أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خالد حسن يوسف - ماهية العام الميلادي الحبشي














المزيد.....

ماهية العام الميلادي الحبشي


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6351 - 2019 / 9 / 14 - 07:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


# ماهية العام الميلادي الحبشي.

العام الميلادي الحبشي خاص بقوميات التجري والأمهرة وتجرينيا اريتيريا، والذين يدينون بالمذهب الأرتدوكسي المسيحي ومعهم الكنائس الشرقية الأرتدوكسية، وخلال توسع الأحباش تمكنوا من التبشير في أوساط العديد من قوميات القرن الافريقي وأبرزها قومية الأورومو، ومع توغل البعثات التبشيرية الأوروبية لاسيما الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية، أتبع الكثير من الأحباش بدورهم تلك المذاهب المسيحية.

في حين أنهم يمثلون أحد المكونات المسيحية الرئيسية في القارة الأفريقية، حيث اتخذوا المذهب الأرتدوكسي المسيحي منذ القرن الرابع الميلادي، وذلك مع اعتناق الملك التجرواي عيزانا للمسيحية، إلا أن اؤلئك المؤمنيين اتخذوا لذاتهم رؤية خاصة بهم تجاه المسيح وميلاده وأطلقوا على أنفسهم الموحدين.

ففي حين ترى طوائف مسيحية أخرى وتحديدا الكنيسة الكاثوليكية بتقويم زمني ميلادي خاص بالمسيح، ترى الكنيسة الأرثوذكسية الحبشية بالإضافة إلى شركائها في الكنائس الشرقية الأمر بصورة أخرى، فالمسيح لديهم غير مولود وفق التقويم الكاثوليكي، وأن تاريخ ميلاده قد جاء متأخرا ثمانية أعوام عن نظيره الروماني.

ولا شك أن حدة الصراع الايطالي- الحبشي فيما بعد كانت لها صلة بذلك النزاع العقدي التاريخي، والاحتفال بمناسبة معركة عدوة مع إيطاليا، والتي شهدت هزيمتها في عام ١٨٨٦ تحمل في طياتها ما هو أبعد من ذلك الصراع السياسي، وتشمل بعد عقائدي، إن ذاكرة مجمع خلقدونيا في عام ٤٥١ ميلادية ظلت حاضرة ولم تغيب.

كما أن معركة عدوة والتقويم الميلادي الحبشي لا يعنيان شعوب القرن الافريقي، بقدر ما أن صلتهم مرتبطة بقوميتي الأمهرة والتجراي، إلا أن التبشير وواقع التنصير الذي قاموا بممارسته ضد القوميات في بلاد المنخفضات، كاوروميا،جامبيلا،بني شنقول وشعوب منطقة سيدامو وغيرها، أسفر عن إنتشار المذهب الأرثوذكسي الحبشي في أوساط تلك الشعوب.

الدولة الحبشية الأولى قامت في مناطق المرتفعات والتي عرفت باكسوم وهي موطن قوميات الأمهرة والتجراي بفرعيهم الإثيوبي الحالي والاريتيري المسمى التجرينيا في مناطق سراي وحماسين وغيرها، وظل الأخيرين جزء من الوطن الحبشي وصولا إلى زمن الملك التجراوي يوحنا.

ومع حلول الملك الأمهري منيليك الثاني، بدأ الشعور الوطني والتوجه نحو التميز يصاحب مسيحيي اريتيريا، والذين رأوا ذاتهم كشعب مستقل عن الحبشة، وبالمحصلة مع حضور منيليك الثاني بدأ التأسيس الفعلي لدولة الإثيوبية في عام ١٩١٦، حيث تم ضم شعوب الأورومو،بني شنقول،جامبيلا،العفر،الصوماليين،سيدامو،جوراجي وغيرها.

وقد شهدت ولادة الدولة الجديدة تكريس كل من اللغة الأمهرية والتقويم الميلادي المسيحي الارتدوكسي كمقومات لهوية اجتماعية وسياسية جديدة، وبذلك وجدت الشعوب الخاضعة لدولة الإثيوبية ذاتها تحتفل بثلاثة أعياد، ليس انطلاقا من واقع الاندماج بل بفعل الاستبداد السياسي والديني.

أولها عيد ميلاد المسيح وفق رؤية الكنيسة الحبشية، الثاني ميلاد المسيح الكاثوليكي، والذي يدين به قسم لا بأس به من الإثيوبيين الحاليين، أما الثالث فهو التقويم الهجري الاسلامي والذي يشكل فعليا تقويم غالبية الشعوب الخاضعة لدولة الإثيوبية من أورومو،صوماليين،عفر،سيدامو،بني شنقول،جراجي،مسلمي الأمهرة والتجراي أيضا.

وفي حين أن القوميات المسلمة تشكل الغالبية المهمشة من السكان، فإن عيدها ذاته مهمش سياسيا، وذلك بحكم سيطرة الكنيسة الأرثوذكسية الحبشية على الدولة الإثيوبية، حيث أن هناك تماهي تام بين الكنيسة والدولة والتي أخذت بالتقويم الميلادي الحبشي، وفرضته على عموم قوميات الدولة رسميا، بغض النظر عن عدم صلتهم به.

