أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - التعديل الحكومي















المزيد.....

التعديل الحكومي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6360 - 2019 / 9 / 24 - 15:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التعديل الحكومي Le remaniement du gouvernement –
كل المؤشرات تنبئ بقرب تعديل حكومي . فهل التعديل الحكومي ، وكيفما كان حجمه ، هو الحل لأزمة ما يسمى بحكومة جلالة الملك ، وهو الإجابة الشافية عن اعتراف الملك بفشل نموذجه التنموي ، الذي هو اعتراف بفشل ( تجربة ) عشرين سنة من الحكم ، لان اية تنمية هي في الأصل سياسة ، من المفروض ان تتقاطع مع ايديلوجية الجماعة الحاكمة .
وهنا هل الفشل هو فشل لحكومة جلالة الملك ، ام انه فشل لبعض وزراءه ، ام انه فشل للملك شخصيا ، ما دامت الحكومة هي حكومته ، وما دام هو من يرأس ، ويترأس المجالس الوزارية التي تقرر في الشأن العام .
ولنفرض جدلا ، ان التعديل المرتقب لحكومة جلالة الملك ، هو فاتحة خير ، ولو بالتمني فقط ، فما الفائدة من تعديل الحكومة ، في ظل دستور يعطي كل السلط للملك ، ويعتبره هو الممثل الاسمى للامة ، وامير المؤمنين ، والامام الأعظم ، والراعي الكبير ، وما دونه مجرد تفاصيل مسرحية ألاعيبها مفضوحة عند الدول المانحة ، والبرلمانات الديمقراطية ، ومنظمات حقوق الانسان الدولية المختلفة .
فإذا كان التعديل الحكومي سينصب على الأشخاص ، أي اشخاص الحكومة دون الجوهر ، والاصل الذي لا يزال معلقا ، ويعتبر هو سبب استفحال ازمة الحكم بالمغرب ، واعني به غياب الدستور الديمقراطي الذي يؤسس لأصول الحكم ، وللديمقراطية في حلتها الكونية ، ويربط المسؤولية بالمحاسبة ، لان كل من يمارس الشأن العام ، وكيفما كان شخصه او مفصله ، يجب ان يسأل جنائيا ومدنيا عن نتائج ممارسته للحكم ، فان أي تعديل للأشخاص ، وفي غياب الدستور الديمقراطي ، هو ضياع للوقت ، واهدار للمجهودات ، ولبعة للهروب من الحقيقية المستفحلة المستعصية عن أي حل ، وهي ازمة النظام السياسي المغربي المتعارض مع الديمقراطية ، والمتجانس مع الاقطاع ، والاستبداد ، والدكتاتورية .
فكيف سيكون الإصلاح السياسي ، ّإن بقي نفس الدستور الذي يعتبر الملك هو الدولة ، والدولة هي الملك . بل كيف سيكون الاصلاح ، ورئيس الدولة يمارس الحكم ليس كملك (عصري) ، بل يمارسه كأمير للمؤمنين ، وإمام للمأمونين ، وراعي كبار للرعية / العبيد ، حيث يستمد كل سلطاته من الله ، ومن القرآن ، ومن الدين ، ومن النبي ، حيث يعتبر نفسه سبطه ، رغم ان النبي محمد عندما مات ، لم يخلف وراءه ولدا باستثناء فاطمة زوجة علي ، وهو الوضع الذي يجعل الملك ، بمثابة سلطة استثنائية جبرية ، لا يعتريها الخطأ من حيث اتي .
فهل الازمة السياسية التي يتخبط فيها النظام السياسي المغربي ، هي ازمة اشخاص ام ازمة دولة ؟ وهنا ولنفرض جدلا ان الازمة هي ازمة اشخاص ، وليست ازمة نظام ، فان مجرد الاحتفاظ في ممارسة الحكم بدستور الملك الممنوح للرعية ، والذي يركز كل السلطات بيديه ، والاحتفاظ بالسلطات الاستثنائية التي يمنحها عقد البيعة للأمير ، الامام ، والراعي ، سيجعل من الصعب ، بل من المستحيل القيام بإصلاح سياسي ، لبناء نظام ديمقراطي ، طبقا للمعايير الدولية والكونية .
ففي نظام بتريمونيالي ، أوليغارشي ، كمبرادوري ، بطريركي ، ثيوقراطي و أثوقراطي مزيف ، مغلف بالتقاليد المرعية ، وبالطقوس القروسطوية ، وغارق في الخرافة والاسطورة .... لخ ، فان نفس الوضع سيظل على حاله ، ولن يتغير قد انملة ، بل قد يزيد سوءا ، ولو كانت الأشخاص التي تمت المناداة عليها لتكوين الحكومة ، من طينة ابراهام السرفاتي ، وعبدالله إبراهيم ، ، وعزيز بلال ، والشيخ عبدالسلام ياسين .... لخ ، لان أي شخص انتسب الى حكومة جلالة الملك ، سيجد نفسه امام تناقض صارخ ، بين الرغبة في الإصلاح ، وهو المهمة المستحيلة ، وبين القوانين السلطوية المنظمة لمجال الشأن العام ، فهل يستطيع أي وزير ان يتصرف خارج مقتضيات الدستور ، التي تجعل من الملك هو الرئيس الفعلي للجهاز وللسلطة التنفيذية ؟
