أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - محمد أبو قمر - مأساة الذوق العام














المزيد.....

مأساة الذوق العام


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6494 - 2020 / 2 / 18 - 23:53
المحور: ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية
    


علي فكرة ، هبوط الفن نتيجة مش سبب ، يعني لما يفسد الذوق العام كل حاجه بالضرورة بتفسد .
طيب إيه هو ده إللي إحنا بنسميه الذوق العام؟؟.
الذوق العام هو النسق الأخلاقي والثقافي والفكري والديني ، هذا النسق هو الذي ينتج قيمنا الإنسانية ، وهو الذي يحدد نوعية الأخلاق ، وهو الذي يصبغ الفنون والآداب بلونه ، وهو الذي يحدد مدي قابليتنا للتطور الحضاري والإنساني هل نحن جامدون متحجرون أم متحركون ولدينا الاستعداد للتغير وللتطور ، وهو في ذات الوقت الذي يحدد نظرتنا للمرأة هل نحترمها فعلا أم نضربها ونهينها ونخفيها بدعوي تكريمها والحفاظ عليها ، هل لدينا قابلية للتعايش أم ثقافة الكراهية تشيع بيننا بلا ضابط ولا رابط.
ياسيدي الفاضل لا يختلف هبوط الفن عن قذف أحدهم للفضلات المنزلية من شرفته في عرض الطريق ، ولا يختلف أبدا عن تعطيل مصالح المواطنين في أروقة المصالح الحكومية بحجة أداء الصلاة ، هبوط الفن مثل تهتك النظرة إلي المرأة باعتبارها وعاء جنسيا ، الفتوي بتكفير الأغيار دينيا عبر شاشات التلفاز لا تختلف أبدا عن أغنية هابطة تأتيك عبر الشاشة ذاتها ، الشاكوش الذي غني أغنية أثارت حفيظتك لا يختلف مطلقا عن الشاكوش الذي شدي بأغنية يقول مطلعها " وجه المرأة مثل فرجها " ، ولا يختلف عن الكماشة التي غنت لنا كثيرا عن جواز اغتصاب السبايا والأسيرات ، ولا يختلف عن المنشار الذي ألقي علينا قصيدة قتل تارك الصلاة.
الخطاب الثقافي والفكري والديني عندما يعتريه العوار ، عندما يمتليء بالزيف والتلفيق وتشيع فيه الخرافة ، عندما ينفي العقل ويجفف الوجدان ، عندما يحدث ذلك يصبح الذوق العام أشبه بآلة خربة تنتج لك الأشياء مشوهة ومتفسخة ومتهتكة ومختلطة ببعضها بطريقة تفقدك حتي معرفتك بذاتك فضلا عن معرفتك بتاريخك من أين جئت وإلي أي مصير أنت ذاهب.
وعلي فكرة ، فإنه كما أننا لن نشفي من كل أمراضنا السلوكية والمعرفية والطائفية والخرافية إلا إذا تجاوزنا هذا الخطاب فإن أي قرار ليس بمقدوره أن يمنع أي ظاهرة فنية متهمة زورا بإفساد الذوق العام ، ذلك أن الذوق العام الذي نتوهم أنه مجني عليه هو منتج كل الظواهر الممرضة نتيجة إفساده بهذا الخطاب.
هل تعلم ياسيدي أن كلمة الفن الهابط لا تقتصر مطلقا علي الأغاني أو الموسيقي الهابطة؟ ، الحوار فن ونحن لا نتحاور وإنما نتشاتم ، والنقد فن ونحن نفتقد كلية إلي أدواته ، بل إن الأزياء فن ولك أن تتأمل كيف وضعنا نساءنا داخل زكائب بألوان تدفعك إلي التقيوء بدعوي ستر العورات .
والعمارة فن ، ولك أن تتجول في الأحياء الشعبية لتري كيف يشيد الناس بيوتهم بطريقة أشبه بالكهوف أو المقابر ، ناهيك عن الشوارع والحارات التي لا تدخلها الشمس والتي تتلوي مثل ثعبان يحتضر بحيث تتعجب كيف سمح مهندسو الأحياء في مجالس المدن بهذا التنظيم المميت.
نوعية الفن والسلوك والأخلاق والحب والكراهية والتعايش وقدرة العقل ونوعية الروح ومدي جفاف الوجدان أو حيويته ، كل ذلك وغيره من توابع الذوق العام ، نوعية هذه الأشياء تنبع من نوعية الذوق العام ، والذوق العام ذاته هو الشجرة التي يرويها الخطاب الثقافي والفكري والديني ، فإن كان هذا الخطاب يرويها ماء صافيا كالماء الذي يروي زهرة السوسن ويجعلها تبدو متألقة أبية تفرض وجودها فإن هذه الشجرة التي هي الذوق العام ستثمر ثمرا يبعث علي دهشة العالم ، وإن كان هذا الخطاب يرويها بجموده وتحجره وتيبسه وبخرافاته وبحكاياته المزيفة المفارقة لكل عقل فإن هذه الشجرة التي هي الذوق العام لن تنتج لك إلا كل ما هو هابط ومتفسخ ومتهتك ورديء ، فن هابط ، وعمارة متجهمة ، وشوارع قذرة ، وأدب طخين ، وأشعار مزيفة ، ونقد متهافت ، وفكر ملفق ، وطائفية مقيتة ، وكراهية مضمرة ، وتنمر ، وخوض في الأعراض ، وتحرش ، واحتقار للمرأة ، وفتاوي تفرق لك بين الظراط والفساء الحميد والفساء والظراط الغير مستحب وأغان تثير حفيظتك دائما.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا ابيض يا اسود
- إلهي ما يوعي يرجع
- حتي المسبحة!!
- الحلوة
- ليست صيني ولا تيواني
- مثقفون وعلماء
- حرب بلا بنادق
- الجميلة واللص
- جذر واحد
- رفع المبتدأ وشنق الخبر
- الجميلة فيوليت
- الكذابون
- أنا لا أعرف
- سقوط حتمي
- وردة في شعر الحبيبة
- البزازة
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- هلوسات
- لا صوت يعلو فوق صوت المرأة
- أنا مصري ثم مسلم مسيحي أو مسيحي مسلم


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- ثورة تشرين الشبابية العراقية: جذورها والى أين؟ / رياض عبد
- تحديد طبيعة المرحلة بإستخدام المنهج الماركسى المادى الجدلى / سعيد صلاح الدين النشائى
- كَيْف نُقَوِّي اليَسَار؟ / عبد الرحمان النوضة
- انتفاضة تشرين الأول الشبابية السلمية والآفاق المستقبلية للعر ... / كاظم حبيب
- لبنان: لا نَدَعَنَّ المارد المندفع في لبنان يعود إلى القمقم / كميل داغر
- الجيش قوة منظمة بيد الرأسماليين لإخماد الحراك الشعبي، والإجه ... / طه محمد فاضل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - محمد أبو قمر - مأساة الذوق العام