غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1557 - 2006 / 5 / 21 - 11:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من ربيع دمشق إلى ربيع طهران
قصص وحكايا ..
مسمى بلا اسم ودلالة بلا معنى هي مفردة الربيع لم يعد الربيع مرتبط بياسمين دمشق ولا بحارات الطين القديمة ورائحة المطر على فيحاء دمشق ..ربيع 2001 كان بداية الإنذار لما سوف يأتي وكنا من السذاجة أننا صدقنا وتعلقنا بأمل ما عرف وقتها مشروع الإصلاح بدء من خطاب القسم خريف عام 2000 لم تخطر على بالنا مفردة الخريف بقدر ما كتبنا عن ربيع دمشق قبل أن يأتي الربيع وقبل أن نشم رائحة الياسمين وبتنا نندب حظنا العاثر أننا لم نصدق أن ربيعا يمكن أن يمر على دمشق وللأسف كنت من المصدقين أن ربيعا سوف يأتي بدلالة تبادل المصالح بين شعب من عشرين مليون فرد وبين سلطة تم توريثها هذا الشعب بكل حمولاته السياسية والاقتصادية والقيمية ..الخ وقلت في نفسي في شيء من الوهم أن :
السلطة ستكافئ هذا الشعب الذي لم يعترض على توريث مصيره لشاب لم يتجاوز من العمر 34 عاما ..!! إنها السذاجة المختلطة بقراءة ماتعرضنا له من ألم وسجون وتجريد من أبسط حقوقنا البشرية والآدمية ولا نقول الإنسانية لأنها المسافة التي لم تقطع بعد بين الآدمي وبين الإنسان في سوريا فلازلنا في سوريا في مرحلة الأوادم ..والآدمي في سوريا هو الشخص الأخلاقي المسالم الذي يحل كل خلافاته على حسابه اشخصي ودون أن يعترض على ذلك ..قلنا لابد أن يكون لدى هذه السلطة الجديدة حدا أدنى من تبادل المصالح مع هذا الشعب ـ الآدمي !!
أعطونا شخصا عاديا يرث بلدا بكل مافيه وهو ليس من سلالة الملوك والأمراء !!!؟ بعد التجربة الكورية الشمالية ـ على الأقل الوريث عندما ورث كان عمره قد ناهز الخامسة والخمسين !!
ومع ذلك الأوادم حلوا الأمور على حسابهم ولم يعترضوا على ذلك مستبشرين خيرا بالآتي !! وفي تنازلية هزلية : بدأنا من الحاجة لإصلاح سياسي وانتهينا الآن بأن سوريا ليست بحاجة إلى أي إصلاح مرورا بأولوية الإصلاح الاقتصادي ثم الإصلاح في تحديث القوانين ثم الإصلاح في النظم الإدارية والآن لاحاجة للإصلاح والأوادم لا زالوا ينظرون ويرددون مع السلطة فعلا سوريا ليست بحاجة إلى أي إصلاح ألم تأت الأحزاب العربية وتعقد مؤتمرها في سوريا إذن سوريا ليست بحاجة إلى إصلاح ؟ والتنازلية هذه ترافقت مع العودة التدريجية إلى نظام السلف وبدأت هذه العودة باعتقالات ما سمي بربيع دمشق وكلنا يذكرها ويذكر المعتقلين والذين لازال قسم منهم في السجن ـ الدكتور عارف دليلة وغيره . بهدوء الرجل الذي يضمر بغير ما يصرح وجدنا أنفسنا الآن أمام مقولة جاهزة ـ لاصوت يعلو فوق صوت المعركة ـ ومعركة سوريا الآن هي مع لجنة التحقيق الدولية باغتيال الراحل رفيق الحريري .. والأوادم يصفقون ويهللون ويغضون طرفا عن المعتقلين وعمن يعتقل حتى لو كان كميشيل كيلو الذي يحب سوريا لدرجة الشراسة ـ نسبة للسانه السليط ـ وقبله فاتح جاموس الذي يرفع شعار الإصلاح من الداخل السوري !!