أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أخطاؤنا الصغيرة .. هدايا وبركةٌ وفرح!














المزيد.....

أخطاؤنا الصغيرة .. هدايا وبركةٌ وفرح!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6407 - 2019 / 11 / 13 - 13:01
المحور: حقوق الانسان
    


سلسلةٌ من الأخطاء تسببت في المشهد العبثي التالي. مهندسٌ معماري أنيق على دراجته البخارية. يحمل حقيبة كاميرا احترافية ضخمة، وتورتة كبيرة. يقف في الطريق في انتظار أشخاص سوف يمّرون بالسيارة ليـاخذوا التورتة، وينطلقون جميعًا إلى مكان الحفل. لم يأت الأشخاصُ وأغلقوا هواتفهم. وصديقنا لا يدري كيف يحمل التورتة على دراجة! فيغضب ويثور ويُخاصم الأصدقاء. هذا هو الشقّ الأول من الحكاية. وقبل إكمالها دعوني أطرح بعض الأسئلة.
هل يصنعُ اللهُ من أخطائنا الصغيرة هدايا كبيرة؟! كيف يختبئُ الجميلُ في القبيح، أو ما نظنّه قبيحًا، لأننا لا نرى الصورة كاملة؟ كيف يتخفّي الطيبُ، فلا نراه إلا حين تكتمل الصورة؟ وهل هناك مصادفاتٌ في هذا العالم، أم أن كلَّ شيء مرسومٌ ومنضبط على نحو فائق الدقّة والترتيب؟
دعوني أُكمل الحكاية التي تُجيب عن كل ما سبق من أسئلة، وتُعلّمنا: ألا ننظر إلى الأمور العابرة باستخفاف، لأن لا شيءَ عابرٌ في هذا الكون المنضبط، وألا نحزن إن لم تتحقق مساعينا؛ لأن اللهَ يرى ما لا نرى بحواسّنا المحدودة. ولكن دعوني أولا أقدّم لكم أبطال الحدوتة الصغيرة.
"ميَ السكّري"، صبية جميلة، مرشدة سياحية، أدمن صفحاتي، ورئيسة فريق عملي من شباب قرائي المتطوعين. "رامي نصيف"، مهندس زراعي مثقف، من فريق عملي التطوعي. عمّو "يونان بطرس"، بطل المشهد الافتتاحي. مهندس معماري مثقف، ومُصوّر فوتوغرافيا هاوٍ. وهو الأب الروحي لفريق عملي، يتفضّل مشكورًا بتصوير صالوني الشهري كهديةً كريمة. أُسمّيه: "يونان الوردة البيضاء"، لأنه يفاجئني في كل لقاء بوردة بيضاء أو طوق من الورود البيضاء يطوّق به عنقي. ولم ينس مرّة واحدة، على مدار عشر سنوات، ذلك الطقس المُبهج.
في سبتمبر من كل عام، وهو شهرُ ميلادي، يُفاجئني الأصدقاءُ والقراء بعمل أعياد ميلاد كثيرة لي. في كلّ مكان أذهبُ إليه، أتفاجأ بعد دقائق بصوت أغنية الميلاد تصدح، وتورتة مُضاءة بالشموع تتهادى نحوي. وفي سبتمبر الماضي أقيمت لي عدّةُ أعياد ميلاد في الإسماعيلية، والغردقة، ونادي الأرمن في شبرا، وجروب أبناء الزمن الجميل من أبناء عظماء الفنانين المصريين، وغيرها. وكان فريق عملي قد خطّط مفاجأتي بعيد ميلاد، ورتّبوا كلّ شيء. اشتري عمّو يونان التورتة الكبيرة، وحجزوا القاعة، ولم يتبق إلا استدراجي للمكان حتى تكتمل أركان "المؤامرة" المفاجأة. وحدث أن اضطررتُ للسفر في ذلك اليوم. وكان على ميّ ورامي الاتصال بعمّو يونان لكيلا يشتري التورتة. لكنهما نسيا! فحدث المشهد العبثيّ الذي في صدر المقال. وغضب العمُّ يونان وخاصمَ الجميع. كلُّ هذا تمّ دون علمي بطبيعة الحال. فتلك مؤامرتهم التي أخفقت.
