أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - رفقا بالقوارير















المزيد.....

رفقا بالقوارير


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6434 - 2019 / 12 / 10 - 03:12
المحور: الادب والفن
    


دلف الى مكتبه بعد حديث قصير مع كاتبته عن بريد اليوم ، محركا راسه لحارس المتجر كاشارة لطلب قهوة ..
كان ظهره لباب المكتب ، موليا وجهه لخزانة حديدية ،حين سمع بكرة الباب تدار ، دون أن يلتفت قال : حليمة دعيني ارتاح أولا، الم اقل لك اني مرهق ؟
من خلفه رد صوت : طيب ،وانا أنتظرك حتى ترتاح ...
بسرعة التفت حين أدرك ان الداخل عليه لم تكن حليمة كاتبته.. ما أن رأى الزائرة حتى هل وجهه بضحكة واسعة ، ترك ما في يده وأقبل عليها يعانقها ـ
أهلا ببماما و للاحماتي .. هذا صباح مشرق سعيد ان تكوني اول من يزورني ..
أشار عليها بالجلوس ، ثم استوى قبالتها على كرسي ثان .. رفعت نظارتها الشمسية على راسها ..ورمت البصر على المكتب كأنها تتفحص محتوياته ..
أحس كان ما به من تعب قد تلاشى ،وأن أنشراح حماته ووجها الضحوك قد رمى عليه رداء من راحة كان يفتقدها وهو يلج باب المتجر منذ قليل .. أنيقة كعادتها ، ماكياج خفيف يزيد وجهها تألقا ، وقد ارتدت جلبابا شبحي اللون ،وعلى جيدها لفت شالا بنفسجيا فاتحا ؛
حين فتحت فمها لتكلمه قاطعها : لقد طلبت قهوة ،ماذا تشربين ؟ قالت : أنسيت ما أفضل ؟
بسرعة رد : لا حاضر ... قام وطلب من الكاتبة حليب بشوكولاطة
جلس على الكرسي وقال : خبريني أولا كيف صا رحماي العزيز ؟ سلمى بخير ؟ هل ارتاحت نفسيا ؟
تنهدت وقالت : الكل بخير وانت أحق منا بالسؤال عنك جميعا ..
أدرك انها تجامله فهي تملك لسانا رطبا، وقدرة لغوية على بلوغ ما تريد .. بارعة في توطئات تجعلها دوما منتصرة ..فهو ليس جديد عهد بمعرفتها ،هي أم المرحومة زوجته الأولى كما انها ام زوجته الثانية بعد المرحومة ..يعيها جيدا ويعرف مدى حبها له ، ويقدر هذا الحب وكما يقول دوما :جميع الناس لهم أم واحدة ،ولي اثنتان ،لا استطيع أن أميز بين أم وأم ..
ركزت النظر في عينيه كأم تحسس ابنها بثقتها وإعجابها قالت :
سعد بلامقدمات ..سلمى تريد العودة الى بيتها .. بربك ألم تشتق اليها كما اليك قد اشتاقت ؟
أحس كأن تيارا هز نفسه حين سمع عبارة حماته ، تنهد ثم قال: وهل خرجت سلمى من بيتها حتى تعود اليه ؟
أحست المرأة انها أمام رجل شهم، بقلب كبير ،يتصرف بعقل وتقدير ، وأن حبها له هو حب لقلب لا يعرف معنى الكراهية ،فماعادت في حاجة الى تعليق وانما حاجتها الى مشاعر تحسس الجالس أمامها انها تكبر فيه هذا السلوك ..فنعم من ولد ونعم من ربى .. هي لم يرزقها الله الا ببنتين وها هو ابن لها لم تلده جدير بالافتخار ،هو عطية من الله الكريم أن يكون زوجا لابنتيها معا ، فقدت الاولى اثر اول وضع لها ، وحرصت على أن تكون الثانية عوضا باتفاق مع والدته حتى تسهر على تربية بنت أختها ...
أحس كل منها ان دمعات تسابق العيون فتعانقا ..
قالت وقد هدأت قليلا : لن اعلق لكن سننتظرك على العشاء الليلة ..
رمى بصره على الارض وقال : أنا ماتعودت من ضحى أن تغضب أو تحكي عما يحدث بيننا من سوء تفاهم ،لكن سلمى غير المرحومة ، وكأن كل واحدة منهما قد تربت في اسرة معينة رغم الطبيعة المنقوشة فيهما ..وحين قالت سلمى :اني ساذهب الى بيتنا كان ردي : لوذهبت فلن أتبعك ..
كانت الحماة على وشك الوقوف لكن رده جعلها تستقيم في مكانها وترد :
