أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - ليلة ليلاء















المزيد.....

ليلة ليلاء


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6458 - 2020 / 1 / 7 - 23:46
المحور: الادب والفن
    


كان يتملى وجهها وهي نائمة .وجه طفولي يذكره بأختها زوجته المتوفاة اثر اول وضع لها ، فهي كأختها تحمل نفس التقاطع ،ونفس الغمازة على الخد الأيمن ، ونفس الرموش الطويلة ... كانت أنفاسها الصاعدة النازلة هادئة كهدوء نفسها تزيدها بسمة لا تفارقها إثارة ،وكأنها دعوة لتقبيل تلك الشفاه ، كان يتملاها وهو يقطف من ملامحها أروع ذكريات ماضيه مع أختها ..
خمسة عشرة سنة مرت لم تكن سلمى سوى طفلة صغيرة في العاشرة من عمرها .. وهاهي اليوم خطيبتة ، أصرت أمه على ان يتزوجها فهي من أسرة عريقة ، تحمل شهادة علمية عالية ، تحبه وترجو ان تكمل مابدأته أختها ، فهي تعرفه وكان لها قدوة ومثلا يحتذى في صباها ..
تنهد بقوة ، وهو مستغرق في النظر اليها ، حين ملأت بصره وخاطره صورة أنثى يرتبط معها بعلاقة حب ، تعرف عليها وهي من وطن آخر ، شوق آسر شده اليها .. تمنى لو كانت هي من يتمدد بجانبه ،فتح هاتفه وشرع يتملى صورتها ..أحس بانقباض في صدره ، ورهبة تغزوه اقشعر لها بدنه ، أحس كأن روحا ثالثة تحوم في الغرفة ..
عرق بارد نز من جبهته وعنقه ، طيف الانثى أخذ يظهر ويغيب ،يتجلى أمامه ، مالبث ان بدأ يمر بعينيه كطير يترك خلفه غيمة سوداء ، مد يده لعلبة ورقية وأخذ منها منديلا مسح به وجهه وعنقه ، فتحت سلمى عينيها وبدا ت تتنفس بقوة ، أحس بأن هديرا وقهقهات تصدر من الغرفة ، جلست سلمى في مكانها ثم ارتمت عليه تشد عنقه بقوة ، عيونها كانت كلهب يرمي بشرر ، ايقن أنها تريد أن تخنقه ، شرعت تضحك بهستيرية وهو يناديها ويشد ذراعيها ايمانا منه أنها لازالت نائمة ، واقعة تحت كابوس مرعب ، كلما تعالت قهقهاتها اشتدت قبضتها على عنقه ، ايقن أنه هالك لا محالة ، وان سلمى الوديعة صارت بقوة أكثر من رجل ، صاح بها علها تنتبه :
سلمى انا سعد سعد سلمى ، أفيقي ..
ترك ذراعها الايسر ، ثم صفعها صفعة قوية على خدها عساها تصحو وتنتبه . لم تزدد الا تغولا وإصرارا على خنقه :
ـ أنا لست سلمى ياسعد ، سلمى انتهت .. تتجاهلني وكانك لا تعرفني ، انظر الى وجهي جيدا ، انا سناء ، سناء من توهمتها ضعيفة ، أتتك من وراء البحور لتكشف لك عن قوتها وقدراتها ، هل عرفتني الآن ؟
كنت أسخر منك وانت تقول عني ساحرة ، انا أقوى من ساحرة انا مارد ..
تذكر الطيف الذي مر به ، والذي كان يترك خلفه غيمة سوداء ، استعاد الى سمعه صوت الهدير الذي اتاه من احدى زوايا الغرفة ، حدق في وجه من تخنقه فوجده اصفر فاقعا ،وعيونها لهيب من شرر جهنم ، حاول ان يتذكر آيات قرآنية أو كلمات مما تعلمه عن أبيه عساه يتحصن بها .. كل شيء غاب عن ذهنه،تفكيره محصور في كيف يفك قبضة الماسكة به حتى لا تقتله .. بدا يحس بانهياره ،الهزيمة تتجمع في داخله وهو يئن بصوت متعب .. أخيرا تذكر آية الكرسي ، ما ان شرع يقرأها حتى صاحت به : لا لا تقرأ ، فقط اعطني صورتي وأتركك ، شرع يرى سلمى تستعيد ملامحها لكن عيناها لازالتا جمرة ملتهبة ، حين رفع راسه ليعب نفسا قويا راى طيف والده أمامه،عندها تذكر تحصينا ، قرأه فصاحت القابضة بعنقه ، وقد ارتخت يديها ، توارت قليلا وهي تقول : لا تحرقني ، اتوسلك ، فقط اريد صورتي وسابتعد عنك الى الابد ، توهمت اني ساحرة فولاذية فاذا بقوتي تخور أمام ما تقرأ..
