أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - صغيرة مقتولة بعشق















المزيد.....

صغيرة مقتولة بعشق


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6399 - 2019 / 11 / 4 - 02:44
المحور: الادب والفن
    


وجدها تنتظره في مكتبه !..
حياها بقبلة على خدها ،ودعاها للجلوس على أريكة ، ثم جلس أمامها ..
أحس أن على لسانها أقوالا،وفي عيونها تذبل اللهفة ..
تغابى ..سألها :
أين ساقتك قدماك هذا المساء ايتها السائحة في وطنها ؟
اشاحت بوجهها الى جهة باب المكتب ، ضغطت على فكيها : ثم قالت
الى صدري ..الى خيبتي .. !!!
قطب حاجبيه ، واثرُ بسمة في عيونه ، وكأنه قد استغرب كلماتها المتقطعة بفرنسية كانت تعاند أن تكون موحية ؛ قالت:
ـ سعد ممكن تسمعني بتأمل ؟ ..هل لك وقت ؟
بسرعة رد :طبعا اسمعك، ألست زوجتي ؟كل اوقاتي لك ..
ــ لا .. لحد الساعة ..لا ..ولا أظن أن كل اوقاتك لي ..لا تبالغ سعد ..فما كنت أعرفك ممن يكذب او يبالغ في قول !!..
قال : مابك سلمى ؟ صارحيني ..
ذقالت : سعد ..تعرف اني أحبك فوق ماتتصور ،وحبك لم ينزل علي كضربة حظ او هبة من احد ... حبك نما معي، احتضنته في صدري مذ كنت طفلة لاتعرف غير حب ابويها واخواتها ..عشت صغري وانت قدوتي ومثالي، وفي مراهقتي بعد ان توفيت أختي صرت َكل أحلامي ..كأني ما كنت أحيا الا لك ..كنتَ أرق ليلي ، وخيالات ِعقلي،وتمنيات صدري ..
كنت لا اعرف من الحياة الا شيئين : حبك في صمت وانت لا تدري، ودراستي لانها قطار أملي ..
توقفت قليلا ، أخذت نفسا عميقا .. كان يتابعها وكأنه يسمعها لأول مرة ، فالتي أمامه ليست سلمى الصغيرة ، ليست الطفلة التي ترعرت أمامه ،صمتها أطول من كلماتها ، لا تهتم الا بدراستها ، حتى وهي تساعد أختها في أعمال البيت لا تهتم الاباسترجاع ما حفظت أو دندنة لبعض الأغاني القديمة .. لاحظت ان كلماتها قد وجدت صدى في عمقه وأنه يتابعها بأمعان .ز
قالت : بعد موت ضحى كنت وحدك هوسي لأحظى بك، وبك وحدك ..
حركته عبارتها ، فتذكر أنها كانت لاتفارق غرفة نومه، بعد عودته من رحلة علاجه ،اثر نكبة عمره .. أحس بضيق في صدره وهي تحاول اثارة ذكريات يجاهد النفس الا يذكرها أو تلوح له باثر ..
تملك هدوء ه وركز فيهاالنظر وهي تتابع كلامها ..
ـ لا أقول لك اني صددت الكثير، فانا لم اكلف نفسي ذلك لان سلوكاتي كانت تحذر كل من يحاول التقرب مني حتى قالوا عني" أنثى لا تعرف الحب"
حين كلمتني الحاجة عن مشروعها الذي يتعلق بفكرة زواجنا ،لم اتركها تشرح الدوافع والأسباب فقد عانقتها وقلت :
سعد عشقي وانا له زوجة،ولمريم أما ،الا اذا رفضني لسبب ما ..
أني مازلت بين عيونه طفلة ،او لارتباطات أخرى ..
أضفت وانا أهوي على يديها تقبيلا :انا من يتوسلك ان تساعديني على أن أعيد
الفرحة لبيت عشت فيه واقدر أهله..
بكت الحاجة وقالت :وهل يجدسعد أحسن منك جمالا ونسبا واصلا ؟
أنا فقط كنت أريد رايك ..أما موافقة الأهل فأنا كفيلة بها ...
مرة أخرى يسرقه ماضيه منها بذكرى .. كيف لم يفكر فيها من قبل ..ربما ظلت صغيرة في عيونه ..ربما .....صور كثيرة داهمته ..
تذكر بنت عمه وهي تقايضه قبل كتب الكتاب عن ابنته .. ضغط على فكيه اشمئزازا وهو يتذكر عبارتها :
ـ سعد ..تعرف أني أحبك واني سأكون لمريم أما، فبما يجود كرمك فوق مهري ؟ كانت تريد شقة باسمها ...في عمارة كان قد بناها والده قبل موته
بدا يقارن بين قولين وسلمى تردد :
خمس سنوات وجميعنا: الحاجة،وعايدة ، والداي ،وأخي ، ينتظرون تخرجي لنعلن خطبتنا او زواجنامباشرة..
ركبته بسمة تغافل : "وحدي من كان آخر من يعلم"
حرك راسه سخرية من نفسه ثم تابع حديثها :
ـ عدت الى المغرب وقد كلل الله سهري ومثابرتي بشهادة قليلات من بلغنها من بنات وطني .. كنت أتمنى وجودك في انتظاري ..لكن كنت حينها مسافرا في مهمة تجارية ..لم انتظر قدومك الى بيتنا لتبارك لي فانا من هرولت اليك بعد ساعة من وصولي،و أنا من دعوت الحاجة لتنظيم سهرة تجمعنا جميعا ؛ كانت الحاجة حريصة ان أبيت عندكم لتفسح لنا وقتا مريحا للحديث والحوار ..
مطارق الذكرى تدق أم رأسه ..هي ذي سلمى الصغيرة تتكلم برزانة الكبار
وتكابد لتفتح لمستقبلها طريقا مضمونة ..هي ذي سلمى أنثى عاشقة ،واعية ،حريصة أن تعيد لنهره الجريان بثقة وثبات وعزم..
وتذكر أخرى من خارج وطنه ادعت حبه واليها شد الرحال فوجدها ضرة
ثالثة لكبير قوم تحلبه بالليل وتخونه بالنهار..شتان بين تربية وتربية
بين تنشئة تهدم كهوف الشك في النفس وأخرى تترقب المدح لترضى على نفسها حتى اذا لم تجد غير الضغط والرقابة والشك و التبخيس انقلبت
الى افعى لا تبحث الا عمن تلذعه
تململت سلمى في جلستها فاعادته اليها ..قائلة :
في تلك الليلة ما حبست عنك نفسي ،فقدكنت مستعدة ان اهبك كل ماتريد ..وقد خامرني شك وانت تحاول ان تصدني مكتفيا بقبلات ولمسات كم ألهبتني !!!..
كأنثى ماعرفت ممارسة الجنس أبدا ..لكن ما أحسسته كان كطوفان .. كم عذبني قبل ان أتركك وأتعذب توسلا لاغماضة نوم
ففرحتي لا يختصرها فظ بكارة قبل الأوان ، فرحتي ان أحقق حلمي
واسعد ك، ان أعيد لك فرحات كنت الاحظها من صغري في عيونك وفي حركاتك وسكناتك مع المرحومة أختي،هي نفس الفرحة التي كانت ترين على البيت بين أمك وابيك؛
فبيت يسكنه الحب وبه يسير لا يتغافل عنه الا غبي بليد ..
شهقت كأنها تستعيد أنفاسا في صدرها قد توقفت ، وخنقتها دموع جاهدت النفس ألا تشي بها ، وبغليان جوفها .. استكانت قليلا ثم قالت :
سعد .. اليوم انطعنت وانا أرى أخرى مجنونة بك او هكذا كتبت على السكايبي انت من تركته مفتوحا، فظهرت رسالتها على واجهة هاتفك
تقول :كما تريد حبيبي ، فصارحني سعد.. هل لك أخرى في حياتك انت معها في ارتباط وثيق ؟
بينهما ران صمت عسير ،وفي راسه دارت الف صور ة وصورة..
صب نظره مكسورا قلب عيونهاالحالمة وقال : : سلمى..هي أنثى موجودة .. ،ولكنها بعيدة ..تفصلني عنها آلاف الاميال ..لم نلتق قط .. ولا اعرف لها وجها ، قهرها الزمان في زوجها فشلته رصاصة حرب ظالمة وصار أبناؤها الثلاثة عرضة للتشرد
فاجاته : اسمها {....}أليس كذلك ؟
اندهل .. وقد اهتز منه الصدر : كيف عرفت اسمها ؟
قالت بعد تنهيدة عميقة :يوم ضممتني الى صدرك وانا قربك على سريرك قلت لك : هل تحبني سعد؟
فكان ردك : وكيف لا أحبك يا {..... }وانت صدري..
لم ارد ان اعلق لاني كنت أطمع في أكثر من عناق وتركت الامر للزمن
فانا معك قادرة على أن احميك ممن عداي،لكن اليوم بعد أن قرات عبارتها اليك كان لزاما ان اصارحك حتى نحدد لنا طريقا ..
امامه صارت تترى الصور ... الحاجة والدته ،مريم ابنته ، تضحية سلمى وصبرها ،ثقة اسرتها ، الماضي الذي عاشه،تجاربه السابقة ، مستقبل ابنته، .{ر.......} وحاجتها الى تعليم أبنائها بوعد قطعه على نفسه ...
بسرعة فكر :يلزمه ان يكون ذكيا ..وأن يراعي الأولويات في حياته
مسك يدها وقال : تعالي
قامت وتحولت اليه ..أجلسها على ركبتيه ..قبل خدها وقال :
ياصغيرتي التي صارت أنثى يقتلها العشق .. أين انت اللحظة ؟
قالت :مع سعد..أجلس على ركبتيه ..
اعجبه تعبيرها .. ذكية ،تتقصد غايتها بلا لف ولا دوران.. قال : ومن الأقرب؟ أنثى قهرها الزمان تعيش بين طلقات المدافع وانهيار المنازل ،وتشريد الأهل،تترقب من سعد عطية شهرية لتعليم أبنائها ،ام من تجلس على ركبتي سعد .. تتشممه ..تقبله ..ثم تعاتبه وهي لا تدري حقيقة ما وراء المسافات؟
كان يدرك ان الحقيقة وحدها تخفف عليها من وطء الصدمة التي
تغلي في صدرها صعودا ونزولا ،أحس أنها اندهشت لما سمعت فذكاؤها طار بها الى حيث ماعادت جدوى للكلمات ،ورأى ان دموعها و قد غالبتها فاضت على،وجنتيها ..دفنت راسها في صدره وصارت كطفلة صغيرة تشهق من غبن ..

