أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - 7 أرطال … من اللحم البشري!














المزيد.....

7 أرطال … من اللحم البشري!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6400 - 2019 / 11 / 5 - 21:50
المحور: حقوق الانسان
    


==============
قيمةٌ عُليا أن يخفقَ "قلبُكَ" لسنواتٍ بعد رحيلك عن الحياة. فكرةٌ شعريةٌ مدهشة أن تتنفّس رئتاك في جسدٍ آخر غير جسدك، تمجّدان صُنع الله جلَّ وتعالى في معجزاته. درجةٌ رفيعة من الإيثار والسموّ والترقّي أن يكون موتُكَ حياةً لبضعة أشخاص كانوا على وشك الموت المحقّق. شيءٌ يشبه "الشهادة". لأن الشهيدَ يفتدي بموته حياةَ آخرين. كذلك يفعل أولو العزم من المُحتضرين الُمتحضّرين الذين يوصون بأعضائهم البشرية لمرضى ينتظرون موتهم، فيكون لقاؤهم مع الحياة؛ لا مع الموت.
قرأنا قبل أيام عن سيدة جميلة من المملكة العربية السعودية، أوصت قبل وفاتها بالتبرع بجميع أجهزتها الحيوية لصالح مرضى يحتاجون إليها. السيدة النبيلة لم تشأ الإفصاح عن اسمها، فهي لا تبتغي شهرةً من وراء ذلك، كذلك لا تعرف أسماءَ المرضى الذين سوف يصافحون الحياة من جديد؛ بعدما تُزرع أعضاؤها في أجسادهم. الأمر برمّته لوجه الله والخير والجمال. وبالفعل، أعلن وزير الصحة السعودي د. توفيق الربيعة، عن نجاح العمليات الجراحية الدقيقة، إذ نجح الأطباءُ السعوديون بمستشفى الملك فهد بالدمام ومستشفى الملك فيصل بالرياض، في زراعة أعضاء السيدة المتوفاة دماغيًّا في أجساد سبعة أشخاص ينتظرون حتفهم، وتم إنقاذهم، من بينهم الطفلة "وريف"، التي زُرع في خصرها كُليةُ السيدة الكريمة. كذلك الرئتان والقلب والبنكرياس والكبد لم تُوارى التراب مع جسد المرأة الطيبة، بل كُتبت لتلك الأعضاء الحياةُ في أجساد أخرى لها نصيبٌ في العيش. سبق وأنشأت السعودية موقعًا على الانترنت لراغبي التبرع بالأعضاء بعد الوفاة. يوقع الراغبون بالتبرع على استمارة، (لا تُعتبر وثيقة إلزامية) لأخذ الأعضاء بعد وفاة المتوفى، بموافقة ذويه. ونرجو أن نرى مثل ذلك التحضُّر في مصر، بعد السماح بنقل الأعضاء على غرار السعودية وجميع دول العالم. تلك هي الأمور التي يجب على البرلمان المصري الانشغالُ بها، بدلا من التركيز على ملابس النساء وفن التنكيد عليهن!
ذكّرتني حكاية تلك السيدة السعودية الجميلة (التي لا أعرف اسمَها)، بقصة حقيقية أخرى تحوّلت إلى فيلم أمريكي بعنوان Seven Pounds.
شابٌّ ناجح، يعمل مهندسًا للطيران ويعيش في ولاية لوس أنجلوس الأمريكية. تسبب، دون قصد، في قتل سبعة أشخاص، في حادث سيارة، حين كان يكتب على هاتفه رسالة نصيّة أثناء القيادة، فوقعت الكارثة. أوجعه الشعورُ بذنب إزهاق أرواح سبعة أبرياء لكي يرسل رسالة! وفكّر، كيف يهرب من عذاب ضميره اللوّام! لو أنهى حياتَه بالانتحار، ربما يستريح من عذابه، لكنه لن يُعيد للحياة سبعةَ أرواح أزهقها في لحظةٍ غفلة. فقرر أن يقتطع من لحمِه وهو حيّ، حرفيًّا، ليهبَ الحياةَ لسبعة مأزومين يكادون أن يُسلِموا أرواحَهم، إلى حيث تُسلَمُ الأرواحُ. وكأنما يقايضُ الحياةَ بصفقة "شِبه" عادلة: سرقَ من الحياة سبعة من البشر، فيمنحها في المقابل، سبعةَ أشخاص آخرين كانوا على وشك الموت. قطع من جسده 7 أجزاء ومنحها لمرضى يشارفون الموت.
