أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - مظهر محمد صالح - خريف الذكريات :الفرج بعد الشدة














المزيد.....

خريف الذكريات :الفرج بعد الشدة


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6350 - 2019 / 9 / 13 - 15:25
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    



كانت ايام قاسية وحياة صعبة لم تخل من المنغصات انها ايام الحرب والنفط ظللتها الاخبار السيئة التي كانت تطوف بنا نحن المغتربين دون ان تنغرز في وجداننا... انها نهايات العام ١٩٨٦ يوم لم يبق معي اي مال يستحق النظر اليه او اللهو به وانقطعت بي سبل العيش وتوقفت مصاريف البعثة العلمية وكان مطلوب مني ان اكمل بقية دراستي على نفقتي الشخصية وبمعيتي عائلة ضمت اولادي الثلاثة وامهم ، وعلي ان اكافح على جبهتي الدراسة والعيش معاً في غربة لمدة ستزيد على اكثر من عام حتى اكمل شهادتي الدراسية العالية.انها حقيقة العيش الصلبة الغامضة يوم هوت اسعار النفط في تلك السنوات وافلست الخزينة العراقية وهي تبحث عن قاعها التي انصرفت مواردها لتمويل حرب ضروس لا تعرف نهاياتها .فليس امامي من سبيل الا ان ابحث عن مصادر رزقي بعد ان تقطعت بي سبل العيش لايام وليالي ذلك قبل ان تفاجئني البشرى وباشارتين مترادفتين .فالاشارة الاولى وهي اثناء تجوالي في مركز المدينة وانا ابحث عن ظل العيش المجهول شاء القدر ان اعثر على قطعتبن معدنيتين من الباون الاسترليني وهما مرميتان على حافة الرصيف ولا اعرف حقاً هما لمن وكيف فقدت !!، فالتقطتهما وتوجهت من فوري لشراء قطعة كبيرة من الخبز وعلبة من اللبن ورجعت بهما فرحاً الى البيت لنتناول وجبة عشاء مع فقراء العالم اجمع وامضينا ليلتنا بسلام وتفاؤل وهدوء .ولم تمض ايام حتى اشرقت الشمس من جديد لتبث بشرى ثانية بعد ايام داكنة ظللتها ليالي ممطرة ونهارات متعثرة لاتعرف الشمس ظهيرتها سوى غروبها المتسارع الذي ينتهى بزخات مطر انكلترا دون توقف .مضت ايام واذا بهاتف المنزل ،الذي ظل يتسلم المكالمات من طرف واحد وهو يصدح بصوت رجل عراقي ليعرفني بنفسه انه نبيل وهو يكلمني ببشاشة ومن واحدة من مدن المانيا التي يقيم فيها ليبلغني ان لك ايها الرجل ،الذي غاض السرور عنك وانطفأت روح الجمال فيك ، ثمة مبلغ من المال ارسله شقيقك لك بواسطته وهي حصتك عن ارث والدتك الذي جرى تقسيمه بعد ان غادرك خط الامان وداهمك خطر العيش !ثم تساءل الرجل كيف اوصلها لك وانت في بلاد اخرى ؟هنا حاورته بألفة عالية وتبسمت في سري ومن شدة فرحتي قلت له ارسلها على حسابي المصرفي في بنك NatWest رقم الفرع 0وباسمي الاخير وهو اسم الشهرة ..واذا في اليوم بعد الاتي وانا في شبه عزلة مع انسانيتي اتسلم ظرفاً بريدياً في داخله رسالة من المصرف تبلغني بايداع المبلغ في حسابي . ..يا الهي ما اعظمك ...وانا اتحسس من فوري ثمة جبل من نور ارتفع في السماء وهو يعلن حرباً ابدية على الضعف والعوز والحزن .
كان الشارع الذي نقطن فيه في مدينتنا الجامعية يسمى Trevor roadومنزلي ضمن سلسلة منازل تقع على منحدر الشارع الجبلي الذي ياخذ درجة ٤٥ لشدة ميلانه وسمو ارتفاعه ومن فرحتي واصلت السير مسرعاً لابلغ نهاية الشارع نفسه لاصطدم بجبل متعرج مرتفع في علوه شاهق في ارتفاعه وانا ابحث عن النور... وما كان علي الا ان اتسلق سلم خشبي وضع ليلف ظهر الجبل الذي انحنى هو الاخر لصعودي بعد ان وجدني وبدني يستحقان من
يرفعهما عالياً لشدة امتلائهما عوزاً وجوعاً وهما خاليان من كل شيء الا البؤس والظلم .وتلمست حنين ذلك الجبل الصخري الذي حفر في وجدانه جرحاً غائراً لعله لم يبرأ منه حتى يطيب جرحي الذي هو اعمق منه وانا اداعب انحنائته وتعرجاته الممتدة لالاف السنين ليدفعني بنفسه الى
سفحه ... ثم بلغت ظالتي كالطير لاجد امامي اطلالة لمسطح شديد الخضرة ضمت نهايته فسحة رائعة لم اشهدها من قبل وهي تلقي بنظراتها الشاهقة على بحر شديد الزرقة والسكون.... انه البحر الايرلندي ...تلفت يميناً وشمالاً ورفعت راسي لأرى ان كل شيء صار صامتاً الا صوت واحد ظل يرسل لي اشارات ضننت انه بحلق في طريق مجهول مع شعاع الشمس وهو يسبح في جو السماء لوحده ...انه نسرٌ هائم ...!!قلت في سري ان الخالق لهذا الكون العظيم يستحق ان اطلعه على قلبي الذي يذوب من الوجد وانا بمفردي على هذا السفح كي اتلمس من اين تنبثق الانوار التي لا يراقبني فيها احد سوى ذلك النسر الذي يسبح بجناحيه وهو يبحث حتماً عن رزقه .واصبحنا نحن الاثنين نفتش عن بعضنا لنسدي الشكر لمن رزقنا في آن واحد .ولايوجد سرور خالص في تلك الظهيرة الا بالعبادة قبل ان يسكرني الشوق الى النور و بلا خمر بعد ان حلت بي نظرة آسرة في فضاء الجبل وتجسد لي الظلام جليساً انيساً منطوي على خجله .فياله من نور فقد أملاء وعاء قلبي بأنفاس المسرة ليجعله مشرباً للمعذبين في الارض طالما انك لم تقم بحلتك في بلاد الغربة لغير ما سبب.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (الوجبة المجانية في المالية العامة للعراق)
- الوجبة المجانية في المالية العامة للعراق
- توازن لعبة الحرب التجارية القائمة: الرابحون والخاسرون في الا ...
- العلامة محمد سلمان حسن: دروس في الحياة المعرفية الاقتصادية. ...
- العلامة محمد سلمان حسن: دروس في الحياة المعرفية الاقتصادية.( ...
- الشام وجرار زيت الزيتون
- رجل في العصر الاستعماري لسنغافورا:(السير ستانفورد رافلسSir T ...
- من أفضل ما قرأت اليوم . قصة حقيقية من مصر:
- حديث الاربعاء
- إقتصاديات اللحوم ... الى اين ؟
- غرائب إقتصادية...!
- امريكا اللاتينية... اجنحة الاقتصاد القوية
- الاسواق الناشئة..... قوة اقتصادية لا تُقهر
- لمحات من تاريخ العالم الاقتصادي . الجزء الثالث/شجرة البن
- لمحات من التاريخ الاقتصادي للعالم . الجزء الثاني /الضريبة ون ...
- لمحات من تاريخ العالم الاقتصادي . الجزء الاول/اوروبا والشرق
- حرب الخليج : اللعبة ذات المجموعة السالبة ! / الجزء الثاني
- حرب الخليج : اللعبة ذات المجموعة السالبة!/الجزء الاول
- الفضة..عظام الآلهة الفرعونية!
- الهيدونية والريعية الاقتصادية


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - مظهر محمد صالح - خريف الذكريات :الفرج بعد الشدة