أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فالح الحمراني - تناقضات الحالة العراقية















المزيد.....

تناقضات الحالة العراقية


فالح الحمراني

الحوار المتمدن-العدد: 6414 - 2019 / 11 / 20 - 14:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التناقض الأكبر ان العراق كواحدة من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، يتخلف بشكل كبير عن جيرانه في الخليج، من حيث تطوير البنية التحتية ومستوى المعيشة ونوعية الحياة. وفي حين أن الشباب يشكلون غالبية سكان البلاد، فإن 25٪ من العراقيين دون سن الثلاثين عاطلين عن العمل. يضاف إلى ذلك عدم وصول الكهرباء ومياه الشرب النقية والخدمات الأساسية، الى جزء كبير من السكان.
عند تحليل ما يحدث في العراق، لفت بعض المراقبين النظر إلى حقيقة انه ولأول مرة منذ عام 2003 ، بدأت قوة جديدة تظهر في شوارع العراق وساحاته، غير مرتبطة بأي كتلة برلمانية أو أي حزب سياسي أو طرف آخر. إتحد عشرات الآلاف من الشباب العراقي تلقائيًا في نهاية شهر تشرين الأول، وطالبوا رسميًا رحيل جميع الموجدين في السلطة، كلهم دون استثناء. ولم يتنبأ احد اليوم ما الذي ستؤدي إليه هذه العملية ومن سيقودها. إن احتمالات حل الأزمة السياسية في العراق، التي كانت واحدة من أكثر الدول العربية نفوذاً، والتي شهد خلال خمسة عشر عاماً من عدم الاستقرار والحروب الأهلية، في الوقت الحالي غير واضحة. وتتفاقم الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الفساد على نطاق واسع والحكم غير الفعال بسبب صراع الأحزاب والجماعات العرقية، مسترشدة بمصالحها الأنانية.
إن التاريخ لا يسير بصورة مستقيمة، ولا دائما ارتقائية، وهو موضوعيا معرض للانتكاسة والمطبات، ولم تتمكن المؤسسة الحاكمة في العراق منذ 2003 من اخرج التطور العراقي من انتكاسته التاريخية، والسير به في الطريق الصحيح، الطريق الذي يتطلع له سكان العراق بكل مكوناتهم، ولذلك خرجوا اليوم عن بكرة أبيهم في معظم أجزاء البلاد ،احتجاجا على مضي النظام الحاكم بنفس الطرق والوسائل التي سارت عليها الأنظمة السابقة، حيث غياب العدالة واستشراء الفساد والبطالة وانعدام الخدمات، واستفادة فئة ضيقة وبأساليب متنوعة من موارد الدولة، وتشكيل حكومات ( يمتد الصراع على المناصب التي تتحكم بالموارد المالية، خلف الكواليس على تشكيلها لفترات طويلة)، ليس لخدمة البلاد بل للسير في ركاب بعض النخب والبطانات التي شكلت لها مليشيات وتشكيلات مسلحة، لاستخدامها ضد الشعب عندما يخرج للمطالبة بحقوقه المشروعة.
أسباب الاحتجاجات العراقية معروفة، ترجع الى نشوء تفاوت اجتماعي حادة في البلاد. فإلى جانب الفقر الذي يعيشه معظم العراقيين، جمعت النخبة السياسية الفاسدة لنفسها ثروة ضخمة على حساب مصائب البلاد. ووفقا لمنظمة الشفافية الدولية، منذ عام 2004، تم تهريب 450 مليار دولار من رأس المال. ويحتل العراق المرتبة 12 في التصنيف الدولي للفساد.
ومن مفارقات الحالة العراقية يلاحظ الخبراء عند تحليل الوضع في المترتب في بلدنا، أن البيانات الموضوعية عن نمو الاقتصاد العراقي هذا العام تتناقض بوضوح مع الاضطرابات الاجتماعية في البلاد. فوفقًا لخبراء البنك الدولي، بعد ركود دام عامين، ولأول مرة في عام 2019 ، يظهر الاقتصاد العراقي علامات على الانتعاش، ويبدو ان فضائل الانتعاش تصب وحسب في جيوب النخبة الحاكمة والبطانات المحيطة بها، وليس للتطوير الاقتصادي وتحسين المستوى المعيش للمجتمع. فقط في النصف الأول من هذا العام، نما الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 4.8 ٪ ، واسترد جزئيا الخسائر الاقتصادية التي تعرض لها في 2017-2018. علاوة على ذلك، حقق الاقتصاد العراقي هذا النمو المذهل ليس فقط بسبب قطاع النفط. فقد تبين أن نمو القطاع غير النفطي للاقتصاد كبير أيضًا - حيث بلغ 5.6٪ في النصف الأول من عام 2019 . وقد تحقق ذلك نتيجة لزيادة إنتاج الكهرباء والمنتجات الزراعية ، فضلاً عن نجاح السياسات المالية والضريبية للحكومة ، مما كفل زيادة الإيرادات الضريبية. وسمحت أسعار النفط المواتية في العالم لبغداد بزيادة الأجور وزيادة الاستهلاك في البلاد في الأشهر الأخيرة، ولكن المواطن العادي لم يشعر باي تحسن في حياته على خلفية تلك النتائج.
والمفارقة التالية ان الحكومة تقول إن العراق في وضع اقتصادي صعب بسبب الحروب وانخفاض أسعار النفط، ويحتاج إلى مساعدة مالية لبناء الطرق والجسور والإسكان والمدارس. لذلك ، "يسعى العراق إلى إبرام اتفاقيات مع الدول المانحة حول تنفيذ مشاريع في مجال بناء البنية التحتية: الطرق والسكك الحديدية والجسور والإسكان والمدارس". ويتمثل الدور السلبي في مشاكل عجز الموازنة والنفقات المتزايدة للميزانية الوطنية، والوضع المتقلب المستمر في أسواق النفط العالمية. والقفز على أسعار النفط يقوض أساسًا السياسة الاجتماعية للحكومة، مما يضطرها إلى الحد من برامج المساعدة الاجتماعية والتصرف بشكل غير متسق. وهذا بدوره يؤدي إلى رد فعل سلبي من المجتمع ويمتد إلى مزاج الاحتجاج ". بالإضافة إلى ذلك ، يمكن للتقلبات في قطاع النفط تقويض ديناميات النمو الإيجابية في قطاعي الكهرباء والزراعة ، والتي قد تحرم الدولة من البترودولارات والموارد المجانية للاستثمار في هذه القطاعات وإبطاء إعادة إعمارها. "إن الأثر السلبي لهذا التطور هو ارتفاع معدلات البطالة وضربة لأسواق العمل - سوف تتأثر الفئات الاجتماعية الضعيفة من السكان ، مثل النساء والأطفال ، بشكل خاص. فقط من خلال عائدات النفط ، ستنجح الحكومة - في ظل عدم وجود اهتمام كبير من المستثمرين الأجانب - لتغذية القطاعات الأخرى والاستثمار في تطوير برامج بشرية محتملة وخلق فرص عمل جديدة.
وبلغت صادرات النفط من العراق في أكتوبر 2019 3.447 مليون برميل ، في سبتمبر - 3.576 مليون برميل. وبلغت أرباح صناعة النفط الشهر الماضي 6.107 مليار دولار.
عنصر خطر خطير بالنسبة للاقتصاد العراقي في 2020-2021. سوف يصبح عامل من النازحين داخليا. لتقليل التهديد للأمن الشخصي ، أصبحت عودة اللاجئين الداخليين إلى أماكن إقامتهم الدائمة على نطاق واسع. "تطرح هذه العملية تحديات طبيعية ، تتطلب من الحكومة اتباع سياسات اجتماعية مستهدفة لضمان الحماية الاجتماعية لهذه الفئة وتسهيل التكيف العكسي لها. تخلق عملية الإعادة إلى الوطن عبئًا إضافيًا كبيرًا على أسواق العمل في المجتمعات المحلية حيث يعود العائدون إلى هناك ويتطلبون تدابير وقائية لإيجاد وظائف وظروف عمل جديدة للمهاجرين السابقين من أجل دمجهم بالكامل في النظام الاقتصادي للبلاد. "
وكل هذا يبرهن على تخبط مؤسسات الدولة، الذي انعكس على الأوضاع السياسية والاجتماعية، و تدهور الوضع في العراق بشكل حاد في أكتوبر 2019 ، بسبب الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة والاضطرابات التي اجتاحت بغداد وكانت تسكنها بشكل أساسي المحافظات الشيعية جنوب العاصمة (كانت المحافظات العربية السنية مغطاة جزئياً بالاحتجاجات). طالب المتظاهرون باستقالة الحكومة الحالية ، وعقد انتخابات مبكرة لمجلس النواب (البرلمان) ، وعارضوا الظروف المعيشية غير المرضية والخدمات ، والبطالة والفساد العام في هيئات الدولة. على الرغم من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها السلطات والوعود بإجراء إصلاحات ، لم تتمكن الحكومة من استقرار الوضع حتى نهاية الشهر الماضي. ظل الوضع الأمني صعبا. في عدد من مناطق العراق ، لا سيما في شمال وغرب البلاد، ما زالت عصابات الدولة الإسلامية المتبقية غير المهزومة تعمل. وهناك مخاطر جدية من تورط أو توريط العراق في النزاعات المتعلقة بالوضع في البلدان المجاورة (سوريا ، إيران). إن كل هذا يبرهن على ضرورة إعادة النظر في أسس العملية السياسية والمرتكزات والنظريات التي قامت عليها.



