هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي
(Haitham Jabbar Abbas)
الحوار المتمدن-العدد: 6360 - 2019 / 9 / 24 - 21:08
المحور:
الادب والفن
ولد بمدينة خضراء من كثر اشجارها , ومات طريا مثل برتقالة ناضجة , الشاعر ابراهيم الخياط الذي فجعنا بموته وترك ( جمهورية البرتقال) مشرعة الابواب والشبابيك , تعصف بها الريح حزينة دون سادن للاشجار.
اهدى جمهوريته الى الحبيبة التي اسرت اول الكاظمين , ثم كاسب كار الذي بكى بعد الاربعين على رجيف ناياته , حتى صار يعلم ان البحر صغير , والسماء دون عيونه .
ثمة ضجة كبرى الا انها صديقة الخياط فهو القائل: (( امن الضجة كل ما بي , شاعرا اطلقتُ قلبي , وسميتُ عشقي برتقالا )) فقد كان عشقه لامرأة الوجع الحلو كبيرا جدا , حتى من فرط ما كان يسري اليها عرفته الدروب, وصاحبته القناطر , وما عادت الانهار تجهله , وهي التي كانت تقد قميصه كل ليلة ولا يقول ربي السجن احب الي منهن .
كان ابراهيم الخياط يحكي للبساتين الصديقة قصة عشقه , ويحكي لها عن النار والنارنجة والناطور , عن محمل الجمر الاخضر , عن النهر الغض الذي لا يشيخ , عن بعقوبة عن المطر الرشيق , عن طقسٍ قزحي عن امرأة الوجع الحلو. وقف الخياط بين الاسى واستدارة النهر الذبيح , ونظر الى النهر كيف يجر بروحه جرا , مثل جندي جريح هو الحي الوحيد في نهاية المعركة بعدما نفق الطرفان , فقرأ له سورة الماء المدمى , ودعاء انتكاسات القلوب , فلم يبق له غير المدينة التي تسوره باشجارها وتأمره بالبكاء فصرخ ــ انا المجبول دمعا ــ فقبل جفاف النهر جف القلب , ثم جاء صاحب حُداء الغرانيق , وعلى قميصه دم الاسئلة , البسوه جناية فترنح وتراقص على مقام عراقي ينزف حزنا عميقا اقصد (مدمي الشباب) , حيث ساحت روحه بين حربين , كان يبكي , عشرون عاما يبكي وهو يغزل رئة ثالثة للبارود , يبكي حتى انسته الحروب اسم روحه سِفرها , كان ينط من حرب لاخرى ويجلس فوق تلة النار , وفي النهاية اخذ يبيع الاسرار التي لا يبوح بها , يبيع الليمون دون معرفة , يبيع الشتائم المحفوظة في لجة الكافور , ثم ينرجس بضاعته الانيقة , في زوايا المخافر والمدافن والحانات هكذا جعلته الحروب يغازل النعش المتجول في البساتين ويحاور الجثث البائتة , كان يتقافز بين البنادق المهزومة والخوذ الشهيدة حتى صرخ بصوت عال : عشرون عاما وانا ادور, اهاجر, انكفى , عشرون عاما وانا اموت بالتقسيط المريح .
#هيثم_جبار_عباس (هاشتاغ)
Haitham_Jabbar_Abbas#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