أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - حسن خليل غريب - ربيع العراق ولبنان يزهر من بذور عربية















المزيد.....

ربيع العراق ولبنان يزهر من بذور عربية


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 6415 - 2019 / 11 / 21 - 15:25
المحور: ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية
    


مدخل الدراسة
مرَّ الوطن العربي، بعد العام 2011، بموجة من الانتفاضات الشعبية كانت تعبِّر عن آلام الجماهير العربية الواسعة على مدى آفاق الوطن الكبير. وهي الدلالة على أن البركان الشعبي ينفجر حتماً إذا ازداد الاحتقان عن حده، وهو قد زاد كفاية، في العقود الماضية، خاصة بعد أن استهدفت المؤامرات المتتالية إسقاط الحركات والقوى القومية. وإنه بإسقاطها تنفتح بوابات تغريب الفكر عن أصالته الوطنية والقومية؛ ووضعه بالتالي بين أيدي حركات الإسلام السياسي. ولم يكن تلزيم تلك الحركات بريئاً، لأنها تناصب العداء لأي فكر تحديثي، وفي المقدمة منها الفكر القومي العربي، والحركات الوطنية الداعية لبناء دول مدنية.
لقد كان احتلال العراق أقسى فصول تلك المشاريع، وذلك لسبب رفض نظامه الوطني الرضوخ لمشيئة الاستعمار والصهيونية، والذي باحتلاله أطلت حركات الإسلام السياسي برأسها بعد أن خلا الجو لها. وتحولت إلى شريك فعلي في تنفيذ مخطط الاستعمار والصهيونية تحت ذرائع إعادة بناء الدول الدينية التي لا يمكن قيامها إلاَّ بعد إسقاط الدول المدنية التي زعمت أنها أنظمة كافرة.
علماً أن تحالف تلك القوى كان يستهدف اجتثاث كل فكر يشكل خشبة الخلاص للأمة العربية للنهوض من وضعها المفكك والمتخلف، فقرر إعادة تدوير الفكر السلفي الطائفي، وإظهاره بمظهر المخلِّص. ولذلك أطلق عليه أوباما، الرئيس الأميركي السابق، اسم (الإسلام المعتدل) في محاضرة له في جامعة القاهرة في العام 2009.
وأما لماذا رسمت الاستراتيجة الأميركية – الصهيونية، في وقت سبق خروج جيش الاحتلال الأميركي من العراق، وحدَّدت العلاقة مع ما يُسمى بـ(الإسلام المعتدل)؟
إن مشاريع الإسلام السياسي، تعمل على إعادة بناء أنظمة دينية، ظهرت بداياتها مع الإخوان المسلمين، في أواخر العشرينيات من القرن العشرين، ورست نهاياتها مع تأسيس نظام ولاية الفقيه في إيران. ولأنها ذات أهداف تفتيتية في الوطن العربي، فقد وجدت احتضاناً وتشجيعاً لها من قبل القوى الاستعمارية. وهذا ما عبَّر عنه خطاب أوباما المذكور أعلاه.
ولأن الإسلام السياسي، وتحت ذريعة عالمية الإسلام، يحمل فيروسات التفتيت والشرذمة وعوامل الاقتتال الأيديولوجي. قدمت أميركا والصهيونية المساعدة لها لأنها تحمل عوامل الاقتتال فيما بينها لتناقض مشاريعها الدينية، هذا ناهيك عن أنها تكن العداء لكل فكر قومي يدعو للوحدة العربية، ولكل فكر وطني يدعو إلى بناء دولة مدنية.
لقد كانت تلك الحركات على تنسيق مسبق مع قوى الاستعمار والصهيونية قبل اندلاع الانتفاضات العربية منذ بداية العام 2011؛ ولهذا، وعندما انطلقت أول شرارة للانتفاضة الشعبية في تونس، تمددت إلى كل من مصر وليبيا وسورية، كانت الفرصة سانحة أمام المخطط الأميركي – الصهيوني لاستغلال تلك الانتفاضات وحرفها عن مساراتها الحقيقية. وكان هدف إخراج تلك الانتفاضات عن أهدافها الحقيقية سهلاً وبسيطاً لأن تلك الانتفاضات كانت تسير من غير قيادة وطنية تحدد لها أهدافها ووسائلها.
