أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - جفاف














المزيد.....

جفاف


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6391 - 2019 / 10 / 26 - 19:21
المحور: الادب والفن
    


صحت من نومها .. جلست على حافة سريرها .. لا شيء يتوضح أمامها
الغبش يلف غرفة نومها ..
في نفسها تحرك سؤال : لماذا صحوت ؟
من دقيقتين كانت تحلم ، استغربت من شبح اسود كان يقرأ رسالة فوق مكتبها ..نسيت لمن كتبتها ..طليقها ..لا.. آخر من تفكر فيه .. كلمة واحدة اليه تحرك رغبته في العودة ..بلاكرامة .. لا تريده ..جلاد بالنهار .. حقير فاشل بليل .... طفل لم يبلغ الرشد ..يحوله السكر صبيا ضاعت منه حلوى ..
وضعت يدها على كتف الشبح ، حين استدار الى ناحيتها وجدته رجلا وسيما ، راقتها عينه الغمازة بسحر ، كأنه كان يراودها عن قبلة ، هي نفسها اشتهتها ..قربت خدها منه ، لئيم بدل القبلة هبر عضة ، آلمتها ..لكن كانت بألم لذيذ ، سرى دبيبا في كل أطرافها .. ضحكت ..وتمنت لو يطلب أخرى .. ابتسم بكبر وغادر المكان...
عادت لنفسها ...صحت .. فتحت عينيها .. حملقت في سقف الغرفة ..كل شيء ضبابي .. عاودنها النوم، رمت راسها على وسادتها فحلمت .
تحرك عقلها بتفكير :
ــ .يلزم ان تعطي لزمن الحلم فرصة أطول حتى تستعيد حلمها الأول .. تمنت أن يعود :
ـ كم أنا جشعة ، طماعة ..أو ربما متيمة عاشقة ..لكن بمن ولمن؟ ! ...
أحست شيئا يسري في ظهرها ..بين نهديها .. يمتد السريان الى بطنها ،.. لفت ساقا بساق .. أمامها ظهر الشبح .. هو نفسه يعاود الظهور ..رأته يضحك
هل يشمت بها ؟..نومت عينيها وقالت :تعال ! .. أنا لك ..
قهقه ثم استدار .. فتح الباب وخرج ..
كم يثيرها .. ايقنت هشاشة نفسها ،جفاف وحدتها ، احساسها العميق أنها في أمس الحاجة الى رجل.. لكن ، ليس أي رجل ، أحبت ذلك الشبح ، هو فقط من تريد ..
نوع من الغبن يهيمن على نفسها ، صارت عيونها ترغب دموعا .. تبلل جفافها ، تعيد طهرها الذي افتقدته .. كأن هشيما على اشفارها قد وقع... ...
كطفلة صغيرة فركت عينيها بكلتي يديها .. حين توقفت تناهت اليها موسيقى صاخبة انطلقت للتو ..لعنت صاحبها أو صاحبتها ..
قالت في غيظ وحسرة :
ـ ماعادت الموسيقى غذاء للروح ..جف رواؤها ، فقدت فحولتها كرجال اليوم.. جذب وهدير..بلا مقومات للرجولة ...جفاف القوة والنبض ..
قفلت النافذة وهي تسائل نفسها : لماذا صار الغير لا يحس لك بوجود ؟
تذكرت عبارة كان طليقها يحاول ان يلبسها وزرها :" انت ِعاقر" ...
ضحكت .." وهل كان هو رجلا حتى يميز بين العاقر والولود ؟
سنة ونصف من زواج ولازالت بكرا ..وما نفع في الزوج مرهم ولا حبات ..
كم تسخر من نفسها .. الصور تترى.. تستعيد ليلة دخلتها ..
حين جعلها طليقها تحته يوم زفافهما، ضاغطا بجسده على صدرها ، خلت نفسها نعجة تتأهب لذبح.. خائفة ، تترنح وهي تنتظر سكينه ، عصاه ، اصبعه حتى ، تترقب دماءها .. لا ألم ولا دفء ..جفاف .. لم يحاول أن يهدئ من غليان نفسها ولو بقبلة ،كان عاطفة من جفاف ..كتلة لحمية بلا روح ..
همدت ..وصار الزوج من يخور كثور مذبوح .. يزفر جفاف رجولته المفقودة ، لا شيء لديه يثير خوفا..صبي لم يختتن بعد.. ..
انقلب على السرير فأراح صدرها من ثقله ، وماعاد يصلها غير شخيره ..
تلمست باناملها موضع الذبح .. جفاف ... النمل وحده يغلي على ضفاف المكان ....وبقيت عفتها .تبكي جفافها ... ..
كنست صورة تبدت لناظرها ... الشبح ... لا مقارنة.. ..
لكن ابقت على لذة ألم باغتتها .. رفعت راسها الى ساعة الحائط .. كانت كلاعب يركض في سباق ، تتحرك كما يتحرك ا الألم في صدرها وبين فخديها ، سريعا ، قويا ، دفاقا ..بلل، ماء يخفف من قسوة الجفاف ...
ثلاجة المطبخ ليس فيها غير فاكهة .. ربما مع فنجان قهوة قد تخمد المها وجوعها ..تثاقلت حواسها .. كانها تخدرت .. منذ طلاقها ما تناولت في البيت أكلا .. فلا أحد في البيت يعد أكلا ، أمها سلمتها الى الزوج ثم ماتت بعد شهرين ؛ أما ابوها فلا تعرفه ..مات قبل مولدها ... الاكلات السريعة في مطعم الحي كانت هي ما يسد رمقها .. ..
أسرعت لدولاب ملابسها ، غيرت ملابسها ، ثم الى الشارع هرولت ،لترتمي على أول مقعد في المطعم ، طلبت فطورا .. لا ليس فطورا واحدا .. فقد عاد الشبح بلا إذن جالسها ... بادلته الابتسام ، ونسيت ألمها ،جوعها .. نسيت يتمها .. نسيت شبه رجل من فشله ، من عناده ، من وهمه ذاقت حرمانها ..ارتدت جفافها ..حرقة سنة ونصف من عمرها .. ..
هو كما هو يبتسم .. احست يده من تحت الطاولة تمتد لركبتيها ..
انفرجت شفاهها لتقول له :توقف ... كما انفرجت ركبتيها من نغلات الجفاف.. لم تجده .. رحل وبقي اثر الحضور.. جفاف ،جفاف ، جفاف .. ....



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منتخب كذاب


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - جفاف