وفي ذلك دلالة تأكيد أن الأحباش والمسيحيين عموما يمثلون غالبية سكان الدولة.
وانطلاقا من تلك السيطرة فإن تعاطي القوميات الأخرى مع العيد الديني والوطني للأحباش، أصبح واقعا لا يمكن تجاوزه وتحتفل به مؤسسات الدولة، ويشكل التقويم الرسمي لها، ورغم إحتفال القوميات المسلمة الخاضعة لدولة الإثيوبية بعامها الهجري، إلا أنها تجد ذاتها تحتفل بعيد ليست لها به صلة دينية، في حين لا يعير الأحباش المسيحيين وغيرهم اهتماما به.

وفي ظل سيطرة إثيوبيا على اريتيريا فرض العام الميلادي عليها، وتحديدا مسلميها وذلك بحكم خضوع الدولة للكنيسة الحبشية، فرض العيد على القوميات الاريتيرية المسلمة، ومع تحرير اريتيريا في عام ١٩٩١ نجت من الإحتفال بعيد الأحباش، وقد عزز ذلك استقلالية الكنيسة الحبشية الاريتيرية عن نظيرتها الإثيوبية، ناهيك عن أن القوميات الاسلامية تمثل ندا اجتماعيا، رغم التغول السياسي للنخبة الاريتيرية التجرينيا المسيحية والمنحدرة من أصول حبشية.

وفي المحصلة فإن التقويم الحبشي أصبح سياسي وتم صياغته بقالب اجتماعي، وهو ينال بصورة مباشرة من هويات الشعوب الغير معنية به والخاضعة لدولة الإثيوبية، والتي لا تستطيع غالبيتها كعنصر سكاني لدولة من تكريس هويتها، وتجد ذاتها تتماهى عنوتا مع الكنيسة والنخب السياسية الحبشية المسيطرة على الدولة.

وماهية العام الميلادي الحبشي، تشمل ١٣ شهرا يضم كل منها ٣٠ يوما، ويشمل الشهر الثالث عشر ٥ أيام، وهو يأتي تاريخا بعد التقويم الميلادي الكاثوليكي والبروتستانتي بثمانية أعوام، كما أن طقوسه الدينية تتباين مع تلك الكنائس والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية أيضا، والنتيجة أن الكنيسة الحبشية قائمة بحد ذاتها، وفي عام ٢٠١٩ تحتفل بعيدها الميلادي الخاص لعام ٢٠١٢، وفي حين يشكل الشهر الثالث عشر عاما قائما بحد ذاته، كما يوافق تاريخ الميلاد اليوم ١١ أو ١٢ من سبتمبر من كل عام، وبذلك سجلت الأرتدوكسية الحبشية أنها كنيسة عريقة وضاربة بجذورها التاريخية.

خالد حسن يوسف



#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبورغال قربان العرب والمسلمين
- إبداع الحركة الرياضية الصومالية إستثنائي
- الرئيس جيلي وحكايات من تاريخ جيبوتي
- جيبوتي وما أدراك القادم!
- شبوة اليمنية ستبعثر المجلس الانتقالي الانفصالي
- دارفور وكردفان في المعادلة السودانية المعاصرة
- العرب ما بين استبداد السلف والخلف
- الصومال فريسة الأرز الحرام..
- السقوط الفكري والاخلاقي لكاتب!
- النظرة الاجتماعية ومقاييس التطور
- الكتابة عن الصومال ما بين المشروعية والسذاجة
- صورة على خلفية تاريخ صومالي
- الصومال وسهم المؤلفة قلوبهم
- فرماجو يبلع الطعُم
- طاهر عولسو ظاهرة صومالية
- امن الصومال ارجوحة الفاسدين والمتطرفين
- ليس جديدا ان تباع بربرة
- بلوغ الوزارة بفضل العلمانية
- نحو ثقافة علمانية ديمقراطية
- وحدها الراسمالية لا تتبنى الارهاب المتعارف عليه!


المزيد.....




- -حماس- تصدر بيانا بشأن تطورات مفاوضات وقف إطلاق النار
- بعد مرور عام.. المئات يحيون ذكرى ضحايا أول حادث إطلاق نار في ...
- أمريكا تُقر بقتل مدني عن طريق الخطأ في غارة جوية بسوريا بدلا ...
- ما تأثير حرب إسرائيل وحماس على الأردن؟
- البيت الأبيض: بايدن يستقبل العاهل الأردني -الأسبوع المقبل-
- زعيم حركة 5 نجوم الإيطالية: ماكرون ارتكب خطأ فادحا بدعوته لإ ...
- بوريل يعلن أن الولايات المتحدة فقدت مكانتها المهيمنة في العا ...
- -حماس- تعلن توجه وفدها للقاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى صفقة ...
- -حزب الله-: ضغط بايدن على إسرائيل نفاق ومحاولة لتلميع صورته ...
- ردا على وزير الآثار الأسبق.. أستاذ فقه بجامعة الأزهر يؤكد وج ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خالد حسن يوسف - ماهية العام الميلادي الحبشي