نتيجة ذلك الفراغ في بنية القيادات الوطنية وضيق رقعتها الشعبية، كانت حركات الإسلام السياسي تمتلك حواضن شعبية واسعة في كل الأقطار التي اندلعت فيها الانتفاضات. وازداد تأثيرها نتيجة التسهيلات التي قدمها لها تحالف الاستعمار والصهيونية. ولأن تلك الحركات كانت ذات أطماع في بناء دولة دينية فقد استطاعت ركوب موجات الغضب الشعبي وتوظيفها لمصلحة تنفيذ مشاريعها.
وهذا ما حصل في كل من تونس ومصر إذ وصلت فيهما التنظيمات الإسلامية إلى استلام الحكم، والتي وإن أسقطت فإنها أعادت إنتاج أنظمة جديدة مستنسخة عن التي سبقتها باستثناء بعض التجميلات هنا أو هناك.
وراحت تتفاعل على الساحة الليبية في بناء هياكل ميليشياوية عمادها الفكر السلفي المتطرف، ومركزت قوتها بشكل خاص في كل من بنغازي وطرابلس. وتأكد لاحقاً أنها تشكل الحامي الأساسي للحكومات المتعاقبة التي تم تشكيلها من قبل حلف الناتو. ونتيجة لذلك الواقع، أدرك قسم من الليبيين، ممن شاركوا في ثورة 17 فبراير، خطورة ما يجري، فانبروا للعمل على تصحيح الانحراف الذي طرأ على تلك الثورة، وهم حتى الآن يستخدمون وسائل الحوار السياسي، وكذلك وسائل الضغط العسكري.
وأما في سورية، فقد شهدت منذ البداية صراعاً على احتلالها من قبل النظامين التركي والإيراني، بتدخلهما بشتى الوسائل والإمكانيات، للحصول على حصة منها، خاصة على ساحة لا يمكن الحسم العسكري فيها لأي منهما. ولذلك كان المشهد يتكرر طوال سنوات وصلت إلى حدود السنوات السبع من دون الوصول إلى حلول. وكان اللاعبان الإقليميان، برعاية روسية، هما من يقرر ويرسم ويحدد الشروط ويرسم مستقبل هذا القطر العربي. وهذا ما يذكرنا بالمقدمات التي أدت إلى عقد اتفاقية سايكس – بيكو بين فرنسا وبريطانيا، ولكن ليست بواسطة خطوط جغرافية مستقيمة، بل بخطوط ملتوية من هنا أو من هناك متخذة الحدود الديموغرافية للسكان.
تلك كانت صورة موجزة عما رست عليه الأوضاع في أقطار ما أطلق عليها (ثورات الربيع العربي). والتي بعد أن أنتجت الويلات والآلام والتدمير، ما زالت تراوح مكانها من دون أي تغيير يُذكر، وظل القرار الخارجي هو الذي يملي شروطه في هذا الحل أو ذاك. والخلاصة أن تسمية الربيع العربي كانت مجافية للحقيقة، لأن بذوره كانت أطلسية – صهيونية – إيرانية – تركية ويحضور روسي لافت. لذا بات المشهد العربي، حتى بدايات العام 2019، يوحي بحالات انكسار واسعة على المستوى الرسمي والشعبي العربي. وتأكدت حالة التضليل والخداع في مسمى (الربيع العربي) الذي كان يصب فقط في مصلحة التحالف الرباعي المنوه إليه أعلاه.
بدايات العام 2019 وظهور حالات انتصار للعروبة
ظل الحال على هذا المنوال إلى أن بدأت ظاهرة جديدة، جديرة بالدراسة واستخلاص النتائج، هو أن الربيع العربي الحقيقي، منذا بداية العام 2019، ابتدأ في السودان، ولاقى صداه في الجزائر، أي بمعنى أن الظلام الذي كان يسود المشرق العربي، وغاب شروق الشمس من هناك، فقد كانت انتفاضتا السودان والجزائر ، وإذا أضفنا إليهما ظاهرة إعادة تصحيح الانتفاضة الليبية، مؤشراً على أن شمس العروبة أخذ يشرق هذه المرة من مغرب الأمة.