مسك يدها ..قبلها .. ووضعهاعلى خده ..
رفعت راسها الى وجهه وقالت :
سعد أحبك حبيبي ..سامحني ..ما تصورت الامر كما أنت شرحته..
ناولها ورقا نشافا ..مسحت وجهها .. قامت من على ركبتيه واستدارت نحو مرآة في مكتبه تصلح من زينتها..
ولعبت الذكريات بخياله ...
كان لا يحتاج كبير عناء مع أختها ضحى لتوضيح ما يريد..بل لم يحدث ان شرح كل مايريد ..فقد كانت تملك من الذكاء وسرعة النباهة والفهم ما يمكنها من فهم كل ما يريد توضيحه بإشارة أو بضع كلمات ....
كذلك بدت سلمى اليوم أمامه،تقرأ الكلمات بصورها ومعانيها،
وتستنتج الحلول بلا حاجة للسياقات تترى ،او تكلف محدثها ان يطنب في توضيح ..
لم تغضب ولم تحتج ولم تركبها الغيرة لتقول كاي أنثى : أنا أوهي؟
تنهد بعمق وقال : لك الحمد يا ربنا والثناء ،
فقد كافأت صبري كرما ورضى



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غياب
- لماذا طلبت الطلاق؟
- وجوه
- ليت أصواتكم صوتي
- في قلبي رجل آخر
- من فينا يرتق لنا معنى ؟
- ابواب الريح
- جفاف
- منتخب كذاب


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - صغيرة مقتولة بعشق