|
بضع رصاصات اردين العراق قتيلا
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6384 - 2019 / 10 / 19 - 20:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بضع رصاصات اردين لعراق قتيلاً
1 من ....
جاءت الرصاصة الأولى من الأستعمار البريطاني الذي شرع وهو يحتل العراق في الحرب العالمية الأولى ـ بصناعة ارستقراطية عراقية على غرار الأرستقراطية البريطانية ، وذلك بمنح الديرة : ( ارض القبيلة المشتركة ) الى رؤساء القبائل لتحويلهم الى طبقة اجتماعية موالية له . قبل هذا الصنيع الأستعماري ، لم يكن للأرستقراطية من وجود في العراق : كطبقة ذات حقوق ( لكن سستتحول حقوق الملكية الممنوحة من الأستعمار البريطاني لاحقاً الى شيه حقوق آلهية ، وستقوم قائمة فقهاء الدين على الأصلاح الزراعي 1958 كاعتداء على حق ملكية الأرستقراطيين " المقدس " ) . كان رئيس القبيلة يعيش مع ابناء عمومته على ارض الديرة المشتركة ولم يكن منفصلاً عنهم ، وكانت الديرة التي تحوز القبيلة حق التصرف بها تعود ملكيتها الى الدولة ، أو بالتعبير الفقهي الوارد في كتابي ، الخراج والاموال : ( الأرض رقبة للدولة ) . وحتى حين كان الخليفة أو الوالي يمنح رؤساء عسكره ورؤساء القبائل وبعض وزرائه ومستشاريه : قطعاً من الأرض وينتقي لنفسه ما تمت تسميته بالصوافي : فان هذا المنح للملكيات الزراعية ليس قانونياً أو شرعياً ، وسيظل خاضعاً لرغبة الوالي أو الخليفة اللاحق : في ابقائهم عليها ، أو اعادة توزيعها على الموالين الجدد للسلطة الجديدة . وحتى حين شرع الوالي العثماني : مدحت باشا عام 1869 ، بمنح الأرض كملك صرف بسندات " الطابو " لرؤساء القبائل وجلهم من البدو غير المستقرين ، في محاولة منه لتشجيعهم على الأستقرار ، تهرب الرؤساء من الذهاب الى أبواب السلطان واستلام الطابو ، لقد رفضوا ان يكونوا مسؤولين أمام السلطة السياسية ، فتفقد قبائلهم حريتها ، وتباشر بدفع الضرائب ، وارسال بعض افرادها الى حروب الامبراطورية العثمانية البعيدة . لكن بريطانيا العظمى نجحت في ما فشل فيه المصلح مدحت باشا : في صناعة ارستقراطية عراقية ، منحتها شرعية الوجود القانوني عبر ما شرّعته المؤسسة التشريعية التي هي ركن من اركان نظام سياسي جديد اسمه : الملكية المقيدة دستورياً ، من قوانين لصالح صناعة طبقة ارستقراطية عراقية . ولأول مرة بعد 1400 سنة يتم كسر قرار الخليفة عمر بن الخطاب الذي حرّم توزيع أرض بلاد الرافدين " أرض السواد " على شكل اقطاعيات على الفاتحين العرب ، ولأول مرة في تاريخ العراق يصبح وجود ملّاكين للأرض يتوارثها ابناؤهم واحفادهم : وجوداً شرعياً بعد تأسيس الدولة عام 1921 ... لقد ورث الأستعمار البريطاني : العراق ، من الأمبراطورية العثمانية التي حكمت عليها الحرب الأستعمارية العالمية الأولى بالزوال . لكن لم يكن بامكان الحركة الأستعمارية الخروج الى مسرح التاريخ وتحقيق أهدافها لولا : الثورة الصناعية 1750 التي انتجت تكنولوجيا عسكرية متطورة قياساً الى ما كانت تملكه الشعوب الأخرى من تكنولوجيات بدائية ملائمة لحاجات المجتمعات الزراعية . والحركة الأستعمارية من هذا الباب تشبه حركة الأستكشافات التي ما كان بالأمكان ان تكتشف وجود الأمريكيتين وبقاع أخرى من العالم المجهول ، لولا اختراع السفن الشراعية الجديدة المؤهلة لشق عباب المحيطات ، متجاوزة بتصميمها وقوتها الشراعية ما كانت عليه نوعية السفن القديمة الملائمة لشق عباب البحار . والحركتان معاً : الأستكشافية والأستعمارية خلقتا دولة جديدة في التاريخ : تحولت من الدفاع الأستراتيجي الى الهجوم الأستراتيجي بعد ان خنقت الأمبراطورية العثمانية حركة تجارة الغرب مع الشرق بعد احتلالها لعاصمة الأمبراطورية البيزنطية عام 1453 ( اسطانبول التركية الآن ) . لقد تحوّل الصراع الديني : المسيحي الأسلامي الذي كانت محطته الكبرى : الحروب الصليبية ـ بعد الحركة الأستعمارية ـ الى صراع بين دولتين : دولة جديدة في التاريخ هي الدولة الصناعية التي ولدت على أراضيها بشائر حضارة جديدة هي الحضارة الصناعية ، وتمثل نموذجها بريطانيا العظمى وفرنسا ، وبين دول قديمة جداً في التاريخ تحدرت الينا من الحضارة الزراعية : اجبرتها نماذج الدولة الصناعية الجديدة في التاريخ على التحوّل من استراتيجية الهجوم الى