رآها تتراجع الى الوراء ، جحظت عيناها وهي ترتمي على ظهرها فوق السرير وكأنها تهوي من عل ، بدأت ترتجف ، فظهر وجه سلمى صافيا بحمرة على خديها ، تذرف عيونها مطرا من الدموع ، تصيح : سعد مابي ؟ ماذا فعلت بي ؟ أحببتك سعد من كل اعماقي لماذا حاولت قتلي ؟
ارتمى عليها، ضمها لصدره ، أخذ يمسد ظهرها بيده ،يقبلها ، ارتعبت منه بادئ الأمر ثم مالبثت ان هدأت..
نهض وأخرج مهدئا من محفظته الصغيرة ، ناولها إياه ...
أحس ان تعبها مما عانته مع اثر المهدئ قد جعلها ترتخي نامت ، رمى عليها دثارا ، ثم اتجه نحو الباب ليرى من الطارق ..وجد مدير الفندق ومعه أحد الخدم يسالان عن سبب الصياح ، طمأنهما ان الامر لا يتعدى كابوس نوم راته خطيبته ..
ناما حتى العصر بعد ليلة ليلاء من رعب كاد ان يضع لحياتهما نهاية ...
طلبا طعاما الى الغرفة ، شربا قهوة وتمددا على السرير ثم شرع يحكي لها قصة سناء..
حركت راسها باستغراب وقالت : أتساءل كيف تحب أنثى وهي عنك بعيدة ،سجينة تقاليد واساطير ، أن تسعفها ياسعد فهذا من تكوينك وثقافتك لكن أن تحبها فهذه طوباوية اشبه بالوهم ,وان تثق بحب لا تعيش حقيقته فهو خيال مريض ..أنا عشت رعبا لم أره في حياتي ، ورأيت صورا وحشية ،من الرعب أمامي لم أقرا عنها حتى في قصص جوزيف لي فانو
حين أخرج هاتفه وأظهر لها صورة سناء قفزت من السرير كأنها تريد الفرار وهي تقول مذعورة : هي من حاولت قتلي .. سعد يجب محو هذه الصورة ..
هذه السيدة ليست طبيعية ، لا شك أنها تحمل خلفها سرا لم تعرفه ياسعد
أتوسلك انقدني ..
قفز اليها من فوق السرير وضمها اليه وهو يهدئ من روعها واعدا أياها أن يعيد الصورة لصاحبتها
ابدت قلقا وهي تقول : ترد الصورة الى صاحبتها ؟ !! ، امحها من هاتفك وكفى ..
تنفس بعمق وقال : سلمى حبيبتي ما زحف الينا من رعب والينا قد وصل بتهديد لن يكون غير أعماق تلك الأنثى التي تغلي على حالها ومصيرها
يشهد الله أني ما وجدتها غير لفة قطن بيضاء لا اثر للشر في نفسها
تسعى جاهدة لتغير من حالها وقد بدأت تضع أولى الخطوات ، وأكره ان أتواطأ مع الزمان عليها ،هي ضحية لتنشئة لا حضارية هي ما يلف أكثر العرب ممن تم تلقينهم دينا مدرسيا سطحيا ، بعيدا عن الإسلام القويم الذي لعبت فيه الخرافة مع الشعوذة والاساطير مع التقاليد ، انستهم سماحة خالقهم ورحمته فنسوا أنفسهم ، والنتيجة هي ما عشناه في ليلتنا
سلمى عزيزتي ،أعرف أن سناء تتعذب وتعاني ، وكان يلزمها طبيب نفساني ليخرج ما ترسخ وتجذر بأعماقها ،لكن ما تحياه من ضغوط التقاليد حولها الى أنثى سلبية راضخة بلا اعتراض ..
أحس ان التي امامه غير راضية عما يقول وان خوفها عليه اشد من اثر ما بلغها عن الأخرى ، قالت:
ـ ساتركك لضميرك وعليك أن تتصرف بسرعة وارجو ان ما حدث الليلة يبقى بيننا ، وثق اني لست مستعدة أن أتركك ولوكان عمري في حبك



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعطيني نفسك
- تفاحة
- انزعي عنك غلالة فكر
- فجرت سوق الثرثرة
- وحيدة بين الوجوه
- غلالة ( الجزء الثاني من لهاة مكتوم )
- أحزابنا
- لهاة مكتوم
- المعنى هو الانسان
- معلقات الزمن
- احلام يانيس
- رفقا بالقوارير
- على صدرك ينتهي الركب
- النرجس على ذاتك مات
- الحاضر مات في ذكرياتنا
- حبيبتي غجرية
- اليك ماعادت تعربد رغبة
- صورة
- حب، هوى وانصهار
- فاس


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - ليلة ليلاء