كما كتبنا عن ذلك من قبل . ولم يعد الياسمين إلى حواري دمشق رغم الحملة التي قادها السيد فراس طلاس في زرع الياسمين في حواري دمشق قاطعا تكاليفها من مصاريف عائلته جزاه الله خيرا وعافية ! الذكرى هنا لأن ميشيل كان قد كتب عن حواره مع السيد فراس طلاس لهذا تذكرت أنا هذه الحملة وتذكرت اسم صاحبها مع عدم التقليل من شأن أحد . ودافع ميشيل بقوله : أن السيد فراس مواطنا سوريا في المؤدى الأخير . والآن أين صوت السيد فراس طلاس الذي دافع ميشيل عن حقه في العمل السياسي ومناقشة أمور بلده مع من يشاء من السوريين ـ يمكن العودة لهذا الحوار الدامي ـ في نشرة كلنا شركاء وموقع مرآة سوريا الذي توقف عن العمل الآن ـ بين ميشيل ومن هاجموه لأنه كان كما قالوا بصدد تشكيل تجمع ليبرالي مع السيد فراس طلاس ومجموعة من المثقفين أذكر من اٍسمائهم التي تم تداولها وقتها الصديق وائل السواح والكاتب لؤي حسين والصديق منصور منصور وآخرين لم أعد أذكر أسمائهم ..وكنت من المعجبين بنشاط ميشيل في هذا الشأن . وأنا بالمناسبة لاأحرض أحدا لا السيد فراس ولا غيره على الكلام وخصوصا أنني مدرك أن لكلام ثمنه باهظ الآن في سوريا ـ ربما لوكنت في سوريا لصمت صمتا مريبا لأنني أخاف السجن هذا هو الأمر ببساطة ـ ولكنني أذكر أن ميشيل كان في نشاطه رغم اختلافي مع كثير مما يطرح لكنه كان رجلا يحاول التجميع وليس التفريق بين شتى أصناف الأوادم الذين لهم مصلحة في التغيير السلمي الديمقراطي في سوريا . بالعودة إلى الربيع افتتح ربيع عام 2006 باعتقال محمد غانم وعلى العبدالله وفاتح جاموس والآن ميشيل كيلو . ما السر في هذا ؟ إنه في قراءة ربيع طهران الآن بعد الانتصار على الجهود الدولية في العراق والنووي ـ كما يرى الساسة السوريين طبعا ـ واستفردوا الآن بالشعب السوري من جديد . أقصد بالكتلة المتحركة من الشعب السوري المهتمة بالشأن العام . ـ طبعا ستشجعهم الآن الصفقة الليبية الأمريكية لأنهم ينتظرون صفقة مثلها بفارغ الصبر . ومع ذلك ربيع طهران النووي هو الذي شجع السلطة على افتتاح ربيع 2006 كما افتتحت ربيع 2001 ولكن هذه المرة كما قال أحدهم حتى الأصوات المعتدلة لايريدونها في سوريا يريدون فقط أن تصفق وتهلل على الطالع وعلى النازل ..ولماذا يكون هنالك أصوات معتدلة طالما أن الأوادم هم الأكثرية فلماذا المشاغبين إذن لاحاجة لنا بهم وبوجودهم خارج السجون كما كان يفعل السلف . ويجب أن يبقوا في حالة رعب من السجن ومن فقدان لحظة أمان واحدة في حياتهم لذا يجب أن يبقوا مستنفرين خائفين مذعورين كي لايفكروا أبعد من حفاظهم على أنفسهم وحياتهم من السجون وغير السجون ..
هذه هي الطريقة المثلى لخريف دمشق ..في مواجهة أي نشاط للمعارضة مهما كان معتدلا ..
عندما جاء خاتمي إلى السلطة في طهران وبانتخاب شعبي كاسح خصوصا في المرة الأولى عبرت الجماهير الإيرانية عن رغبتها في التغيير ..ولكن لا يمكن لأي دولة من الدول أن تدار بأكثر من مؤسسة خصوصا إذا كانت هذه المؤسسات تتصارع في خلاف عقائدي وأيديولوجي وسياسي ..فخسر خاتمي وكل الاتجاه الإصلاحي في إيران وعاد الملالي المتشددين من بوابة نجاد كي يفرضوا أجندتهم من جديد على إيران وبالتالي على ما يستطيعون فرضه في المنطقة المحيطة بإيران وعن طريق استنفار كل القوى السلفية والأصولية وفتح النار على الجميع بدون استثناء ..
وخصبوا اليورانيوم واعتبر رئيسنا أن هذا نصرا لسوريا أيضا !! هو اعتبر هذا نصرا من جهة وبدأت اعتقالات ربيع دمشق 2006 من جهة ثانية ..فصار لدينا ربيعان ربيع النووي الإيراني وربيع الالتحاق السوري بالمشروع الإيراني لأنه المشروع الوحيد الذي تتمكن من خلاله سلطتنا أن تعيد انتاج سيطرتها السابقة على كافة مقدرات المجتمع السوري . والبداية على ما يبدو قد بدأت ولا أحد يمكن أن يتنبأ إلى أين ستمضي اعتقالات ربيع دمشق 2006 ؟
غسان المفلح
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