أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد حسن يوسف - دارفور وكردفان في المعادلة السودانية المعاصرة















المزيد.....

دارفور وكردفان في المعادلة السودانية المعاصرة


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 07:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين يتردد مسمى غرباوي في السودان،عادتا المقصود بذلك مناطق الدارفور وكردفان،وكلتا المنطقتين كانتا تاريخيا ذات كيان سياسي مستقل قبل ميلاد الدولة السودانية ولاسيما قبل حضور الوجود الاستعماري المصري،التركي،الإنجليزي إلى السودان.

قبل قدوم تلك الترويكا لم يكن هناك ما يسمى بالسودان كبلد ناهيك عن دولة وطنية حتى في إطار المشهد السوداني آنذاك،فالدولة القطرية ومفهوم الوطن السوداني كان من صياغة الاستعمار ذاته.

نعم كانت هناك روابط بين تلك الشعوب وفي المقابل كانت هناك خصوصيات جغرافية واتنية،ومفهوم السودان الذي يشمل جغرافيا وشعوب ويتجاوز طور القبيلة عرفته كل تلك البلاد التي تم تسميتها بالسودان،وتشمل دول السودان الحالية وجزء من جنوب مصر النوبي،تشاد،افريقيا الوسطى وإثيوبيا.

الدارفور وكردفان كانتا الوحدات الجغرافية ذات الملامح السياسية الأكثر وضوحا في المشهد العام السوداني تاريخيا،حيث عرفتا النسق السياسي القطري مقارنة مع عدم تشكله في باقي بلاد السودان المتناثر بين الخرطوم،القاهرة،انجمينا،بانغي وأديس أبابا.

وقد شكل كل من دارفور وكردفان كهمزات وصل بين النوبة،الشمال،الوسط،الجنوب في إطار ما تبقى من سودان عام ١٩٥٦،بالإضافة إلى شرق تشاد المتداخل جغرافيا وعرقيا مع السودان الراهن،ونظرا لهذه المعطيات الجيوبولتيكية نالتا إهتمام سياسي بالغ من قبل القوى الاستعمارية التي تعاقبت على السودان.

وفي إتجاه مماثل ترجم أهالي دارفور وكردفان صلتهم مع مناطق السودان تلك،بوشائج اجتماعية،اقتصادية وسياسية قوية إنتهت بهم أن أصبحوا كجزء عضوي من النسيج السوداني الحاضر،وكان لهم دورهم الريادي في صياغة التاريخ القطري الحديث لدولة وسودان ما قبل الاستقلال،حيث لعبوا دورا رئيسيا في تاريخ الحركة الوطنية المهدية والفعاليات السياسية التي تلتها فيما بعد على مستوى السودان وصولا إلى مرحلة الدولة الوطنية.

وقد شكل دارفور وكردفان المخزون البشري الذي شكل الدعامة الرئيسية للقوات المسلحة السودانية في مرحلتي الثورة المهدية والدولة الحديثة،إذ انخرط الكثير من أبنائهم في المؤسسة العسكرية،والمفارقة أن هذه المناطق أصبحت أكثر مناطق السودان التي تعرضت لتهميش والقمع من قبل الأنظمة الوطنية التي عرفتها الدولة،وهو ما وضعها في مقدمة المناطق التي طالبت بوضع ملامح واضحة لدور الخرطوم في الشأن العام،وأن لا يطغى ذلك على أدوار الأطراف.

ورغم أن تأثير الجهوية كان حاضرا في حسابات الدولة والنخب السياسية الحاكمة،وهو ما أدى إلى ممارسة الإجحاف في حق العديد من جهويات البلاد ومنها دارفور وكردفان وذلك لصالح الخرطوم والمركز عموما ممثلا بالوسط تحديدا،إلا أن ذلك لم يدفع أبناء الغرب إلى أولوية الإنفصال عن السودان،بل أن قواهم السياسية ممثلة باجنحة التحرير والعدالة على إختلاف مسمياتها رفعوا شعار تحرير السودان من نظام الكيزان على إختلاف مسمياته من مؤتمر وطني والشعبي.

