|
دراسة سوسيولوجية لأغنية -عاش الشعب-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 6398 - 2019 / 11 / 3 - 07:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
دراسة سوسيولوجية لأغنية -عاش الشعب - *********************************** نعم قد يصل تراند أغنية أو مقطع فني لأعلى نسبة من المتابعة والمشاهدة والتنويه . . نسبة لم يحصلها أي حزب في ربوع الوطن بماكينته الانتخابية ورجاله بائعي الوهم اللفظي ونسائه ، ودعاياته الايديولوجية ووعوده الكاذبة وأمواله الضخمة المهدرة .في حين أن أغنية واحدة لثلاثة شبان حطمت الرقم القياسي لعدد المشاهدين والمتابعين بالمغرب في ظرف زمني قياسي : يومان !!!!!!! كيف استطاعت أغنية واحدة ان تغزو مواقع التواصل الاجتماعي وتخترق حصانة الأذن المغربية المحافظة ؟ ولماذا لاقت كل هذا الترحاب ؟ ويصل عدد متبعيها أكثر من مليونين ونصف ؟ .هل هو بحث عن لغة جديدة ؟ عن مفهوم فني جديد ؟ هل تكمن شهرتها اللافتة في فنيتها العالية ؟ .أم في تعبيرها الصريح والفاضح عما يختلج في قلوب الشعب المغربي ، وأسلوب يعري عن مكبوت هذا الشعب ؟؟ اذن فالفن لا يزال حاسما في مواقع سياسية واجتماعية وذوقية في المغرب . وما حاولت ماكينة النظام اختصاره في أغاني المدح والميوعة ، دمرته أغنية واحدة ،مع العلم أن اغاني الحاقد والروفيكس لها جمهورها الكبير . وهي أغاني لاتهادن ولا تتراجع . ان استقبال أغنية "ولاد الشعب " بهذه الحفاوة ، ورد السلطات الأمنية والاستخبارية عليها بالاعتقال المباشر يحيل توا الى ذلك الشرخ الحاصل بين السلطة والشعب ، بين النظام والفن ، بين الاستبداد والحرية . مع العلم ان للحرية ضوابط كما أؤمن بها . لكن أؤمن أيضا ان تلك الضوابط تنحل في مستوى أو درجة معينة ، وتذوب ما دام الانسان كائن منفعل ، غاضب ، متعضب ، تخالجه احاسيس متضاربة ومتناقضة . فهل كانت أغنية "عاش الشعب " ردا مباشرا غير لبق على الأوضاع المزرية التي بات يعيشها الشعب المغربي ؟ ، وهل هي تعبير عن تقطع خيط الخوف والاحتراز والتحوط من بطش السلطة وقوتها ؟. والا كيف نفسر السقوف العالية التي لامستها الأغنية ؟ وكيف نفسر هذا الاستقبال المنقطع النظير لها من قبل الشعب المغربي . عدد مشاهديها يفوق عدد المصوتين على حزب بنكيران سنة 2016 . يمثل فنانو "ولاد الشعب" ، طبقة من الفئة الأكثر تهميشا ، واذا كان الراب يمثل فنا غنائيا قلوعه الحصينة هي الناطق المحصنة ووقوده اللافع هم أبناء الطبقة المسحوقة ، كولادة وتداول ، وصار فن من هب ودب ، كما هو حال الرجز في العمود الشعري ، او القصيدة الحرة في الشعر المعاصر . هذا الرأي لا يعني أننا نضع أنفسنا كحراس الأذواق العامة . فالشعب له اختياراته ، والديمقراطية تفترض الامتثال لذوق العامة وان كانت لنا أذواق مغايرة ، انه منطق العدد ، وهو أيضا عائد الى غياب واغتصاب وتهميش الغناء الرفيع ، غناء الوجدان والعقل والاحساس، ليستحوذ غناء الغريزة والمشاعر العابرة على ذوق العامة .وهو ما يدفعنا لدراسة تمكن هذه المشاعر العابرة من أذواق الناس . وهي درسة يلزمها وقت . ان أغنية "عاش الشعب" تحتاج لتفصيل تركيبي ، فهي بؤرة تحتوي على نكهات متعددة ، سوسيولوجية واقتصادية وتربوية ، وثقافية وبيئية . لنتمعن مثلا في جسد اولاد الشعب ، نظرة بسيطة تشير أنهم من رواد السجون ، وهذا ليس قدحا ، بقدر ما هو تحليل للواقع ، وهم مدمنو الشجار بالآلات الحادة ، فالجرح الكبير الذي يشم وجه ولد الكرية ، علامة بارزة على واقعه وبيئته .