وما حصل هو أن التجربة السودانية، لم تنته بإسقاط نظام عمر البشير المدعوم من قبل حركات الإسلام السياسي فحسب، بل أنتجت أيضاً نظاماً جديداً تشارك فيه قوى الثورة. وكذلك الحال بالنسبة للتجربة الجزائرية التي على الرغم من أن الانتفاضة فيه ما زالت مستمرة، إلاَّ أنها استطاعت أن تسقط نظام بوتفليقة الفاسد، وهي ما زالت تعمل على حصد نظام جديد.
وإلى أن يتسنى دراسة التجربتين دراسة موضوعية وبإسهاب، وتلك مهمة موكولة على عاتق المفكرين العرب، نستطيع أن نقول بأن حالة من الانتصار قد بدأت، ويكفيها أنها ألغت حالة الانكسار في الأمة.
العراق ولبنان: مسارات ثورية جديدة
لم تمر ظاهرتا السودان والجزائر من دون تأثير على مجرى المواجهة الشعبية في الأقطار الأخرى ضد الأنظمة الديكتاتورية، بل راحت شمس العروبة تشرق من المشرق العربي من جديد. وهذه المرة بدت إشراقتها من العراق ولبنان. وفيهما معاً أصبحت تعرف بثورة الأول من تشرين في العراق، وانتفاضة 17 تشرين في لبنان. وعلى الرغم من أنهما ما زالتا مستمرتين حتى الآن، فإن فيهما ما يلفت النظر، وما يمكن تسجيله من عوامل إيجابية يمكننا الإضاءة عليها منذ الآن، على الرغم من أن الفكر القومي العربي تقع المسؤولية عليه مستقبلاً ليجري تقييماً موضوعياً واستنتاج دروس جديدة تخدم الفكر القومي في المستقبل، لأنه من قبيل المغامرة هو أن تجري تقييماً شاملاً وموضوعياً لظاهرة اجتماعية جديدة قبل أن تكتمل فصولها.
على الرغم من المخاوف الصادقة منها أو الكاذبة، التي بدأ إعلانها منذ اندلاع كل منهما، فإن مساريهما استمر بزخم وتصاعد أربك الخائفين منهما، ولكنه أثار إعجاب ودهشة حتى الذين كانوا ينتظرون اندلاعهما، بسرعتهما وشموليتهما.
على خلاف ما بدأت ومرَّت به التجارب المريرة السابقة، لعلَّ أهمها عسكرة الانتفاضات من قبل القوى الدولية والإقليمية التي شاركت فيها، والتي اعتبرتها الأوساط الإعلامية أنها كانت رداً على عسكرة الأنظمة في مواجهة الانتفاضات السابقة، ظلَّت ثورة العراق، وانتفاضة لبنان، محافظتين على وسائلها السلمية وذلك على الرغم من كل الاستفزازات التي لجأت إليها أحزاب السلطة في لبنان، وكل من يدعمها من الخارج.
وعلى الرغم من وسائل القمع التي وصلت إلى حدود قتل المئات من المتظاهرين في العراق، وإعاقة وجرح أكثر من عشرة آلاف منهم، ظلَّت الظاهرتان مستمرتين ومحافظتين على وسائلها السلمية. وربما كان مسار التجربتين السودانية والجزائرية الأنموذجي قد ترك بصماته على التجربتين العراقية واللبنانية. وكذلك الخوف من استغلال قوى الخارج لهما كما جرى في الانتفاضات السابقة وما حمله ذلك التدخل من كوارث وويلات.
شيطنة الظاهرتين وتخوينهما داخلياً وإقليمياً
يُؤخذ على التجربتين، كما تزعم الكثير من وسائل الإعلام المعادية، أنهما تسيران من دون ربَّان يقودهما، أو يقودها الغوغاء، أو أنه تم اختراقهما من قبل سفارات أجنبية.
وعن ذلك، لعلَّ في دعوات بعض أحزاب السلطة في لبنان، للحوار مع الانتفاضة من خلال تسمية من يمثلها، فيه بعض الشبهات للتقليل من أهميتها، أو الإيحاء بأن من دبرها ويديرها هو من قوى أجنبية. وكذلك ما يحصل مع التجربة العراقية.
تعود أسباب ما وصفناه بالشبهات، إلى ما يلي:
1-لأنها اندلعت من ردود فعل شعبية غاضبة، فقد تعددت القوى المشاركة فيها، وإطلاق دعوات الحوار مع ممثلين عنها كان يهدف إلى إحداث شروخ بين عشرات القوى الحراكية المشاركة، للأسباب التالية:
-من الصعوبة بمكان أن تُجمع عشرات القوى الحراكية على تسمية لجنة واحدة تفاوض باسمها.
