الانانية في ميزان الدكتور سعد صلال

هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي
(Haitham Jabbar Abbas)

الحوار المتمدن-العدد: 3687 - 2012 / 4 / 3 - 15:33
المحور: الادب والفن
    

تخطى الدكتور سعد صلال بمؤلفه (الانانية اخلاق النبلاء) الخطوط التقليدية للتأليف الشرقي المتعارف عليه وهو في الحقيقة عن مؤلف جميل من حيث جرأته خاصة بموضوع علاقة المرأة بالرجل والاسباب العميقة لهذه العلاقة وبالرغم من تشاؤم المؤلف حول السلبية التي تغلف هذه العلاقة فان طريقة عرضه لموضوعه بهذا العمق قد امتعني رغم اختلافي معه في كثير من المواقع وخاصة الطريقة التي يرى بها المرأة باعتبارها كائنا مستفيدا من الرجل وان الرجل لا يقل عنها استغلالا اي ان تحامل المؤلف قد شمل الطرفين بلا رحمة وبقسوة تفوق المنطق الذي تعودناه.
ان الكثير من الادلة التي اوردها المؤلف تؤكد بلا شك عمقه ودرايته ولكن ما ينقصه ايضا هو الكثافة العالية التي ضخ فيها افكاره بهذا الكتاب وكأنه يريد منا ان نفهمه بنفس الطريقة التي يفهمها هو كما ان عناوين مواضيعه تستحق ان تأخذ حيزا اكبر من الكتابة والشرح لصعوبة فهم المؤلف في بعض الاحيان ما لم يركز القارئ لحد كبير وذلك في واقع الامر ليس مثلبا على المؤلف الا انه ليس واقعيا بما يكفي لفهم القارئ المتوسط خاصة في عصر العولمة والحواسيب السريعة.
ان بعض ما تطرق له المؤلف يكاد ان يكون بعيدا عن الموضوع الرئيسي له اي الانانية فمثلا ما اطلق عليه ( المبدأ العضوي بالمعيار القانوني ) هو امر اكاد اشعر معه كقارئ ولو بقدر متوسط من الثقافة انه بعيد عن موضوع الانانية والانا وما الى ذلك اضافة لهذا الاستغراق الزائد عن حده بامتداح ( الانا ) بالرغم من محاولة المؤلف الدكتور سعد صلال الوقوف على حافة التعريف الذي قدمه هو وليس شائعا من ان الانانية تقف وسطا بين الغيرية والذاتية وربما حاول المؤلف هنا اعادة نظام التعاريف لكي يعطينا فكرة بشرعية الانانية الخاصة به وليست الانانية المعروفة لدى المجتمع بسلبيتها اي انه يريد ان يفرض رأيه في الانانية فرضا وليس ما تعودنا عليه.
اما احسن ما اراه بكتاب (الانانية اخلاق النبلاء) فهو بلا شك موضوع المساواة بين الرجل والمرأة والطريقة المنطقية الاخلاقية التي ارادها المؤلف لنا من حيث سيادة المرأة في منزلها مقابل سيادة الرجل في مجتمعه وبذلك فقد اراد لها ان تحتشم وان تكون هاوية عمل مقابل احتراف الرجل للعمل خارج المنزل كما ان المؤلف لم يتشدد على جعل المرأة اسيرة المنزل بقدر ما اعتبر ذلك اضطرارا شرعيا عندما لا تجد من يعيلها او عندما تجد انها لا تخل بمسوؤلياتها المنزلية وهذا ما يتفق مع السياق الشرقي ورؤية الرجل للمرأة الناضجة على الاقل حسب التعاليم الاسلامية التي اشار لها المؤلف اشارة عابرة بعد كل ما ذكره قبل ذلك من عقلية ليبرالية واعتقد ان ذلك معقولا على الاقل حسب النظرة الخاصة بمجتمعنا الشرقي.
اما الفصل الاخير من الكتاب والذي ربط به المؤلف تاريخ حروب العالم والتاريخ كله بالهرمون الذكري فهو موقف على غرابته واختلافي الشخصي معه فانني اشعر بانه طرح جديد لم يسبق لاحد ان ناقش هذا الامر بهذه الطريقة التي قد لا تثير الاعجاب ولكنها تثير الاستغراب وهذا ما يحسب للمؤلف اكثر مما يحسب عليه . واخيرا فلابد من اشارة احترام لرأي المؤلف الدكتور سعد صلال سواء اختلفنا او اتفقنا معه على صرخته في وجوهنا بما نحب او ما نكره فالمهم انه قال ما يريد.
 

#هيثم_جبار_عباس (هاشتاغ)       Haitham_Jabbar_Abbas#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات