|
الثورة سلسلة -- La révolution est une chaîne
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6357 - 2019 / 9 / 21 - 21:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الثورة سلسلة – La révolution est une chaîne الثورة ، وهنا نتحدث عن الثورة بمفهومها السياسي ، فهي سلسلة تتكون من عدة حلقات ، وكل حلقة من هذه الحلقات ، هي محطة قد تكون طفرة ثورية ، كما قد تكون نقلة ثورية . هذه المحطات تختلف فيما بينها حسب الظروف ، وحسب البيئة الحاضنة للثورة ، وحسب المنعطف الذي يكون قد وصله عمل التحضير للثورة . وكما يمكن ان تكون الحلقة - المحطة ، إيجابية ، وذلك حين تحقق تراكمات ثورية ، فهي يمكن ان تكون سلبية ، إذا صادفت في طريقها بعض الانتكاسات ، وبعض الاحباطات التي تأتي في الطريق ، بسبب ضعف القوة الذاتية ، او بسبب الأخطاء المنهجية ، او بسبب التخابر والعمالة التي يوظف لها كل وصولي انتهازي ، يعرقل مسار الثورة نحو صوبها الصحيح . لذا فالثورة ، واية ثورة رغم انها سلسلة حلقات ، التي هي محطات ، فهي محكومة بالاستمرارية وبالتطور ، ومن ثم ، فرغم قطع كل مسار دورات السلسلة ، فان الوصول الى الحلقة الأخيرة من السلسة ، أي نجاح الثورة ، لا يعني توقفها ، كما لا يعني نهايتها . ان دوران السلسة من خلال الحلقات التي ستصبح محطات ، يعني ان سلسلة الثورة لا ولن تتوقف . وإذا كانت خاتمة الحلقة الأخيرة هي النجاح والفوز ، فقد تصبح الحلقة الأولى من السلسة ، محطة أولى من محطات تجذير الثورة ، والدفاع عنها ، وحمايتها من السقوط ، لان عنوان الحلقات الجديدة – المحطات ضمن السلسلة ، سيصبح هو مواجهة أعداء الثورة ، ومواجهة الثورة المضادة التي تنفخ فيها القوى الخارجية ، باستعمال العملاء والخونة المندسين ، كما تصبح محطة لمواجهة الارتداديين ، والمنافقين ، والرجعيين ، والاصلاحيين المزعومين ، لان أي خلل ،او عطب ، او شبه عطب ، سيستغله العدو الداخلي ، المنفوخ فيه من العدو الخارجي للانقلاب على الثورة , ورهن الدولة بيد الاستعمار والرجعية المحلية . لكن هل تحقق الثورة بالاعتماد على الجماهير ، ام بالاعتماد على الأحزاب ؟ بالرجوع الى التاريخ ، وبالضبط تاريخ الثورات التي قامت بها الشعوب ، سنجد ان المعايير التي تحكمت في انجاز الثورات التي عرفها العالم ، قد انتفت اليوم ، ولم تعد هي المحرك الدافع للثورة ، كما انها لم تعد هي العامل الحاسم لنجاح الثورة . خلال القرن التاسع عشر ، والقرن العشرين ، كانت الأحزاب الثورية هي من تتولى تدبير الثورة ، وهي من تضمن نجاحها ، فالثورة الفرنسية قادتها الأحزاب البرجوازية الصغيرة ، والمتوسطة ، وما فوق المتوسطة الناطق باسم الطبقة البرجوازية ، وشارك فيها العمال ، والفلاحين ، والشيوعيين ، وهنا لا ننسى قبل اندلاع الثورة الفرنسية ، ثورة كومونة باريس التي حررت سجن الباستيل ، وسيطرة على العاصمة باريس ، قبل ان تغدر بها جماعات أعداء الثورة المضادة . وفي روسيا ، سنجد ان حزب العمال الروسي وحده يرجع له الفضل في إنجاح ثورة 1917 ، وفي بناء دولة جديدة على انقاض دولة القيصر المتهاوية ، وبالطبع فسلسلة الثورة الروسية عرفت مدا وجزرا ، من خلال كل حلقات السلسلة الثورية ، التي كانت محطة من محطات التاريخ الثوري للشعب الروسي . ونفس الشيء نلاحظه في ثورة 1949 الصينية ، وفي الثورة الإيرانية التي شاركت فيها الأحزاب الدينية بكثافة ، وشاركت فيها الأحزاب السياسية كالحزب الشيوعي ( تودة ) ، والمنظمة الماركسية اللينينية فدائيي خلق ، ومنظمة مجاهدي خلق لمسعود رجاوي ، كما شاركت فيها الأحزاب الليبرالية والاشتراكية الديمقراطية . اليوم سنجد ان المعادلة في تحديد القوى المؤهلة لتحضير الثورة ، قد أصبحت مختلفة ، والسبب طبعا يعود الى افراغ الأحزاب ( الثورية ) من ثوريتها ، وتحولها الى مجرد صدف فارغة تتعيّش من فتاة الأنظمة العربية ، بحيث عوض انّ النظام المغربي لتأكيد ديمقراطيته ، هو من كان يحتاج الى الأحزاب ( المعارضة الملكية ) ، انقلبت المعادلة الى العكس ، حيث ان الأحزاب هي من تحتاج غطاء ، وعطف النظام ليرضى عليها ، حتى يحصل لها شرف تطبيق برنامج النظام ، لا برنامجها الذي يظهر اثناء الحملة الانتخابية ، ثم لا يلبث ان يختفي بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات ، لصالح برنامج الملك الذي لم يكن مطروحا اثناء الحملة الانتخابية .. إذن في غياب ، بل موت الأحزاب ، اصبح الخطاب السياسي الداعي الى الثورة ، بتحريض الأحزاب الصدفيات ، عبارة عن كرتوشات فارغة ، وعوض الأحزاب الميتة ، وموتها طبيعي يرجع الى التغيير الذي طرأ في الساحة الدولية ، بغياب المعسكر الاشتراكي ، وضعف الأحزاب الاشتراكية ، والأحزاب الشيوعية الاوربية ، اصبح أي اتجاه غير اتجاه الشعب ، فقدان للبوصلة ، وفقدان للطريق الصحيح . ان الوضع المتأزم الذي توجد فيه العديد من الأنظمة السياسية العربية ، من حيث الغياب الكلي للديمقراطية ، وانتشار الفساد الذي ضرب كل مفاصل الدولة ، والوضع الاجتماعي المزري ، حيث فشل التعليم ، الصحة ، البطالة ..... لخ ، وبسبب تفتح المدارك بفعل الاعلام ، والفيسبوك ، والتويتر ، والانترنيت ، والمحطات والفضائيات المختلفة .... لخ ، أصبحت القوة المؤهلة لتغيير ، هي الشعب الذي طلق الأحزاب قبل ان يطلق الحزبوية . ان توجيه دعوة الثورة مباشرة الى الشعب ، وإذا تقبل الشعب الدعوة ، وهو مرشح ومستعد لتقبلها ، بسبب الامراض المذكورة أعلاه ، قد يعجل بانتفاضة عفوية ، قد تتطور الى حراك جماهيري عارم ، وقد تتطور الى ثورة ، عندما ستتمكن القوى الذاتية لكل إقليم ، او جهة، او مدشر ، او قرية ، او مدينة .... من تكوين ممثليها السياسيين الذين سيشرعون مباشرة ، وضمن الثورة ، من تأسيس قياداتها ، وتنظيماتها ، ثم الانتقال الى بناء تنسيقياتها السياسية على المستوى الوطني . لكن هل منْ دعوة الى الثورة ، دون الاتفاق على تحديد مشروع الثورة قبل برنامجها ؟ وفي مجتمع عقله مغلف بالدين الرجعي ، ومتبشع بالأساطير والخرافة ، هل من الاجدر الخروج عن نظام دكتاتوري يحكم باسم الإسلام ، وتعويضه بنظام اسلاموي فاشي اكثر منه قبحا وخبثا ورجعية ؟ خلال المعارك الطبقية ، المسترسلة يوميا داخل المجتمع ، تحتدم التناقضات الطبقية ، وتتعمق الهوة السحيقة بين الأقلية الناهبة المُسغلِّة ، وبين الأكثرية المسْتغلَّة . ومع وصول الصراع الطبقي الى النهاية الفاصلة ، فإن أزمات ثورية تظهر فجأة ، وبشكل قد يعجل في قلب الأوضاع بما يُفرّش البساط الاحمر للدولة الديمقراطية . وبما ان اية ثورة في امسّ الحاجة الى ازمة ثورية تعجل بإشعال الثورة ، فان اية ثورة تبقى مستحيلة بدون ازمة ثورية . من مؤشرات الازمة الثورية داخل أي مجتمع او دولة : 1 ) عجز الطبقات السائدة عن الاحتفاظ بالسلطة ، بتخبطها في فوضى السلطة العارمة . 2 ) تفاقم فقر وبؤس الطبقات المقهورة والمسحوقة . 3 ) تركيز الحكم بيد الأصدقاء ، والمقربين الكسالى ، وعديمي التجربة ، والضمير ، و المروءة . 4 ) كثرة النهب والاثراء الغير المشروع ، وتهريب الأموال الى خارج البلاد . 5 ) تعاظم حركة الجماهير ، ورفضها الاستمرار تحت سلطة الطبقة الحاكمة الفاسدة المُغْتصبة للحكم . 6 ) فقد النظام للبوصلة ، وتخبطه العشوائي كالناقة التي لا تبصر ليلا . 7 ) اعتقال وسجن المعتقلين السياسيين ، ومعتقلي الرأي ، ومعتقلي لقمة العيش ، واعتقال وسجن المثقفين ، والطلاب بمحاضر بوليسية مزورة ، لإسكات صوت الرفض ، وصوت فاضح الفساد . 8 ) سرقة البوليس للدولة ، وبوْلستها ، لتصبح دولة تدمير وخراب ، لا دولة بناء وتعمير . 9 ) كثرة الحركات الداعية للانفصال ، وكثرة الحركات العرقية والاثنية . 