|
مخاطر القراءات الماضوية و الحرفية و التبعيضية للقران
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6407 - 2019 / 11 / 13 - 05:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نقرأ قوله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ " - قران -
و نفهم منه ان الاية تتحدث عن ساعة التحضير للقتال و الجهاد و " حرض " تعني حث المؤمنين على القتال و قم بتحسيسهم
ترى هل نسحب الاية الكريمة و نعممها على كل حياة الفرد و المسلم في علاقته بفهم الدين و العمل به و تنزيله على الواقع
و قد سبق لي أن بينت أن التحسيس و الحث يرتبط بواقعة زمنية قريبة تتطلب شحنا و تعبئة و تحسيسا و تذكيرا
و الواقعة حساسة يخشى أن يحصل فيها تمردا أو فتورا أو فشلا أو هروبا من المسؤولية و هي محددة تتعلق بالقتال و هو دفاع عن النفس و ليس تبليغ للرسالة بالإكراه و القوة و الإعتداء
الغريب هو استخدام الايات و إطلاق معناها و تعميمه من غير دواعي التعميم و الإطلاق
الحث هنا تعبئة لمهمة محددة كبيرة هي القتال و الخروج للجهاد و طرد لحالة الوهن و التردد يكون مفعولها مباشرا و قريبا من زمن الواقعة و التذكير هو شحن و تعبئة لمدة لا تطول حيث يعرف عن المواعظ سرعان زوال اثرها و تأثيرها
و ليس هذا هو الخطاب الوعظي السائد اليوم
مشروع القومة و النهضة مثلا ليس واقعة ظرفية زمنية تنتهي بانتهاء مفعول الوعظ فيها حتى نستخدم لها هذا الأسلوب بل تقتضي تأسيسا و تعليما و إيقاظا و تربية مستدامة للعقل و النفس و الإدراك
و قد وقع كثير من المشتغلين بعلمي الأصول و المقاصد من القدامى و المتطفلين التراثيين الجدد في منزلق التعميم بلا قرينة و لا سياق و لا مبرر يدعو إلى التعميم و الإطلاق
فتراهم يستدعون النص كأنه قرانا لوحده لا يرتبط لا بسياق و لا بنصوص أخرى و لا بروح و نواظم الدين الكبرى
و يمارسون تبرير استهلاكهم و فهمهم العاطفي للدين و ويتورطون في التبعيض و التجزئة و القفز على السياقات التاريخية و مناسبات النزول
و تحليل الخطاب القراني لا يكون بهذه العفوية و السهولة التي تعودنا ملاحظتهم يمارسونها إلى حد معارضة الذوق اللغوي و سبب النزول و حتى القواعد التي اختبأت من وراءها اجتهادات مخفقة كثيرة
مثل القول بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلى حد التعسف و لي عنق المعنى و الذهاب إلى فهم متعسف للايات القرانية و قد يحصل حول هذا الفهم أحيانا شبه إجماع و يقول به " الجمهور" و ينتشر انتشارا مفزعا ناهيك عن القفز على الوحدة الموضوعية للقران
الخطاب الوعظي خطاب تلقيني فارغ المحتوى يمارس الوصاية و يقدم نفسه كحقيقة مطلقة تستوجب الإتباع و يعترض السؤال و ينظر للناس سربا من الأتباع و المريدين
و لم يمارس الرسول صلى الله عليه و سلم هذا اللون من الخطاب حتى خلف من بعده خلف مارسوه في خطب الجمعة و دروس المسجد و القنوات الفضائية من غير واقعة حساسة كالخروج للجهاد و صد المستعمر و النفير و لم يمارسه رسول الله بلغة ينعدم فيها البرهان و الدليل و التأسيس و الحجة و الإقناع كما يمارس اليوم غالبا
و الخطاب الوعظي ليس ترهيبا و ترغيبا فقط و وعدا بالجنة و ذكرا لحور العين و النعيم..
بل لقد بالغ الوعاظ و منهم وعاظ السلاطين في منزعهم التفريغي من المعنى و الدلالة و البناء العقلي و الحسي منقلبين على أسلوب القران الحجاجي و التعليمي و القائم على تحفيز ملكات العقل للنظر و التدبر
أحيلكم مرة ثانية لأسلوب الجمل الإعتراضية و قد أشرت إليه منذ قليل و الذي يعترض كل محاولة إيقاظ ب عبارات التردد من نوع " لكن" و " مهما يكن " و " لا ننسى" الخ
و ذلك من أجل البقاء في المربع الأول نجتر تخلفنا و لا نغادر مواقعنا نحو فهم متحرر عقلي برهاني تأسيسي راهني غير تراثي و مستقل عن الإعتراضات التي تشدنا الى التراث شدا و تبقينا في نقطة البداية
الخطاب الوعظي على النحو المتداول و المنتشر خطاب أجوف لا ينهض بالناس بل يكرس الأمية و التقليد الأعمى و لا يبني يقظة عقلية و رؤية مستنيرة راهنية للدين
التذكير بالموت و النار و الجنة جرعة ترافق نهرا متدفقا من اليقظة العقلية فتستدعى لحاجة انية بقسط يكاد يكون معدوما و إلا فنحن لم نفهم بعد درس الإستخلاف الحضاري في الأرض و مهماته الكبرى..
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التفلسف من غير معالم تقليد غير مبصر..
-
بلعقروز على خطى طه عبد الرحمن محاولا نقد أركون و الجابري ..
-
في ي تدوير منتجات التراث بمساحيق التجديد الأصولي و المقاصد
-
التدين المغشوش..إنفصال القول عن الفعل..
-
أرباب الأقانيم المغلقة للتفلسف ..
-
فقه الحديث بناظم القران أصلا..
-
في الكتابة..
-
موتى و مرضى التراث..يقتلون الحياة في أمتنا..
-
في تطوير و تحيين و تثوير العلوم الإسلامية و إعادة بناءها ..
-
العمل الجماعي في الجزائر..الفريضة الغائبة ..
-
كلمة في الجنسانية و المرأة و نظرية الجندر و مكافحته
-
في العقل التصنيفي..
-
الأسئلة المدخلية لنقد ما يسمى ب - منهج الدراسات المصطلحية -.
...
-
كلمة في معالم مشروعي النهضوي الجامع و خصائص نخبته
-
في التصوف نقيا و ثريا و وافدا غريبا
-
في الثورة التحريرية الجزائرية ..و مفهوم القراءة .. عند محمد
...
-
ملاحظات حول الحراك الجزائري راهنه و مستقبله (2)
-
في زواج المتعة - الشيعي- و المسيار - السني-
-
في نقد كتب الإصلاح التربوي في الجزائر
-
التربية من منظور العقل التبعيضي فضائح بالجمع لا مشروعا يخضع
...
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج
...
-
حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين
...
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
-
لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا
...
-
تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون
...
-
“عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|