#فالح_الحمراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في خلفيات انتفاضة أكتوبر العراقية
- الاحتجاجات ضد الفساد والبطالة في العراق كاستفتاء
- 14 تموز الثورة التي لم تستمر
- التصعيد في إدلب وافاق العلاقات الروسية / التركية
- اهتمام إسرائيلي متزايد بالعراق على خلفية التوترات الإقليمية
- آفاق انهاء العراق التعاون العسكري مع أمريكا
- تأملات في مشروعية السلطة
- تجار الحروب في منطقة الشرق الاوسط
- تنبؤات متشائمة للوضع الإنساني بالعراق في عام 2019
- في خلفيات الصراع على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة
- وجهة نظر من روسيا بانتخاب رئيس العراق الجديد
- ماذا بعد وصول منظومة أس 300 لسوريا؟
- سمات الحضارة الجديدة برؤية مدرسة موسكو الاجتماعية.
- زخاروفا تتحدث عن النزعات الإيجابية والسلبية في تطور الوضع ال ...
- العراق بين -محور الشر!- و-الشيطان الأكبر!-
- من يخاف التحالف الروسي الصيني؟
- موسكو: هروب -الخوذ البيضاء- من سوريا بدعم اجنبي يكشف عن هويت ...
- حكومة بغداد تستجدي المانحين لتطبيع الوضع الإنساني!
- هل للاحزاب الشيوعية العربية من مستقبل؟
- الخارجية الروسية تحذر من عواقب الهجوم على ميناء الحُديدية في ...


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فالح الحمراني - تناقضات الحالة العراقية