سعد حبيبي ، ضحى لم تلاحظ عليك يوما ما يقلقها ، وكنت أنت من أحبها وتعلق بها ،لكن سلمى أتت وفي حياتك أختها من قبلها ، وغزت حياتك أخريات بعد موت أختها ،مع ضحى لم تكن لك علاقات مع بنات منتديات عربية تستحوذ العاطفة عندهن على العقل قبل القلب، و تتحول الصداقة لديهن حبا بكل يسر وسهولة ، فيعشن خيالات الوهم .. سلمى لا تعرف شيئا عن عادات وسلوكات الشرق ، وانت نفسك ما تعرفت على الشرق الا من خلال تخصصك الدراسي ثم عبر المنتديات العربية التي أدمنت عليها بعد موت ضحى التي لم تقرأ رسائل حب شرقية من بنات المنتديات ..
أدرك الى ما تلمح اليه ، وحيث انه يعرف صراحتها وصدقها ،وان ما تقوله هو مجرد تذكير بما أثر في سلمى وفي صدرها قد حفر قال: لقد حاولت أن أشرح لها الواقع لكنها لم تصدقني ..
قالت : اي واقع ؟سلمى لم تحك عن أي شيء ولو حكت لعرفت كيف اقنعها بوجهة نظرك لاني خبزتك كثيرا واعرف عجيني واصالة خبزي ، لكن سلمى احبتك بعيون مغمضة ،وماعرفت غيرك في حياتها ، وانت تدرك هذا ، تربية سلمى وثقافتها علمتها ان الابيض ابيض والاسود اسود ولا مكان بينهما لمنطقة رمادية ..كل بنت تشب وفي حياتها شاب أو أكثر لكن سلمى شبت ولا رجل يتملكها غيرك ..
لهذا فسلمى قد غارت من أنثى تراسلك وتعد مراسلتها خيانة منك لوفائها ..
ـ ابدا ليست خيانة ولن تكون ..
ـ وماذا تعدها أنت ؟ صداقة بريئة من أنثى عربية ؟ لو لم تتعود طبع فتيات المنتديات العربية لصدقت لكن .....صمتت قليلا ثم استرسلت :
ـ ألايلزمك قطع هذه العلاقة حفاظا على سعادة بيتك ،وكرامة أنثى أحبتك منذ طفولتها ؟؛سعد أستغرب لاقوالك هذه ..ما بك ؟واي شيطان يتلاعب بعقلك ؟
تنهد ثم زفر وقبل ان يرد وقف ليتسلم ما طلب من كاتبته :
ـ ابدا لن استطيع قطعها فانا عن تلك الأنثى مسؤول ؟
استغربت الحماة من رده وقد تفاجأت بغرابة ما تفوه به رجل تعتز بعقله وحكمته :
هل تعرف ما تقول سعد؟ معناه تضع حدا لأنثى يكاد حبها يكون لك عبادة ؟ هل تدري ان سلمى لو سمعت هذه العبارة قد تنتحر ..حرام عليك .. كاني امام رجل لا اعرفه..
ادرك أنه في وضع لم يحسن فيه التعبير، وقد صار امام حماته في حرج خصوصا وهي تصوب سهام نظراتها اليه ، ومن نظراتها تخترقه نظرات أخرى حية وميتة .. شرع يبحث عن كلمات تسعفه ليشرح الوضع ، وقبل أن يفتح فاه للكلام قالت حماته : سعد انا امامك بين قولين .. من لحظة قلت : هل خرجت سلمى حتى تعود ..والآن اسمع انك لا تستطيع قطع علاقتك بالأخرى فهل تريد الحريم في بيتك ؟ فما كانت تربية الحريم من عاداتنا
ادرك ما تقصد فبادرها بالقول :
الانثى التي تتكلمين عنها تعيش في وطن اشل زوجها بقذيفة ، وجعل ابناءها الثلاثة عرضة للتشرد وربما الموت ،وانا تعهدت بنفقات دراسة الابناء ويشهد الله اني لا اعرف وجها لها ، ولست ممن ينزل الى حضيض الطائرين اللذين ينقران كرزة واحدة ..أنا فقط فاعل خير، ومن هذا السلوك بدات السيدة تناديني أخي حبيبي ..
كانت يده اليسرى على حافة مكتبه وهو يتكلم ، مدت الحماة يدها ووضعتها على يده كأنها تؤمن على كلامه ثم قالت: صدقتك سعد لكن لماذا لم تخبر سلمى ؟، لماذا لم تشاركها في قرارك كما تعودت ؟
وضع يده اليمنى على يدها وقال : وحق حب الامومة الذي ينفثه صدرك في صدري والذي لا أميزه عن حب الحاجة لي اني أخبرتها ..وظننت ان الامر صار عاديا بالنسبة لها .. لكن يبدو ان التعبير كثيرا مايخونني حين يتعلق الامر بالحديث عن نفسي أو خير اقدمه لوجه الله .. وأفضل ان يظل مستورا
ـ لا هي صراحتك وثقتك بنفسك .. أعرفك سعد ,اصدقك انت ابني واحمد الله اني لم ألدك والا لما وجدت شابا مثلك لابنتي ..
كانت تتكلم وكأنها تريد ان تنفخ الطمأنينة في قلبه ، ورغم البسمة التي تملأ محياها فقد كانت عيونها تقول أكثر مما يتلفظ به اللسان ، عيونها حب وتحذير ، سعادة وألق ، حيرة وخوف عليه من ان يكون مستغلا ممن تكاثروا على بوابات التواصل الاجتماعي بالادعاء والكذب والايقاع بالناس ،فالناس صاروا طباعا واحوالا ، فسلوكه مهما كان غريبا الى حد ما فهو يبدو مقبولا خصوصا وهي تعرف سوابق له وللمرحوم والده في مجال الخير ومد اليد .
تطلعت الى ساعة يدها ثم قالت : تأخرت سيظل حماك بلا غذاء اليوم
ـ مسك يدها اليمنى بين يديه وقال:
ــ لا لن تهيئي غذاء سنتغدى جميعا في ضيعتنا فموسم جني التفاح والبرقوق قد بدا ..انتظري
اخرج هاتفه وكلم المسؤول عن الضيعة أن يذبح خروفا ويهيئ الغذاء
ثم التفت اليها وقال : سنلتقي في ارض محايدة ومريضنا ماعنده باس .
عانقته وقد غزت الدموع عينيها : أنت عندي حب وتقدير ياسعد وعند حماك قدوة ؛وانا وهبتك كنزين واحدة بعد الأخرى لاني اعرف أصلك وفصلك فلا تعذب سلمى بعناد ،فهي ما تبقى لي وعليها أأتمنك
ضحك وقال :وأنا ؟
ــ والله انت سر الكنز وافضل مافيه ولكن رفقا بالقوارير
ـ صدقت ..وانت من القوارير أما وحماة ،ومدافعة عن سعد وملينة مواقف
عانقته وقالت: آه منك ومن لسانك يافلذة كبدي
حين انصرفت هاتف والدته ان تتهيا للغذاء في الضيعة وزف لها الخبر
قالت: الحمد لله ان عاد العقل لابني لانه كان على وشك أن يبيع ربيعه لخريفه
وصل سعد مع والدته متأخرا الى الضيعة فقد حبسته بضاعة وصلت متـاخرة وكان يلزمه البقاء الى ان تدخل بأمان الى المخازن ، حتى أن الحاجة والدته قلقت وهاتفته مرتين ..
كانت حماته تدردش مع أحد الفلاحين ،أما حموه فقد كان يقرأ جريدة صباحية تحت ظل شجرة تين وارفة ..
كانت عيونه تبحث عن سلمى بشغف وقد لمحها تمرق من نافذة المطبخ
فما أن اشار على احد الفلاحين بافراغ ما في الصندوقة الخلفية للسيارة
حتى اقبلت سلمى وفي يدها بريوة صغيرة ألقمته اياها وهي تضحك ثم ابتعدت ..
هي بريوة بلوز وعسل ورمزيتها كبيرة جدا فهي معنى للذوق والصمت كما انها رسالة حب تقول الكثير ..أدرك الدرس الخلفي الذي مارسته حماته ..
كان يتمنى ان تعانقه ، أن يضمها اليه لكن فضلت الاشارة والرمز على الفعل
رآها تدخل احدى الغرف فلحق بها ، ما أن ولج باب الغرفة حتى ارتمت عليه ، شرعت تبكي ..
ـ ما ظننت ان حبك يفتر الى هذه الدرجة ياسعد .. ماذا فعلت ؟ خفت عليك من غيري . !!. سعد حبيبي أنا أحببتك بلا مكان ومنك تعلمت كيف أتحرر من الزمن احببتك كما أعبد ربي ثقة واخلاصا
حين فتح فاه ليرد عليها وضعت يدها على فمه، ضحكت وقالت :
ـ البريوة في فمك فضمني وهبني من فمك قطعة ،لم يقع أي شيء يستلزم حوارا وشروحا ،ربما أخطأت وفي لحظة ضعف انهارت ثقتي ..
ضمها اليه وغابا في قبلة كان نداء حماته صحوة منها ..



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على صدرك ينتهي الركب
- النرجس على ذاتك مات
- الحاضر مات في ذكرياتنا
- حبيبتي غجرية
- اليك ماعادت تعربد رغبة
- صورة
- حب، هوى وانصهار
- فاس
- تحرش
- من القاتل ؟
- أنثى تعيد للنهر الجريان
- القطاف غربة
- حر الظمأ
- هل حقا ماتت ؟
- صغيرة مقتولة بعشق
- غياب
- لماذا طلبت الطلاق؟
- وجوه
- ليت أصواتكم صوتي
- في قلبي رجل آخر


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - رفقا بالقوارير