ان أي شخص سيقبل بالانتماء الى حكومة جلالة الملك ، وفي غياب الدستور الديمقراطي الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة ، ويحدد السلطات ، واختصاصاتها بشكل واضح ، سيجد نفسه مقيدا بمقتضيات الدستور ، التي تجعل من الوزراء ، مجرد موظفين سامين مختصين بتطبيق برنامج جلالة الملك الذي لم يكن مطروحا للتصويت عليه اثناء الحملة الانتخابية .
ان التعديل الحكومي بالمفهوم الديمقراطي ، ليست بنزوة عابرة ، او رغبة صبيانية طائشة ، او انه مجرد أضغاث احلام ، بل ان التعديل الحكومي في الدول الديمقراطية الحقيقية ، يأتي بعد حصول ازمة سياسية او بعد اختلاف في الرأي ، او بعد حصول مستجدات ظرفية لم تكن في الحسبان عند تكوين الحكومة ، والأحزاب السياسية هي من تسحب وزراءها ، بإعلانها الانسحاب من الحكومة ، و عند تعطيل الأغلبية الحاكمة ، يتم اللجوء مجددا الى انتخابات تشريعية ، تنبثق عنها حكومة أحزاب تكون متقاربة في البرنامج ، وفي الرؤية السياسية المتقاربة لتدبير الشأن العام ..
فما سيقوم به الملك ، يؤكد وبالملموس ، مسؤوليته المباشرة عن الفشل الذي اعترف به ، عندما اعترف بفشل ( نموذجه التنموي ) ، وفي الحقيقية لم يكن هناك شيء يسميه المحللون بالنموذج التنموي ، بقدر ما كانت العشوائية ، حتى لا نقول بالتجريبية .
والسؤال : هل سبق لاحد ان قرأ عن شيء ، سموه زورا بالنموذج التنموي ، كما هل سبق لاحد ان قرأ عن شيء ، سموه زورا بالمشروع الحداثي ؟
ثم كيف يستقيم الحال ، وبعد فشل عشرين سنة من ( حكم ) الملك ، ان يعاود المربع المسيطر على المغرب ، والذي يحكمه بالعشوائية ، الحديث عن نموذج تنموي دون عقد لقاءات وطنية من كل الفرقاء المهتمة والمتدخلة ، واتفاقها على شيء قد نسميه لأول مرة بالنموذج التنموي ؟
ان من يقف وراء الدعوة للتعديل الوزاري ، واستقبال الملك رئيس السلطة التنفيذية ، للوزير الأول لحكومته ، خاصة بعد عودة الانتفاضات الشعبية الى مصر ، واسمرار الحراك الجزائري الشعبي المطالب بإسقاط نظام جبهة التحرير الوطني FLN ، بالدعوة لتعديل الدستور الحالي بدستور ديمقراطي ، لم يكن غرضه من الدعوة للتعديل الوزاري ، هو الإصلاح السياسي والاجتماعي ، لان فاقد الشيء لا يعطيه ، بل ان الهدف من الدعوة هو خلط الأوراق ، وجرجرت الوضع المهترئ ، والمتأزم لبضع سنوات ، وتقديم ( مصّاصة ) للرعية لكي تلتهي بها لبعض السنوات .
ان أي الحديث عن الإصلاح ، وفي ظل الوضع المتأزم سياسيا ، واقتصاديا ، واجتماعيا ، هو مناورة ضد الإصلاح ، ومناورة ضد الرعية التي فقدت كل امل في المستقبل ، الذي اضحى ظلاما حالكا امامها ..
ان سبب الازمة ليسوا الأشخاص ، بل ان سببها هو من جهة ، المشروعية الجبرية التي يعتمد عليها النظام اللاّديمقراطي في ممارسة الحكم ، وهي دستوره الممنوح الذي يركز كل السلط بيد الملك ، ومن جهة عقد البيعة الذي يجعل من ( الملك ) ، الأمير ، والامام ، والراعي سلطة إلاهيه مستمدة من القرآن ، ومن الدين ، ومن الله ..
كما ان سبب الازمة ، إضافة الى هذه الأسباب المذكورة أعلاه ، هو شخص الملك ، الذي بعد ان اعطى في بداية حكمه إشارات للدولة الديمقراطية ، توقف في مربع الطريق ، بعد انقلاب تفجيرات 16 مايو 2003 بالدارالبيضاء ، وعوض إتمام المشروع الذي كان سيكون باهرا للدول العربية ، وللجيران بالمنطقة ، ولدول القارة الافريقية ، تم بناء الدولة البوليسية الفاشية التي تجتهد في التخريب والتدمير ، ولا علاقة لها بالبناء والتشييد .
ان اعتراف الملك بالفشل ، هو اعتراف بفشل الدولة البوليسية التي برعت في سجن المثقفين ، والكتاب ، وفاضحي الفساد المستشري في مفاصل الدولة ، والممتهنة لأساليب المراوغة ، والتعتيم لإخفاء الحقيقية الفاقعة للاعين .
فبد انقلاب 16 مايو 2003 ، اصبح مربع الملك ، هو اصدقاءه ، ومربع الدولة البوليسية ، فاصبح الملك من ثم كشخص جزءً من الازمة ، لأنه اضحى متمسكا بالتقاليد المرعية ، وبالطقوس البالية ، واضحى عاضا بأنيابه على المغرب الدولة ، لان المسألة تتعلق بالثروة والجاه والنفوذ .
فعن أي تعديل وزاري من اجل الإصلاح تتحدثون ؟
وهل يمكن إخفاء اشعة الشمس بالغربال ؟