10 ) انتشار الظلم والطغيان ، وغياب العدل والقانون ، واطلاق يد البوليس للفتك بالشعب و بقواه الحية ، ومثقفيه . ......لخ . ومرة أخرى . هل الدعوة الى الثورة يجب ان توجه الى الأحزاب غير الموجودة ، ام يجب توجيهها الى الشعب ؟ وهل مكامن الثورة الآن كامنة وسط الشعب ، ووسط جماهير الشعب ، ام ان الامر لا يغدو دغدغات لخواطر لا تفكر ابدا في شيء اسمه ثورة ؟ ولمن ستؤول الثورة ان تحققت ؟ هل للشعب ؟ واي شعب ؟ هل لتنظيمات الإسلام السياسي الداعين الى الخلافة ، والداعين الى الجمهورية الإسلامية ، او الداعين الى حكم الفقيه ، او اهل الحل والعقد ؟ ان الخطورة هي حين نسقط التاريخ الأوربي بكل حذافيره ، على وضع وواقع تحكمه ضوابط غارقة في الرجعية ، والخرافة ، وفي اساطير الاولين . وبدون حركة للضباط ، وضباط الصف ، والجنود الوطنيين الاحرار ، فما الفائدة من الخروج من نظام دكتاتوري يحكم باسم ( الإسلام ) ، للسقوط في نظام فاشي ، اسلاموي ، اكثر من دكتاتوري يحكم بدوره باسم ( الإسلام ) ؟ ويبقى السؤال الأهم : هل لا يزال في النظام الدولي الجديد ، من مكانة لانقلابات الضباط الوطنيين الاحرار ؟ وماذا نقصد بمصطلح الضباط الوطنيين الاحرار ؟ فهل يوجد في الجيش ضباط وطنيون احرار ؟ ما هو برنامجهم إنْ كان لهم حقا برنامج حكم ، ام ان المبتغى هو خلق جمهورية على شاكلة ليبيا ( معمر القدافي ) ، مصر السادات ، ومبارك ، والسيسي ، وحتى جمال عبدالناصر لم يكن رحيما حين ادخل الشيوعيين والماركسيين الى السجون ، او الجزائر ، او يمن عبدالله صالح ، او العراق او سورية .... ، وهو نفس النظام الجمهوري هدف الى بناءه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، من خلال حركة 16 يوليوز 1963 ، وحركة 3 مارس 1973 ، وانقلاب الطائرة التي شارك فيه الحزب من خلال التنسيق بين الفقيه محمد البصري ، والجنرال محمد افقير بواسطة الكلونيل امقران بباريس .... الوضع مقلق ومرتبك ...
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاسلام الشعبي . الاسلام الرسمي . الاسلام السياسي --
-
قضية الصحافية هاجر الريسوني -- Laffaire du journaliste Hajar
...
-
جنسية المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة حول الصحراء
...
-
جبهة البوليساريو وهيئة الامم المتحدة -- Le Polisario et lON
-
فيلم بين اسرائيل وحزب الله -- n film entre Israël et le part
...
-
اللواء جميل السيد -- Le général Jamile Assaid
-
ألاعيب الرباط -- Les magouilles de Rabat
-
ألاعيب طوكيو -- Les magouilles de Tokyo
-
دعوى التخلي عن الجنسية المغربية ، وخلع عقد البيعة من العنق
-
تحليل بسيط لخطاب الملك -- ne petite analyse du discours du R
...
-
الدكتاتور -- Le dictateur
-
القرصنة -- La piraterie
-
جيل السبعينات
-
الاعتقال السياسي
-
الشعب المُفترى عليه
-
إبراهيم غالي يهدد بالحرب ويعتبرها محطة اجبارية
-
لا ثورة بدون ازمة ثورية
-
مقتل قايد تابع لوزارة الداخلية
-
الشعب المغربي -- le peuple Marocain
-
حيّا على الثورة ، وحيّا على الثوار
المزيد.....
-
كيف تغيّرت صيحات المكياج خلال 20 عامًا؟
-
إحداها في سوريا..إليكم 10 من أجمل القلاع حول العالم
-
قنابل ضد التحصينات وحاملات مجموعات مقاتلة.. ما هي أصول أمريك
...
-
ترامب يدعو لإخلاء طهران فورا وإسرائيل تقصف التلفزيون الرسمي
...
-
سوريا.. تجارة وصناعة الكبتاغون مستمرة رغم سقوط النظام
-
بقصف إسرائيلي..أكثر من 45 قتيلا في حصيلة غير نهائية لاستهداف
...
-
-NISAR-.. قمر صناعي جديد لرصد الأرض بدقة غير مسبوقة
-
صحيفة أمريكية: رادار روسي الصنع ساعد إيران على إسقاط مقاتلة
...
-
الشرطة الإسرائيلية تعتقل مواطنين عربا لاحتفالهم بالصواريخ ال
...
-
احذرها.. أخطاء شائعة في استخدام واقي الشمس
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|