بعد شهر من تلك الواقعة، اجتمعنا، وبدأ الجدلُ والعتاب. كلُّ شخص يُلقي باللوم على الآخرين لتبرئة نفسه والنجاة من ثورة عمّ يونان، الذي نحبّه جميعًا ولا نتحمّل غضبه. ظللتُ أستمع إلى الشجار، وأقول: "حصل خير يا جماعة. خلاص معلش تتعوض احنا كل أيامنا أعياد....” وفجأة قال عمّ يونان غاضبًا: (أنا بقيت واقف في الشارع شايل شنطة الكاميرا وباقة الزهور وتورتة طولها نصف متر، ومش عارف أعمل إيه والأساتذة قافلين موبايلاتهم! بصيت حواليا لاقيت دار للأطفال الأيتام. دخلت وجمعت الأطفال وقلت لهم: "تانت فاطمة جابت لكم التورتة دي وعليها صورتها عشان تحتفلوا بعيد ميلادها.” الأطفال فرحت جدا وغنينا لك أغنية الميلاد.) صُعِقتُ وهتفتُ بفرح: (معقول يا عمّ يونان، أهم جزء في القصة تقوله متأخر كده؟! كده الحكاية اختلفت تمامًا. الحكاية كده مفيهاش أخطاء. أخطاء ميّ ورامي كانت ترتيبات إلهية عشان يرسم للأطفال لحظة فرح مع الشموع والتورتة والأغاني والزهور! )
وبالفعل، كان الاحتفال مع أولئك الأطفال هو أجمل أعياد ميلادي رغم أنني لم أحضره؛ حتى يفرحَ الأطفال. وكانت أخطاء ميّ ورامي، حين لم يخبرا مهندس يونان بسفري من أجمل الأخطاء؛ حتى يفرحَ الأطفال. وحتى كذبة عمّ يونان على الأطفال حين زعم أنني أرسلتُ لهم التورتة، من أطيب الأكاذيب؛ حتى يفرحَ الأطفال. كلُّ ما سبق هو تطبيقٌ عمليٌّ ناصعٌ للآية الجميلة: “كلُّ الاشياء تعملُ معًا للخير، للذين يحبون الله.” فجميع ما سبق من أخطاء، وقعت حتى يفرحَ أطفالٌ يتامى قلّما يزورهم الفرحُ. هكذا يرتّب لهم اللهُ بهجاتهم، ولو من أخطاء الناس وسهوهم. ربما تنسى أو تُخطئ فتلوم نفسك، لأنك لا تدري، ولا تنظر إلى النهر إلا من ناحتيك فقط. الضفّةُ الأخرى تقول كلامًا مختلفًا. لكن اللَه جابر الخواطر يعرفُ كيف يحوّل أخطاءك إلى فرح ونعمة وبركة لمن يستحق. ودائمًا: "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن”.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأيزيدية شيرين فخرو … العُقبى لداعش
- عيدُ الحبّ المصري … والڤالنتين الإيطالي
- 7 أرطال … من اللحم البشري!
- التذكرةُ قاتلةٌ … لأن القانونَ طيبٌ وأمّي
- سهير العطار … نجوى غراب … أكذوبةُ الخريف
- حتى لا تموتَ الشهامةُ في بلادنا!
- يراقصُ الزهراءَ فوق الثريا | إلى مازن ... فاطيما
- البابا تواضروس … والخاذلون أوطانَهم
- -بين بحرين”: بحر الظلام وبحر النور
- كيف عشتُ طقسَ -الحلول- مع فرجينيا؟
- سانت كاترين: متخافوش على مصر
- اللواء باقي زكي يوسف… كاسر أنف صهيون
- أيها الخائنُ … أيها النبيل!
- يوم من أيام مصر الجميلة... تحيا مصر يسقط كل عدو لمصر!
- مهرجان الجونة … الرقصُ داخل الأغلال
- أن نكون شوكةً في ظهر مصر!
- خالد جلال … يستعيدُ ذاكرةَ (نادية)
- صَهٍ … إن مصرَ تتكلّم!
- اعترافات أجدادي العِظام … السَّلفُ الصالح
- ماعت التي ما ماعت ... في صالوني


المزيد.....




- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون
- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أخطاؤنا الصغيرة .. هدايا وبركةٌ وفرح!