-خوفاً من اختراقات قد تحققها أحزاب السلطة في بنية الانتفاضة من خلال من يمكنها أن تدسه في صفوفها، وينتدب نفسه لتمثيلها.
-ممارسة الضغوط والإغراءات على أشخاص أية لجنة قد يتم تشكيلها.
وإن ما يصح بالنسبة للدعوات الموجهة إلى الانتفاضة في لبنان يصح كذلك على دعوات حكومة العملية السياسية في العراق.
ولكن على الرغم من تعدد قوى الانتفاضة في لبنان، وقوى الثورة في العراق، فإنه يجمعها أهداف واحدة معلنة وواضحة، ليست بحاجة إلى من يشرحها ويفاوض عليها.

سمات مشتركة بين ما يحصل في لبنان، وما يحصل في العراق:
تتشارك الساحتان العراقية واللبنانية، في هذه المرحلة، ومنذ العام 2003، بمجموعة من المميزات، ومن أهمها:
-بعد أن كانا يتمايزان في منهجية نظام الحكم قبل احنلال العراق: يحكم لبنان نظام طائفي سياسي، والعراق يحكمه نظام الدولة المدنية، ولكنهما منذ العام 2003، بداية الاحتلال الأميركي للعراق، وبعد أن تم تعديل الدستور العراقي على أيدي الاحتلال وعملائه من الطائفيين، تساوى القطران بالخضوع إلى حكم النظام الطائفي السياسي.
-تم تفصيل النظام في العراق على مقاييس النظام في لبنان، وهو ما أصبح يُعرف بمصطلح (لبننة العراق). وهذا دليل واضح على أن نظام المحاصصة الطائفية هو أقصر الطرق لتفتيت المجتمع العربي، والأكثر انقياداً للارتباط بالخارج، وبالتالي الخضوع لمشيئته وقراراته ومصالحه.
-بعد المتغيرات التي حصلت في العراق، وخاصة إغراء المشاركين في العملية السياسية التي أسسها الاحتلال الأميركي، بالاستفادة من مكتسبات السلطة وإغراءاتها، وبعد أن فتحت أمامهم أبواب الفساد على مصراعيه، أصبح العراق مستباحاً أمام إرادة الخارج الدولي والإقليمي وخاضعاً لمشيئته.
وأصبح ليس من المستغرب أن يُرتهن لبنان والعراق لإرادتين: الأولى غربية بأرجحية أميركية. والثانية إقليمية بأرجحية إيرانية. وإذا كانت الإرادة الأميركية مستورة في لبنان، فإن الإرادة الإيرانية كانت مكشوفة تماماً في العراق؛ والدليل على ذلك اعتبار نظام ولاية الفقيه في إيران أن بيروت أصبحت العاصمة الثانية من عواصم الإمبراطورية الفارسية. واعتبار بغداد عاصمة لتلك الإمبراطورية. وبهذا كانت الأهداف الإيرانية أكثر خطورة من الأهداف الأميركية، لأن الأولى تعتبر أن الوطن العربي ملحق ببنية نظام ولاية الفقيه، ديموغرافياً وجغرافياً وسياسياً، ولهذا يشكل جزءا بنيوياً من الإمبراطورية الفارسية؛ ويأتي هدف الاستيلاء على ثرواته تحصيل حاصل. بينما الأهداف الأميركية تريد الاستئثار بالثروات النفطية، وأن يكون قرارها ملحقاً بالقرار الأميركي، وذلك من دون اعتبار القطرين العراقي واللبناني، جزءاً بنيوياً من الولايات المتحدة الأميركية، سياسياً أو جغرافياً أو ديموغرافياً.
-باعتبار العراق ولبنان، نظامين يحكمهما نظام طائفي سياسي، سيبقيان منشدَّين إلى العجلة الإيرانية باعتبار ما يزعمه نظام ولاية الفقيه أن الأكثرية في العراق شيعية؛ واعتبار اتباع إيران في لبنان يمتلكان قوة التأثير العسكري والأمني والسياسي في فرض تشكيل حكومي يأخذ بعين الاعتبار مصالح إيران.
