الفيلم الوثائقي فتين المفقودة

إبراهيم أبوحماد المحامي

الحوار المتمدن-العدد: 6435 - 2019 / 12 / 11 - 23:54
المحور: الادب والفن
    

الفيلم الوثائقي فتين المفقودة.
سينمائية الحياة
في عام 2014 أصر صديقي الصحفي الفلسطيني في لندن على عرض فيلم وثائقي عن حياتي، ليكون مادته العلمية في رسالة الماستر في عاصمة الضباب لندن، فأجبته: أنني لا أستحق ذلك، فقال: على العكس تماما، وذكر لي بعض السمات التي تصلح لتكون قصة سينمائية في حياتي، كالمخيم واليتم والتعليم والعمل، وغرائب القضايا، وانتهى الفيلم بتعثره لعدم إمكانية التصوير في ساحات المحاكم. تيمات ومواضيع الفتها، كما تألف همومك حتى تغدو جزء منك. حتى اقدرها لغيري دون نفسي.

سينمائية حكاية العائلة

ولقد ولدت حكايا والدتي أطال الله في عمرها المرتبطة في فلسطين عن العهد العثماني الذي دعا عليه حتى الدجاج في الكسر والاحتلال الانكليزي و العصابات الصهيونية، وكل احتلال لفلسطين كان عقب ظلم، ويأتي محتل مهادن ويزداد شراسة فيما بعد، ومنهم أولاد الميتة، وحتى حكايا الموروث الشعبي الفلسطيني من أبو زيد الهلالي والسلطان حسن واهات وزغاريد الشعب الفلسطيني، موتيفات للتعالي على آلام وأحزان شعبنا، وكان لقصص بيادر السمسم وبيارات البرتقال، مخيال فلسطيني مجنح، ولدته قصص البطولة الأسطورية التي تنسجها هذه الحكايا والخراريف. والتي لا زالت تمسح علينا حزن الأيام وقسوتها، تعيش حكايا السينما الفلسطينية مع والدتك أطال الله في عمرها. فالسينما نعيشها يوميا وتاريخيا.

ومن تلك السيناريوهات السينمائية التي ترسمها قصة زواج الفلسطينيين في قرية ساكية قضاء يافا، المرتبطة بالفتوة والشجاعة والبأس، والحب والعطف، صراعات الريف الفلسطيني، وقيم العمل، والتضامن والرجولة.

وبذلك لا أكون بحاجة لارتياد السينما وقصص أمي الحبيبة، وحياتي السينمائية التي تعج بالنضال على المستوى الشخصي والعام والمؤسسي، وفي عرض الجمعية الملكية للأفلام الوثائقية، قدمت في العشرين من شهر أيلول الماضي عرضا سينمائيا لفاتين المفقودة.

الفيلم الوثائقي القبرصي
فتين المفقودة

تبدأ الرواية التسجيلية السينمائية موظفة تقنياتها الموسيقية والصوتية والصورة بعرض يحبس الأنفاس بوصف الفلسطيني تاجرا يصطاد النساء في عملية بيع علنية، وصفقة لها طقوسها ولاعبيها من خطابات وتجار، صوت واحد صادم في الفيلم الوثائقي ينطلق من قبرص في عملية تنقيب وبحث وثائقي عن فتاة تزوجت بجيل أربعة عشر عاما من فلسطيني، البحث الوثائقي ينتقل للوثائق الفلسطينية في فلسطين طولكرم، والمملكة الأردنية الهاشمية، هذا الخيط يجمع بين الصحفية التي تبحث عن قريبتها فتين باخوالها الفلسطينيين في طولكرم.

يبدأ الصوت الفلسطيني بالرد على الرواية الصهيونية التي تصف الزواج بالبيع والشراء، حميمية لقاء الاخوال الفلسطينيون ميلودرامي وعاشق حتى تنثال دموعك بعاطفة انسانية نادرة لم ترهقها الحروب والنكبات، للحب معنى انساني عميق حتى في الفتن التي تذهب العقل وتشعل الرأس شيبا، ولع وتعلق وحب وغرام الأبناء بأمهم القبرصية يبدد أي شك بمكانة المرأة في المجتمع الفلسطيني، وأي انحرافات عن ذلك.
الرد الفلسطيني يسرد حرية الزواج والطلاق هذه الحرية الكاملة حتى لمن اغترب ليحيا في فلسطين، فاللغريب في فلسطين حق لا يضام بغض النظر عن أصله الوطني أو حتى لو اختار الفراق، كانت فاتين ترسل لأهلها الرسائل دون رد، كان شقيقها يخدم بالقوات الاحتلالية البريطانية ضد شعبنا الفلسطيني بينما يناضل شعبنا في سبيل حريته وكرامته، لقد جمع الاحتلال في فلسطين مائة الف عسكري حتى من العرب الذين دفعهم العيش لهذه المشاركة غير المبررة، ولم يزرها شقيقها وهو على أرض فلسطين المحتلة.

اللغة التركية لم يتعلمها الأبناء حرصا من الآباء على عروبة أبنائهم، أنجبت القبرصية أربعة عشر مولودا، وتوفيت معمرة زادت عن حد الشيخوخة، ويعيش أبنائها واحفادها على ذكراها، وأوجاع الفقد واحزانه وذكرياتها وطقوسها في المنزل.

فزواج الفلسطينيين من قبرص مرتبط بالفتاة الذكية القادرة على التعايش في بيئة القرية الفلسطينية، المدبرة اقتصاديا، ولقد لعبت الظروف التاريخية والاستعمار البريطاني والحاجات الاجتماعية والاقتصادية والتراث العثماني دورا في تنشيطه، فالزواج متوافق والشريعة الإسلامية، ولم يقتصر الزواج في تلك الفترة على القبرصيات وإنما تعداه إلى الزواح من اليهوديات.

ويبين الفيلم الوثائقي إشارة إلى أن الملابس التي تظهر في الصور كانت مستعارة من المصور، تلبس بشكل لحظي لغايات التصوير، فهي لا تظهر حداثة من في الصورة وطبقته وميوله واتجاهاته الفكرية، والتي يمكن الافادة من التاريخ بهدف التغيير الاجتماعي.ويعتبر الفيلم الوثائقي تسجيل لواقعة اجتماعية ذات ابعاد سيسواجتماعية لفترة ما بين الحربين العالميتين، وتبين ارتباط فلسطين في العالم الخارجي.

#إبراهيم_أبوحماد_المحامي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل