|
في زمن حسن شاكوش
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6507 - 2020 / 3 / 6 - 20:44
المحور:
الادب والفن
" احنا في زمن المسخ " صرخة اطلقها الفنان عادل امام في فلم " عمارة يعقوبيان " قد تكون العبارة عادية، لكن حين تسقط على أرض الواقع وتكون مرآة للزمن الذي نعيش فيه . اذا كان العنف الآن يمد مخالبه إلى كل مكان، والعالم أصبح طائرة ورقية يلهو بها الزعماء كما يحلو لهم ، تبقى هناك نوافذ نطل منها حيث نبحث عن انسانيتنا وتوقظ حواسنا التي تتخدر نتيجة انحناء قامتنا رغماً عنا في مستنقع الحيرة والظلم والظلام . عندما يكبر أولادنا علينا أن نخزن ثقافتنا وتجاربنا ومشاعرنا وهواياتنا ، لأننا لا نستطيع فرشها أمامهم ، وإذا قال جبران خليل جبران في كتابه " النبي " " أولادكم ليسوا لكم أولادكم أبناء الحياة " فأولادنا كل لحظة يؤكدون لنا هذه العبارة التي تتقاطع على سكك الماضي والحاضر . انطلقت أغنية من الراديو المثبت في السيارة ، وإذ حفيدي يغني مع الأغنية ، لحنها راقص حيث حول الحفيد إلى زمبرك أخذ يقفز فوق الكرسي طرباً . انتبهت للكلمات وإذ هي أغنية بعنوان " بنت الجيران " والعاشق يؤكد لمحبوبته أنه لكي ينساها عليه أن يتعاطى الخمر والحشيش " تسيبيني أكره حياتي وسنيني هتوه ومش هلاقيني وأشرب خمور وحشيش " ويتغزل بها على طريقة صناع الكعك حيث يقول لها " يا سكر محلى محطوت عليه كريمة " ، وعلى طريقة الفنان "يوسف وهبي " قلت في نفسي يا للهول، هذه الأغنية تشجع على فساد الخلاق ، وعلى تردي الذوق الغنائي وتلويث السمع . و تذكرت أغنية بنت الجيران التي أحبت جارها " ساكن قصادي " للرائعة نجاة الصغيرة وكلمات الشاعر " كامل الشناوي " والحان عبد الوهاب ، وكيف كانت نجاة تنتظر ابن الجيران برقي صوتها ودفء خجلها الذي تعصف به المشاعر والاحاسيس ،وروحها التي تكسرت وهي تحاول لفت نظره . صرخت بحفيدي " شو هذا ؟؟ !! " قال هذا المطرب المصري حسن شاكوش ، مطرب أسمه حسن شاكوش قلتها وأنا متعجبة من ثقل صدى الكلمة " شاكوش " وبرز أمامي شاكوش الجرافة الذي يهدم بيوت الفلسطينيين برشاقة سيخ يتغلغل في الجسم المقهور ، والذي لا يملك إلا نفق المستقبل المقفول بقفل الأمل، لعل وعسى الأوضاع ستتغير . برز أمامي شاكوش الجرافة الذي حمل جسد الصبي " محمد الناعم " وبقي يغرز أنياب الشاكوش في الجسد حتى تمزق الجسد وتعلق بالأنياب شاهداً على غياب الضمير العربي والعالمي . اغنية حسن شاكوش " بنت الجيران " على اليوتيوب ولها أكثر من مليون متابع ، بيوم وليلة أصبح الشاكوش مشهوراً ، حتى أن لأول مرة أقيمت له حفلة في أكبر ملعب كرة القدم – استاد القاهرة – في الظل هناك المئات من المبدعين في كل المجلات ،من أطباء إلى علماء إلى أدباء يغمرهم الصمت ولا أحد يشعر بأهميتهم ، لأن شاكوش العبث قد ردم كل الأفكار الجميلة . بقي حفيدي يرقص على الموسيقى وعندما حاولت أن أوقفه أخذ يعايرني .. هذا أحسن من عبد الحليم .. وديع الصافي .. هدول شلة المعقدين ..!! ، ولم أجد أمامي إلا إقفال الراديو ، وعندما وصل بيته خرج بسرعة من السيارة وهو يردد " ستي معقدة .. قال بدها اسمع عبد الحليم ... آخر مرة باجي لعندك ... !! " إذا كانت رؤوسنا تتدحرج على ممرات الحضارة وتصطدم بكل شيء جديد ، فنحن سنقبل كل شيء مثل غريق شهقاته تلوح بالاحتضار ، " زمن حسن شاكوش " و " زمن ترامب " و" زمن نتنياهو " و " زمن محمد بن سلمان " وزمن التطاول على كل شيء ، حتى الحق الفلسطيني أصبح مصلوباً على أبواب بارات المفاوضات والخطابات ، وكل من يريد دخول البارات للمراهنة لا يجد إلا سلخ قطعة من الجسد الفلسطيني ليقامر بها، حتى تحول الجسد الى لغز كلمات متقاطعة . عادل إمام صرخ " احنا في زمن المسخ " وسنضيف اليه شاكوش .. أحنا في زمن المسخ شاكوش، وكل شعب له شاكوشه، الله يعين كل شعب على شاكوشه .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوجه الآخر الذي عرفته وداعاً للنجمة نادية لطفي
-
نعمة تعانق جثة القانون واسراء عانق جثة النسيان
-
عندما يسرق الأسير الفلسطيني ابنه من وراء القضبان
-
نرفع العلم فيموت الأسير
-
لا تتزوجوا إلا الجميلات
-
يا عنب الخليل كن سماً على المحتل
-
القبلة الزجاجية
-
استقالة ورقة التوت - قصة قصيرة
-
الثيران الهائجة والعجول المذبوحة وبينهما ابن نتنياهو
-
حين يسرق الموت صندوق الاسرار
-
الحفيد يشنق ساعة الجد
-
العامل الأسود في الوطن الأبيض
-
حدث في يوم العيد
-
فنجان التطبيع ودف الرفض
-
صالحة تفوز بالجائزة ونحن نركب الحنتوش
-
اضربوا الرجال .. وبيضة على رأس كل مسؤول
-
المرأة الفلسطينية وتوهج الثامن من آذار
-
اطلعوا برة .. وجاء أبو عواد وقال : آه يا ديسكي
-
يهودية وسعودية وبينهما طفلة يمنية
-
الرقص في وارسو بعيدا عن طريق سموني
المزيد.....
-
فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى
...
-
بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين
...
-
ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
-
فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
-
أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب
...
-
-يونيسكو-ضيفة شرف المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط
-
-ليالي الفيلم السعودي-في دورتها الثانية تنطلق من المغرب وتتو
...
-
أصداء حرب إسرائيل على غزة في الشعرين الفارسي والأفغاني
-
رحلات القاصة والروائية العراقية لطفية الدليمي
-
Batoot Kids..تردد قناة بطوط كيدز 2024 الحديد على النايل سات
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|