وعن ذلك، جاءت الثورة في العراق، واستتباعها بالانتفاضة في لبنان، لتشكل أهم عامل من عوامل صدِّ الأطماع الإيرانية. لذا اعتبر خامنئي أن الانتفاضتين موجهتان ضد إيران، وأمر بإحباطهما بأي ثمن. وإن إصراره على ذلك، فلأن أي تغيير فيهما يؤدي إلى تقويض أحلام نظام الملالي في طهران، وهو السبب الذي دفع بخامنئي، مرشد الثورة في إيران، إلى اعتبارهما بمثابة الفتنة التي، كما يزعم، تهدد الأخوة بين الشعبين الإيراني والعراقي من جهة، واعتبار انتفاضة لبنان مأجورة لسفارات الخارج من جهة أخرى. وقد جاراه في الترويج لمضمون الخطاب نفسه حكومة عادل عبد المهدي والميليشيات التابعة له في العراق؛ وهذا ما قلَّدته به بعض الأحزاب اللبنانية، بدفع من توجيهات حزب الله، واستخدم كل وسائل إعلامه لترويجه.
-كانت سلمية الحراكين العراقي واللبناني، وتعددية المشاركين فيهما، والمشاركة اللافتة لفئة الشباب، والقفز فوق الانتماءات الطائفية والمناطقية، من أهم المميزات التي جمعت بين الحراكين، وكانت رداً صادماً ضد دعوات التخوين التي حاولت الأجهزة الإيرانية، ومن لفَّ لفها، أن تلصقها بالحراكين.
-جاءت شهادة الصفاء الثوري من نزول الطلاب إلى الشوارع شباب وشابات، في كل من القطرين، وخاصة منهم طلاب الجامعات. ذلك الظهور اللافت كان دليلاً واضحاً وأكيداً أن طلاب الجامعات والثانويات، يمثلون كل المناطق وكل الطوائف، وهم ممن يعبرون عن آلامهم وأحلامهم بصفاء لا يمكن أن يلوثه عهر سياسيي الأحزاب الطائفية.

نتائج كارثية واحدة على المشروع الإيراني
وعلى الرغم من أننا نعتبر أن التحالف الاستعماري – الصهيوني، يشكل العدو الأول الذي يحول دون وحدة الأمة ونهضتها وتقدمها، وهو الهدف الاستراتيجي الرئيسي. وإن مكافحتهما تتصدر الأهداف الأخرى؛ إلاَّ أن غباء النظام الإيراني، تحت عباءة (ولاية الفقيه)، ونرجسيته وأضغاث أحلامه التي يعتبرها (أوامر إلهية)، ساقته إلى الفخ، فوقع فيه من دون وعي أو دراية. وما يحصل الآن، خاصة في العراق ولبنان، هو الدليل على ذلك.
إن ما يُبنى على أضغاث أحلام، سيتقوَّض كما تتقوَّض شبكات العنكبوت. وإذا كانت هناك أدلة وبراهين على أن أحلام نظام الملالي في طهران هي كذلك، ومجال تفصيلها يستوعبه مقال آخر، فعلينا في هذا المقال القصير أن نؤشِّر على النتائج التي ستؤول إليه تلك الأحلام.
-إن اقتلاع النظام الإيراني أينما كان موجوداً في الوطن العربي، وخاصة في لبنان وسورية، لا يمكن أن يبدأ من غير الساحة العراقية، وإعادة إقفال البوابة الشرقية في وجهه، لأن أهميتها تتمثل بقطع شريان الحياة عنه الذي بواسطته استطاع أن يتمدد إلى سورية ولبنان.