بل ونفسيته ، كما الندب الظاهرة على جسد أهد الفنانين . مما أن نجزم أنهم جميعهم يعيشون في أحياء هامشية منكوبة وضائعة ، لايستفيد سكانها من أي دعم حكومي ، بل يتعرضون لشتى انواع الانحراف والضغط الاجتماعيين والنفسيين . وهم الى ذلك عاطلون عن العمل . فهل ننتظر منهم عكس ما أبدعوه . الابداع هنا في سياقه التداولي ،وليس الابستيمي الطبقي . فمع امتهان كرامة المواطن المغربي ، ودفعه الى الذل والمهانة والعوز ، كان لزاما انتظار مثل هذه الأغنية . وهنا تتبدى مقولة "الضغط يولد الانفجار " في ازهى تجلياتها ، انه تفريغ ذكي للحقد المتراكم تجاه السلطة . ومن قال ان المهمشين والمقصيين لا يمتلكون نسبة هامة من الذكاء . فعوض الاكتفاء بشجب ولعن وذم السلطة ورموزها في المقاهي وفي زوايا ازقة الحي ، يمكن اخراج ذلك الى العلن في قالب فني قد يعود بامتياز رمزي ومادي عليهم . لابد من الاقرار ان غياب الضوابط الاجتماعية والفنية والسياسية المشتركة في المغرب ، لم يفرخ لنا فقط اغنية " عاش الشعب " التي قد تكون تتويجا لمدى الهدروالفساد السياسي والاجتماعي الذي يرخي بظلاله على مغرب الآن .بل هي رد مباشر على تفاهة قيام أعضاء البرلمان لترديد النشيد الوطني على احراق علم المغرب ، مع العلم ان كل مغربي يجب ان يفوق في رمزيته ومكانته وقيمته ، رمزية ومكانة وقيمة العلم المغربي . فكم من مغربي تم حرقه وتشريده واهانته ؟ بعضهم عتبرون نخبة وزبدة الشعب ، كالأساتذة المتعاقدين والأطباء . ويبقى ان كثير ا من مقاطع الأغنية تعبر بعفوية كبيرة عن آلام وواقع الشعب المغربي . ولربما كانت مقدمة لأغاني أكثر قوة وصلابة من هذه الأغنية . وهذا ما يفسر هذا الاستقبال الكبير لها من قبل المواطن المغربي المقهور .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية....9
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية...8
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية....7
-
أبي أحمد علي ، شخصية السلام العالمية . من هو ؟
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية....6
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية ...5
-
ايران تنتصر مرة أخرى ، متى يتعلم العرب فن الانتصار ؟
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية...4
-
مواطن مع وقف التنفيذ ....رواية -3-
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية -2-
-
انسان مع وقف التنفيذ ..رواية
-
انما الامم الاخلاق....قصة
-
حوار مع زيغموند باومان حول دور وأهمية المواقع الاجتماعية
-
يخت الملك الفاخر وفقر المغاربة المذقع
-
الربيع الايراني
-
انتحار في عيد الأضحى ....قصة قصيرة
-
حدود الملكية المطلقة بالمغرب
-
لن أيأس
-
أمينة بوعياش تخرج الفيل من خرم ابرة
-
عشرون سنة من الحكم ، عشرون سنة من اللاحكم
المزيد.....
-
فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ
...
-
تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق
...
-
السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا
...
-
الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو
...
-
بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو
...
-
شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك
...
-
دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
-
مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر
...
-
قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
-
مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|