منح شقيقَه، مريضَ السرطان، جزءًا من رئته. ومنح سيدةً أخرى، فَصًّا من كبده. ومنح كليتَه لمريض بالفشل الكلوي. ثم استسلم لمحقن غليظ، ليمتصَّ الأطباءُ النخاعَ من عظامه، ليحقنوه في جسد طفل مصاب بسرطان النخاع. ثم أهدى امرأة فقيرة وأطفالها بيته الجميل المطلّ على البحر، وسكن في غرفة بائسة جلب بها حوضًا من الزجاج، أسكنه قنديلَ بحر سامًّا. ثم رقد في بانيو مملوء بجرش الثلج، واستسلم للسعة القنديل القاتلة، بعدما اتصل بالإسعاف ليخبرهم أنه ينوي الانتحار. نُقل إلى المستشفى. وهناك تظهر وصيتُه التي يعلن فيها تبرعه لحبيبته، مريضة القلب، بقلبه الذي أنهكه الشعور بالإثم. كما أوصى بعينيه، لشابٍّ موسيقيٍّ موهوب وأعمى.
هذا رجلٌ أرهقه الحبُّ، فوزّع جسَده وما يملك، عطايا لا تُرّد، على سبعة تعساء كتبتْ الحياةُ عليهم الموتَ مرضًا أو فقرًا.
دعونا نعقد مقارنةً بين هذا الرجل، (تيم توماس)، بطل فيلم: Seven Pounds، التي كتبها الأمريكيّ "جرانت نايبورت" عام 2008، والسيدة السعودية النبيلة التي تبرعت بأعضائها للمرضى، مع "شايلوك" المُرابي اليهودي، بطل مسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير. الرجل والمرأة النبيلان منحا الإنسانيةَ سبعة أرطال من الحُبّ، بينما رسم شايلوك نموذجًا للانحطاط والوحشية؛ إذْ أصرّ على استرداد المال الذي أقرضه لرجل مسيحي، برطلٍ من لحم المَدين الفقير!
قصةٌ واقعية حدثت الأسبوع الماضي في السعودية، وعملان أدبيان رفيعان، صوّر أحدهما الهمجيةَ والإثرة، ورسم الآخرُ التحضّرَ والإيثار؟! خسيسٌ يقتطع من لحم الفقراء، ونبلاءُ يَمنحون أجسادَهم لإنقاذ الآخرين. ودائمًا: "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن”.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التذكرةُ قاتلةٌ … لأن القانونَ طيبٌ وأمّي
- سهير العطار … نجوى غراب … أكذوبةُ الخريف
- حتى لا تموتَ الشهامةُ في بلادنا!
- يراقصُ الزهراءَ فوق الثريا | إلى مازن ... فاطيما
- البابا تواضروس … والخاذلون أوطانَهم
- -بين بحرين”: بحر الظلام وبحر النور
- كيف عشتُ طقسَ -الحلول- مع فرجينيا؟
- سانت كاترين: متخافوش على مصر
- اللواء باقي زكي يوسف… كاسر أنف صهيون
- أيها الخائنُ … أيها النبيل!
- يوم من أيام مصر الجميلة... تحيا مصر يسقط كل عدو لمصر!
- مهرجان الجونة … الرقصُ داخل الأغلال
- أن نكون شوكةً في ظهر مصر!
- خالد جلال … يستعيدُ ذاكرةَ (نادية)
- صَهٍ … إن مصرَ تتكلّم!
- اعترافات أجدادي العِظام … السَّلفُ الصالح
- ماعت التي ما ماعت ... في صالوني
- جهادُ المصريين ضد الجهل والطائفية والإخوان
- كانوا وسيمين … كنّ جميلات!
- عنصريةُ اليد اليسرى!


المزيد.....




-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - 7 أرطال … من اللحم البشري!