في نتائج الدراسة
كل ما هو قومي يجب أن يخدم الوطني، وكل ما هو وطني فيه ما يعزز الأهداف القومية. وبناء عليه يمكننا توصيف الحالتين في لبنان والعراق بالقول:
إذا كانت الانتفاضة في لبنان تنطلق من إعادة تركيب النظام اللبناني على قواعد ومسلمات وطنية. وهي الآن تبدأ من الشق المطلبي المعيشي، وتنتهي بتغيير بنية النظام الطائفي السياسي، فإنما في ذلك تحقيق لهدفين:
-الأول إنهاء النظام الطائفي الذي يحمل عوامل التفتيت الاجتماعي للبنانيين بحيث يستعيد لبنان وحدته الاجتماعية والمرجعية؛
-والثاني يتمثل بالحصول على الحقوق الشعبية للوصول إلى شط الأمان الاجتماعي والمعيشي للبنانيين الفقراء؛
يعني تحقيق الهدفين تأهيل لبنان من أجل أن يكون عضواً سليماً معافى في بنيان قومي وحدوي سليم. ولهذا ستكون نتائج الانتفاضة في لبنان استعادة عروبته لأنه جزء من أمة عربية لا يراد لها أن تكون موحدة. بل أن تبقى لبنان مرتبطاً بعجلة القوى الخارجية، الدولية والإقليمية. فالعلاج من آفة الطائفية هو أقصر الطرق للدخول في مرحلة الاستقلال الحقيقي، وهو الدخول في عصر استعادة الوعي القومي الذي هو الوحيد الذي يعطي العرب زخماً لتحقيق آماله بالوحدة العربية.
وإذا كانت الثورة في العراق تحمل أهداف تحرير العراق من الاحتلال، على شتى أشكاله وألوانه؛ وتحرير الشعب العراقي من التبعية للخارج وبالأخص منه التبعية لنظام ولاية الفقيه في إيران؛ يعني استعادة العراق لقراره المستقل، واستعادة ثروات العراق للعراقيين؛ وهذا يعني استعادة العراق إلى حاضنته العربية. خاصة وأنه الكفيل، بما يملك من ثروات وخبرات سياسية وإدارية وعلمية، بأن يشكل مرجعية تسهم بجدية وكفاءة، للقوميين العرب.
ولهذا كله يمكننا وصف الربيع في كل من العراق ولبنان بأنه ينبت من بذور عربية، بعد أن حاولت آفاتهما الطائفية أن تهجِّن بذورهما ليلتحقا بهذه القوة أو تلك.
فليهتف العروبيون في كل من القطرين، اللذين تتكامل بينهما المواصفات الثورية، قائلين:
لا للطائفية السياسية، ولا للاحتلال بشتى صنوفه وأشكاله.



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إظهر يا مارد الثورة، إن العراق قد امتلأ ظلماً وجوراً
- كلام أرخص من الفضة وسكوت أغلى من الذهب
- الفاسدون أمام كرسي الاعتراف: إضربوهم على جيوبهم
- أنياب خامنئي هشَّة ودموع ترامب كاذبة
- الاعتراف بالفساد وتخوين الانتفاضة
- ماذا لو جفَّ... في العراق ولبنان؟
- ليس العراق أرضاً فارسية إخرج منها قاسم سليماني
- نعم للتفاوض أمام كاميرات الرأي العام
- ثورة الشعب اللبناني فوق كل الشبهات
- إسقاط مافيات الكهرباء هدف معجَّل
- إرفعوا وصاية أمراء الطوائف عن الشعب اللبناني
- ليس العراق غنيمة حرب لنظام الملالي في طهران
- (الدعشوية) و(الحشدوية) ظاهرتان لاقتلاع الأهداف الوطنية والقو ...
- الاختلاف حول الهوية القومية أزمة تعيق حركة التحرر العربي
- بين تحديث التكنولوجيا وتحجيم القيم الإنسانية
- هل تتعلم دول الخليج العربي من أخطائها؟
- الظاهرة الدينية بين نار الحرب وجنة السلام الحلقة الأخيرة
- الظاهرة الدينية بين نار الحرب وجنة السلام الحلقة الثالثة
- الظاهرة الدينية بين نار الحرب وجنة السلام الحلقة الثانية
- الظاهرة الدينية بين نار الحرب وجنة السلام (الحلقة الأولى)


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- ثورة تشرين الشبابية العراقية: جذورها والى أين؟ / رياض عبد
- تحديد طبيعة المرحلة بإستخدام المنهج الماركسى المادى الجدلى / سعيد صلاح الدين النشائى
- كَيْف نُقَوِّي اليَسَار؟ / عبد الرحمان النوضة
- انتفاضة تشرين الأول الشبابية السلمية والآفاق المستقبلية للعر ... / كاظم حبيب
- لبنان: لا نَدَعَنَّ المارد المندفع في لبنان يعود إلى القمقم / كميل داغر
- الجيش قوة منظمة بيد الرأسماليين لإخماد الحراك الشعبي، والإجه ... / طه محمد فاضل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - حسن خليل غريب - ربيع العراق ولبنان يزهر من بذور عربية