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة سلسلة -- La révolution est une chaîne
- الاسلام الشعبي . الاسلام الرسمي . الاسلام السياسي --
- قضية الصحافية هاجر الريسوني -- Laffaire du journaliste Hajar ...
- جنسية المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة حول الصحراء ...
- جبهة البوليساريو وهيئة الامم المتحدة -- Le Polisario et lON
- فيلم بين اسرائيل وحزب الله -- n film entre Israël et le part ...
- اللواء جميل السيد -- Le général Jamile Assaid
- ألاعيب الرباط -- Les magouilles de Rabat
- ألاعيب طوكيو -- Les magouilles de Tokyo
- دعوى التخلي عن الجنسية المغربية ، وخلع عقد البيعة من العنق
- تحليل بسيط لخطاب الملك -- ne petite analyse du discours du R ...
- الدكتاتور -- Le dictateur
- القرصنة -- La piraterie
- جيل السبعينات
- الاعتقال السياسي
- الشعب المُفترى عليه
- إبراهيم غالي يهدد بالحرب ويعتبرها محطة اجبارية
- لا ثورة بدون ازمة ثورية
- مقتل قايد تابع لوزارة الداخلية
- الشعب المغربي -- le peuple Marocain


المزيد.....




- الناس يرتدون قمصان النوم في كل مكان ما عدا السرير!
- ترامب عن ملفات جيفري إبستين: لا أريد إصابة أشخاص غير مذنبين ...
- أنقاض رومانية اعتُقد أنّها لكنيسة قديمة.. لكنّ الأدلّة تروي ...
- فيديو لمطاردة جنونية لرجل يقود شاحنة قمامة في شوارع مدينة أم ...
- ترامب يقيل مفوضة مكتب إحصاءات العمل بعد تراجع توقعات نمو الو ...
- مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي ...
- ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات ال ...
- من يقف وراء التخريب في شبكة السكك الحديدية الألمانية؟
- كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
- حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - التعديل الحكومي