فاحتجاجات ومعارضة الغرب تنطلق من واقع مطالب خدماتية،تنموية وسياسية،ولا تصل إلى الرغبة في إعادة صياغة ما تبقى من الجغرافيا السياسية السودانية والانفصال عن الدولة،وفي مقابل ذلك هناك عدم تفهم ورفض صريح من قبل أنظمة الخرطوم،تجاه ذلك ويشمل الأمر علاقة النظام مع العديد من الجهويات.

خصوصيات دارفور وكردفان كانتا تشكل سياق موازي لمطالب جنوب السودان سابقا في الحصول على الحقوق،وما يميز كلا التجربتين هو أن مطالبة الجنوب قد بدأت منذ عام ١٩٥٥ وسبقت استقلال الدولة السودانية في عام ١٩٥٦.

إلا أن الملامح العامة كانت متشابهة،ومطلبية الجنوب لم تنطلق من رفع شعار حق تقرير المصير والانفصال عن السودان،بل أن المنحى الثاني جاء كرد فعل على تهميش الدولة الوطنية للجنوب السوداني،خاصة بعد إرتفاع حدة الحرب الأهلية بين الإقليم والحكومة لاسيما في ظل حكم الكيزان.

كما أن الصراع في كل من دارفور وكردفان تجاوز واقع البعد السياسي وتخطى ذلك نحو سياق عرقي عنصري افارقة مقابل عرب،حيث قامت حكومات السودان منذ حكم الصادق المهدي باللعب على هذا المنحى في جهويات عدة من السودان،واستمر ذلك بصورة حادة في ظل حكم الكيزان،وبذلك انطلقت الحرب الأهلية في دارفور منذ عام ٢٠٠٣.

ورغم أن هناك نخبة من أبناء دارفور وكردفان في الحكم إلا أنهم لم يمثلوا كأدوات تقريب بين تلك الأقاليم وبين السلطة التي مثلوا جزء منها،فحسن عبد الله الترابي أنحدر من كردفان و بدوره علي الحاج محمد وكلاهما مثلا من أبرز كوادر الحركة الإسلامية ويشمل ذلك مجرم الحرب أحمد هارون،إلا أنهم ساهموا في إخضاع غرب السودان للحكومات المتعاقبة خلال العقود الثلاثة الماضية،لقد انحصر دورهم على سعيهم تسخير الغرب لسياستهم والاستفادة منه للمساومة مع مراكز القوى في النظام.

والمفارقة أن ينتهي جنرالات المجلس العسكري الحالي إلى عناصر تورطت في دارفور وكردفان ويشمل ذلك قائدهم السابق عمر حسن البشير،وهو ما يؤكد أن قضية غرب السودان ظلت تشكل التحدي الداخلي الأبرز لنظام السوداني وساهمت في سقوط بعض أدواته،وستظل القضية المحورية التي ستجابه أي حكومة سودانية قادمة،ومن خلال التعاطي معها سيتم تحديد مستقبل ما تبقى من السودان.

وبالنسبة لدارفور فإن مقابل أحمد هارون فهناك محمد دقلو حميداتي والذي أصبح الرجل الثاني في المجلس العسكري الراهن والذي لا يمثلك أية مؤهلات معرفية أو عسكرية،في حين أن حصيلته السياسية تنطلق على مقايضة النظام السوداني بقوة عسكرية غالبها منحدرة من دارفور،واستطاع من خلالها السيطرة على مفاصل مهمة من مؤسسات الدولة السودانية.

لاشك أن حميداتي يحاكي تجربة الدكتور خليل إبراهيم محمد رئيس حركة العدل والمساواة والذي كاد يخترق الخرطوم في عام ٢٠٠٨ بقوات حركته والتي وصلت إلى مشارف العاصمة،واخفقت في الإستمرار لسيطرة على الخرطوم،وبطبيعة الحال فإن حميداتي ليست لديه مطالب سياسية لخدمة غرب السودان ودارفور على غرار الراحل الدكتور خليل إبراهيم ورئيس جيش تحرير السودان عبدالواحد نور.

إلا أن ما هو مؤكد أنه سيجعل من سيطرته السلبية على دارفور كأداة لمساومة المجلس العسكري والحكومة القادمة في السودان،وما يشير إلى ذلك قيامه بتعيين أخيه كقائد على قوات الدعم السريع والتي أسقطت فعليا الرئيس عمر حسن البشير.

فالإشكالية ستكون في صعوبة إعادة هيكلة القوى المسلحة العديدة والتي أنشأها نظام البشير،حيث ستعمل القوى الخارجية التي يرتبط بها المجلس العسكري الحالي،على إمكانية إستخدامها كأدوات لمقايضة السودان والسيطرة عليه،فالعنة العبث بالمحظور العرقي والقبلي الذي استثمرته حكومات الخرطوم،أدى إلى ارتداده على المركز والذي سيعاني في القادم من أدوات البطش التي شكلت لتدمير السودان،وتحديدا لبعض جهوياته المستلبة،وبطبيعة الحال فإن اشكاليات غرب السودان ستنتقل من مرحلة البشير إلى المرحلة القادمة وفي كيفية تعاطي الخرطوم معها.

أما هو مؤكد أن المعادلة في السودان ستنتقل إلى ملامح غير تقليدية وتتراوح ما بين التمزق إلى كانتونات ذات تقطع ارتباطها مع الخرطوم،أو إلى بديل آخر وهو تشكل حراك شعبي تقوده معارضة وطنية قادرة على تكريس مشهد سوداني غير تقليدي،وبإمكانه استيعاب برامج الجهويات لبلوغ دولة المواطنة،وقطع الطريق على القوى الإقليمية في تشاد،مصر،جنوب السودان،إثيوبيا، اريتيريا،الإمارات والسعودية والغرب،لتكريس مصالحهم وسيطرتهم وفي المحصلة لتفتيت السودان المتبقي وإعادة رسم حدوده السياسية الراهنة.



#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب ما بين استبداد السلف والخلف
- الصومال فريسة الأرز الحرام..
- السقوط الفكري والاخلاقي لكاتب!
- النظرة الاجتماعية ومقاييس التطور
- الكتابة عن الصومال ما بين المشروعية والسذاجة
- صورة على خلفية تاريخ صومالي
- الصومال وسهم المؤلفة قلوبهم
- فرماجو يبلع الطعُم
- طاهر عولسو ظاهرة صومالية
- امن الصومال ارجوحة الفاسدين والمتطرفين
- ليس جديدا ان تباع بربرة
- بلوغ الوزارة بفضل العلمانية
- نحو ثقافة علمانية ديمقراطية
- وحدها الراسمالية لا تتبنى الارهاب المتعارف عليه!
- شجاعة سياد بري وكونفيدرالية فيدل كاسترو
- سكان الاوجادين ما بين الصومال وجيبوتي
- الصوملة ما بين عبرة وبذاءة عربية
- الصوماليين وحكاية إسمها جالكعيو
- المحاكم الا إسلامية.. سراب خدع الصوماليين
- زبلوط عربي يقابله افمينشار صومالي1-2


المزيد.....




- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
- اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا ...
- بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا ...
- كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
- -نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض ...
- البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-
- بخيوط من ذهب وحرير أسود.. الكعبة ترتدي كسوتها الجديدة مع بدا ...
- رافائيل غروسي يكشف معلومات مهمّة عن البرنامج النووي الإيراني ...
- ترامب يضغط لوقف حرب غزة ونتنياهو يرى فرصة لاتفاقات سلام جديد ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد حسن يوسف - دارفور وكردفان في المعادلة السودانية المعاصرة