الذرائعيون وجماعة فيثاغورس

كريم عرفان

الحوار المتمدن-العدد: 6452 - 2020 / 1 / 1 - 12:58
المحور: الادب والفن
    

من ينظر إلى الذرائعيين ونظريتهم المتفردة في النقد والادب سيلحظ وجود تشابه كبير بين الذرائعيين من جانب وبين جماعة فيثاغورس أو "الفيثاغوريين" تلك الجماعة التي كان لها الشهرة في التاريخ العلمى والفلسفى ؛ وذلك التشابه سنجده شديد الوضوح في ثلاثة عناصر رئيسية اهتمت بها الذرائعية اهتماما خاصا وهى:-
1- التحليل الرقمى الذرائعى الثابت .
وهو المبدا الذى نادت به النظرية الذرائعية وما يؤمن به "معظم" الذرائعيون ويعتبرونه ركنا رئيسيا في النظرية ..فعملية النقد لدى الذرائعيين تخضع لقواعد معينة "رقمية" .
- فلا يكتفى الناقد أو المحلل بتحليلات النص بل يقوم بعمل "تحليل رياضى رقمى مدروس "
- ثم يحول جميع تلك العلامات والدلالات الحسية والمدلولات بجميع محطات الدراسة النقدية إلى "أرقام"
- ثم يضع تلك العلامات والدلالات الحسية والمدلولات "بمعيار حسابى دقيق كنقد رقمى سائد " ؛ يعرف من خلاله هوية الاديب ودرجة رصانة النص "بميل رقمى (rubric) بحت .
وتلك نزعة "فيثاغورية" شديدة الوضوح فما فعله فيثاغورس وجماعته أنهم أطلقوا مقولتهم الشهيرة " كل شيء أرقام " وعملوا وفقا لها ؛فالفيثاغوريون ردوا الأشياء جميعها إلى العدد ؛ فجوهر الأشياء يعود إلى الأعداد والأرقام ونسب رياضية دقيقة ؛ وتلك الصبغة الرياضية اشتهرت بها النظرية الذرائعية أيضا التي ابتغت الدقة المتناهية في فهم النص ؛ فكما فعل فيثاغورس وجعل من الرياضيات هو العلم الأساس والدراسة الرئيسية في علم الطبيعة وفى فهم الكون ؛ كذلك فعل الذرائعيون فقد جعلوا من علم الرياضيات أساسا هاما في فهم النصوص الإبداعية والأدبية ومنطلقا رئيسيا لا يمكن الإستغناء عنه .

2- دور المراة الهام
أولت الذرائعية اهتماما كبيرا بدور المراة واعتبرتها شريكة للرجل وصنوا هاما له فلا توجد ثمة تفرقة بينهما في العملية النقدية أو الإبداعية ؛ ولا يجوز الغض من قدرها أو الحط من مكانتها بأى شكل من الأشكال ؛وذلك الاهتمام والتقدير جاء من خلال التنظير نفسه أو من خلال ممارسات الذرائعيين العملية على أرض الواقع ؛وأبرز مثال على ذلك هو إصرار مبتكر النظرية العلامة / عبد الرزاق عودة الغالبى على إعطاء الدور الكبير للمرأة فقد قرن نظريته المبتكرة بتطبيق عملى قدمته امرأة وهى السيدة الفاضلة الدكتورة / عبير خالد يحيى ؛ فكان أول تطبيق عملى للتنظير على يد امراة ؛وكذلك سنجد التواجد النسائى البارز لكثير من الفضليات في شتى أرجاء الوطن العربى واللاتى ينتمين إلى الذرائعية ويعملن على نشرها فيه من الدلالة الجلية على دور المراة الجليل في دعم ونشر النظرية الذرائعية .
وهو أيضا ما يجعلنا نستعيد ذكريات فيثاغورس ومدرسته التي كانت أول مدرسة تقبل وجود النساء وتفتح الأبواب أمام المراة بعد أن كانت العلوم الفلسفية قاصرة على الرجال فقط ؛ وهذا يعود أيضا إلى ما كان يؤمن به فيثاغورس نفسه ويردده من أن المراة قريبة إلى الفضيلة والأخلاقيات بطبيعتها وهو عكس ما كانت تقوم عليه فلسفات كثيرة تحط من شأن المراة .

3- الأخلاق والفضائل .
وهذا العنصرشديد الأهمية وهو المبدا الذى لا يتنازل عنه الذرائعيون أبدا "فعلى الاديب أن يكون بمنأى عما يخدش الحياء والإبتعاد عن كل فكر يزرع العداء والفرقة بين الناس وأن يلتزم بالأخلاق العامة ؛ فالذرائعيون يعتنقون مبدأ " الإلتزام الادبى الأخلاقى " لا يحيدون عنه أبدا ؛ فلا يعدون النصوص التي تحتوى على إساءات أو تعدى على المبادئ والقيم أدبا ؛ وكم رفض الذرائعيون كثيرا من النصوص التي عرضت عليهم بسبب انها احتوت على ما يخدش الحياء ويتناقض مع مبادئهم الأخلاقية ..
وتلك النزعة ورثها الذرائعيون عن الفيثاغوريين الذين اهتموا بالأخلاقيات أشد الاهتمام و أولوا تطهير النفس وتزكيتها الكثير من عنايتهم واهتموا بتصفية النفس عبر اتباع قواعد سلوكية معينة فلم تكن مدرستهم قاصرة على العلم فقط بل حرصت على وجود البعد الأخلاقى وتطهير النفس جنبا إلى جنب مع العلم والرياضيات .

فهذه العناصر أو المبادىء الثلاثة هى أبرز المبادىء التى يؤمن بها ويحترمها الذرائعيون ويشتركون فى الإيمان بها مع جماعة فيثاغورس .

#كريم_عرفان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل