
أو فلأقل إنها لحظة إطلاق السجين لسراح سجّانه في قصة (الرهان) القصيرة لتشيكوف بعد أن رآى السجينُ أنّ في قيده من الحرية ما يمكّنه من الشفقة على عالم السجّان الفسيح .
او هي - إذا شئتم – الكرسي الفارغ في الشرفة العالية تلك التي القى (جيل دولوز) منها جسده بعد أن ملأ الاوغاد شقته بالضجيج و الصراخ .
فاسألوا الان انفسكم : أي الانتحارين كان أعظم و اكثر اثارة للعجب، انتحار دولوز في العالم الواقعي ام انتحار (ف .ص) في عالمكم الافتراضي ؟
لقد فرّ دولوز بجسده من عالمكم الواقعي الى المجهول
و فرّ صاحبي من عالمكم الافتراضي المجهول الى روحه
فهل عرفتم الفرق بين العالمين ؟
أية مكيدة تنكولوجية هذه التي اقنعتكم بأن مساواتكم له في (المكان) هي مساواة له في (المكانة) أيضا؟
لقد كان (ف.ص) بينكم الصاحي الوحيد بين جمع من السكارى، كما قال (أرسطو) عن (انكساغورس) يوما .
لقد تحمل كل شيئ من اجلكم، ولم تستطيعوا ان تتحملوا أي شيئ منه حتى حبّه لكم و هكذا اجمعتم أمركم في النهاية لتقولوا له جملتكم الوحيدة (أرحلْ، لا نريد رجلا افضل بيننا، و ا ن اصر على بقائه هكذا، فليكن له ذلك بيت أناس غيرنا)
وهكذا خرج (ف.ص) يردد مع نفسه بيت الشنفرى الاسْدي :
و في الأرض منأى للكريم عن الأذى
و فيها لمن خاف القلى متحوّلُ
هل قال ذلك لكم ؟
ام عبث قليلا بصيغة النص الذي سبق للجنرال الياباني أن قاله عقب مشهد انتحار الروائي العظيم يوكيومشيما : (انها لعبة فلا تحولوها الى مأساة)،فقال بدلا عن ذلك :
ان حياتنا في العالم الافتراضي مأساة هي الاخرى فلا تحولوها بتفاهات بعضكم الى لعبة ؟
ام أراد القول ما سبق لجده علي ابن ابي طالب ان قاله شاكيا (اللهم اني مللتهم و ملوني) و ما ملّكم إلا لأنه رأى أن اصلاحكم لا يتم الا بثلويث نفسه، و ما مللتموه الا ليأسكم من استدراجه لفخّكم.
ابقوا هناك ايها الاصدقاء- هذا ما قاله (ف. ص) - فليس بقاؤكم في هذا العالم بالطريقة نفسها، سوى انتحار متواصل، اما انا فقد قررت الرجوع بنفسي الى الحياة بعد غيبوبة طويلة امضيتها معكم .
أخيرا، إذا بدا لكم أن مثل الحديث نيابة عنه وقحٌ و لا مبرر له، أو انه يدعوكم الى حذف اسمي من صداقتكم، فلن أقول لكم سوى (إحذفوني تؤجروا)، تماما كما سبق للحلاّج أن قال لقاتليه ( اقتلوني تؤجروا).
أتعلمون لماذا ؟ لأن (ف.ص) قد كان علّمني حكمته الاثيرة : القليل يكفي، واحد يكفي، لا شيئ يكفي !!



#عادل_عبدالله (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراخ على جبل ( إتنا)
- في النصوص الميتا - شعرية، نهج البلاغة نموذجا
- المثقفون و المجتمع في دكتاتوريات العالم الثالث
- الذين يقرأون و هم يركضون - بحث في تشويه الدرس العربي لشخصية ...
- فضائح الفكر العربي المعاصر- قراءة جديدة لكتاب الاسلام و أصول ...
- إعتراف
- الموت والوجود - تأملات في مفهوم الكائن الحي و النقيض له
- منطق الواقع يطيح بمنطق أرسطو
- قصائد صوفية
- نيتشه : مولد المأساة من روح الموسيقى
- وقائع موت الشعر في فلسفة هيجل 2
- موت الشعر في فلسفة هيجل
- الموهبة الشعرية - بحث في أصولها و معناها
- الكتابة بوصفها خلاصا من الكتابة - مقاربة شعرية لفهم (اختلاف) ...
- هيجل - نيتشه الصراع على هيراقليطس
- .زرادشت نيتشه - من الأخلاقي الأول الى اللا أخلاقي الأخير
- شخصية هيراقليطس - من تحامل أرسطو الى تشويه النقاد العرب
- المطلق الهيجلي - إنقاذ مفهوم الله من التصور الديني اليهودي و ...


المزيد.....




- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل عبدالله - إنتحار واقعي في عالمٍ افتراضي