استراتيجية الدفاع ، تمثل الأمبراطوريات الهرمة كالعثمانية والصينية والروسسية والنمسا والمجر ، نماذجها . أطفأت الحرب العالمية الأولى هذه النماذج العتيقة ومنها نموذج الأمبراطورية العثمانية الذي كان يأخذ شرعيته في الوجود من التمسح بواحد من اركان الديانة الأسلامية الذي هو : الخلافة . وهو الشكل الذي يحن الى استعادته الآن : الأخوان المسلمون بفرعيهم : الأرهابي والوسطي ، الأرهابي مختص بتفجير الأنسان وما ابدعته العبقرية الأنسانية ، والوسطي مختص بتكفيرها على مناهجها العلمية وعقلانيتها ونظرتها السببية لما يجري من احداث وظواهر وتطورات ، وهو الأمر نفسه لدى الشيعة بفرعيها : ولاية الفقيه والمرجعية : ولاية الفقيه في ايران التي تخوض حرباً منذ عقود ضد النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية ، ويعلن قادته العسكريون عن احتلالهم لأربع عواصم عربية ، والمرجعية في كربلاء تلعب الآن دوراً مشبوهاً لصالح سلطة جلاد الثورة العراقية : عادل عبد المهدي ... اقرّ برلمان 1921 : التشريعات الجديدة للدولة الناشئة ، واقر معها تشريعات ولادة طبقة جديدة في العراق : أخذت منذ ذلك التاريخ بالتشكل كطبقة منفصلة عن أبناء العمومة من أعضاء القبيلة ، وامعنت في الأبتعاد والأنفصال عنهم حين تحولوا جميعاً بقوة جيوش الأحتلال البريطاني ، وبقوة التشريعات الى : شغيلة يفلحون الارض ويكدحون فيها لصالح مالكها الجديد : الأرستقراطي . لم يكتف مجلس النواب في العهد الملكي بصناعة طبقة ارستقراطية في العراق بل جعل من القصبات والمدن تابعة قانونياً لى رئيس القبيلة القريب جغرافياً من هذه المدن : في سابقة تاريخية لم يتمخض عنها تطور او تحديث أي بلد من بلدان العالم الحديث . اذ لم يكن الريف ولا القبيلة ولا رئيسها ولا حتى الزراعة نفسها : مؤهلة تاريخياً للقيام بتحديث البلدان وادخالها في عالم الحضارة الصناعية وفتح آفاق التحديث والحداثة الفكرية والسياسية أمامها . بعد الثورة الصناعية أصبحت المدينة بجامعاتها وبأسواقها الكبيرة وبطبقاتها البرجوازية والتجارية والعمالية ، وبما استحدثته الأحزاب السياسية وصحفها وعموم اعلامها من رأي عام يقف بأغلبيته الى جانب التحديث العقلاني : هي القائدة والمخططة لنفسها وللريف في آن معاً . أي ان المدينة العراقية في العهد الملكي ظلت تابعه للأقطاعي ، الرمز الريفي الكبير للأستغلال ، يعاونه ويشرعن له هذا الأستغلال : فقهاء الأسلام بفرعيهم السني والشيعي ، وهذا التحالف بين : الأقطاع والفقيه لم تتم دراسته جيداً من قبل الباحثين المختصين ، والذي سيكون القاعدة الأجتماعية التي انطلقت منها تيارات العنف والتآمر من أجل الأستيلاء على السلطة في العراق .....
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطبة الجمعة
-
الدرس الثاني من دروس الثورة العراقية : درس التيار الصدري
-
الدرس الأول من دروس ثورة العراق
-
خطبتا رئيس الوزراء والمرجعية : مملتان
-
اقف إجلالاً لثورة تحطيم المومياءات
-
الى ثوار العراق
-
المندسون
-
بلاد العميان
-
الموجة الثانية من الثورة التونسية
-
وحشية الحرب السعودية الحوثية
-
حكومة العراق حكومة واجهة
-
الحفرية الثالثة
-
الحفرية الثانية
-
حفريات الفصل الثاني
-
5 أفعال محمد
-
القسم الثالث والرابع من الفصل الثاني
-
الفصل الثاني : انتشار الأسلام
-
الرسالة والنبوة
-
2 في السيرة
-
حفريات ضرورية : 1 خصوصية البيئة الثقافية المكية
المزيد.....
-
-تنتقل من قارب إلى آخر-.. نيران هائلة تلتهم 15 قاربًا بمرسى
...
-
شاهد.. اشتباكات بين الشرطة ومحتجين مؤيدين للفلسطينيين في جام
...
-
لافروف يكشف عن اتصالات غير معلنة بين روسيا والغرب بشأن أوكرا
...
-
رئيس مالاوي يعلن مقتل نائبه في حادث تحطم طائرة
-
بلينكن: نتانياهو يؤكد التزامه باقتراح الهدنة وبيان حماس يبعث
...
-
هكذا تفاعل صناع محتوى عرب مع نتائج الانتخابات الأوروبية!
-
راجمة الصواريخ الروسية -أوراغان- الروسية تدك مركز قيادة للقو
...
-
منظمة الهجرة الدولية: ارتفاع عدد ضحايا غرق مركب مهاجرين قبال
...
-
السعودية.. حشد من الحجاح يردد الدعاء خلف طفلة على كتفي والده
...
-
شويغو: روسيا تلاحظ رد الفعل المنضبط للعالم على تدريبات القوا
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|